المحتوى الرئيسى

محمد جبريل يكتب: لماذا نحن فاشلون؟ | ساسة بوست

10/26 18:28

منذ 53 دقيقة، 26 أكتوبر,2016

أعتقد أننا نعيش أعوامًا مشوشة فكريًّا، غامضة، أو بمعنى آخر يصعب علينا فهم ما يحدث، يصعب علينا تحديد أسباب فشلنا، أتدري لماذا؟ لأنها أسباب ليست علمية بل هي بداخلنا نحن، ولكن لما لا نحضر عدسة مكبرة لننظر بها ونحلل لكي نستنتج كافة الأمور ونراها بوضوح، أعتقد -لا- فلا داعي لجلب تلك العدسة، إن الأمر واضح بشكل لا يتطلب منا دراسات أو عدسات، فلندع العدسة في مكانها ونتحدث بصدق أكثر من المعتاد.

فما نراه اليوم يشرح كل شيء، أتدري ما الذي أريد أن أوصله لك؟ ما الذي أريد أن أجعلك تدركه أو أجعلك تنظر له بجدية -نعم- إنه سلوكنا كمجتمع يفتقر في كثير من الأحيان إلى أدنى مستويات الأخلاق، نفتقد إلى احترام الآخرين، وهو ما انعكس على احتقار الذات.

خلقنا مختلفين، مختلفين في اللون، الطول، القدرات، حتى الأفكار لسنا متشابهين، كل ما سبق، ليس لعلة، فلا أقصد أن المرض هنا هو اختلافنا، ولكن عدم تقبل بعضنا لبعض، إنه من أهم الأسباب في تراجعنا عدم تقبلنا لما هو مختلف عنا، ألن يصبح الكون أكثر إشرقـًا إذا تقبلنا الآخرين دون قيود؟

«إننا لا نعمل!» لا أتفق كليًا مع هذا القول، بل أقول كلا إننا لا نعمل ما نحب! هل هناك اختلاف؟ -بكل تأكيد- إذا اختارَ كلٌ منا ما يحب وعمل به لبرع فيه وأتقنه إتقانًا وتحمل كل ما قد يواجهه من الصعاب لذلك هذا أمر ضروري للغاية، وما يعرقل حدوثه هو الفقر الذي تملك من جذورٍ أمتنا.

في كثير من الأحيان نستخدم عبارات قاسية في أوقاتِ غضبنا حينها لا ندرك ما نقول أو ما هي نتائجه، لكن بعد حين نشرع في أخذ هدنة روحية ونتذكر ما حدث فندرك خطأنا بل ندرك أن الموضوع من الأساس لم يكن بحاجة لكل ذلك، ما أريد أن أقوله هو يجب علينا التحكم في أعصابنا في كلماتنا وأفعالنا نتحكم في كل ما يمكن أن نستطيع السيطرة عليه لإطفاء غضبنا، فربما لحظة تفكُر تغنيك عن كثير من الندم.

في أحد الأيام كنت جالسًا في سيارة أجرة وفي المقعد الذي خلفه مباشرةً كان يجلس رجل في العقد الثالث من عمره مائلاً برأسه على النافذة، فإذا بأحد أطفال الشوارع يقترب منه وهو في حالة بائسة طلب هذا الطفل القليل من المال، بل أقل من القليل، ولكن الرجل كان قاسيًا بلا رحمة ركل هذا الطفل بيده وقام بسبه وإهانته، بعد لحظات قليلة انطلقت السيارة وكانت تجلس بجوار هذا الرجل الغليظ فتاة في العشرينات ظلت تبحث في حقيبة يدها عن المال، وعندما طُلب منها الأجرة استنتج الرجل أنها لا تملك المال؛ فأسرع في أن يعطيها ثمن تلك الأجرة التي كان أكثر بكثير مما طلبه الفتي! من كان الأحق بتلك النقود هل هي الفتاة التي اكتشفت بعد ذلك أنها وضعت نقودها في الجيب السري للحقيبة؟ أم الطفل البائس الذي لا يملك سوى جيب بنطاله الممزق؟!

كثير منا اليوم يفضل الأشياء الأكثر سهولة، وعندما يقابل مشكلات كبيرة يفضل الابتعاد، هل هو تركيب في الجينات من الأسر القديمة على مر العصور – بالتأكيد لا- فإذا نظرنا للحضارات العربية القديمة وكم كانت عظيمة بل إعجازًا لم يكتشف إلى يومنا هذا، إن تلك الكسل والخوف من المواجهة تراكمات وعادات اكتسبنها في تلك الفترة البائسة من تاريخنا جعلتنا نتجنب التحديات ونشعر بإرهاق شديد بدني وذهني عند مواجهة أمر غير معتاد يطلب المزيد من الإصرار من الإقدام عليه والتغلب عليه، فهل نحن يا أمة العرب مستعدون للتغلب على تحدياتنا.

أعتقد أن ما سبق يرشدنا إلى الطريق، طريق النجاة والتخلص من تلك القاع الذي يريد التخلص منا قبل أن نريد نحن! لن أجعلها إجابة واضحة كما تعتقد أنت فبعد كل ما ذكرته بالأعلى يجب عليك أن تكون قد أدركت ما يجب إدراكه، فإذا صدقت العبارة التي تقول «خلقنا لنعمر» وهي صادقة فبكل تأكيد سوف تكون أكثر صدقـًا تلك الأخرى التي تقول «الحياة اختبار» اختبار لنفوسنا، لضمائرنا، لقوة تحملنا وصبرنا خلقنا لأجل ذلك، فمن أدرك ذلك، أدرك قارب العبور إلى شاطئ النجاح.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل