المحتوى الرئيسى

مثقفون يكشفون شغف ناصر بـ "لغتنا الجميلة" ..وفضح شوشة للـ"القردة"

10/27 14:01

المثقفون يذرفون الدموع شعرا فى رثاء حارس “لغتنا الجميلة”

فضل: قصيدته “القردة” كتبها لمنافقى مبارك ورئيسهم فى ماسبيرو

الإعلام حرم شوشة من جنون المبدعين و نزقهم

فهمى عمر: طالب بألا يتوقف برنامج لغتنا الجميلة

عبد المطلب : هناك ديوان جديد لشوشة فى المطبعة

شوشة شعر بقرب النهاية فى “أحبك حتى البكاء”

رسالته مخبأة فى “سيدة الماء” ..وهاجم المثقفون فى “خدم خدم”

أبو سنة : كنت أؤثر أن يتلو شوشة رثائى

درويش : شوشة أطال عمر اللغة العربية

سأذكر ما عشت هل تذكرين.”

صاحب هذه الكلمات ، الراحل الكبير ” فاروق شوشة ” النبيل القادم من زمن النبلاء ، ” حارس لغتنا الجميلة ” الذى ربى الأجيال على عشق اللغة و الشعر ، بوجهه البشوش وأخلاقه الدمثة اكتسب محبة الجميع واحترامهم ، واستحق أن يخلد فى ذاكرة ثقافتنا العربية التى ترد على قصيدته “هل تذكرين ؟ ” ..بالطبع نتذكر .

احتشد الشعراء والمثقفون فى ” ليلة فى حب فاروق شوشة” الذى رحل عن عالمنا يوم 14 أكتوبر الجارى عن عمر يناهز ثمانين عامًا، حيث تلا الشعراء المراثى فى حب الراحل وشاركوا بكنوز ذكرياتهم معه ، و استعادوا قصائده فى عشق مصر “أحبك حد البكاء” ، و “النيل” و “أخيرا يقول الدم العربى ” و “أنها الأسئلة ” و ” بغداد يا بغداد ” ، كما استعادوا قصيدته التى هاجم فيها المثقفون ” خدم خدم ” و قصيدته ” القردة” الذى هاجم فيها شوشة منافقوا مبارك وعلى رأسهم رئيس ماسبيرو .

الأمسية نظمتها لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة مساء أمس ،و شاركت فى الأمسية د. أمل الصبان الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة أمسية ثقافية حاشدة بعنوان الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، د.محمد عبد المطلب مقرر لجنة الشعر ، الناقد د. صلاح فضل , الإذاعى الكبير فهمى عمر, ومن الشعراء: محمد إبراهيم أبو سنة وحسن طلب وأحمد سويلم وأشرف عامر و د. أحمد درويش وشيرين العدوى وعزت سعد الدين, بالإضافة إلى نخبة من الشعراء والأدباء والإعلاميين؛ بحضور أسرة الشاعر الراحل الإذاعية الكبيرة: هالة الحديدى وابنتيه اللتان لم تتوقفا عن ذرف الدموع .

بدأت الأمسية بالوقوف دقيقة حدادًا على روح الشاعر، حيث أكدت الصبان أن الشاعر الكبير فاروق شوشة عاش عمره مدافعًا عن لغتنا الجميلة، وكان بمثابة مدرسة تعلمنا فيها كيف نتذوق اللغة العربية، حيث استطاع تقريب اللغة وتبسيطها للجمهور، وهو ما أسهم فى تحسين ذائقة اللغة العربية الفصحى لديهم، وأوضحت أنه عشق اللغة فبادلته عشقًا بعشق ، و قد مضى سنوات طوال فى محراب اللغة و الشعر، وكان خير ما عبر عن واقعنا المصرى والعربى، ، كما أنه يُعد أحد أهم شعراء جيل الستينيات، أن ما كان يميزه بين أقرانه هو لغته الشعرية ذات البصمة الفريدة، أنتج العديد من الدواوين وأشعاره كانت مواكبة للأحداث الدائرة فى مصروالعالم العربى, كما أنه كان على المستوى الإنسانى بشوشًا واسع الصدر، يرحب بالمواهب الشعرية الشابة ويدعمها.

وقال الناقدد د صلاح فضل كلما فجعنا بفقد حبيب من الأحباب خاصة بموت الفجأة، تلونا أبيات الخيام هذه:  .

وأكد أنه كان صديقًا حميمًا لشوشة، وقد جمعته به أصبوحات كثيرة طيلة حوالى خمسة عشر عامًا بمجمع اللغة العربية، تبادل معه فى أثنائها الحديث والمراوغة، وكان يفيض بذكرياته العذبة معه خلالها، وأوضح أنه حينما أطلق عباس محمود العقاد كتابه عن اللغة الشاعرة، لمح شوشة بوعى كبير هذه البادرة حول اللغة ثم صاغ منها عبارته التى باتت خالدة فى أسماع كل المصريين، طيلة ما يقترب من نصف قرن ببرنامجه الإذاعى الشهير “لغتنا الجميلة”، حيث أخذ صفة الشعرية وهى الجمال وجعل منها خصيصة للغة وأسندها إلى الذات الجماعية، واختار بعين الصقر وحس الفنان وموهبة المبدع وعقل المثقف، عيون الشعر العربى في مختلف العصور لكى يصبها رائقة جميلة لآذان العامة حتى تنفذ إلى قلوب الكبار والصغار، مستثمرًا عصر الإذاعة المسموعة ليعرض خلاصة تجاربه.

وروى فضل أن هدى عبد الناصر كريمة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كانت قد أخبرته أن والدها كان شغوفا بسماع برنامج فاروق شوشة “لغتنا الجميلة” كل مساء، وكان يتذوق ما يقدمه من عيون الأدب والشعر والفكر، فقد استطاع أن يجعل اللغة الشعرية العربية حية فى الأسماع .

وتابع فضل حديثه قائلًا: كنت من أبناء هذا الجيل المحظوظ، الذى إذا رن هاتفه وسمع على الطرف الآخر صوت فاروق شوشة قفز قلبه فرحًا، لأنه بمثابة جرس يدق لميعاد أن تطفو على سطح الساحة الثقافية وأن يتم تخليدك فى ذاكرة الثقافة العربية، فقد كان شوشة صاحب برنامج “أمسية ثقافية” صانعًا للنجوم، وكانت نجوميته كبيرة لدرجة أنها طغت على نجومية الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتى عندما التقيناه بمهرجان جرش فى التسعينيات.

وقال فضل أنه كتب مقالة عن شوشة عام ١٩٩٦ وصفه فيها بانه يقود اوركسترا الشعر العربى ليحقق الحداثة الرشيدة ، وأن برامجه المرئية والمسموعة غذاء رفيع للثقافة .وأن تجربته الإعلامية علمته أن يقول الشعر بدون أن يجرح، فقد كان محكومًا بقوانين الإعلام حتى وهو ينظم شعره فحرم من جنون المبدعين و نزقهم ، وأذكر حينما كتب قصيدته حول “القردة” فسألته من تقصد؟ فقال ألا تعرف؟ هم منافقو نظام مبارك وكبيرهم الذى يقبع فى ماسبيرو ” ، وكانت هذه احدى فلتات فاوق شوشة الثورية .

وأوضح د. محمد عبد المطلب مقرر لجنة لشعر،أن تلك الأمسية تعبر عن مدى الحب والعرفان لأحد أعظم مثقفينا، وعن بداية معرفته بشوشة , وأن هذا بدأ منذ الدراسة الجامعية بكلية دار العلوم، فكان شوشة من خريجيها وكنت أنا مازلت طالبًا بها، وكنت أشاهد هذا الاحتفاء الكبير به من قبل الطلاب، وأضاف عبد المطلب أن له ثلاثة عشر كتابًا فى النقد الشعرى، لا يخلو أحدها من دراسة عن أشعار شوشة، فقد استطاع شوشة أن يضيف للشعرية العربية ما يختص به وحده من الرومانسية الواقعية، وأرثيه بما رثى به أمير الشعراء أحمد شوقى الزعيم مصطفى كامل:  ، واختتم عبد المطلب حديثه منوهًا إلى ديوان الشاعر فاروق شوشة الأخير؛ وهو الآن فى المطبعة، وسيصدر قريبًا.

“وتابع ان شوشة فى ديوانه فى عشق مصر “أحبك حتى البكاء” قال أعلم ان الوقت قصير ولم يبقى منها الا شربة ماء ، قالها فى ديوانه وهو شاعرا بأن العمر لم يبقى منه الكثير ، و أن رسالة شوشة فى الحياة ملخصة فى ديوانه “سيدة الماء” ، وأنشد كلماته التى هز بها الجماعة الثقافية فى مصر و العالم العربى عندما انتقدهم قائلا :

وإن تباهوا أنهم.. أهل الكتاب والقلم..

وأنهم في حلكة الليل البهيم..

وأنهم ــ بدونهم ــ لا تصلح الدنيا.. ولا تفاخر الأمم..

ولا يعاد خلق الكون كله.. من العدم‏!

يستنفرون مثل قطعان الغنم .

.ويهطعون علَّهم يلقون من بعض الهبات والنعم

وأشار الإذاعى الكبير فهمى عمر الى أنه قبل شهور قليلة بالأخص فى مناسبة فوز الشاعر الراحل فاروق شوشة بجائزة النيل التى جاءت تهفو إليه، هاتفه مباركًا له، كما هاتفه قبل أيام من رحيله، مستنجدًا به كعادته كلما توقف أمام إعراب كلمة، أو نطقها الصحيح، أو لأى استشارة لُغوية، ولم يدور فى ذهنه أنه بعد هذه الأيام القليلة سيأتى راثيًا لشوشة معلم الأجيال الإذاعية، قائلا فاروق شوشة لمع كالشهاب عندما لامس صوته ميكرفون الإذاعة ليسبقنا نحن من سبقناه بسنوات ويتفوق وهو متدرب على المخضرمين ، وكنا نلجأ إليه لضبط لغتنا نطقا ونحويا .، وفى نهاية حديثه طالب الإذاعى فهمى عمر أن لا يتوقف برنامج “لغتنا الجميلة” بعد رحيل شوشة، وأن يتم إعادة إذاعة حلقاته المسجلة، فى نفس الموعد على إذاعة البرنامج العام.

كما أكد الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة أن كل الكلمات تعجز فى تقديم العزاء، لكن ما يحز فى النفس حقًا هو فاروق شوشة بصوته أمام المذياع، وصورته البهية فى الشاشة الصغيرة، كنت أرى فيه نعم الرفيق، بصحبته تذوب كل الصعوبات وتذلل، كان يقدم برنامجًا فى إذاعة البرنامج الثانى أو البرنامج الثقافى تطوعًا بدون تقاضى أجر، لم أره مرة واحدة خلال خمسين عامًا ينفعل أو يثور أو حتى يعلو صوته، و رثاه بقوله :  .

وقال د. أحمد درويش أن عمر صداقتى بشوشة تمتد لخمسون عاما ، فاروق شوشة وُجد فى عصر به الكثير من الشعراء المتميزين، وعاصر ميلاد قصيدة التفعيلة، ونشأة قصيدة النثر، والشعر العربى كثيرًا ما انصرف عنه العامة، خاصة وإن كان مقروءًا، فاستطاع فاروق أن يقدم صوت الشعر المسموع، فيردده كل محب للفن ، ، وقدر لفاروق شوشة ان يوسع جمهور الشعر مع حفاظه على المستوى الرفيع ، ، استطاع أن يقدم الأسلوب السهل الممتنع ، ونقل الإعجاب باللغة من مجال المثقف الخاص للرجل العادى ، وقد أطال فاروش شوشة عمر اللغة العربية بدون شك .

وتحدث الشاعر حسن طلب؛ الذى توقف عند مختارات فاروق شوشة من التراث فى كتابيه عن أحلى عشرين قصيدة حب، ثم عن أحلى عشرين قصيدة فى الحب الإلهى؛ فلفت الأنظار إلى قيمة هذين الكتابين فى نشر الوعى بالتراث الشعرى لدى قطاع واسع من القراء؛ وأوضح كيف أن الشعراء الكبار يقدمون دائما على اختيار أفضل ما يجدونه فى تراثهم الشعرى من وجهة نظرهم، على نحو ما فعل محمود سامى البارودى فى مختاراته؛ ومن بعده أدونيس؛ وقديما أبو تمام والبحترى؛ كما أوضح كيف أننا قد نفتقد وجود الكثير من الشعراء الأعلام فى تلك المختارات؛ وهذا أمر طبيعى كان يتوقعه فاروق شوشة؛ بدليل أنه لم يعتبر مختاراته سوى مجرد حافز لسائر الشعراء الملمين بالتراث إلى تقديم مختاراتهم لتتعدد الرؤى والأذواق.

وعرض المجلس لقصيدة بصوت فاروق شوشة بعنوان :” واخيرا يقول الدم العربى” : أخيراً،

وتأكل ما يتبقّى من الأرضِ،

وفى الجزء الثانى من الأمسية انشد كبار الشعراء قصائد شوشة منهم الشاعر أحمد سويلم وحسن طلب وأشرف عامر وشيرين العدوى وعزت سعد الدين ، وأنشد الشاعر احمد سويلم قرأ قصيدة ” أنها الأسئلة ” : أنهم يحلمون بان غدا قادم .. ووجها يضئ بشارته للحيارى ” ، بينما أنشد طلب مجموعة من مختارات شوشة التى جمعها فى الحب الآلهى .

وإهداءا للنبيل القادم من زمن النبلاء قرأ الشاعر أشرف عامر قصيدة شوشة “النيل” :

ألقى النيل عباءته فوق البر الشرقي, ونامْ

وصاغ الوراقون فنون الكِذبة في إحكامْ!

وسار يحدق في الشطآن, وفي البلدانْ

قيل : القاهرةُ ـ توقفَ..

جاء يدق الباب ـ ويحلمُ

هل سيصلي الجمعة في أزهرها?

أو يتخايل عُجْباً في ظل الأهرام

وقف الشيخ النيل .. يسائل نفسه:

فما اختلجت عين خلف الأبراجِ

ولا ارتدَّ صدى في المرسى الآسنِ

من يدري أن النيل أتى?

أو أن له ميعاداً تصدح فيه الموسيقى

عاود دق الباب .. الناس نيام!

ألقى النيل عباءته فوق البر الغربي..

وقرأت الشاعرة شيرين عدوى قصيدة ” رسالة إلى أبى” قائلة وكأنه كتبها عن نفسه فهو كان أبا لنا جميعا :

أنا المحارب الذى عرفته، المفتون بالنزال

حينما يفاخر الآباء، بالبنوة الرجال

Comments

عاجل