المحتوى الرئيسى

ليندا طرودي تكتب: ثَوْرةُ حُب | ساسة بوست

10/26 11:58

منذ 11 دقيقة، 26 أكتوبر,2016

تبنَّت المُجتمعات معاني مختلفة للثوْرة، إذ نجد مثلًا من يُعبِّر عنها بالخروج للشارع وتحطيم ممتلكات الدولة ظنًّا منه أنّه انتقم وحقَّق إنجازًا يشهد له التاريخ، للأسف ما زلنا قيد الانتقام!

أو تجد مثلًا فئات تنتهج سياسات صامتة، تنطلق بكل إرادة -النقطة التي أحترمها بشدة- تكتب لافتات تضم كلمات يمكن القول إننا تعودنا عليها بالأحداث الأخيرة ببعض دول الوطن العربي، والتي ما زالت تتجرع آلامها دول أخرى بمخاضٍ عسيرٍ جدًّا لا ندري بما سينتهي.

نعم المطالبة بسقوط النظام، واللجوء إلى القضاء لتسوية الأمور، وتحقيق العدالة بشتى مجالاتها، توقف لحظة: «السقوط لنا جميعًا، نحن من تسبب بداء السُمنة المفرطة لهذا النظام، اخترنا الصمت في عديد الأحيان، تعودنا طأطأة رؤوسنا والرجوع إلى أوكارنا دون مناقشة للسياسات التي فُرضت علينا، مرددين وهل نحن نفهم مثلهم، ما داموا وصلوا إلى سدة الحكم فأكيد لهم الحنكة والخبرة والإرادة الكافية… بالله عليك من أين لهم بالخبرة فلا يوجد من وُلد متعلمًا، كفاكم استغباءً لذواتكم، رجحوا كفة العقل قليلًا ولا تسارعوا للقضاء، حاكموا أنفسكم أولًا، وحسنوا من نواياكم وترقبوا العدالة الإلهية».

ما زلت أشدد على التغيير من النفس، فتلك أصدق ثورة قد يخوضها الإنسان، والتي لا ندري كم ستستغرق، حاول أن تعرف نفسك جيدًا، كيف لك أن تُطالب المجتمع بالتغيير حتى تعيش براحة ودون عناء، لا تكن متناقضًا لهذا الحد وتسخر منك وفيك، لا تكن غبيًا لهذه الدرجة وتُنقص من قيمة عقلك وفكرك، حاول أن تكون إنسانًا فقط.

غيِّر أنت من نفسك، وتبنّى الأخلاق الكفيلة بإحياء الآدمية بك، وانقلها للأجيال التي تربيها، ليس قولًا فقط، بل فعلًا، ولا تخف عندما تكون صادقًا- متحمسا ستنجح لأنك عرفت معنى أن تكون أنت.

ما رأيك عندما تكون أنت هكذا، وذاك وتلك وعدد لا بأس به، ستنتقل هاته الثورة بكلّ حب، نعم يا صديقي فالحب معدٍ ينتقل بسرعة، سنكون جميعًا أطرافًا بهذا الانقلاب الشعوريّ، سنُحدث ثورة لم يشهدها التاريخ من قبل، ثورة مارسنا معها حُبًّا أخلاقيًّا، هنا سينتقدني الجميع قائلين: وهل يوجد حب غير أخلاقي؟

نعم يوجد، حب أناني انطلاقاته ذاتية خالية من الآخر، وكأنك تعيش بهذا العالم لوحدك، لكن لاحظ معي: «عندما تغير من نفسك من أجل الوطن وحُبًّا له، عندما تنقل هاته الخصال ضمن نطاقك العائلي، والذي سيتوسع ليشمل المجتمع فالدولة، ستكون حينها قد شاركت في صنع السياسة الثورية الناجعة بكل حب، حينها لن نوقع المسؤولية على هرم النظام، لأننا نحن ضمن لبناته».

ليتنا نخوض ثورة حب بعالمنا العربي، لأننا بحاجة إلى الطمأنينة بجانب بعضنا، لأننا تعبنا من القصف والدماء، نعم نريد تبني مناهج جديدة بكل شبر وزاوية من شوارعنا، ومحيطنا التفاعلي، ونرفع لافتات مخطوط عليها بسمك ثخين: «ثورة حب لا تُنتكس ولا تَفترس قلوب الضعفاء».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل