المحتوى الرئيسى

درس العراق وأفغانستان: خمس قواعد لبناء سليم للدولة

10/25 16:49

يعتقد مختصون أميركيون أنّه ما زال بالإمكان الإفادة من دروس تجربة بلادهم في العراق وأفغانستان، حتى وإن كانت دروسا تأتي بشق الأنفس، لكنها تظل ضرورية لإلحاق هزيمة دائمة بداعش والقاعدة وغيرهما من الجماعات الإرهابية.

وعن هذا الموضوع، يكتب د. روجر مايرسون، الأستاذ في جامعة شيكاغو والحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2007، والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية لدى العراق وأفغانستان “جي كايل ويستون”، والذي وضع كتابا بعنوان “مرآة الاختبار: أميركا في حربي العراق وأفغانستان”.

ويرى مايرسون وويستون، في مقال مشترك نشراه في ملحق “مراجعات” الأسبوعي بصحيفة “وول ستريت جورنال“، أنّه وفي أعقاب الحروب الطويلة والمؤلمة في العراق وأفغانستان، فإن الأميركيين قلقون من فكرة بناء الدولة، لكنهما يستدركان بالقول إن الجيش العراقي، جنبا إلى جنب مع العمليات الخاصة الأميركية وشركاء آخرين، شن هجوما لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل من داعش، وإذا كان على هذه الحملة أن تنجح على المدى الطويل، فإن بناء الدولة أمر ضروري، بل هو “الطريقة الوحيدة لتحقيق تقدم حقيقي في هزيمة الدولة الإسلامية والقاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية”.

وبحسب معطيات التاريخ الحديث في الشرق وتحديدا من الباكستان إلى اليمن مرورا بسورية، فإن المناطق التي لا تسيطر عليها الحكومة والمناطق غير المستقرة يمكن أن تحتضن التهديدات الكبيرة، ومجرد شن ضربات عسكرية لتدمير قواعد الإرهابيين من دون محاولة جدية بعد ذلك لإعادة بناء تلك المناطق، تبدو أشبه بـ”قصف الجحيم للخروج منها”، فالتدخل يجب أن يكون أكثر حذرا، وترك قدر من الاستقرار والحكم الرشيد، يساعد على ضمان طرد الجهاديين بما لا يمكنهم من العودة إلى تلك المناطق.

ويضع الكاتبان “خمس قواعد لبناء سليم للدولة” وفق تجربة بلادهما في العراق وأفغانستان، وهي:

* إنس الإمبريالية: أي السيطرة الاستعمارية المباشرة. ففي القرون الماضية، كان قلق المخططين العسكريين يخفت عند الوصول إلى إعادة البناء بعد الحرب، وهو قلق غالبا ما يعقب انتصار عن طريق الغزو المباشر. ومحاولة واشنطن لتثبيت بعض المستبدين بعد تدخلها لم تعد تعمل الآن، بل سيؤدي إلى إذكاء عدم الثقة، والدعوة إلى الإنتفاضات، وزيادة التوتر مع القوى الكبرى الأخرى بما يؤثر على الولايات المتحدة ومكانتها إقليميا ودوليا. وأفضل خدمة للمصالح الأميركية من خلال تثبيت القادة الشرعيين، وبناء دولة ناجحة يعني بناء الدولة الديموقراطية.

* تجنب المركزية: لتشكيل حكومة يمكن أن تقف على قدميها، يجب على الولايات المتحدة مساعدة القادة الوطنيين لتطوير الدعم السياسي اللازم لدرء المتمردين، الانتهازيين والجيران، حكومة جديدة يجب أن تجد حلفاء نشطين في كل جزء من البلاد، ويجب أن يكون هؤلاء الحلفاء موثوق بهم. في المقابل، يجب أن يضمنوا أن ولاءهم يكسبهم المكافآت والأمن على المدى الطويل.

لكن التفاوض مع قادة محليين يمكن أن يكون مكلفا وشاقا، فغالبا ما يفضل القادة المحليون التركيز على إرضاء الجماعات الخاصة، من الرفاق والمقربين. وحصر فوائد السلطة بدائرة صغيرة وإهمال المناطق النائية وجعلها تحت رحمة الفاسدين، يعبر عن سياسة مركزية قصيرة النظر تخلق حالة الضعف.

* ادفع باتجاه تقاسم السلطة: المفتاح هنا هو الدستور الاتحادي الذي يوزع السلطة بين الحكومات الوطنية والمحلية. ففي كثير من الأحيان في العراق وأفغانستان، ركز صنّاع السياسة الأميركية على تطوير قدرات الحكومة الوطنية من أعلى إلى أسفل. بينما الأحكام الدستورية التي تمنح سلطة كبيرة للحكومات البلدية والمحلية المنتخبة يمكن أن تساعد على ضمان أن هناك قادة في كل جزء من البلاد. يجب أن تمول هذه الحكومات المحلية بصورة عادلة، جدا، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بتقاسم الموارد الوطنية، مثل حقول النفط في العراق.

* توفير كادر متخصص: الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق كانت من دون وكالة واحدة مستعدة لمواجهة تحديات بناء الدولة. بينما كان لا يكفي ترك هذه المهمة للجيش، والفشل الذريع في العراق بعد غزو عام 2003 أثبت ذلك.

وبحسب الكاتبين، فإن بلادهما بحاجة إلى وكالة جديدة مكرسة بشكل واضح لبعثات بناء الدولة، من الأميركيين ذوي المهارات المتخصصة. وهؤلاء الخبراء عليهم الجمع بين معرفة الحكم المحلي، والدهاء المالي، والمهارات الإدارية والقدرة اللغوية، جنبا إلى جنب مع التدريب العسكري الأساسي اللازم لبناء الثقة في مناطق الصراع.

* تقديم التزام مستدام: تحتاج الولايات المتحدة أن تكون قادرة على تقديم الدعم الموثوق طويل الأجل للحكومات الصديقة التي تواجه حركات التمرد من دون الالتزام بالتدخل العسكري الهائل. وهي سياسة أكثر استدامة مما كان عليه في السنوات الأخيرة، وتقوم بناء على إرسال مساعدات وفرق من المستشارين الأميركيين بدلا من التركيز على نشر كتائب الحشد العسكري، فيمكنك بزيادة عدد الجنود والمعدات أن تنتصر، ولكن لا يمكن لك أن ترتقي بالثقة مع المجتمعات المحلية.

وينظر الأميركيون في كثير من الأحيان بأسى إلى النتائج الأخيرة لبناء الدولة، فـ”في أفغانستان دعمنا حكومة مركزية فاسدة في بلد جامح تعوّد على الحكم اللامركزي. وفي العراق، وجدنا أنفسنا متشابكين مع الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة برئاسة نوري المالكي، الذي مهد الطريق لظهور (دولة إسلامية) من خلال استعداء الأقلية السنية في البلاد”.

وإن بناء سليما للدولة يعني “ليس مجرد عالم أكثر حرية وأكثر استقرارا، ولكن أميركا أقوى وأكثر أمنا، ومن دون تلك العمليات العسكرية الطويلة التي كلفتنا وشركائنا المحليين غاليا”.

 *الصورة: عسكري عراقي في ناحية الشورة جنوب الموصل/وكالة الصحافة والفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

علي عبد الأمير، محرر في موقع (إرفع صوتك) التابع لشبكة الشرق الأوسط للإرسال MBN. كاتب وناقد وصحافي عراقي عمل سابقا مدير تحرير للأخبار العراقية في قناة "الحرة" واشنطن 2004-2010 ومعد ومقدم برنامج "سبعة ايام" عبر "الحرة" 2005-2010. عمل عبد الأمير أيضا مراسلا للشؤون العراقية في عدد من كبريات الصحف العربية 1998-2004. له عدد من الأفلام والبرامج الوثائقية. رئيس تحرير ومؤسس موقعي "اسواق العراق" و"ساحات التحرير". كاتب في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية العراقية والعربية. له عدد من المؤلفات في الشعر ونقد الموسيقى والمكان البغدادي.

أربيل – بقلم متين أمين: لعل المشكلة الأبرز التي سيواجهها العراقيون والعالم في مرحلة ما...المزيد

بقلم إلسي مِلكونيان: “أشاهد مجموعة من الشباب المغاربة خاصة والعرب عامة يؤيدون داعش والأعمال الإرهابية...المزيد

حلقة يوم الثلاثاء، 25 تشرين الأول/ أكتوبر: داعش يخسر وقوته تتراجع… كيف يمكن القضاء على التنظيم...المزيد

متابعة حسن عبّاس: يخوض الفارون من مدينة الموصل العراقية رحلة شاقة للوصول إلى الحدود مع...المزيد

مشاركة من صديق (إرفع صوتك) يوسف محمد بناصر: فلسفة الاقصاء تقوم على أن المختلف أو...المزيد

بقلم خالد الغالي: تأتي عملية تحرير مدينة الموصل (شمال) من تنظيم داعش، في وقت وصل فيه عدد النازحين في...المزيد

بقلم محمد الدليمي: “أخطر شيء الآن هو أنّ الجيل الحالي يفضل أن يموت غرقاً”، هكذا يصف الكاتب...تابع القراءة

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل