حكاية محمد خان مع «زوجة رجل مهم».. عشقه وابتعد عن مشاهدته

السينما قبل أن تكون صناعة ينتفع من ورائها الملايين، هي عالم له قواعده وأسسه، التي يسير عليها أي مخرج لإنتاج فيلم متكامل، يصلح للعرض في دور السينما، لكن بطلنا لم يكن يومًا طالبًا في طابور الصباح، بل كان أستاذًا في تفكيره، وناظرًا في تنفيذه، لديه الاستعداد الفطري للإبداع، لذا استطاع أن يسبق أبناء جيله، فلم يعتمد على الكم مطلقًا في أعماله، لكنه عكف طوال مسيرته الفنية على إخراج 24 فيلمًا من أروع أفلام السينما المصرية.

"زوجة رجل مهم" للمخرج الراحل محمد خان، صنفه النقاد من أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، ولم تكن هذه الشهادة التي منحها النقاد للفيلم من قبيل المجاملة أو الصدفة، بل ورائه ما يكفي من الأسباب التي تجعله هكذا.

بداية، وُلدت فكرة الفيلم من رحم موقف تعرض له المخرج محمد خان، حينما كان يقود سيارته في أحد شوارع القاهرة، فشاور على يمينه للسيارة المجاروة كي تفسح له الطريق، لكن سائقها وجه له السباب "القذر" على حد تعبيره، ما أجبره على قطع طريقه، لينزل السائق ويضرب "خان" لكمة في صدره بحضور أبنائه، فيذهب الطرفان إلى قسم "بولاق الدكرور"، وهناك تنكشف هوية السائق "الضابط" الذي استغل سلطته، ما اضطر "خان" للكشف عن جنسيته الأجنبية، لينتهي الأمر باعتذار كتابي من الضابط.

استوحى المخرج فكرته، ونفذ الفيلم في عام 1988، وأثناء عرضه في أحد المهرجانات بقاعة المؤتمرات، كان الضابط "المُلهم"، أحد المكلفين بالحراسة، والذي احتضن "خان" فور رؤيته، ليبلغ المخرج المتواجدين أن ذاك هو "الرجل المهم".

تدور أحداث الفيلم حول شخصية الرجل المهم (هشام) الذي جسده الراحل أحمد مزكي، ضابط المباحث الذي استهوته السلطة منذ الصغر، فأصبح يمارسها في حياته العامة مع أي شخص، وشخصية الزوجة (منى)، التي جسدتها الفنانة ميرفت أمين، الطالبة الجامعية العاشقة لصوت عبد الحليم حافظ، وكيف انتهى الحب بينهما بمأساة مروعة، على خلفية الأحداث السياسية البارزة التي شهدتها مصر مع بدء سياسة الانفتاح، وكذللك بداية العنف الاجتماعي بعد وفاة العندليب الأسمر.

في مقال نشرته مجلة "الكواكب"، بعنوان "حوار لم يكن للنشر مع محمد خان"، نقل لنا الكاتب رؤية "المشاهد" محمد خان، لفيلم "زوجة رجل مهم"، وكانت المفاجأة أن "خان" يبتعد عن مشاهدة ذلك الفيلم، لدرجة أنه لا يحضر عرضه في الندوات التي تناقشه، وينصرف عقب انتهاء الندوة مباشرة، رغم أنه يعشقه كأحد أهم الأفلام التي أخرجها.

سبب عزوف "خان" عن مشاهدة فيلمه كانت حالة التأثر التي تنتابه تجاه بطلي الفيلم، وهما "الضابط المتغطرس" وزوجته التى اغتال رومانسيتها ذلك الرجل المريض ، فكلاهما فى محنة وكلاهما يستحق الشفقة، لدرجة أنه فى كل مرة يشاهد هذا 

الفيلم يغمره إحساس بالانقباض من فرط تأثير شخصياته عليه.