المحتوى الرئيسى

«أمراؤنا الأعزاء».. عن قصص الفساد بين ساسة فرنسا وأمراء دول الخليج

10/22 00:25

صدر في فرنسا، هذا الأسبوع، كتاب بعنوان "أمراؤنا الأعزاء"، للصحفيين الفرنسيين، جورج مابرينو وكرستيان شينو، والذي يروي علاقة الفساد نشبت بين بعض دول الخليج، على رأسها قطر والسعودية، وبعض السياسيين الفرنسيين الذين يتلقون هدايا وامتيازات مقابل الدفاع عن هذه الدول.

ونشرت مجلة " لوبوان" الفرنسية الأسبوعية، أمس الخميس، أجزاءً من الكتاب، تكشف تملق سياسيين فرنسيين لأمراء الخليج، بحثًا عن المال والمصالح المتبادلة بين الإثنين.

وكالة "فرانس 24" عرضت الكتاب، ونقلت عن المجلة أن هذه التصرفات المعروفة منذ زمن طويل عادت إلى الواجهة بشكل بارز بعد وصول نيكولا ساركوزي إلى الحكم في 2007، وهو الذي وضع ضمن أولوياته التقرب من دولة قطر وأميرها السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لاستقطاب الأموال القطرية إلى بلاده.

وما أكد ذلك هو تغيير إستراتيجية فرنسا تجاه قطر، عقب وصول فرانسوا هولاند إلى الحكم في 2012، إذ أدار ظهره لهذه الدولة الصغيرة وأصبح يغازل السعودية ويجاملها، باعتبارها البلد الأقوى والأغنى في منطقة الخليج، وقد أبرمت فرنسا مع السعودية صفقة بقيمة 50 مليار دولار، وبعد 4 سنوات من حكم هولاند، وُقعت عدة صفقات تجارية وعسكرية بين البلدين، وصلت قيمتها إلى 20 مليار دولار، وبفضل علاقاتها الطيبة مع الرياض، استطاعت فرنسا أيضًا أن توقع على عقود اقتصادية أخرى مع دول عربية مثل مصر التي إشترت 24 طائرة حربية من نوع "رافال" بتمويل مشترك سعودي-إماراتي.

وذكر التقرير المنشور على "فرانس 24" حول الكتاب، قالت أن باريس دفعت ثمن هذا التقارب بغض الطرف عن الاتهامات الموجهة للسعودية وقطر، لا سيما تمويل الإرهاب، كما جاء موقف باريس مغايرًا لموقف واشنطن التي صعدت من لهجتها إزاء دول الخليج وطالبتها بوقف تمويل الحركات الجهادية في العالم.

وعلى مستوى الأفراد، فالكتاب يعج بالقصص التي تبين الوجه الحقيقي لبعض الشخصيات السياسية الفرنسية والهوة الكبيرة التي تفصل بين أقوالهم وأفعالهم، وسلطت "فرانس 24" الضوء على بعض الشخصيات التي تطرق إليها الكتاب.

جان ماري لجوان والتهديد الإعلامي

يكشف الكتاب، حسب ذكر الموقع الفرنسي، أن هذا الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان في حكومة مانويل فالس حاول عدة مرات تناول وجبة غذاء مع سفير قطر بفرنسا مشعل آل ثاني، دون جدوى. لكن السفير غير موقفه في 2016 بسبب بعض الضغوطات الخارجية وقرر ملاقاة الوزير الفرنسي.

هذا الأخير دعاه إلى توقيع عقد مع شركة اتصال من أجل مراقبة ومنع كل التصريحات المسيئة لقطر و التي قد يدلي بها سياسيون ونواب فرنسيون في البرلمان.

لكن الغريب في الأمر هو أن جان ماري لغوان لم يترك سفير قطر اختيار شركة الاتصال التي يريدها ووفق مواصفاته بل حثه على التعاقد مع شركة يملكها أحد المقربين إليه. ويشير الكتاب إلى أن الوزير الفرنسي كان يتلقى كل شهر 10 ألاف يورو من هذه الشركة.

وفي ما يخص هذا الموضوع، قال مسؤول قطري لم يكشف عن هويته للصحفيين الفرنسيين: " كان يقول (يقصد هنا بول لغوان الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الفرنسي) للدبلوماسيين بصفتي وزيرا مكلفا بالعلاقات مع البرلمان، أتحكم في كل نواب الحزب الاشتراكي. فبإمكاني أن أمنعهم من طرح أسئلة تستهدف قطر وبالعكس بإمكاني أيضا أن أشجعهم على طرح الأسئلة لكن كل هذا لا يمكن أن أقوم به مجانا".

وأضاف الوزير الفرنسي لسفير قطر حسب ما ورد في الكتاب:" مع شركة الاتصال هذه سأحميكم من أي أذى قد يأتي من البرلمان الفرنسي". سفير قطر وجد نفسه أمام أمر الواقع. فلم يكن ينتظر مثل هذا الطلب لكنه أجاب الوزير الفرنسي في خطوة منه لإبعاده:" أتركني أتحدث قبل مع قطر".

نيكولا بايس وفضيحة تذكرة السفر

قصة أخرى يفضحها "أمراؤنا الأعزاء"، هي قصة نيكولا بايس نائب اشتراكي في الجمعية الوطنية الفرنسية باسم منطقة كاليه. وهو عضو في جمعية الصداقة الفرنسية القطرية وكان من بين المقربين للسفير القطري السابق محمد جهان الكواري.

فيروى الكتاب إنه بعد تعيين السفير القطري الجديد مشعل آل ثاني، بعث له هذا النائب الفرنسي رسالة هاتفية وطلب منه المساعدة. النائب كتب:" أواجه حاليا مشاكل مالية كبيرة. والدة ابني متعبة وأريد أن أسافر معها إلى الخارج، لكن إمكانياتي المالية لا تسمح لي بذلك". وواصل :" هل بامكانك أن تستضيفنا في فندق بالدوحة وتدفع تكلفة التذاكر على متن القطرية. هذا سيساعدني كثيرا؟. شكرا لك".

بعد مرور بضعة أيام، أرسل له سفير قطر جوابا قائلا :"أتمنى أن وضع والدة ابنك قد تحسن. أنا آسف، قطر لا تدفع تكاليف العطلة للناس وحتى للسفراء". وواصل: "أدعوك إلى الذهاب إلى موقع الخطوط الجوية القطرية عبر الإنترنت. الشركة تقدم حاليا تخفيضات على التذاكر".

رشيدة داتي في القائمة السوداء القطرية

بدأت قصة رشيدة داتي مع دولة قطر طويلة عندما احتلت منصب وزيرة العدل خلال عهدة ساركوزي. زارت داتي عدة مرات قطر في إطار مشروع لم ير النور والمتمثل في بناء مركز إقليمي للقضاء مع الدوحة.

الأبواب كانت كلها مفتوحة لرئيسة بلدية الدائرة السابعة في باريس. هذه البلدية يقطنها أغنياء وسفراء دول عربية وأجنبية كثيرة.

يذكر الكتاب أن الوزيرة السابقة فكرت في تأسيس جمعية تضم سفراء وشخصيات سياسية واقتصادية هامة من الدائرة السابعة بباريس. ولتمويل مشروعها، طلبت من سفير قطر مشعل آل ثاني خلال مأدبة عشاء أن يوفر لها 400 ألف يورو. لكن هذا الأخير رفض طلب رشيدة داتي وبعث لها رسالة رسمية يؤكد فيها ذلك.

وعوض أن تنتهي هذه القضية في هذا الحد، راحت رشيدة داتي تنتقد السياسة الخارجية لقطر والسعودية في الإعلام الفرنسي، الأمر الذي أثار استغراب السفير القطري مرة أخرى.

لكن تصرف داتي جعل مسؤولو السفارة والحكومة القطرية يديرون ظهرهم لها، فبعدما كانت تملك علاقات طيبة معهم وتسافر إلى قطر رفقة والدها ووالدتها بأموال قطرية، أصبحت اليوم غير مرغوبة فيها ومسجلة في قائمة سوداء تضم شخصيات أخرى تتمنى السلطات القطرية أن لا تعود أبدا إلى الدوحة.

دومنيك دوفيلبان وقصة الدرجة الأولى في طائرة تابعة للقطرية

دومينيك دوفيلبان رئيس الحكومة السابق في عهد جاك شيراك أخذ هو أيضا نصيبه من الهدايا والامتيازات من قطر. فكان يشترط دائما أن يسافر على متن القطرية وفي الدرجة الأولى وإلا يرفض كل الدعوات الموجهة له للمشاركة في اللقاءات والمؤتمرات بالدوحة.

Comments

عاجل