المحتوى الرئيسى

عمار المانع يكتب: ماذا يحدث في مملكة الصحراء.. آلام المخاض الجديد | ساسة بوست

10/22 13:15

منذ 1 دقيقة، 22 أكتوبر,2016

امتلأت مجالس السعوديين والسعوديات، ووسائل تواصلهم الاجتماعي، وعلى رأسها تطبيق «واتس آب» و«تويتر»، بالتعليقات، والاستياء من قرارات مجلس الوزراء التقشفية الأخيرة، وأهمها خفض مداخيل موظفي الحكومة بما يقترب ـ أحيانًا ـ من ٣٠٪ بين ليلة وضحاها.

فما الذي يحصل في المملكة؟ وما هي تداعيات سياسيات التقشف المتبعة حاليًا؟

لفهم الحاصل، لابد أن نعود بضع سنوات للوراء، للسنوات الذهبية للسعوديين تحت إدارة الملك «عبد الله رحمه الله». وصلت أسعار النفط في بداية توترات «الربيع العربي» لأسعار قياسية تزيد معدلاتها عن ١١٠ دولار؛ موفرة للدولة مداخيل غير مسبوقة تتجاوز الألف مليار ريال سنويًا. بدورها أنفقت الحكومة بسخاء على مشاريع البنى التحتية والتعليم، ولكن دون إصلاحات سياسية أو اقتصادية جذرية.

أحد التحديات الرئيسة ـ آنذاك ـ كان «البطالة المرتفعة»، مقارنة بدول الخليج المجاورة. وظفت الحكومة العديد من الشباب في قطاعات ومؤسسات حكومية؛ حتى وصل عدد موظفي الحكومة إلى ٣.٢ مليون في ٢٠١٤، مقارنة بـ٨٠٠ ألف فقط بالقطاع الخاص مشكلين جزء ضخمًا من مصاريف الدولة، ولكن مع تهاوي أسعار النفط وصل العجز بميزانية السنة الحالية إلى حوالي ٤٠ بالمائة من المصاريف المتوقعة؛ مما دفع الحكومة لرفع بعض الدعم عن الوقود بداية العام، وزيادة تكاليف العامل الأجنبي على القطاع الخاص بنسب ضخمه أيضًا؛ على أمل أن تشجع هذه السياسة السعوديين على مغادرة الوظائف الحكومية، وتشجع القطاع الخاص لتوظيف السعوديين. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد زادت أسعار بعض الخدمات الحكومية، وانتشرت أخبار عن عزم الإدارة الحالية فرض ضرائب قريبًا في بلد لم يعرف الضرائب منذ ظهور النفط.

المتتبع يلحظ من ردة فعل السعوديين حس السخرية والتشاؤم مما عرضته الإدارة الحالية كرؤية للمملكة لرفع الاعتماد عن النفط. ردة الفعل تنوعت بين صور ساخرة، و«فديوات» مركبة، وحتى مقالات تهاجم السياسات الاقتصادية، وشركة «مكنزي» بيت الخبرة وراء تفاصيل الخطة التنفيذية للرؤية. ورأى كثير من المواطنين أن الدولة ستستبدل بمداخيل النفط رسومًا وضرائب ورفعًا للدعم عن السلع الرئيسة.

ولكن، أليس هذا ما تفعله كل الدول المتقدمة تقريبًا؟ فأين المشكلة؟

يكمن تعقيد ما يحدث في طبيعة العلاقة في المملكة بين الحكومة والمواطنين، أو ما يسميه المتخصصون بـ«العقد الاجتماعي». فمنذ توحيد البلاد على يد الملك «عبد العزيز رحمه الله» كانت العلاقة هي علاقة رعوية. تتلخص بأن الحكومة تدعم السلع الرئيسة، وتوفر لهم الوظائف المريحة ذات المداخيل العالية، وتمنح لهم الأراضي المجانية (المنح) لبناء البيوت، بالإضافة إلى إسناد القطاع الخاص من خلال دعم الكهرباء، وتوفير تأشيرات لاستقدام عمالة برواتب أقل كثيرًا من العمالة المحلية، وفي المقابل فإن القرارات الاقتصادية والسياسية هي للدولة وحدها، بعيدًا عن أية مؤسسات مدنية.

هذا «العقد الاجتماعي السعودي»، إذا صح لنا أن نسميه كذلك، يعتمد بشكل كامل علي مداخيل كبيرة للنفط؛ لتغطي مصاريف اقتصاد يعتمد بشكل رئيس على الصرف الحكومي. الذي يحصل حاليًا هو أن الاعتماد على النفط سيتقلص ليس من خلال خلق صناعات محلية أو استثمارات جديدة للقطاع الخاص، بل من خلال فرض ما يشبه ضرائب غير مباشرة، ومن خلال تقليل اعتماد المواطنين على الدولة الأب «الدولة الموظفة، موفرة التعليم المجاني، الراعية…إلخ»، إلى الدولة التي تعتمد بجزء كبير من مداخيلها على الضرائب على الأفراد والقطاع الخاص. فهل سيمتص المجتمع السعودي هذا التغيير الكبير؟ أم ستكون هناك حاجة ملحة لتغيير قواعد العقد الاجتماعي السعودي، والتحول للدولة السعودية الرابعة؟ هذا ما ستكشفه لنا الأيام القادمة الصعبة بلا شك للعرب والسعوديين معهم.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل