المحتوى الرئيسى

هل نرى "قميص النوم الأحمر" تحت القبة؟

10/23 20:16

لم يكن تكرار واقعة إجبار إحدى العائلات فى الفيوم لرجل على ارتداء "قميص نوم حريمى"، وتصويره به، مؤشّرًا على غياب القانون فقط، وانتهاء صلاحيته فى مواجهات عادات قبلية أقل ما توصف به أنها مزرية، ولكنه كان إعلانا عن انهيار القيم الأخلاقية لمجتمع يدعى دائما أنه "متدين بطبعه"، وتأكيدًا لتسيّد صورًا نمطية للإهانة والاحتقار، رأى البعض أن للفن والإعلام دورًا فيها، وأبرز أمثلتهم حدوث الواقعة نفسها فى مسلسل تليفزيونى خلال رمضان الماضى، معتبرين أن الواقع الحالى انعكاس لـ"الأسطورة" ومحمد رمضان.

رغم حالة الانفلات وتكرار هذه الوقائع المؤسفة، يظل القانون بما له من سطوة ومشروعية لتطبيقه على الجميع، هو الملاذ لإنقاذ المجتمع من سلوكيات شاذة تغذى الرغبة فى الانتقام وإلحاق العار بالآخر، وتزرع بذور كراهية تبقى لسنوات طويلة، ولكن الغريب أن الواقعة الأولى التى حدثت فى شهر يوليو الماضى، والواقعة الثانية التى تكررت بشكل متطابق انتقاما لضحية الحادثة الأولى، كلتاهما لم تزعجا المجتمع بشكل يمكن ترجمته لوسيلة تساعد فى مواجهات انحرافات أخلاقية وقانونية تهدده، فمرت الواقعتان، ولم نسمع عن تقدم حزب أو نائب أو ممثل عن الحكومة بمشروع قانون لتعديل قانون العقوبات، أو مشروع قانون يغلط عقوبة إجبار شخص على ارتداء ملابس نسائية وتصويره فى الطريق العام، أو حتى حملة إعلامية وتثقيفية تضع مثل هذه السلوكيات وأصحابها فى خانة المنحرفين والمجرمين.

أشرف عزيز: تكرار الواقعة يؤكد فشل فلسفة الردع وانزلاقنا أخلاقيًّا

النائب أشرف عزيز إسكندر، عضو مجلس النواب عن محافظة الفيوم – التى شهدت واقعة قميص النوم - يرى أن تكرار الواقعة خلال فترة قصيرة، رغم القبض على مرتكبى الجريمة الأولى وإحالتهم للنيابة، يؤكد أن العقوبة القائمة لم تعد تحقق فلسفة الردع، وأن الطرف الآخر لم يمتثل، وانتصرت الرغبة فى الانتقام، ما يعنى أننا انزلقنا أخلاقيًّا بشكل كبير ومخيف.

وقال "اسكندر" فى تصريح لـ"برلمانى": "سأتقدم بطلب إحاطة لرئيس الوزراء، خاصة أن الواقعة تكررت بنفس الطريقة فى نفس الشريحة المجتمعية بشكل متطابق، مع مشهد درامى عرض على المصريين خلال عمل درامى، وسأطرح الموضوع للنقاش فى لجنة الثقافة والإعلام، لأننا بحاجة لعلاج سريع، والمشكلة أن العقوبة المغلظة ليست حلا، فبعض الجرائم عقوبتها الإعدام، وأحيانا لا يستطيع القاضى النطق بالحكم، ومن ثم يحصل المتهم على براءة، لذا فالمواجهة الحقيقية لمثل هذه الجرائم تتمثل فى تفعيل الرقابة على الأعمال الفنية قبل عرضها، واهتمام الجامعات والمراكز البحثية بدراسة وبحث سلوكيات الناس ومستوى العنف فى الشارع".

وحمل نائب الفيوم مسؤولية انهيار القيم المجتمعية لثورة 25 يناير، التى كان لها دور كبير فيما وصل له الشارع من تدنٍّ فى السلوكيات والأخلاق، فأن يحكم الدولة رئيس لمدة ثلاثين عامًا، ثم فجأة تجد من يهينه ويرفع الحذاء فى وجهه، كان طبيعيًّا أن نصل لهذه النتيجة.

نائب "المصريين الأحرار": "التجريس" جريمة وعلينا محاربة هذه الأفعال الهمجية

من جانبه، وصف إبراهيم عبد الوهاب، عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، التجريس وإهانة الأشخاص بإجبارهم على ارتداء ملابس نسائية وتصويرهم، بأنه جريمة مكتملة الأركان، وقبل الحديث عن مواجهتها بالقانون، يجب التأكيد على أهمية التوعية وتثقيف المواطنين، وتقوية الجانب الأخلاقى لمحاربة مثل هذه الأفعال الهمجية، ولا يجب أن ننسى الرقابة على الأعمال الفنية التى تروج لمثل هذه الأفعال لتكون هادفة وترتقى بالمواطن.

وأضاف "عبد الوهاب" فى تصريحه: "بالطبع علينا - كنواب للبرلمان فى أعلى جهة تشريعية - النظر لمثل هذه القضايا، والتقدم بمشروعات قوانين لتغليظ العقوبات بشأنها، لتكون رادعة، كما حدث فى قضية الهجرة غير الشرعية ومشروع قانون الاتجار بالبشر وبيع الأعضاء البشرية".

القانون والقميص الأحمر.. كيف نواجه الظاهرة غير الأخلاقية

وأضاف عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، أنه من الناحية القانونية، فالحديث يستوجب تغليظ العقوبة لمثل هذه الجريمة التى تضرب استقرار المجتمع وتماسكه الخلاقى والقيمى، وتخلق نوعًا مبتكرًا من الانتقام، كفيل بإشعال النار فى قرى مصر ومحافظاتها، فرغم أن قانون العقوبات والإجراءات الجنائية يتضمن عقوبات رادعة، وهناك نص قانونى يُجرّمها، لكن للأسف عدم الدراية بالقانون، أو قلة احترامه، إلى جانب أمور أخرى، تزيد من فداحة المشكلة وتدفع وقائع الفضح والتشهير وانتهاك الآدمية إلى الأمام، وهو ما يستدعى جهدا من الجهات الشرطية لاتخاذ إجراءات حاسمة، تحول دون حدوث هذه الوقائع أو ظهورها على مواقع التواصل الاجتماعى، لحماية الأمن الداخلى، مطالبًا فى ختام تصريحاته بضرورة إسراع القضاء فى إصدار الأحكام الرادعة.

فى السياق ذاته، يرى الخبير الأمنى خالد عكاشة، أن الظاهرة محل الحديث ظاهرة اجتماعية غير أخلاقية، تتسبب فى عمل شروخ اجتماعية وأحقاد طويلة بين العائلات، وتستدعى صورة بدائية لسكان هذه المناطق، تطال الجميع، حتى من اكتفوا بالمشاهدة.

ويضيف "عكاشة": "الظاهرة مخالفة أمنية مؤسفة لا تحتاج لتشريع جديد، ولكنها تحتاج لفضح من قبل الإعلام والرأى العام وكل القيادات الشعبية ونواب البرلمان، وعلى الجهات الأمنية أن تواجهها بحزم وجدية، وألا تكتفى بوصفها بـ"العادات والتقاليد"، لأنها ستنتج جرائم فى المستقبل، ويجب معاقبة كل المشاركين وعدم اللجوء للمصالحات العرفية، وتفعيل القانون الموجود، والحرص على تنفيذه بسريعة وفاعلية، وأن يقوم الأمن بدوره بالقبض على المشاركين وتحويلهم للنيابة، التى عليها أن تعى أنها تعالج سلوكيات اجتماعية لا مجرد جرائم".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل