المحتوى الرئيسى

قصص نجاح: شبان وفتيات غيّروا حياتهم بالتعليم الإلكتروني

10/22 23:35

منذ سنوات ليست بعيدة، كانت مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» و«تويتر» تمثل أيقونة الثورة التكنولوجية في العالم العربي، وجذبت عدداً ضخماً من المتابعين من جميع الفئات العمرية عبر العالم كله، وبالتزامن مع ذلك ظهرت الدورات التدريبية عبر الإنترنت.

في البداية لم تكن تلك الدورات التدريبية الإلكترونية قد انتشرت على نطاق واسع في العالم العربي، لكن بعد ذلك بدأت تأخذ بالتدرّج حيزاً من الاهتمام لما تضمنته من مواد تعليمية مكثفة ومجانية، وقدرات تنظيمية أيضاً.

«لها» ترصد حكايات وتجارب لبعض الشباب  الذين استطاعوا تغيير حياتهم من خلال التعليم الإلكتروني، وصنع المستقبل من دون الحاجة إلى تكبّد آلاف الجنيهات.

محمد موسى شاب في التاسعة والعشرين من عمره، تعلّم المونتاج عبر الإنترنت حتى أصبح ناجحاً وشارك في مونتاج عدد من المسلسلات المصرية الأخيرة مثل «القيصر» و«شهادة ميلاد».

في البداية كان محمد يدرس في كلية الهندسة، ولكنّه اكتشف أنّها لن تلامس المجال الذي يشعر بالشغف نحوه، فتركها ودرس في كلية التجارة ولم يشعر بنفسه أيضاً، وفي ما بعد انضم إلى «المبادرة العربية للتعليم الإلكتروني»، وهي معنية بإقامة نشاطات وتدريبات إعلامية عبر الإنترنت، وبعد مرور فترة على إطلاق المبادرة، فكر في تأسيس راديو، وبدأ أولى خطواته بالبحث على الإنترنت.

يقول محمد: «بعدما يئست من إيجاد نفسي في الكليات التي التحقت بها، لجأت إلى التدريبات الإلكترونية عبر الإنترنت وتعلّمت «الغرافيك ديزاين»، و«الويب سايت ديزاين»، والتصوير والمونتاج، وبعدما اكتسبت كل تلك المهارات عملت بها».

يحكي موسى عن تجربته مع المونتاج التلفزيوني فيقول: «مع بداية الموسم الرمضاني الماضي، انضممت إلى فريق عمل مسلسل «القيصر»، وكان الناس يتعجبون لتمكّني من ذلك وأنا لم أدرس في المعهد العالي للسينما، وكانت الإجابة أنني درّبت نفسي كثيراً حتى استطعت ذلك».

الشاب العشريني يرى أن «الكورسات» الواقعية لم تقدّم له جديداً ولم يخرج بفائدة منها، عكس الإلكترونية التي تمثل بحراً واسعاً من المعلومات. إضافة إلى ذلك، فقد اكتسب مهاراته بمجانية كاملة أو بمقابل مادي بسيط أحياناً، إذ حصل في إحدى المرات على «كورس أون لاين» بمبلغ 10 دولارات فقط.

في المقابل، يرى موسى أن من الصعب أن يقضي التعليم الإلكتروني على التعليم الواقعي، لأن المحتوى العربي ليس متاحاً بقدر محتوى اللغات الأخرى عبر الإنترنت. إضافة إلى ذلك، قد لا تناسب طريقته كل الأفراد، إذ لن يستطيع الجميع مواجهة فكرة التشتت عبر الصفحات الأخرى أثناء التعلّم، أو يجد ارتياحاً في التفاعل مع معلمه من دون رؤيته، كما يفضل كثيرون أن يحصلوا على شهادات معتمدة وورقية، لكن كل ذلك لا يمنع أن جمهور التعليم «أونلاين» في تزايد مستمر.

سامح عرفة شاب يبلغ من العمر 22 عاماً، اكتشف كنز التعليم الإلكتروني حين كان يدرس في مرحلة الثانوية العامّة. يحكي أنّه حين كان طفلاً صغيراً كان يحب الرسم على جدران المنزل وملابسه وأغطية الأسرّة، حتى اضطر أهله إلى السماح له بتخصيص حائط في المنزل يرسم عليه.

بعد سنوات عدّة، دخل سامح المرحلة الثانوية واكتشف أهمية الإنترنت، فأخذ يبحث عن الكتب والفيديوات المجانية لتَعلُّم مبادئ الرسم الاحترافي وألوانه المختلفة، واستطاع من خلال ذلك تعليم نفسه بنفسه من دون أن يضطر إلى إنفاق أموال كثيرة على الدورات التدريبية التي تُعقد في الخارج.

بفضل تدريبات الإنترنت، احترف الطالب الذي ما زال يدرس في الفرقة الثالثة للفنون الجميلة، الرسم، وأصبح مدرّساً محترفاً يتكسّب دخلاً جيداً من المال مقابل الدروس التي يقدّمها... ويقول: «أصبحت مدرّساً وأنا في الـ18 من عمري... قدّمت الى الآن 29 ورشة تدريبية لحوالى 280 طالباً وطالبة».

فوائد التعليم الإلكتروني المجّاني لم تقتصر عند سامح على توفير أموال باهظة كان سيضطر إلى إنفاقها على الدروس الواقعية، بل إنها، على نحو ما يقول، ساعدته في الاستقلال المادّي والإنفاق على نفسه ومعرفة نقاط قوته، وبالتالي أرشدته إلى نوع الرسم الذي أراد أن يتخصص فيه، وهو رسم وجوه الناس.

يضيف سامح: «بعد ذلك، حين التحقت بكلية الفنون الجميلة، اكتشفت أنني لن أتعلم فيها ما أريد، فلم أستسلم وبدأت اكتساب المزيد عبر «كورسات» الإنترنت، حتى تمكنت من تأسيس ورشات تدريبية عدة في رسم الكاريكاتير والبورتريه، وكل ذلك تعلّمته مجاناً».

ويدعو سامح كل الشباب إلى عدم تجاهل كنز التعلّم عبر الإنترنت، ويقول: «امنحوا أنفسكم عشرين ساعة شهرياً لتعلّم لغة جديدة أو رقصة معينة وتمتعوا باكتساب كل تلك المهارات».

ورغم تجربته المميزة مع التعليم الإلكتروني، لا يتفق سامح مع نظرية سيطرة التعليم الإلكتروني في المستقبل على التعليم العادي، إذ يرى أن الناس مختلفون في طريقة تعلّمها، وسيظل هناك جزء منهم يفضل التعليم العادي ومقابلة المعلمين وجهاً لوجه، وهؤلاء لا يشعرون بالارتياح مع التعلم الإلكتروني.

داليا العقاد صحافية في نهاية العشرينات من عمرها، بدأت رحلتها في التعليم عبر الإنترنت منذ سنوات، وتقول: «كانت تجربتي الأولى مع المعهد الثقافي البريطاني منذ ثلاث سنوات، إذ وجدت إعلاناً له عن منحة للصحافيين المهتمين بتطوير لغتهم الإنكليزية، وبعد أن تقدّم عدد كبير عبر الإنترنت، صنعوا لنا اختباراً لاختيار الذين سيحصلون على المنحة، تماماً كما يحدث في المنح التي تُقدّم على أرض الواقع، وبالفعل عدد قليل منا تجاوز الامتحان وحصل على تقدير أعلى من المتوسط وحصلت على المنحة».

تحكي داليا عن تجربتها الأولى فتقول: «عملية التعليم كانت منظمة للغاية، كنا ندرس وفقاً لعدد معيّن من الساعات ونقوم بمهمات محدّدة معلن عنها سلفاً، وقد حظينا بتفاعل المعلمين وخرجنا باستفادة عظيمة».

وعن الشهادات التي يحصل عليها المتعلمون إلكترونياً، تقول داليا إن عدداً كبيراً من الجامعات والجهات التي تقدم تلك التدريبات، تمنح المتدربين شهادات معتمدة وموثّقة ولها قيمتها العملية في السيرة الذاتية، تماماً مثل الشهادات التي يحوزها الحاصلون على تدريبات واقعية.

داليا ترى أن أهم شرط يجب توافره في الأشخاص الذين يرغبون في تحقيق إنجازات في مجال التعليم الإلكتروني، هو الإرادة الحقيقية في استكمال التدريبات، لأن لا مواعيد ملزمة، وإنما الأمر برمّته متوقف على قرارات الشخص الذي يتعلّم ومدى التزامه.

عبدالرحمن إياد شاب في العشرين من عمره، أول احتكاك له بمجتمع الإنترنت المعرفي كان الحصول على إحدى الدورات التدريبية بعنوان «تعلم كيف تتعلم»، ومن خلالها اكتسب مهارات البحث والتعلم عبر الإنترنت.

عندما انتهى من هذا التدريب، أخذ عبدالرحمن يركز على تعلم مهارات اللغة الإنكليزية، وبالفعل بدأ في البحث واستطاع الحصول على مناهج تعليمية كاملة متاحة ومجانية... يقول: «اكتشفت أنه يمكنني الحصول على كل ما أريد بدون دفع أموال كثيرة، ووجدت طرقاً لتحديد المستوى الذي وصلت إليه، ومن ثم تحديد نوع الكورسات التي تناسبني».

يرى عبدالرحمن أن الدورات التدريبية الإلكترونية تتيح له أيضاً التعامل مع الكثير من المدربين الأجانب خارج مصر ومن جنسيات مختلفة، كما أنه يحظى باستفادة عظيمة لم يكن ليحصل عليها في حال متابعته الدورات المحدودة داخل مصر، إضافة إلى ذلك فقد تمتّع بطرق تدريس مختلفة وغير تقليدية.

سمر عبدالهادي في السابعة والعشرين من عمرها، بدأت منذ عامين في مشاهدة صور المجسمات اليدوية والأكسسوارات، ومن ثم شعرت بالرغبة في صنع تصاميمها الخاصة والمميزة. بدأت سمر البحث عبر الإنترنت عن طريقة صنع تلك المجسمات وداومت على القراءة والتدريب اليومي حتى تعلمت المبادئ وأتقنتها.

Comments

عاجل