المحتوى الرئيسى

عاجل إلى رئيس الوزراء.. معارض الآثار ضرورة للسياحة | المصري اليوم

10/26 01:58

توت عنخ آمون قادر على دفع رواتب العاملين وبناء المتاحف وتنشيط السياحة بقوة!

من المؤكد أن المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، يبحث ليلاً ونهاراً عن أى موارد لدعم موازنة الدولة وتوفير كل ما يلزم من احتياجات المواطنين وقبلها لسداد العجز فى الموازنة وتوفير رواتب العاملين فى الدولة والإنفاق على مشروعات الحكومة المختلفة.. سيتخذ قراراً فورياً بالموافقة على مشروع قرار لو عرضه عليه الوزير النشيط الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، يتعلق بضرورة عودة معارض الآثار الفرعونية المصرية للخارج وتحديداً إعادة سفر مجموعة من قطع آثار الملك الطفل الفرعون توت غنخ آمون.. لأن هذا المعرض لهذا الملك هو الوحيد القادر على إنقاذ وزارة الآثار من كل مشاكلها المالية الحالية التى وصلت إلى صعوبة شديدة فى توفير رواتب العاملين.

ذلك أن المعرض سيعود بملايين الدولارات على مصر وتحديداً وزارة الآثار.. عندها تستطيع الوزارة أن تدفع رواتب موظفيها بدلاً من الاعتماد على الحكومة وأن تبدأ فى تنفيذ مشروعات الترميم الكبرى وبناء المتاحف.. وقبل ذلك كله فإن معارض الآثار هى إحدى وسائل الترويج السياحى القوية لمصر وتحديداً الترويج للسياحة الثقافية فى القاهرة والأقصر وأسوان.

ولذلك فأنا اليوم على ثقة لو أن قضية إعادة المعارض الأثرية بالخارج عرضها الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، على رئيس الوزراء فإنه سيوافق فوراً.. وما يدفعنى إلى ذلك أننى تناقشت أكثر من مرة مع وزير الآثار فوجدت أنه يمتلك فكراً ورؤية أثرية وسياحية واقتصادية لاستثمار الآثار بكل مقوماتها من مواقع أثرية ومتاحف وقصور لصالح تحقيق دخل للآثار، دعماً للاقتصاد القومى.. وحفاظاً على الآثار فى نفس الوقت.

فى هذا الإطار، أوضح أن معارض الآثار أصبحت ظاهرة عالمية فى العصر الحديث وكل الدول العريقة فى الحضارات مثل اليونان والصين والهند وقبلها العراق تنظم معارض لآثارها وتتبادل المعارض.. أولاً لتحقيق دخل مادى وثانياً وهذا هو الأهم للتعريف بحضارتها وتاريخها للتواجد على الساحة العالمية كقوة ثقافية ذات تأثير تدعم تواجدها السياسى والاقتصادى.

أيضاً فإن الظاهرة الأحدث هى أن المتاحف العالمية الكبرى مثل المتروبوليتان فى نيويورك واللوفر فى فرنسا والبريطانى فى لندن كلها تنظم أو تتبادل تنظيم المعارض فيما بينها كنشاط ثقافى وعلمى وأيضاً كنشاط استثمارى يدر دخلاً كبيراً لهذه المتاحف.

الغريب أننا فى مصر لسنوات طويلة كنا مقتنعين بهذه الرؤية فى تنظيم المعارض بالخارج إيماناً بأن تراث مصر هو تراث للإنسانية كلها وجزء مهم من تاريخ الحضارة، وواجب علينا أن نقدم هذه الحضارة للعالم الذى فى الأساس يهتم بنا وبالمشاركة فى الحفاظ على هذه الآثار وترميمها، ولعل مشروع إنقاذ آثار معابد أبوسمبل فى مشروع تاريخى مع اليونسكو فى الستينيات هو أكبر دليل على ذلك.

كان الأثرى العظيم المرحوم الدكتور جمال مختار فى تلك الفترة هو الذى يرفع لواء ضرورة تنظيم المعارض لتعريف العالم بآثارنا وتحقيق عائد لصالح الآثار، ثم جاء بعده العالم الأثرى الأشهر ووزير الآثار الأسبق الدكتور زاهى حواس والذى تبنى هذه القضية بقوة.. أولاً لأنه عاش فى أمريكا سنوات طويلة عند دراسته للدكتوراه فعرف تحديداً ولع الأمريكيين والغرب كله بالحضارة الفرعونية وبأهمية تنظيم هذه المعارض. وثانياً لأنه جاب الدنيا وعرف أن تنظيم المعارض أصبح سمة دولية فى العصر الحديث تجنى الدول من ورائها الكثير لصالح آثارها أولاً.

ولذلك فإن حواس نجح فى تنظيم أكثر من معرض بالخارج أشهرها معرض لآثار توت غنخ آمون الذى حقق لوزارة الآثار أو لهيئة الآثار فى ذلك الوقت أكثر من مائة مليون دولار استخدمت فى بناء المتاحف وترميم الآثار.

لكن للأسف الشديد، بعد ثورة يناير 2011 تعالت بعض الأصوات باسم الحفاظ على الآثار، ترفض فكرة المعارض.. وأن الآثار التى تسافر إلى الخارج تتم سرقتها وتكسيرها وتبديلها وكلام فارغ فى فارغ.. مع أن الحقيقة أن هذه الآثار موجودة على أرض مصر بالفعل لكنها «مهملة» فى المخازن وحال اختيارها للسفر فى معارض فإنه يتم ترميمها وتعود أفضل من حالتها الأولى.. أما عن كلام سرقتها أو تكسيرها فهذا كله «هراء» فهناك شركات تأمين دولية وطرق حديثة فى التأمين ومصريون من مفتشى الآثار يسافرون معها.. ولكن لمَن تقول.. إن البعض ممن أفسدوا سفر المعارض يتصورون أنهم فقط هم الشرفاء الأمناء وباقى المسؤولين عن مصر «حرامية» ولا يحافظون على آثار الوطن وليسوا وطنيين!

إن هؤلاء الذين أوقفوا سفر المعارض هم غير الوطنيين الذين أضاعوا على مصر والآثار دخلاً بملايين الدولارات كان يمكن أن يساهم فى ترميم الآثار ودفع الرواتب وبناء المتاحف بدلاً من المجهود الضخم الذى يقوم به وزير الآثار حالياً لإيجاد موارد لوزارة الآثار فى ظل انهيار السياحة المصرية وتراجع السائحين عن مصر، وبالتالى فإن دخل الآثار من السياحة والذى كانت تعتمد عليه فى كل مشروعاتها متوقف تماماً حالياً.. فمناطق الآثار فى الجيزة والأهرامات والأقصر وأسوان والقاهرة وكل المتاحف تراجع دخلها بشدة بسبب التراجع فى السياحة.. ولذلك فإننى لا أرى بديلاً أمام الدكتور خالد العنانى سوى التوجه فوراً بمذكرة شاملة أو دراسة يضعها أمام المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لتضع كل الحقائق أمامه ليتخذ القرار الصحيح فوراً.. وهو استغلال الآثار أو معارض الآثار فى تحقيق عائد مادى ودخل كبير للآثار.

وأنا على يقين أن وزير الآثار يدرك أيضاً أن العائد من وراء معارض الآثار أكبر بكثير من العائد المادى المباشر لوزارة الآثار.. فالرجل بحكم دراسته وإقامته فى الخارج يعرف تماماً أن معارض الآثار الفرعونية هى من أقوى الوسائل لتنشيط السياحة إلى مصر.. وأن هذه الطوابير التى تقف أمام أحد المعارض وتدفع مبلغاً محترماً من الدولارات فى سعر التذكرة.. فإن هذا المعرض يكون دافعاً مهماً لها لزيارة مصر واستكمال التعرف على هذه الحضارة العظيمة.

وأنا على يقين أيضاً أن الدكتور خالد العنانى يعرف أيضاً أن تنظيم معرض لآثار توت عنخ آمون تحديداً هو القادر فوراً على إنقاذ وزارة الآثار من مشاكلها.. صحيح أن هناك معرضا لما يسمى الآثار الغارقة فى أوروبا ومعرضا آخر تحت اسم بناة الأهرام.. لكن معرض توت عنخ آمون إذا تم تنفيذه بدراسة اقتصادية فسيكون هذا المعرض هو المنقذ لوزارة الآثار، فهو القادر على دفع الرواتب وتوفير الموارد المالية اللازمة لبناء متاحف جديدة وترميم الآثار المهملة فى المخازن فى كل أنحاء مصر خاصة فى الصعيد.

لا يمكن أن نعلم أن هناك شركات دولية كبرى فى تنظيم المعارض خاصة فى أمريكا تعرض علينا تنظيم معرض لآثار توت عنخ آمون بمقابل مادى ضخم ونحن نرفض خوفاً من أصحاب الصوت العالى غير الفاهمين الذين ظهروا فى مصر بعد ثورة يناير 2011.

إن إحدى الشركات تعرض حالياً مبلغاً مالياً ضخماً بالملايين من الدولارات لعرض 100 قطعة فقط أو أكثر من آثار توت عنخ آمون فى عدة مدن أمريكية وكذلك فى أوروبا لكننا نرفض.. إن آثار توت عنخ آمون «المذهلة» أكثر من 5400 قطعة موجودة فى المتحف ولا يزورها أحد تقريباً بعد انهيار السياحة فلماذا لا نستغل جزءا منها فى تحقيق دخل لمصر.

إن آثارنا الفرعونية تحقق دخلاً كبيراً لكل العالم «فرخة تبيض ذهباً» ونحن نتفرج خوفاً من أصحاب الصوت العالى ومن أصحاب المصالح أو النظرة الضيقة أو الذين يشككون فى كل شىء ويعيشون فى الأوهام، والذين يريدون الانتقام من كل الناس ومن كل شىء.

إن نظرة على واقع العالم تقول إن المتحف البريطانى ينظم حالياً معرضاً للآثار الفرعونية فى شيلى ويحقق من ورائه دخلاً ونحن نتفرج.. إن المتحف البريطانى ومتاحف فى ألمانيا تنظم معارض مشتركة تحقق دخلاً كبيراً ونحن نتفرج.. إن اللوفر ومتحف برلين والملكة نفرتيتى بداخله يحققان ملايين الدولارات وغيرهما مثل متحف تورينو والمتروبوليتان تحقق ملايين الدولارات ونحن نتفرج.. ما هذا العبث؟

لكن الحقيقة أنهم يعرضون علينا تنظيم معارض أو الاشتراك معهم ونحن الذين نرفض.. نحن نعيش فى الماضى.. العالم يكسب من آثارنا ونحن نتفرج.. إلى متى يستمر هذا الوضع؟!. إن معارض الآثار من أقوى وسائل الجذب والتنشيط السياحى لمصر ولا يجب أن نغفل ذلك أبداً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل