المحتوى الرئيسى

بلغاريا - مأساة اللاجئين مع الغجر

10/22 16:32

لا يصدق بائع الفواكه في بلدة سوق هارمانلي على بعد 30 كيلومتر من الحدود التركية ما سمعه عن وجود أوروبيين لحماية الحدود البلغارية. كما إنه لم يسمع عن الوكالة الاوروبية  لحماية الحدود والشواطيء والتي بدأت عملها على الحدود البلغارية التركية منذ 6 تشرين الثاني/ أكتوبر الحالي.

في بلدة هارمانلي يوجد أيضا مخيم  للاجئين. ويعبر بائع الفواكه إيفان عن أسفه لما يتعرض له اللاجئون من خداع، حيث  إنهم  يخاطرون بحياتهم ويدفعون مبالغ كبيرة للمهربين ليجدوا أنفسهم نهاية الأمر في مخيمات لاجئين رهيبة في بلغاريا فيعاملون بفضاعة من قبل الشرطة.

السكان المحليون في البلدة أيضا لا يعلمون شئيا عن وجود 130 موظفا أوروبيا على الحدود البلغارية التركية، فهم يركزون اهتمامهم على موضوع وجود اللاجئين في البلدة متسائلين عن سبب ازدياد عدد أفراد الشرطة و رجال الدرك بالبلدة، بل إن بعضهم يعتبر أن هؤلاء جاءوا  لحمايتهم من اللاجئين. لكن آخرون يعتبرون أن "هؤلاء جاءوا بهدف إثارتنا وإغضابنا” (في اشارة الى الشرطة) ، كما يصرح ميتكو  أحد المواطنين هناك، ثم إنه يتساءل "لماذا يفتشوني وأنا أسكن هنا منذ أن ولدت؟"

 المواطن ميتكو يرى أن الشرطة تتعامل مع الغجر من منطلق تعميم الشبهات على العديد من الرجال ذي البشرة السمراء في المقاهي والمحلات التجارية  أو في الحدائق وأحياء الغجر. والعديد من الحاضرين يؤكدون ما يصرح به المواطن ميتكو.

إحدى السيدات التي كانت تنشر غسيلها على حبل أمام بيتها  تتساءل: "هنا يوجد غجر فقط ولا يوجد لاجئون فلماذا يضايقوننا؟ إما أنهم لا يفرقون بين المواطنين الغجر والأفغان، أو أنهم يريدون  ترويعنا".

بدأ التدخل القوي للشرطة  قبل بضعة اسابيع فقط، حسب أقوال مواطنين كانوا يجلسون  في مقهى في حي للغجر يتحدث أهله اللغة التركية. وحدث هذا التدخل بعد عراك في مأوى للاجئين. "يجب طرد اللاجئين حالا، إنهم إناس خطرون وترعرعوا على حمل السكين في جيبهم” ويتحدث آخر ويؤكد على أنه لا يخافهم ولكنه مغتاظ بسبب تخوف زوجته من مغادرة البيت في المساء. الكثير منهم  يعتبر أن اللاجئين شباب يتواصلون فيما بينهم فقط وأن لغتهم غير مفهومة، كما إنهم يركزون نظراتهم على النساء.

مارتين، أحد الطلبة هناك  ينحدر من اصل تركي-ألماني يتساءل: " ما هو الغريب في ذلك؟ لم يحدث أي شيء!  هذا الطالب هو صديق لأحد اللاجئين السوريين هناك. في البداية رفضت أمه تلك الصداقة، ولكنها تقبلتها لاحقا. وكان اللاجئ السوري يناديها بكلمة " أنّا" ومعناها بالتركية " الأم".

إيفيتا لازاروفا، نادلة في مقهى

عدا ذلك ليس  في البلدة مناخ يتسم بالعنف تجاه اللاجئين. " الناس متخوفون ولا يكرهون اللاجئين"، كما تلاحظ   إيفيتا لازاروفا، وهي نادلة في مقهى. وكيفما كان الحال يتفق الجميع على ضرورة تطبيق حظر التجول مساء على اللاجئين  حتى يمكن للنساء التحرك في البلدة والشعور بالامان.

ويبدو أن نادلة المقهى لا تعلم أيضا أن حظر التجوال قد بدأ تطبيقه حقا، كما تؤكد في نفس الوقت أنّ الخوف لا يتملكها: " العديد من النساء يشتكين من أن اللاجئين يبحلقون في النساء بشدة. إن هؤلاء الرجال غير متعودين على رؤية النساء وهن يرتدين " تي شيرت" أو بدون غطاء راس، لم يبحلق أي أحد فيّ بشدة، ربما لأنني لا أبحلق فيهم بشدة"

لمتحدثة تعتقد أن المشكلة الحقيقية تتجلى في تعميم الصور النمطية على جميع اللاجئين. ففي الوقت الذي يتعامل فيه الرجال من أفغانستان بشكل غير لائق وهم أيضا غير متعلمين،  فإن اللاجئين السوريين أفضل حال ماديا و متعلمون، مشيرة إلى أن المواطنين المحليين تعاملوا في البداية مع كل اللاجئين بشكل عدائي.

لكن المواطن ميتكو الذي كان جالسا مسترخيا قرب مكان عمله بقبعة تخفي رأسه يقول والسيجارة في فمه: " ليس لهم أي مستوى" ثم يضيف: " لا تربية لهم"  ويضيف: "إنهم يجلسون على الأرض ويضعون القبعة على رأسهم!" وسريعا ما يتضح له أن هذا الوصف ينطبق عليه أيضا، مما يدعوه إلى إبعاد السيجارة عن فمه وتنحية قبعته بنوع من الابتسامة، لأنه وجد نفسه  في وضح حرج.

رغم فشل الاستفتاء في المجر الذي دعا إليه رئيس الوزراء فيكتور أوربان حول خطة الاتحاد الأوروبي لتوزيع اللاجئين على الدول الأعضاء لانخفاض نسبة المشاركة فيه، إلا أن الأخير أكد بأنه لن يقبل باستقدام اللاجئين إلى بلاده. يذكر أن المجر قامت قبل عام كأول دولة في أوروبا بوضع حواجز على حدودها. بيد أن العديد منهم ينتظرون في بلدة كيليبيا الصربية العبور إلى المجر ثم إلى أوربا الغربية.

اللاجئون، الذين وصلوا إلى بلدة كيليبيا الصربية الصغيرة، مروا عبر هذه البوابة. الحكومتان الصربية والمجرية توصلتا إلى اتفاق يتم بموجبه السماح إلى ما يصل إلى عشرين طالب لجوء العبور يوميا إلى الطرف الآخر من الحدود. وبعدما تسجلهم السلطات الصربية، يحصل اللاجئون المحتملون على تاريخ محدد للذهاب إلى الحدود مع المجر، حيث يقوم موظفو مكاتب الهجرة المجرية باستجوابهم والتدقيق في طلباتهم للجوء.

بيد أن عملية التدقيق هذه لم تخل من أخطاء، على غرار ما يروي الشاب المصري جمال (ليس في الصورة). جمال، الذي لم يتجاوز عمره 18 عاما، قال إنه التحق ببلدة كيليبيا عندما وجد اسمه على قائمة الناس الذين سيتم استجوابهم. ولكنه عندما تحدث مع السلطات الحدودية، قيل له أن الموعد حدد لشاب مصري آخر يحمل نفس الاسم وأنه لا يوجد ما يثبت دخوله إلى صربيا.

جمال وجد نفسه بعدها مجبرا أن ينتظر رفقة 100 شخص آخر في أحد مخيمات العبور الوقتية إلى أن يحصل على موعد مع السلطات المجرية. فقط حنفية مياه موجودة في المكان، فيما هي قليلة جدا المنظمات الإنسانية التي تزور المخيم وتزود ما انقطع به السبيل هنا بشيء من المساعدات. هذه الصورة لطفل من تسعة أطفال لأسرة أزيدية تقيم في المخيم منذ عدة أسابيع.

"سأجد طريقا آخرا (للخروج من هنا)"، يقول جمال لـDW. ويروي أنه تفاوض مع أحد مهربي البشر ودفع له مبلغ 1500 يورو قبل شهر لخرق السياج، لكنه قبض عليه وأرسل به مجددا إلى بلغراد. طائرات مروحية ودوريات على طول الحدود طيلة 24 ساعة في كل أيام الأسبوع جعلت عملية اجتياز الحدود المجرية أمرا صعبا للغاية. "صدقني إن كنت تستطيع الجري أسرع من رجال الشرطة، فسيرسلون وراءك الكلاب"، حسب ما يقول جمال.

أطفال وليد خالد، وهو ميكانيكي من أربيل – عاصمة إقليم كردستان العراق- يلعبون بالقرب من السياج الذي مدته المجر على طول حدودها. ويقول خالد إنه وصل إلى هذا المخيم قبل شهرين وأن أسرته قد واجهت عدة انتكاسات نظرا لوقوع التباس حول وثائقهم الثبوتية. "الشرطة كانت تقول لنا كل مرة: لا أعرف، لا أعرف". المكان هنا سيء ولكنه أفضل حالا من غيره.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل