المحتوى الرئيسى

خلف الخطوط مؤتمر الشباب وتوريث الوظائف العامة

10/23 21:07

ينطلق غدا فى شرم الشيخ المؤتمر الوطنى الأول للشباب، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، بحضور ثلاثة آلاف شاب وفتاة من مختلف ربوع مصر. المعلن عن أجندة المؤتمر أنه سيناقش قضايا منها: المشاركة السياسية للشباب، وتطوير البحث العلمى، ودراسة مسببات العنف فى الملاعب وسبل عودة الجماهير.

لكننى فى هذه المساحة سأتناول قضية يجب أن تناقش فى المؤتمر بمنتهى الصراحة والجرأة؛ وهى تكافؤ الفرص فى الحصول على الوظيفة العامة؛ فليس جديدا أو غريبا أن نقول إن انعدام المعايير العادلة الشفافة تجعل الالتحاق ببعض الوظائف فى مصر حكرا على طبقة محدودة جدا من المصريين على حساب الأغلبية الساحقة من النابهين والمتفوقين من شباب مصر؛ فتصيبهم بالإحباط والانطواء والشعور بالاغتراب فى وطنهم، وتجعل الفوز بتأشيرة إلى أى دولة أجنبية هو قمة أحلامهم وسدرة منتهاها.

صارت بعض المهن يتوارثها الأبناء والأحفاد نهارا جهارا. بل صار هذا التوريث ــ المخالف لمبادئ الدستور التى تكفل المساواة بين أبناء الوطن الواحد ــ أقوى من أى قانون فى هذا البلد.

فليس مطلوبا كى تلتحق بالسلك القضائى أن تكون من أوائل دفعتك فى كليات الحقوق المنتشرة فى ربوع المحروسة. ولن يشفع لك نبوغك فى الاقتصاد أو العلوم السياسية أو القانون الدولى وإجادة اللغات، كى تلتحق بالسلك الدبلوماسى. يكفى فقط أن تكون ابنا لأحد الكبار، حتى لو كان تخصصك فى الطب البيطرى أو الزراعة أو الخدمة الاجتماعية وبتقدير مقبول. وقس على ذلك بقية الوظائف العامة المهمة فى الدولة، ولا أستثنى منها وظيفة واحدة إلا فيما ندر.

تبلغ العنصرية منتهاها عندما يحاول القائمون على التعيين فى هذه الوظائف تبرير استبعاد أبناء الأغلبية الكاسحة من شعبنا من هذه الوظائف التى باتت حكرا على الأسياد دون غيرهم. يتذرعون غالبا بـ«عدم اللياقة الاجتماعية» للمتقدمين، وعندما تسألهم عن معايير هذه «اللياقة» يقولون «أن يكون الوالدان من الحاصلين على مؤهلات عليا!!»، وكأن المواطنين غير الحاصلين على البكالوريوس أو الليسانس مواطنون من الدرجة العاشرة فى مصر؛ وبمقتضى ذلك يتم معاقبة أبنائهم بحرمانهم من تولى وظائف بعينها، حتى لو كانوا نابهين متفوقين!.

وإذا توافر المؤهل العالى للوالدين يأتى سيف «الاعتبارات الأمنية» الباتر، الذى يحرمك من وظيفة مهمة لا لأنك ــ أو أى من أقربائك من الدرجة الأولى أو الثانية ــ ارتكبت جرما أو تمثل تهديدا على أمن الدولة، بل يصل الأمر أحيانا لحرمانك من الوظيفة بسبب قرابات بعيدة جدا، تصل أحيانا للجد السابع!.

يضاف إلى موضوع انعدام تكافؤ الفرص فى تولى الوظائف العامة قصر الدراسة فى الكليات المرموقة بجامعة القاهرة على أهل العاصمة وبعض المحافظات المتاخمة لها، وحرمان أقاليم كاملة من دخول هذه الكليات التى راكمت من الخبرات ما يجعلها متفردة فى مصر ولا نظير لها، كما الحال فى حرمان أبناء الصعيد من دخول كليتى الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وإجبارهم ــ على الرغم من تفوقهم فى الثانوية العامة ــ على دخول كليات حديثة لا يمكن مقارنتها بكليات اقترب عمرها من 50 عاما.

عندما طالبنا بعدم خضوع هذه الكليات ومثيلاتها بالقاهرة للتوزيع الجغرافى، وأن يتم القبول فيها للأعلى مجموعا بغض النظر عن محافظته لم يستجب أحد بما يحقق العدل وتكافؤ الفرص؛ وكانت النتيجة هو شعور المتفوقين من أبناء الصعيد بمزيد من الإحباط والقهر، والإحساس بأن تفوقهم لم يشفع لهم للحصول على فرصة جيدة للتعليم فى وطنهم.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل