المحتوى الرئيسى

لهذه الأسباب يتردد البيت الأبيض في إرسال أسلحة ثقيلة للمعارضة السورية

10/25 04:41

في الوقت الذي تداعت فيه الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة السورية في حلب، تحت وقع القصف الروسي هذا الشهر، كانت إدارة أوباما تدرس سراً خطط إرسال المزيد من الأسلحة الثقيلة إلى الوحدات التي تدعمها في سوريا.

وقد ظهر ذلك المقترح، الذي يتضمن إرسال أسلحة قد تساعد تلك القوات في الدفاع عن نفسها ضد الطائرات الحربية والمدفعية الروسية، في أجندة اجتماع عقده الرئيس أوباما مع فريق الأمن القومي مؤخراً.

وهذا كل ما في الأمر، لم تحظ الخطة لا بالموافقة، ولا بالرفض، وإنما ظلت في حالة من الغموض، وقال مسؤولون أميركيون إنها تعكس التشكُّك المتزايد من قبل الإدارة الأميركية حيال تصعيد برنامج سري تنفذه وكالة الاستخبارات المركزية التي سلحت ودرَّبت آلاف المقاتلين السوريين خلال السنوات الثلاث الماضية.

وقد كانت تلك العملية حجر الزاوية في استراتيجية الولايات المتحدة في الضغط على بشار الأسد من أجل التنحي. لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن هناك شكوكاً متزايدةً أن نسخة موسعة من تلك الاستراتيجية قد تحقق تلك النتيجة بسبب التدخل الروسي. وقال مسؤولون إن أوباما يبدو الآن ميالاً لترك مصير برنامج وكالة الاستخبارات المركزية للرئيس القادم للبيت الأبيض.

ولو كان الأمر كذلك، فإن خليفة أوباما سوف يرث عدداً من الخيارات غير الجذابة. يحذر منتقدو مقترح زيادة شحنات الأسلحة من أن الأمر سوف يزيد العنف سوءاً في سوريا دون أي تغيير كبير في النتائج. لكن التقاعس له خطورته كذلك، إذ يزيد من احتمال سقوط حلب، ويحث عشرات آلاف المقاتلين الذين تدعمهم وكالة الاستخبارات المركزية للبحث عن حلفاء أكثر موثوقية، وفقدان الولايات المتحدة لتأثيرها على الشركاء الإقليميين الذين امتنعوا حتى الآن عن تسليم أسلحة أخطر إلى معارضي الأسد.

هذا التمديد المتوقع لبرنامج الوكالة، المسمى "الخطة ب" لأنه كان ينظر إليه باعتباره بديلاً عن الجهود الدبلوماسية الفاشلة، لا يزال له مؤيدون، بما فيهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية المدير جون بيرنان، ووزير الدفاع آشتون كارتر. لكن حتى أكثر مؤيديه حماسة، بما فيهم وزير الخارجية جون كيري، قد عبروا عن شكوكهم حيال أي تصعيد حالياً. ويخشى كيري وآخرون، أن الأسلحة الجديدة قد تستخدم في قتل جنود في الجيش الروسي، ما قد يشعل فتيل المواجهة مع موسكو.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين الكبار، إن الوقت قد حان لإلقاء نظرة "حازمة" على الأمر لمعرفة ما إذا كان المقاتلون الذين تدعمهم الوكالة لا يزالون يعتبرون معتدلين، وما إذا كان البرنامج يمكن أن يحقق أي شيء أكثر من زيادة المجزرة الواقعة في سوريا.

وقال المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه لحساسية الموضوع، مثله في ذلك مثل غيره من المسؤولين: "إن الوحدات المدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية لا تحقق الانتصارات على أرض المعركة، فهم يواجهون خصما أقوى بكثير، كما تزداد سيطرة المتشددين عليهم. ما هي النتيجة التي وصل إليها هذا البرنامج؟ وكيف سيسجل التاريخ هذه الجهود؟".

وقال داعمو هذا البرنامج، إن جهود وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قد نجحت في عدة جوانب مهمة من مهمتها، وهي بناء قوة معتدلة سياسياً كانت، حتى العام الماضي، تشكل تهديداً خطيراً للأسد. وقال مسؤول أميركي إن المعارضة المدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية، المعروفة بالجيش السوري الحر، لا تزال سليمة بشكل كبير بعد عام من الضرب الروسي، وهي القوة الوحيدة في سوريا القادرة على إطالة أمد الحرب، وربما الدفع بموسكو نحو التخلي عن اعتبار الأسد جزءاً من الحل السياسي.

وقال مسؤول أميركي آخر: "لا يزال الجيش السوري الحر الأداة الوحيدة لتحقيق هذه الأهداف".

وقد رفض البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية التعليق. وقال مسؤولون بالإدارة، مطلعون على طريقة تفكير أوباما، إن كل الخيارات لا تزال على الطاولة، على الرغم من أن الرئيس قد عبر بوضوح عن عدم رغبته في استخدام قوة عسكرية سرية.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: "نستمر في الضغط من أجل تنفيذ خيارات من شأنها تقليل العنف في حلب ورفع معاناة الشعب السوري. نحن وشركاؤنا سوف نستمر في توفير الدعم للمعارضة والمجتمع المدني السوري بطريقة تحقق هذه الأهداف".

ولم تعلق المرشحة الديمقراطية للرئاسة، هيلاري كلينتون، ولا غريمها الجمهوري، دونالد ترامب، على العملية السرية، المعروفة على نطاق واسع مع ذلك، لوكالة الاستخبارات المركزية في سوريا.

وكانت كلينتون قد استخدمت لغةً أشد حزماً في المناظرة الأخيرة مكررةً دعمها لإنشاء منطقة حظر جوي للمدنيين وعناصر المعارضة المعتدلة، حيث لن يسمح للطيران السوري والروسي بالتحليق. وقالت كلينتون إن "منطقة حظر جوي من شأنها أن تنقذ الأرواح وتسرع من نهاية الصراع" مضيفةً أن تحقيق ذلك الأمر سوف "يتطلب الكثير من المفاوضات. وسوف توضح للروس والسوريين أن غرضها توفير مناطق آمنة على الأرض".

ولم يصرح ترامب بأية خطط خاصة حول سوريا، سوى وصف الحرب بأنها كارثة، والتصريح بأن حلب، وهي المدينة الكبرى التي يتركز فيها أكبر تجمع لقوى المعارضة، في رأيه، قضية خاسرة.

وقال مسؤولون أميركيون إن التوقعات بالسقوط الوشيك لحلب ينبغي أن ينظر إليه بعين الشك. وقالوا إنه من المرجح أن المعركة من أجل حلب سوف تستمر شهوراً. ويأمل البعض داخل الإدارة الأميركية أنه حتى لو سقطت المدينة، فإن المعارضة سوف تستطيع فتح جبهات جديدة ضد النظام في أجزاء أخرى من البلاد، مجبرين روسيا على تشتيت عتادها الجوي على نطاق أوسع.

كانت كلينتون من الداعمين لتدخل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في سوريا عند اقتراح الخطة للمرة الأولى، عام 2012، من قبل مدير الوكالة حينها، ديفيد إتش بيترايوس، وكانت كلينتون تشغل حينها منصب وزيرة الخارجية. لكن روسيا لم تكن في ذلك الوقت منخرطة في النزاع بشكل كامل، ومن غير الواضح ما إذا كانت كلينتون سوف تستمر في تفضيل برنامج هجومي تسليحي للوكالة بالنظر إلى الوجود الروسي القوي هناك حالياً.

وقال مسؤول كبير سابق في الإدارة كان منخرطاً بشكل مباشر في مداولات البيت الأبيض الأولى حول برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: "لقد ورطنا أنفسنا في فوضى عارمة. هناك خطر كبير هنا منذ أن دخل الروس ... إن الدرس المستفاد هو أنك إن لم تتصرف منذ البداية، فينبغي لك أن تتوقع أن تسوء الخيارات المتاحة أمامك أكثر فأكثر".

وقال المسؤول السابق إن أوباما الآن "لديه أسباب مفهومة للحذر". لكنه رفض كلام البيت الأبيض بأن تقاعسه عن الخطة (ب) لا ينبغي أن يفسر باعتباره شيئاً ضخماً. وقال: "إن عدم القرار قرار".

وقال أعضاء في الجيش السوري الحر، ومجموعات أخرى مدعومة من قبل الولايات المتحدة في حلب قالوا إنهم قد أمضوا فترات طويلة دون تسلم أسلحة، لكنهم كانوا قد خزنوا أسلحة بكميات كبيرة منذ 2014، متوقعين أن القصف الجوي سوف يتلوه هجوم بري.

وقال محمد الكايدي، نائب قائد وحدة من وحدات الجيش السوري الحر بحلب، في مقابلة على الإنترنت إن عدم تقديم الولايات المتحدة أسلحةً متطورةً مضادةً للطائرات للدفاع عن حلب، يعتبر "ضوءاً أخضر" لموسكو لتدمير المدينة.

وقال مسؤولون بالاستخبارات المركزية إن المعارضة قد أثبتت كفاءتها في قتال الشوارع، لكنهم غير واثقين إلى متى يمكن لهم الصمود بالنظر إلى القصف الجوي الضخم. وقال الكايدي إن قتال الشوارع سوف يكون في صالح المعارضة.

وقال الكايدي: "لن يكون بإمكانهم حل مشكلة حلب بالوسائل العسكرية. إن النظام ضعيف، وعندما يتعلق الأمر بحرب الشوارع، فإن القصف الجوي لن يكون فعالاً كفاية".

ولطالما كان أوباما فاتراً تجاه تدخل وكالة الاستخبارات المركزية. فقد أمر، في 2012 بعمل دراسة سرية للحالات الأخرى التي دعمت فيها الوكالة قوات للمعارضة. وقال أوباما في حوار مع مجلة "النيويوركر" إنه أراد الحصول على أمثلة "انتهت نهاية جيدة بالفعل، لكن لم تستطع الوكالة أن تزوده بالكثير من تلك الأمثلة".

وعندما أجبر الموقف المتدهور في سوريا أوباما على أن يأذن لوكالة الاستخبارات المركزية بالتدقيق وتدريب وتسليح الفصائل المعتدلة في 2013، فإنه فرض قيوداً أحبطت العاملين في الوكالة. وبحسب روايات المسؤولين، فإن دورهم في سوريا لم يكن تمكين المقاتلين من الفوز أو الاستيلاء على السلطة، ولكن دفع الصراع نحو طريق مسدود لإجبار الفصائل المختلفة على التفاوض حول مستقبل سوريا ما بعد الأسد.

ونصبت وكالة الاستخبارات المركزية معسكرات مشتركة الإدارة في الأردن وتركيا، قال مسؤولون إن أكثر من 10 آلاف معارض تدربوا وتسلحوا فيها خلال السنوات الثلاث الماضية. هذه الوحدات المنتقاة جزء من كوكبة من فصائل المعارضة، تلقت خمسون ألفاً منها أموالاً وأسلحة من وكالة الاستخبارات المركزية وشركاء إقليميين.

وتفرض الشروط على الشركاء المحافظة على إبعاد فئات معينة من الأسلحة، خصوصا نظم الدفاع الجوي المحمولة، وصواريخ أرض ـ جو سهلة الحمل، إذ تخشى واشنطن من وقوعها في يد جماعات إرهابية تخفيها وتستخدمها لاحقاً في استهداف طائرات مدنية.

ومع تكثيف الضرب الروسي لحلب، فإن الصور المروعة للأطفال الجرحى والمستشفيات المهدمة تضع مزيداً من الضغط على أوباما للسماح بإرسال دفعات من الأسلحة المتطورة إلى جماعات المعارضة المحاصرة.

كانت الخطة ب قد عرضت أثناء سلسلة من اجتماعات البيت الأبيض الأسبوعية وعرضت أخيراً على أوباما في اجتماع الـ14 من أكتوبر/تشرين الأول مع لجنة الأمن القومي.

وقال مسؤولون إن كارتر قد فضَّل، لأشهر، "مضاعفة عكسية" لبرنامج وكالة الاستخبارات المركزية، من أجل إلحاق خسائر أعلى بموسكو نتيجة تدخلها، في الوقت الذي كان يعترض فيه على استخدام القوة العسكرية الأميركية خوفاً من تحويل الموارد عن الحملة الموجهة ضد الدولة الإسلامية.

لكن المتشككين كانوا أكثر عدداً من كيري وبرينان. فقد كان رئيس موظفي البيت الأبيض، دينيس مكدونو، حذراً من تلك العملية منذ بدايتها. وقال مسؤولون إن كيري، المؤيد لتلك العملية منذ وقت طويل، قد اقترب ناحية معسكر المتشككين، جزئياً بسبب الخوف من أن أي تصعيد أميركي في ذلك الوقت من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل غير مكافئ من قبل موسكو.

وقال مسؤول كبير آخر في الإدارة، منخرط في نقاشات الوضع السوري: "لقد أخذ الروس زمام المبادرة. لا يمكنك التظاهر بأنك سوف تذهب إلى سوريا لتقاتل الأسد، دون أن تقاتل روسيا".

وقال مسؤولون إن تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية للبرنامج قد قوبلت بالتشكك من قبل البعض في البيت الأبيض. وقال المسؤول الأميركي الأول: "هل من المعقول أن الناس المنخرطين تماماً في ذلك البرنامج، هم نفس الناس الذين يكتبون التحليلات حول المعارضة السورية، والتي تبنى القرارات المستقبلية للبرنامج عليها؟".

وكان مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية، قد دافعوا وسط الانتكاسات التي حدثت الفترة الأخيرة في سوريا عن جعل الأولوية في مقاتلة الدولة الإسلامية، بدلاً من حكومة الأسد. لكن مسؤولين في الوكالة يعارضون ذلك التفكير قائلين إن الدولة الإسلامية لا يمكن اقتلاعها قبل ظهور حكومة جديدة قادرة على التحكم في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم في الرقة وأماكن أخرى.

وقال المسؤول الأميركي الثاني: "لا يمكنك هزيمة داعش دون إزاحة الأسد. طالما وجدت دولة فاشلة في سوريا، فسوف يظل هناك وطن لداعش".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل