المحتوى الرئيسى

أحمد رجب يكتب: الأمريكان بين بشار وصدام | ساسة بوست

10/22 17:46

منذ 1 دقيقة، 22 أكتوبر,2016

فى الوقت الذى ترفع فيه أمريكا شعار محاربة الإرهاب فى كل بقعة من بقاع الأرض، تصبح هى أكبر راعٍ للإرهاب فى العالم؛ فالإرهاب لا يقتصر معناه على استخدام السلاح ضدَّ الظلم والطغيان، وإلا لكان «نيلسون مانديلا» و«تشى جيفاراز إرهابيين مخضرمين، ولكنّ الإرهاب يتضمن إرهاب المواطنين، وجعلهم يشعرون بالذعر والخوف، هذا هو المعنى الحقيقى للإرهاب، فكل مَن يجعلك تشعر بالخوف والذعر هو إرهابىٌ، وليس من يدافع عن حقه ووطنه المغتصب، والمحتل بالقوة يمكن أن نُطلق عليه نفس المُسمى.

وعلى مدى عقدين من الزمن تقريبا، توالت على أمريكا إدارتان مختلفتان، هما إدارة «جورج بوش»، وإدارة «باراك أوباما»، ولكن هاتين الإدارتين اتفقتا على استراتيجية، ومنهاج واحد، وهو معاداة الشرق الأوسط، والسعى إلى تمزيق دُوله عامة، ودول العرب على وجه الخصوص، ورأيى هنا ليس مبنيًّا على الشعور بنظرية المؤامرة، وبأننا مستهدفون أو ما شابه، ولكنه مبنىٌ على حقائق وأدلّة سأستعرضها فى هذا المقال.

خلال الثُلث الأخير من القرن الماضى كان حاكم العراق هو «صدام حسين» الذى كان يقود بلاده إلى ازدهار وتقدم ملموسين وباديين للعيان، فكان الجيش العراقى من أقوى خمسة جيوش على مستوى العالم، وكان جواز السفر العراقى من أقوى الجوازات عالميًّا، وكان الاقتصاد مزدهرًا بشكل لافت، بالرغم من كل الحروب التى خاضتها البلاد آنذاك، وكانت نسبة البطالة ضئيلة جدًّا وتكاد تكون منعدمة، وكذلك نسبة الفقر. وكان العلم فى العراق متقدمًا جدًا، وقد تجلى ذلك من خلال تطوير الكثير من الأسلحة العراقية، والسعى إلى تصنيع سلاح نووى، وكان حب صدام للعلم وتقديسه له قد ظهر مسبقًا منذ أن كان نائب الرئيس «أحمد حسن البكر»، حينما استقدم العالم «يحيى المشد»؛ ليؤسس معه برنامج سلاح نووى بالتعاون مع فرنسا.

كان صدام حسين ديكتاتورًا ومستبدًا، وكان يمارس الفاشية على شعبه ومعارضيه وكل من ينتقده، كما كان عنصريًّا وكان يضطهد الشيعة والأكراد، نعم، أقولها بملء فمى، كان كذلك، ولكن ما الذى ميزه عن باقى الديكتاتوريين؟ وما الذى جعل «جورج بوش» يختاره هو دون باقى المستبدين كى يطيح به؟ ماذا كان الفرق بينه وبين «حافظ الأسد» و«جمال عبد الناصر» اللذين لم يختلفا عنه كثيرًا فى الاستبداد والديكتاتورية؟ ولماذا قاتل الأمريكان صدام عندما احتل الكويت، ولم يلتفتوا لإسرائيل عندما احتلت مناطق فى لبنان وسوريا ومصر؟ ماذا كان الفرق بين صدام و«بينوشيه» الذى قام بانقلاب فى تشيلى، وكان يتفنّن فى تعذيب معارضيه؟ الفرق هو أن بينوشيه كان يخضع لتوجيهات أمريكا وإملاءاتهم، وكان يسعى للحفاظ على مصالح أمريكا، ولكن صدام لم يكن كذلك، بل كان يسعى لإقامة دولة قوية ترفض الخضوع والركوع.

كانت هذه هى سياسة جورج بوش، سياسة الإطاحة بكل من يسعى للوقوف أمام أمريكا والعمل على نهضة العراق، بحجة تخليص العالم أجمع بشكل عام من أسلحة الدمار الشامل، التى لم يُـعثر عليها حتى الآن، وتخليص العراق بشكل خاص من حاكم ظالم ومستبدّ، ولم تكتفِ أمريكا بتدمير العراق، بل وسلمته لعدوتها اللدودة إيران، وذلك بتولية «نوري المالكى» رئاسة وزراء العراق.

ثم أتت بعد ذلك إدارة باراك أوباما لتستكمل نفس الاستراتيجية ونفس المنهاج، ولكن بسياسة مختلفة، سياسة جلب كل من يسعى للتخلف والدمار لسوريا، فبالرغم من التقارير التى قدمها مبعوث الأمم المتحدة ستافان دى مستورا، التى توثق استعمال نظام بشار الأسد لأسلحة محظورة دوليًا ضد شعبه، وكذلك غيرها من التقارير التى أعدَّتها كثيرٌ من المنظمات الحقوقية كمنظمة العفو الدولية، فإن إدارة أوباما ترفض إدانة بشار الأسد، وترفض تنحّيه عن الحكم، وعندما أعد نواب الكونجرس مشروع لمعاقبة نظام الأسد وحلفائه استنادًا إلى آلاف الصور المهربة عن طريق ضباط بجيش الأسد التى توثق الانتهاكات التى يقترفها النظام السورى ضد معارضيه، تدخلت الإدارة الأمريكية لتعطل مشروع إتمام القانون، كما لم يحرك أوباما ساكنًا تجاه جرائم جيش الأسد، واكتفى فى كل حوار له بالدعوة إلى الهدنة وتَرك المساعدات الإنسانية تصل إلى المحاصرين، دون التطرق إلى جذور المشكلة.

موقف أوباما من بشار الأسد لا يختلف كثيرًا عن موقف بوش من صدام حسين، فالموقفان كلاهما أدى إلى تدمير كل من العراق وسوريا، ولا أدرى ما سبب كل هذا العداء؟ لماذا كل هذه العنصرية تجاه العرب؟ هل كل هذا فعلًا لمحاربة الإرهاب؟

إذن؛ فحُجة أمريكا لتبرير كل أفعالها واهيه و باطلة بالأساس، ولا معنى لها، فكل القتلى الذين سقطوا فى باكستان وأفغانستان والعراق، وحتى سوريا لا علاقة لهم بالإرهاب، وكذلك حُجة أمريكا لتبرير تدمريها للعراق باطلة، فصدام كان يوجد من هو أكثر منه ديكتاتورية، ولم تتعرض له أمريكا، بل دعمتهم وأيدتهم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل