صراع العروش يشعل "اليمن الجريح" .. من "ميدان التحرير" إلي "الإقتتال الداخلي"..الحرب تحتدم بين "الشرعية والحوثيون"
اليمن البلد الهادئ السعيد، تحول كسائر المنطقة العربية لموطن صراعات، قد تصنفها أنها قبلية وقد تصنفها أنها أهلية، ولكن في الأخير يظل اليمن يعاني جرحًا كبيرًا، لا يقل فداحة عما يعاني منه الوطن العربي ببلدانه التي سقطت تحت وطأة القتال الضاري مثل سوريا والعراق وليبيا.
نحاول في التقرير التالي تسليط الضوء علي قصة اليمن الجريح، عن قرب إستنادًا إلي رواية الصحفي اليمني "عمر العمقي"، والمقيم بصنعاء كونه الأقرب والأكثر دراية بالأحداث، الذي تحدث إلي الدستور، وردًا علي سؤالنا .. إلي أين يتجه اليمن ؟.. كان الجواب " إلي نفق مظلم .. يعجز الحليم عن تفسيره".
وعمر العمقي هو صحفي يمني، متخصص في التحقيقات الاستقصائية، وكان أبرز ما قدمه هو سلسلة تحقيقات استقصائية عن العبودية في اليمن.
نبدأ بالإشارة لأن اليمن بلد تحكمها القبلية ولكن تحول شكل الحكم عن طريق القبلية في خضم الصراع وهذا ما سنكشفه في التقرير، وحسب "العمقي" فإن أكبر قبيلتين في اليمن هما "بكيل و حاشد"، الأولي شيخ مشائخها هو ناجي الشائف، وتليها حاشد وشيخ مشائخها هو صادق بن عبدالله بن حسين الاحمر، وهو الآن نائب رئيس الجمهورية وهو دائم التنقل بين جبهات القتال داخل اليمن.
و أشار عمر العمقي أن المعروف عن الجنرال علي محسن الأحمر بأنه منذ توليه لقيادة الفرقة الأولى مدرع في نهايات السبعينات وأولاده مستبعدين من قبله عن المشهد السياسي والعسكري اليمني، وهي ميزة تحسب للرجل الذي لم يقحم أولاده كما جرت العادة عند كل القيادات المدنية والسياسية والعسكرية التي تقوم بتقديم ابنائها للشارع اليمني وتعمل على تلميعهم.
ورغم كون "حاشد" هي الثانية في الترتيب، لكنهاالأقوى سياسيا، ويعود السبب في ذلك حسب الحفي اليمن؛ لشيخها الراحل عبدالله بن حسين الاحمر، اما سبب ضعف قبيلة "بكيل"؛ هو شيخها الحالي الشائف الذي ظل رهينة للرئيس صالح بحسب رواية كل اليمنيين ومازال من حلفاء علي عبدالله صالح الرئيس اليمني السابق، في حين تدين اغلب قبيلته بولائها للرئيس هادي.
ويستكمل العمقي أنه مع انطلاق ما كان يسمي في السابق بـ"ثورات الربيع العربي" والتي بدأت بتونس وتلتها مصر، إنضمت اليمن في 11 فبراير 2011 رغبةً في إسقاط "صالح" الذي بدا أن قتل الشعب اليمني بالكامل أقرب له من الرحيل عن السلطة، في حين كان المتظاهرون مازالوا يتعاملون بوضع السلمية وكان الهتاف "ياللعار ياللعار سلمية وتضرب بالنار"، يقول العمقي "حينها تخلى القبيلي عن سلاحه وواجه النار بصدره العاري" .. وتطورت الأحداث سريعًا واستخدم صالح القوة ضد اليمنين.
وأردف:"استمرت ثورة الشباب ضد حكم صالح حتى تنحيه عن الحكم في العام 2012 ونقل صلاحياته لنائبه هادي في أواخر العام 2011 وفي فبراير 2012 انتخب اليمنيون عبد ربه منصور الهادي رئيسا لليمن في أكبر انتخابات في البلاد من حيث عدد المشاركين الذين تجاوز عددهم السبعة مليون ناخب، وكان فيها هادي هو المرشح الوحيد للرئاسة ولم ينافسه احد.
"الحوثيون .. وتأجيج نيران القتال"
وإنتقالًا إلي الحوثيين، قال أن حالة من عدم الإستقرار ضربت اليمن بعد ذلك حينما اجتاج العاصمة صنعاء في سبتمبر من العام 2014، وما سبق ذلك من قيام الحوثي في أغسطس 2014 بمحاصرة صنعاء بدعوى رفض الجرعة السعرية ومطالبته بتغيير حكومة الوفاق، وبعد أقل من شهر وتحديدًا في 21 سبتمبر من نفس العام، اجتاحت مليشيا الحوثي العاصمة صنعاء دون أدنى مقاومة.
وبحسب الصحفي اليمني، كانت السياسة التي أتبعها وزير الدفاع السابق محمد ناصر أحمد الموالي لصالح – رغم كونه وزير دفاع للرئيس هادي - كانت هي عدم إقحام الجيش في أي موجهات مع مليشيا الحوثي.
"اختطاف الرئيس اليمني منصور هادي"
وفي فبراير 2015 قامت المليشيات بمحاصرة منزل الرئيس هادي وطالبته بتعيين حوالي 250 من أنصارها في مراكز قيادية في الدولة من بينها منصب نائب الرئيس، ورفض هادي املاءت الحوثي وقام بتقديم استقالته، وظل حبيسًا في مشهد من المشاهد التي لاتتتكرر كثيرًا في التاريخ.
وبعدها تمكن من الخروج نقاب نسائي، وتوجه نحو عدن وأعلن تراجعه عن استقالته، وردًا علي ذلك قامت المليشيات بالاتجاه نحو عدن وقامت بتوجية الطيران بقصف قصر المعاشيق الرئاسي بعدن الذي يقيم فيه هادي، وبعد نجاته من الطيران تمكن من الهروب نحو سلطنة عمان عبر الطريق البحري، وفقًا لرواية الصحفي اليمني.
"شقيق الرئيس ووزير دفاعه معتقلين حتي الآن"
"ويقول العمر العمقي، حينها تمكنت المليشيا من اعتقال وزير دفاع هادي اللواء الصبيحي، مشيرًا أنه ما يزال حتى اللحظة معتقل مع شقيق الرئيس هادي "ناصر منصور هادي" وكيل جهاز المخابرات لمحافظات "عدن .. ابين .. لحج".
"هادي يصل للرياض .. ليبدأ خطوة جديدة في تاريخ الصراع"
وبعد وصوله إلى عمان انتقل للرياض ومنها لشرم الشيخ لحضور القمة العربية ومن ثم عاد بصحبة الملك سلمان إلى الرياض وتم في 27 مارس 2015 م الاعلان عن انطلاق عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية والقضاء على انقلاب الحوثي صالح.
ويري العمقي من خلال متابعته للمشهد أن التحالف العربي يريد القضاء على مليشيا الحوثي وقوات صالح؛ ولكنه يخشى من أن ذلك سيكون لصالح حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الاخوان المسلمين، بالإضافة إلى أن الأمارات لاعب جديد في الساحة اليمنية ولاتعرف عن ساستها شئ، وتريد أن يكون لها نصيب وافر من النفوذ في اليمن على حساب السعودية التي تعرف ادق التفاصيل عن اليمنيين واليمن.
"السيطرة علي الأرض .. لصالح هادي"
في خضم المعركة إنضم صالح للحوثيون بعدما خاضوا معارك قديمة، فمليشيا الحوثي خاضت ستة حروب اثناء حكم صالح امتدت من العام 2004 وحتى العام 2010م، وكان صالح يعتبرهم "خارجين علي القانون".
وحسب العمقي، فقد تبين لليمنين لاحقا بأن هذه الحروب كان الهدف منها القضاء على "علي محسن الأحمر" والقوات العسكرية التابعة له؛ بإعتباره كان حجر عثرة في نقل الحكم من صالح إلى نجله احمد!! .. وهو ما كان يرفضه محسن، ويدعوا إلى عدم إقحام الأبناء في الشأن السياسي والعسكري، لكن الرئيس صالح لم يلتزم بما اتفق عليه هو وعلي محسن عندما دعمه لحكم اليمن منذ العام 1978م.
وفي الأخير اتضحت خيوط اللعبة لليمنيين بأن مليشيا الحوثي لاتعدو عن كونها ذراع ميليشياوي للرئيس صالح للقضاء على خصومه، وقد قام بإستخدامها ضد هادي وضد حزب الإصلاح ثم ضد اليمنيين جميعًا الذين قاموا بإقصائه من الحكم.
وتسيطر الآن ميليشيا الحوثي وصالح على سبع محافظات من إجمالي 22 محافظة يمنية، وتمكنت قوات التحالف العربي من دك كل العتاد العسكري الثقيل الذي استطاع الحوثي السيطرة عليه منذ اجتياحه للعاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.
ويري عمر العمقي من خلال متابعته للمشهد اليمني ان الوضع يميل بشكل كبير لصالح التحالف العربي فيما تتضاءل رقعة الحوثي وصالح تتناقص، وتتمدد قوات هادي الآن في "صعدة" معقل الحوثي.
"الحكم الحوثي في طريقه للزوال"
Comments