المحتوى الرئيسى

عقار التعليم يجذب اهتمام أصحاب الأموال في الخليج

10/23 17:31

المطورون العقاريون الذين ملّوا من الأصول العقارية التقليدية يتحولون إلى قطاع التعليم المزدهر في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أثبتت العائدات على الاستثمار أنها من أفضل ما يكون.

التعليم - في قلب كل اقتصادٍ نامٍ - يثبت أنه نعمة للمطورين العقاريين الساعين إلى بدائل للعقارات التقليدية، في خضم زيادة كبيرة في الطلب على التعليم الخاص.

وقد ركز المستثمرون والمطورون العقاريون في منطقة الخليج بشكل تقليدي على 4 فئات من الأصول - السكنية والمكاتب والتجزئة والفنادق. ولكن بينما أصبحت هذه القطاعات مزدحمة، فالقطاعات الأخرى مثل التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية والخدمات اللوجستية وإسكان الطلاب، أصبح أكثر جذباً في السنوات الأخيرة.

فالأرقام منطقية. حيث هناك حاجة إلى أكثر من 680 مدرسة في مدن الشرق الأوسط دبي وأبوظبي وجدة والرياض بحلول 2020، ونسبة 40 بالمئة منها ستكون مدارس خاصة، وذلك وفقًا لشركة الاستشارات جيه إل إل JLL في تقريرها بعنوان «دخول المدارس» School’s In.

ويقول كريغ بلامب رئيس أبحاث جيه إل إل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا الصدد: «النقص في الأصول المنتجة للدخل الممتاز في القطاعات التقليدية والعوائد المتناقصة في بعض المواقع، قد دفعت إلى الاهتمام أكثر بفئات بديلة في الأصول العقارية.»

«وبوجود وسائل استثمارية جديدة تُيسّر الاستثمار في المدارس، فإن الاستثمارات البديلة تُنوّع محفظة المستثمر وتتمتع بإمكانية تحسين الملف الشامل للمخاطر والعوائد. وكلٌ من مستثمري قطاع التجزئة والمؤسسات يسعيان نحو تعرّض أكبر لاستثمارات بديلة غير مترابطة توفر دخلاً ثابتًا مع القليل من التقلبات.»

وبتنامي تعداد السكان في سن دخول المدارس في المنطقة، فإن على الأقل نسبة 40 بالمئة من تلك المدارس التي تُنشأ في دبي وأبوظبي وجدة والرياض ستكون مدارس خاصة جديدة وفقًا لشركة جيه إل إل.

وتقول الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء إن نسبة 75 بالمئة من الطلاب في الإمارات العربية المتحدة يذهبون إلى مدارس خاصة.

وفي حين أن نسبة التلاميذ في التعليم الخاص هي أقل قليلاً في المملكة العربية السعودية، إلا أنه القطاع الأسرع نموًا في السوق في السنوات الأخيرة، حيث تزايد من نسبة 5 بالمئة من تسجيلات الطلاب في 2011 إلى نسبة 11 بالمئة في 2014. وقد أدى الطلب المتنامي على المدارس الخاصة إلى عوائد مالية قوية.

ووفقًا لتقرير أعده مجلس أبوظبي للتعليم (ADEC) في 2015، فإن المدارس الخاصة في أبوظبي حققت أرباحًا بقيمة 800 مليون دولار على مدار السنوات الأربع السابقة، في حين أن الاستثمار المنتعش في القطاع قد شهد إنشاء 45 مدرسة خاصة جديدة في الإمارة بين 2010 و2015 بتكلفة 620 مليون دولار.

ويقول بلامب «يُنظر إلى التعليم على أنه فرصة عمل مربحة،» وأضاف «تعداد السكان في سن دخول المدارس يتزايد وهذا هو عامل الجذب الرئيسي لقطاع التعليم. ففي دبي، على سبيل المثال، نتوقع نمو تعداد المغتربين بمعدل متوسط بقيمة 4.7 بالمئة خلال السنوات الخمس التالية، وبينما ينتقل العمال المغتربون مع أسرهم، فهذا يخلق طلبًا على منشآت التعليم الخاص.»

وتقول شركة جيه إل إل أنه من المحتمل احتياج دبي لإجمالي 53 مدرسة جديدة بحلول 2020، بواقع كون 36 منها مدارس خاصة. وستدعو الحاجة لوجود إجمالي 44 مدرسة جديدة في أبوظبي خلال السنوات الخمس القادمة، تنقسم مناصفةً تقريبًا بين القطاعين العام والخاص.

ويقول أشوين أسومول، المدير العام في شركة بارثينون - إرنست آند يونغ، إن المنشآت التعليمية مهمة أيضًا للمستثمرين الذين يلتزمون بالتعامل مع المطورين العقاريين للعقارات السكنية التقليدية؛ ولأجل جذب «الأنواع الصحيحة من الناس» لأحد المشاريع، فهي بحاجة إلى امتلاك البنية التحتية المناسبة، والتي تشمل منشآت التجزئة والمستشفيات والمدارس ودور الحضانة.

 «وما حدث في المعتاد هو أنهم (المطورون العقاريون) أجّروا الأرض إلى أشخاص ليأتوا إليها ويديروا فيها مدرسة، حتى أنهم بنوا المدرسة وأجّروا المبنى. ويقول أسومول «ولكننا الآن نرى عددًا من الشركات العقارية في أنحاء العالم تفعل هذا، لأنهم يدركون أن إدارة مدرسة وتشغيلها، هو شيء قابل للتطبيق تجاريًا.»

وتصف سالي جيفري، شريكة الممارسات التعليمية في برايس ووترهاوس كوبرز PwC، أرقام النمو المتوقعة بأنها «متصاعدة» وتشدد على أهمية الفهم الكامل لهذا المجال قبل الاستثمار فيه.

«يتوجه المستثمرون بأنظارهم إلى التعليم بلا أدنى شك. وقد أجريت الكثير من الاجتماعات مع مستثمرين لم ينظروا إلى التعليم من قبل، ولكنهم مهتمين به الآن. وأنا أبذل كل ما في وسعي للإشارة إلى أن التعليم استثمار ممتاز، ولكن لا تنخرطوا فيه بدون فهم جيد لما هو لازم لتقديم مدرسة مربحة.

«إدارة مدرسة مربحة أمر جِدٌ صعب. فينبغي امتلاكك للموقع المناسب، كما أن نضج المنطقة السكنية هو شأن في غاية الأهمية، والمزيج الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة هام - وكذلك الجنسيات التي ستنتقل إلى تلك المساكن.»

ويُحذر أسومول بقوله إن المستثمرين يحتاجون كذلك للتفكير في حقيقة أن مجال التعليم منظم بقوانين صارمة.

«يلزمك أن تفهم القوانين وأن تمتلك الأرض المناسبة والموقع الجيد، وهذا ما يمثل عائقًا في المعتاد. فلديك رأس مال عامل سلبي ـ بمعنى أنك تحصل على رسومك المستحقة في بداية الفصل الدراسي بصفتك مُشغّل المدرسة وينتهي بك المطاف بأن تدفع لمدرسيك شهريًا.

«وهناك عدد من الدوافع التي تحث أصحاب العقارات على فعل هذا بأنفسهم في الواقع بسبب وجود بعض العوائد المالية الممتازة بحق ـ بدلاً من أن يعهدوا إلى مزود خدمات تعليمية أو يستخدموه ليأتي ليدير مدرسة.»

وإقراراً من الشركات بالأهمية المتنامية لبناء المدارس، فقد بدأت الشركات بالتخصص في بنائها. ففي ماليزيا، على سبيل المثال، بدأت مجموعات مثل باراماونت وتايلور في مجال العقارات، ولم ينتقلوا فحسب إلى مجال المدارس ولكنهم يستثمرون أيضًا في الكليات الحكومية وكليات التعليم العالي.

وقد أردف بقوله «وفي دبي نفسها، هناك شركة تُدعى فورتيس للتعليم وبدأت هذه المجموعة كشركة عقارات ولكنها في الواقع تركز أكثر على تطوير المدارس أكثر من التركيز على التعليم.»  

«وقد أنشأت مجموعة شوبا، إحدى أكبر المطورين العقاريين في دبي، مدرستها الخاصة المسماة (هارتلاند) كما جلبت إلى دبي مدرسة تُدعى North London Collegiate  وهي مدرسة من أفضل المدارس البريطانية تمنح درجة IB أي البكالوريا الدولية.»

وتقول شركة جيه إل إل، أن الطلب على التعليم الخاص مدفوع بكلٍ من النمو في عدد المغتربين ورغبة المزيد من الأسر المحلية في الحصول على تعليم أفضل جودة لأطفالهم.

ويقول بلامب «أشعل قطاع التعليم شرارة اهتمام الكثير من المستثمرين العقاريين في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.»

«وقد كانت شركات الأسهم الخاصة بالأخص نشطةً في السنوات الأخيرة، وستستمر في أداء دور محوري في توسّع قطاع التعليم الخاص هنا.»

وتُعزي جيفري الطلب المتزايد على المدارس الخاصة إلى الآباء الذين يقيّمون جودة التعليم.

وتضيف «ويرجع هذا جزئيًا إلى أن المدارس الخاصة تستخدم مناهج غاية في النضج والحداثة ـ مثل مناهج المملكة المتحدة والبكالوريا الدولية والمناهج الأمريكية ـ وكلها مناهج متطورة جدًا.»

«لا تزال أنظمة التعليم العام تستخدم المناهج المحلية، والتي أمامها الكثير من الإصلاحات التي ستمر بها. وهي ليست على نفس مستوى التطور. فمحتوى المناهج وعلم أصول التدريس مختلفان للغاية. وهم يوجهون الكثير من الجهد نحو تحديث مناهجهم إلا أنه يصعب جدًا فعل هذا على وجه السرعة؛ فهذا أمر يستغرق سنوات.»

إلا أن جيفري تقول إن الطلب «يتباطأ قليلاً»، وبخاصةٍ في «الأسواق الأكثر نضجًا» مثل الإمارات العربية المتحدة.

«ويوجد المزيد من المدارس رهن الإنشاء، وتتزايد معدلات الالتحاق بالمدارس، ولكن هذه المعدلات تتباطأ قليلاً في الوقت الحالي. وبإمكانك فعلاً رؤية السعة الفائضة في بعضٍ من هذه المدارس، وخاصةً في مستوى الصفوف الأعلى. وتقول في هذا الصدد «هذا من الأعراض الموجودة في السوق الناضج.»

«ولعلكم لاحظتم أن الكثير من المدارس هذا العام تُروج لنفسها إعلانياً  بين الطلاب والكثير من هذه المدارس تفعل هذا للمرة الأولى. وهذا يشير إلى الحاجة الأساسية في هذه المدارس لتصبح أكثر شبهًا بالأعمال التجارية وأكثر احترافية في طريقة إدارتها لنفسها إذا كانت ترغب في المحافظة على مستوى الربحية.»

وفي حين لا تختلف دول مجلس التعاون الخليجي عن أي مكانٍ آخر في العالم حين يتعلق الأمر بالطلب المتزايد على التعليم الخاص، فإن العوامل الاقتصادية تصب حاليًا في صالح الباحثين عن الاستثمار والراغبين في استغلال الموقف، بينما توجه الحكومات أنظارها نحو المطورين العقاريين في القطاع الخاص لتوفير المنشآت التعليمية.

ويقول أسومول «كما هو الحال في الكثير من القطاعات التي خُصخصت في كافة أنحاء العالم، فإن التعليم يسلك نفس المسار.»

«فألقِ نظرة على ما يجري في دبي، حيث نسبة 90 بالمئة من الأطفال يذهبون إلى مدارس خاصة. وهناك توجه نحو القطاع الخاص، لأن الحكومات تُدرك أن القطاع الخاص يستطيع تقديم حلول عالية الجودة. وهذا معناه وجود استثمارات أقل أمام الحكومات بحيث تتمكن من التركيز على أولوياتها مثل الصحة أو الدفاع أو غيرهما من الأشياء.»

ويقول أسومول إن السلطات المسؤولة عن التعليم في دبي وسنغافورة كانت جيدة بحق في خلق الأُطر والبيئات التنظيمية المناسبة لضمان دخول مدارس عالية الجودة إلى السوق، وفي الوقت ذاته توفير عمق لائق في مجموعة المدارس الداخلة للسوق.

وعادةً ما تتصدر تكلفة التعليم، بالأخص في مدن دول مجلس التعاون الخليجي مثل دبي وأبوظبي والدوحة، العناوين مع شكوى أولياء الأمور من زيادة الرسوم المرتفعة من الأساس.

ويقول أسومول إنه عند المقارنة بمدن مشهورة بها عمالة وافدة مثل سنغافورة، ولندن، وهونغ كونغ، فهناك نطاق من النقاط السعرية المتاحة أمام الآباء في مكانٍ مثل دبي تقترب نسبيًا من أسعار التعليم الخاص الذي «لا يضاهي» في البلدان الأخرى.

«يمكنك الحصول على مدرسة تعمل بالمنهج الهندي تُكلّف 1000 دولار أمريكي في العام، وتحصل على مدارس جديدة للبكالوريا الدولية من أحدث ما يكون بتكلفة 30000 دولار أمريكي. وأضاف «ويمكنك الحصول على مدارس تعمل بالمنهج البريطاني تقدم خدماتها برسوم 5000 أو 7000 دولار أمريكي في العام.»

«ودور الحكومة هو العمل كميسر لضمان حصولك على جودة ممتازة وتنوع جيد من المشغلين ولضمان أن الآباء وأصحاب المصالح الآخرين يحظون بالحماية.

«أحد الأشياء التي حرصت هيئة المعرفة والتنمية البشرية على عمله هو تنظيم الأسعار، لمعرفتها أن الطلب كان يتزايد أسرع بكثير من العرض في دبي وهم يرغبون في ضمان ألا يشعر الآباء بأنهم يواجهون رسومًا مرتفعة للغاية تتزايد كل سنة، مما يجعل من دبي مكانًا أقل جاذبية للذهاب إليه.»

وفي المملكة العربية السعودية، من المتوقع أن تحتاج مدينتا الرياض وجدة 589 مدرسة إضافية مقسّمة بينهما بحلول 2020، وتتوقع شركة جيه إل إل أن نسبة 37 بالمئة منها (221 مدرسة) ستكون مدارس خاصة. وذلك يتناقض مع أرقام الالتحاق الحالية في مستوى المدارس الابتدائية. ولكن بوضع خطة التحول الكبرى، فإن أسومول يقول أنه يتنبأ بأن تزيد مواكبة المملكة لبقية دول مجلس التعاون الخليجي.

«في المعتاد، كان التعليم خاضعًا لسيطرة القطاع العام. وأعتقد أن السعودية ستسلك في النهاية طريق الأسواق الأخرى في المنطقة حيث سيكون هناك ضغط أكبر على القطاع العام، لأن هناك رؤية تقول بقدرته على تقديم جودة أفضل. ويقول «متى سيحدث هذا؟ لا أعلم.»

«قرابة 10 بالمئة من الأطفال الملتحقين بالمدارس في السعودية يذهبون لمدارس خاصة. وبمرور الزمن سيتغير هذا الوضع.»

وتقول جيفري إن القدرة على تلبية هذا الطلب ستكون أمرًا صعبًا، بسبب التحديات الكثيرة في المملكة، بما فيها الحصول على أرضٍ شاغرة والتعامل مع القوانين المتغيرة.

وتضيف جيفري «والتحدي الأكبر على الإطلاق الذي تواجهه السعودية هو دمج مدرسين يتمتعون بجودة عالية في النظام السعودي؛ وهذا أمر شديد الصعوبة.»

«فمرة بعد مرة أجرينا دراسات جدوى في المملكة العربية السعودية وما لم تكن قطعة الأرض كبيرة بما يكفي ـ تحتاج الأرض أن تكون ضعف حجم المدارس في البلدان الأخرى بسبب وجود قوانين الفصل بين الجنسين ـ ورخيصة بما يكفي، وتوفر إمكانية إيجاد المدرسين، فإن تشغيل مدرسة مربحة ذات جودة عالية هو أمر صعب.»

والخلاصة بالنسبة لأي مدرسة خاصة هي العائد على الاستثمار، والمُقدّر في أي مكان بين 30 مليون و150 مليون دولار أمريكي. والتقييم المتفق عليه هو أنها تستغرق وقتًا أطول مما يرغب به المستثمرون.

وتقول جيفري «أغلب المؤسسات تتطلع لتحقيق الربح في أقل من ثلاث سنوات وبالنسبة للمدارس الجديدة في الأسواق الناضجة ـ مثل الإمارات العربية المتحدة ـ فالمسألة تستغرق أكثر من 3 سنوات، إلا إذا كانت هذه المؤسسات محظوظة للغاية لتستغل ازدهار منطقة مستقرة أو منطقة سكنية، وأن تمتلك علامة تجارية جيدة ومدرسين جيدين.»

وفي ما يتعلق بالعائد، فإن جيفري تقول إن حكومة الإمارات العربية المتحدة تعتبر معدل العائد العادل هو ما بين 10 و15 بالمئة، وتقول جيفري إن هذا يساعد على تركيز المستثمرين على إدارة المدرسة كعمل تجاري.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل