المحتوى الرئيسى

رجل بلاد الثلج

10/22 21:37

ظهر محشورا فى أداء شخصية أكثر من مركبة، فليس من اليسير أبدا تجسيد دور بوتين على خشبة المسرح كما أراد الممثل والمؤلف هيج لو فورستيه، من خلال مسرحية لشخصين يعاد عرضها للمرة الثانية فى باريس حاليا، وهى بعنوان «مشروع بوتين» أو «كل ما تريد أن تعرفه عن بوتين». العمل الذى يستمر تقديمه على خشبة مسرح «لابريار» بالعاصمة الفرنسية، حتى الخامس والعشرين من شهر نوفمبر المقبل، ينتمى لنوع المسرح التسجيلى أو مسرح الواقع، الذى يعتمد على سرد وتجميع المعلومات حول شخص أو موضوع بعينه، مثلما فى التقارير الصحفية، ويترك مجالا للتفاعل مع الأحداث الجارية، بالإضافة أو الحذف، بهدف تحريك المياه الراكدة وإثارة نقاش بين المتلقين، قد يمتد إلى المجتمع بشكل أوسع. وهو بالطبع مسعى جاد وطموح، لكنه ربما لم يأتِ على مستوى تعقيد وتشابك الشخصية المركبة التى أراد سرد رحلة صعودها حتى الوصول من موظف عادى فى الاستخبارات السوفيتية إلى منصب رئيس الجمهورية الذى لا تعرف أحلامه القيود.

يذكر الكاتب كيف حدث ذلك بالفعل، داعما روايته بصور تظهر على شاشة فى خلفية المسرح تبين قمع المعارضين ومشاهد الحرب فى الشيشان والتحالف مع رجال الأوليجارشية أو المجموعة الصغيرة النافذة، التى تملك فى المال والسياسة فتصنع الحكم. ويتعرف الجمهور على تفاصيل رحلة الصعود من خلال الحوار الدائر بين بوتين وإحدى معارضاته، كما لو كنا فى مباراة للبينج بونج بين خصمين يعرفان بعضهما منذ زمن بعيد، فقد ابتدع المؤلف هذه الشخصية الوهمية، بعد أن نسج ملامحها من وحى الأحداث فى روسيا الآن، وتخيل أن ثمة علاقة عاطفية كانت تربطها فى السابق برجل الكى جى بى.

ذكى، بارد، مناور، يحب الغواية، يحمل رؤية خاصة قد نختلف معها أو نتفق، يريد أن يدخل التاريخ بوصفه أسطورة روسية لا يمحوها الزمن على غرار ستالين، هكذا رسم الممثل والمؤلف هيج لو فورستيه، لوحة لبوتين، بمساعدة المخرج جاك ديكومب والممثلة ناتالى مان، التى ساهمت أيضا فى الكتابة. رغبة فريق العمل فى ألا يظهر بوتين بصورة كاريكاتورية، خاصة فى توقيت لا تتفق فيه السياسات الفرنسية والروسية، كما ظهر من خلال تباين المواقف بالنسبة للشأن السورى، لم تعوض ضحالة الصورة أو الأداء الذى جاء باهتا، لكن المهم فى مثل هذا العرض هو النقاش الذى سيتبعه حول الديمقراطيات الغربية ورياء الأنظمة وما يسمى بالمجتمع الدولى وتبرير العنف، عندما يتفق مع المصلحة.

فى المسرحية يخاطب رجل الكرملين القوى معارضته قائلا: «أتعرفين ما هو أصل كلمة روسيا؟ هى تعنى بلد الدفة، ويجب أن يمسك شخص ما بدفة البلاد، وأن يفعل ذلك بحزم وثبات». وفى موضع آخر يقول لها أيضا: «أريد أن تكون روسيا هى محور التاريخ، هذا هو الإرث الذى سأتركه من بعدى».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل