المحتوى الرئيسى

نموذج جابر نصار

10/22 21:37

هناك أكثر من طريق لمواجهة التطرف والإرهاب.. الأول أن تكتفى فقط بالإجراءات الأمنية المباشرة من مطاردة واعتقال ومحاكمة وسجن أو حتى قتل فى حالة الاشتباكات، والثانى أن تبدأ فى محاولة حقيقية لتغيير البيئة التى تفرز التطرف وتغذيه، أو على الأقل تحاصر ماكينة التطرف لتوقفها أو تهدئ من دورانها السريع.

الطريق الأول معروف وجربناه ونجربه منذ فترات طويلة منذ ابتلينا بفيروس التطرف والإرهاب وخلط الدين بالسياسة، وعلى الرغم من أهميته فإنه لا يمكن له بمفرده أن يحل المشكلة.

الطريق الثانى يطبقه قلة فى مصر، أبرزهم الآن الدكتور جابر جاد نصار ــ رئيس جامعة القاهرة ــ ولذلك فإن عددا كبيرا من رموز التطرف يحاربونه علنا على هذا الجهد، أو بصورة مستترة للتغطية على تأييدهم للمتطرفين.

قد يبدو الإجراء الذى طبقه د. جابر نصار منذ أسبوعين حينما ألغى خانة الديانة من الأوراق والشهادات الرسمية بسيطا، لكن المؤكد أن رمزية الإجراء فى غاية الأهمية، وفتحت الباب لتطبيقه فى هيئات ومؤسسات ونقابات متعددة.

الدور الذى يلعبه نصار فى هذا الصدد فى غاية الأهمية، وهو ليس وليد اليوم. فقبل نحو عام وفى ١٦ نوفمبر من العام الماضى، افتتح الرجل مسجد جامعة القاهرة الكبير فى قلب الحرم الجامعى قرب كلية دار العلوم وخلف كلية التجارة. يومها صليت الجمعة معه وبحضور نخبة كبيرة من المسئولين والطلاب. وقال لى إن الهدف الأساسى هو إتاحة الفرصة لأى شخص أن يصلى ويعبد الله كما يشاء، بعيدا عن الزوايا والمساجد الصغيرة التى كانت منتشرة داخل الجامعة وكذلك المدينة الجامعية. وكان بعضها يتم استغلاله لنشر أفكار مضللة ومحرفة ومنحرفة، خصوصا لبعض الجماعات المتطرفة.

الرجل يعتقد أن التطرف هو العدو الأكبر لعقول وقلوب ووجدان المصريين. وسمعته يقول ــ خلال حفل أقامته جمعية قلوب مصر لتكريمه هو وبعض الفنانين والإعلاميين والأطباء ــ إن نهضة مصر تتوقف على تطوير وتقدم الثقافة والفنون والتعليم، وهذا المثلث هو ما برع فيه المصريون طوال تاريخهم، ولم يكن صدفة أن المتطرفين يحاولون تشويه كل ما يتعلق بالفن الجميل أو الثقافة المستنيرة أو التعليم التقدمى.

جابر نصار ــ وهو محام قدير وابن محافظة دمياط ــ تميز فى الأشهر الأخيرة بالحرص على إقامة معارض للكتب وحفلات للموسيقى والغناء ومسرحيات متنوعة، يحضر إليها كبار نجوم الفن والأدب وربما لهذا السبب صار هدفا لبعض المتطرفين.

وأتمنى أن يستطيع هو وغيره من رؤساء الجامعات أن يجدوا حلا للمعادلة أو المعضلة الصعبة التى تجعل الطلاب منهمكين فى قضايا الوطن المختلفة ومنها السياسية، وفى نفس الوقت لا تتحول الجامعات إلى ساحة للصراعات الحزبية الضيقة.

كان يمكن لجابر نصار أن يكتفى بدوره كرئيس للجامعة بالصورة التقليدية الشائعة فى مصر، لكنه يؤمن حقيقة بدور الجامعة كمنبر لمساعدة الوطن بأكمله على مواجهة التطرف.

عمله محاميا أكسبه خبرة حقيقية فى فهم الواقع المصرى. هو ليس متماهيا بالكامل مع الحكومة كما يفعل كثيرون، بل دخل فى معارك كثيرة بعضها معلن وبعضها مكتوم مع مسئولين كثيرين فى الحكومة، على قضايا مختلفة والسبب أنه يؤمن بشعار استقلال الجامعات. بطبيعة الحال الأمر ليس مثاليا، وضغط الحكومة وبعض الأجهزة على الجامعات واضح للعيان، لكن على الأقل هناك من يحاول و«يخربش» بيديه وأظافره كى يكون السقف مرتفعا، وهناك من يمشى بجوار الحائط وأحيانا داخله!!.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل