المحتوى الرئيسى

هل تسافرين وحدك؟

10/21 23:28

في ماضٍ ليس ببعيد، كانت أسفار الفتيات بمفردهن إلى خارج بلادهن قليلة جداً، وهي اليوم في تزايد مستمر وغاية هذه الأسفار، كانت في الغالب الدراسة أو العمل، وفي حالات قليلة، السياحة والترفيه عن النفس. وإذا كانت مثل هذه الأسفار مقبولة لدى فئة واسعة من الأهل، فإن فئة أخرى من هؤلاء، ومن الفتيات أنفسهن، لا تزال تتمسّك ببعض التقاليد التي تتحفّظ على سفر الفتاة بمفردها، وتفضّل أن يكون ذلك بصحبة الأهل. وبغضّ النظر ، عن موضوع قبول سفر الفتيات أو رفضه، فإن للسفر فوائد كثيرة.

هل تسافرين وحدك؟ سؤال أجابت عنه هذه الشهادات من مصر ولبنان.

أسماء عماد: سافرت بمفردي وعمري 27 عاماً وخُضت معارك مع أهلي في سبيل ذلك

أسماء عماد، 27 عاماً، مدير تنفيذي في إحدى الشركات في مصر، تسافر مع أصدقائها بغرض السياحة والترفيه، إما سياحة داخلية صيفية أو سياحة خارجية بهدف الانفتاح على ثقافات العالم المختلفة... وتقول: «حق السفر اكتسبته أخيراً، بعد أعوام طويلة من الجدال مع الأهل والنقاشات المفتوحة، واتباع مختلف أساليب الإقناع، إلا أنهم ما زالوا متمسكين بالتقاليد القديمة، التي تفرض الوصاية على تصرفات النساء، مع الأخذ في الاعتبار ما يقوله الجيران».

وتتابع أسماء: «منذ ما يقارب الثمانية أشهر، أعلنت التمرد، وبالطبع خُضت معارك مع أهلي من أجل إقناعهم بأن السفر حرية شخصية، وبدأت اكتساب باقي حقوقي الشخصية واحداً تلو الآخر، ومنها حق السفر بمفردي بعيداً عن دواعي العمل، فأنا لم أعد صغيرة، وأرى أن هذا الوقت مناسب للانفتاح على ثقافة العالم والاستجمام، وبالفعل أقوم بذلك إما داخل مصر أو خارجها».

وترى أسماء أن ثقافة الأهل في التعامل مع الأجيال الجديدة مبنية على الخوف وعدم الثقة، وتقول: «أدركت ذلك أخيراً، فقررت نيل حريتي بنفسي طالما أنها حرية مسؤولة، وعلى جميع الأهالي أن يدركوا أن الخوف وعدم الثقة، وبالتالي تقييد الحريات، لا تربي جيلاً صالحاً، بل تؤسس لجيل جبان ينجرف سريعاً نحو الخطأ بعيداً عن عيون أهله».

أميرة جمال: اكتسبت حق السفر بعد الزواج

أميرة جمال، ربة منزل، 34 عاماً، لم تكتسب حق السفر بمفردها إلا بعد الزواج، وتقول: «النساء في مصر ضحايا الحماية الزائدة من الأهل، فمثلاً يرفض الأهل أن تسافر البنت بمفردها مع صديقاتها خوفاً من أن يعترض أحد طريقهن، وفي الوقت نفسه تتعرض الفتاة للتحرش عشرات المرات يومياً في الشارع إذا كانت تستقل المواصلات العامة،

بالتالي يعيش الأهل حالاً من الازدواجية، ويرفضون التصالح مع الواقع في سبيل قهر الفتاة والتعلل بحمايتها، حتى تنتقل مسؤوليتها إلى زوجها».

وتتابع: «السفر حق من حقوق الإنسان، ويتساوى فيه الجنسان، لكن ازدواجية المعايير الثقافية التي يعيشها المجتمع المصري تعطي الرجل الحق في منع الفتاة من السفر، سواء كان أباً أو زوجاً أو أخاً، وفي الوقت نفسه من حق الرجل أن يسافر، ويعلق على أفكار النساء ويتحرش بحقوقهنّ وأجسادهنّ».

تستكمل أميرة حديثها: «المرة الأولى التي سافرت فيها بمفردي كانت بعد زواجي، وكثيراً ما طالبت أهلي بالسماح لي بالسفر للسياحة والترفيه، لكن خلفيتهم الثقافية حتّمت عليهم الرفض، وفي كل مرة كانوا يرفضون فيها، كنت أشعر برغبة قوية في تغيير مستقبلي وكسر القيود للخروج إلى الحرية».

في ختام حديثها، تؤكد أميرة أنها تربي ابنتها ذات الـ11 عاماً، على الثقة في النفس والحرية، شرط أن تكون مسؤولة عن سلامتها الشخصية.

الدكتورة زينب لاشين: التعليم والاستقلالية المادية ضروريان

في الجانب الاجتماعي، تؤكد الدكتورة زينب لاشين، أستاذة علم الاجتماع ومستشارة قضايا الأسرة والمرأة، أن غالبية النساء يستطعن الآن التحرر من تقاليد المجتمع، والسفر بمفردهنّ من أجل السياحة والترفيه، والسبب في ذلك هو طفرة التطور التي حدثت في كل القطاعات والمجالات، ومن ثمَّ التغير الذي طرأ على المرأة نتيجة التطور الناتج من التعليم الذي أتاح لها فرصة العمل والاستقلالية المادية.  وتعلل أستاذة علم الاجتماع رفض بعض الأهالي أو الأزواج، بأن أي التغيير مجتمعي تواكبه مقاومة ترتكز على الأفكار التقليدية والقديمة، لأن التغيير لا يحدث مرة واحدة، بل تدريجاً. وتوضح مستشارة قضايا الأسرة والمرأة، أن إصرار النساء على انتزاع حريتهنّ في السفر من ذويهن، يعبر عن صراع الأجيال، لأن الجيل القديم ما زال متأثراً بالأفكار التقليدية، والجيل الجديد يبحث عن الحداثة.

رشا الخشاب: استقلالي المادي والحياتي منحني حق السفر بعيداً عن القيود

أما رشا الخشاب، موظفة علاقات عامة، 29 عاماً، فتؤكد أن الاستقلال في المعيشة عن الأهل منحها حرية السفر بمفردها، وتقول: «انفصلت عن أهلي جزئياً منذ دخولي الجامعة، حيث انتقلت من محافظة الغربية إلى القاهرة لأجل الدراسة في الجامعة، ومن هنا بدأت رحلة انفصالي عن الأهل، وبالطبع كان الأمر صعباً عليهم في البداية، خاصة أن خلفيتنا الثقافية محافظة جداً، لكن أملهم في استكمال تعليمي الجامعي جعلهم يتنازلون عن التقاليد التي تجرّم مبيت الفتاة خارج منزل أهلها تحت أي ظرف كان، حتى ولو كان التعليم». وتتابع: «بعد التخرج في الجامعة، قررت عدم العودة إلى المحافظة واستكملت عملي في القاهرة، فكان إقناعهم أسهل، خاصةً أنني التحقت بالعمل في وزارة الثقافة المصرية، فتحول ذلك إلى مصدر فخر لهم وزادت الثقة بيننا أكثر، وبالتالي، ونظراً الى تلك الثقة، أصبح من السهل جداً أن أسافر لتمضية عطلة نهاية الأسبوع مع أصدقائي في مدينة ساحلية، أو حتى السفر لأجل السياحة داخل مصر وخارجها، لذا أعتقد أن الاستقلال المادي مع بعض الثقة من الأهل يمنحان الفتاة حق السفر من دون التقيّد بتقاليد المجتمع القاهر لحريات المرأة».

ياسمين الضوي: السفر بالنسبة إليّ تفريغ للطاقة السلبية

أما ياسمين الضوي، مراسلة تلفزيونية، 30 عاماً، فتؤكد أنها تسافر بمفردها حالياً بهدف السياحة والترفيه، لكن هذا لم يتحقق لها إلا بعد زواجها، وتحكي قائلة: «أبي وأمي يعملان طبيبين في السعودية، وتربيت وإخوتي في السعودية، وبينما كنا نكبر كانت مشاغل أبوينا تزداد عاماً بعد عام، ومع بلوغي السن القانونية لاستخراج جواز السفر الرسمي، منحني والدي الثقة للسفر إلى مصر بمفردي لأجل زيارة الأهل أو الدراسة، خاصةً أنني استكملت دراستي الجامعية في مصر».

وتتابع: «يتحدّر والداي من خلفية ثقافية محافظة، فالفتاة بالنسبة إليهما لا يصح أن تسافر بمفردها إلا للضرورة القصوى، كتلقي العلم أو صلة الرحم، وبالتالي فهما لم يُمانعا سفري إلى أي دولة بمفردي لتلقي العلم، في وقت رفضا بشدة سفري مع صديقاتي».

وتكمل ياسمين: «لكن الأمور تبدلت تماماً بعدما تزوجت، إذ سافرت للمرة الأولى لتمضية شهر العسل في إحدى الدول، والجميل في الأمر أن زوجي متفهم جداً أن السفر بالنسبة إلي يعني تفريغ الطاقة السلبية، ولا يعارض السفر بمفردي، بل يشجعني عليه، والسبب أن خلفيته الثقافية منفتحة، فأسرته لا تمانع سفر البنات بمفردهن من أجل السياحة أو الترفيه، فهم على قناعة بأن السفر حق مشروع من حقوق الإنسان، ولا فارق بين الفتاة والرجل، فهما متساويان في الحقوق والواجبات، لذا عندما أشعر بالملل ويكون زوجي مشغولاً في عمله، يقترح عليَّ أن أسافر مع صديقاتي، هذا فضلاً عن تفكيره الراقي بحيث لا يتضايق من انضمام زملائنا الرجال الى رحلات السفر، طالما هو موجود معي، خاصةً أننا نعمل في المجال نفسه، فهو يعرف جيداً جميع زملاء العمل، رجالاً ونساءً».

الدكتور أحمد عبدالله: النساء يُحرمن من حق السفر بسبب الثقافة الذكورية

في الجانب النفسي، يؤكد الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق، أن المرأة تعاني الكثير في اكتساب حق السفر، نظراً لكون المجتمع العربي كله تسوده ثقافة ذكورية تجعله يحرم المرأة من حقوق إنسانية مشروعة، وتلك الثقافة الذكورية غير مبررة على الإطلاق.

ويتابع: «لو تتبعنا المسار التاريخي لحركة المرأة في مصر، نجد أنها كانت تتمتع بمكانة مستقلة على مر العصور، ففي الحياة البدوية تمتعت المرأة بالكثير من الانفتاح والاستقلالية، وكذلك في المجتمع النوبي، المرأة ذات شخصية قوية وشبه مسيطرة على الرجال، وتتولى مقاليد الأمور، لكن مع الانفتاح على حياة المدينة تبدلت أحوال المرأة في المجتمع المصري وهيمنت عليها الثقافة الذكورية، ولعل أحد الأسباب هو عدم الشعور بالأمان، فالدولة لا توفر الأمان في الشارع، مما مهّد الطريق أمام من يريدون فرض الوصاية الاجتماعية والنفسية على المرأة، فكبّلوها تحت مسمى الأعراف والتقاليد».

ويضيف أستاذ الطب النفسي، أن شائعات الخوف تنكسر عند أعتاب الأمان الحقيقي، فمثلاً مع بداية ثورة 25 يناير، كانت النساء يبتن في ميدان التحرير بمفردهنّ، ويتظاهرن وسط الرجال بدون خوف، والسبب كان توافر الأمان والحماية وسط الغرباء والتوافق على هدف واحد ألا وهو التغيير، لذا كلما اجتمع النساء والرجال على هدف واحد ساد الأمان بشكل أكبر، وكان الأهل أكثر تفهماً، ففي كثير من حالات الاستقلال والسفر بعيداً عن الأهل بهدف الدراسة، تمتلك الفتاة الحرية الكاملة مع اطمئنان الأهل أنها تسعى إلى هدف نبيل، وبالتالي لا يعترضون على فكرة السفر من أجل السياحة والترفيه، طالما أنها سافرت من أجل العلم أو العمل.

ويتابع: «بالإضافة إلى الاستقلال المادي الذي رفع سلطة الكثير من الأهل عن الفتيات، بدأ الأهالي يتخففون من أعباء التقاليد، وتراجع خوفهم من القيل والقال، وزالت أوهامهم من أن البنت التي تسافر وحدها لن تجد من يتزوجها، خاصة في ظل ارتفاع معدلات الطلاق المبكر بصورة مرعبة».

نادين جفّال: لهذا السبب أرغب في زيارة دول الشرق الأقصى

تشير رئيسة دائرة التنمية ومراقبة الصناعات الغذائية في وزارة الزراعة نادين جفال إلى أنها تواظب على السفر بمفردها أو بصحبة أصدقائها، إلى أوروبا ودول الشرق الأقصى. وتضيف نادين: «أشعر خلال السفر بمفردي بالحرية وعدم الالتزام، خصوصاً أنني أعشق السفر وأنشد المتعة والترفيه. وبما أنني أسعى للتعرف إلى حضارات الدول، أفضّل زيارة البلدان الآسيوية والشرق الأقصى، مثل الهند والصين وماليزيا». وتتابع: «أرغب في زيارة بعض البلدان التي لم أزرها بعد، مثل اليابان وفيتنام ولاوس وكمبوديا وكوبا وتايلاند، لاكتشاف حضارات هذه الشعوب والتعرف إلى عاداتها وتقاليدها».

إيليدا شنتيري: عائلتي تحترم قراري

تقول طالبة العلوم السياسية والإدارية ايليدا شنتيري إن السفر وحدها يساعدها في التعرف إلى جمال البلد الذي تزوره، لأننا نتمتع بمساحة من الحرية في اختيار الأماكن التي نرتاح فيها بعيداً عن التقيد بأي شخص، وأعتقد أن الهدف من السياحة ليس تمضية أوقات ممتعة فقط، وإنما التعرف إلى حضارات الشعوب وعاداتها وتقاليدها، وأرى أن لكل شخص مفهومه الخاص في ما يتعلق بالسياحة. وبالنسبة الى عائلتي، فهي لا تمانع سفري بمفردي، لا سيما أن لي مفهوماً خاصاً بالسفر، وهو ثقافي وحضاري، وبالتالي يحترمون قراري. وتضيف: «أرى أن ثمة مدناً لا يمكننا السفر إليها بمفردنا، وأعتقد أنها مخصصة ربما للثنائيات كجزر المالديف ومارماريس وشرم الشيخ، بينما المدن الاستكشافية مثل باريس وروما وموسكو يمكننا أن نتعرف إليها بمفردنا. وفي النهاية أجد أن السفر «هروب من الوعي إلى اللاوعي».

سارة فرحات: نحن بحاجة للسفر بمفردنا

تقول خرّيجة الحقوق سارة فرحات اننا نحتاج أحياناً للسفر بمفردنا، بغض النظر عن الأسباب التي قد تختلف بين حالة وأخرى، (سياحة، دراسة أو عمل). وبالنسبة إلى عائلتي فهي تتقبّل فكرة سفري بمفردي في حال أوضحت لهم أهداف السفر. وتتابع سارة: «ليس هناك مكان محدد أرغب في السفر إليه، وأسعى من خلال السفر إلى اكتشاف أكبر عدد ممكن من البلدان والتعرف إلى حضاراتها. ورغم ذلك، أفضّل زيارة روسيا بحيث أعتبرها دولة قوية، بالإضافة إلى الأرجنتين إحدى دول أميركا اللاتينية، لأنها ذات تاريخ عريق».

دينا رمضان طبارة: أسافر بمفردي لأتخلص من ضغط العمل

تؤكد الإعلامية دينا رمضان انها تسافر بمفردها مراراً، إن كان في إطار العمل أو السياحة وحتى من دون عائلتها، إذ تخصص وقتاً لنفسها، لترتاح من ضغط العمل. وتضيف: «أقصد دائماً عدداً من الدول، كتركيا، وفرنسا وبريطانيا. تركيا تتمتع بشمس دافئة، وشواطئ نظيفة... بينما باريس شوارعها ساحرة وهي مدينة الموضة والتسوق وأحبها كثيراً. أما بريطانيا فهي أسطورة تاريخية لا يمكننا أن ننساها».

جان دارك دحدوح: سيأتي اليوم الذي أعيش فيه في الجزائر

تشير جان دارك إلى أنها تسافر باستمرار بمفردها، ومن أكثر الدول التي تزورها الجزائر، وتقول: «أزور صديقتي وطفلها الذي أعتبره بمثابة ولدي». وتضيف: «أعتبر الجزائر من أهم الدول التي زرتها، كما أنني لا أشعر بالتمييز في ذلك البلد، الذي يتميز بجمال بحره وجباله وطيبة أهله، وهي الأهم، فثمة شيء يربطني به، وأعتقد أن الاشتياق حكاية لا يمكن سردها في سطور. ومع تعدد أسفاري، إلا أنني لم أشعر بالفرح الذي عشته لدى زيارتي الجزائر، وسيأتي اليوم الذي أستقر فيه في ذلك البلد».

ميسم البرغوثي: بهذا البرنامج اكتشفت أن السفر هوايتي

تشير ميسم البرغوثي، صحافية فلسطينية، إلى أنها تسافر دائماً بمفردها إلى الأردن، ولكن المرة الأولى التي زارت فيها بلداً آخر كانت حين التحقت بدورة تدريبية في الإسكندرية في مصر. وتلفت ميسم إلى أن التجربة كانت ممتعة، وهي فرصة للاعتماد على النفس وتحمل مسؤولية كل ما نقوم به. وتضيف: «السفر بمفردنا مختلف، ونستطيع أن نتحدث فيه عن تجربتنا الخاصة ونصور الأماكن بناءً على رؤيتنا لها. وتساهم تجربة السفر هذه في إغناء شخصيتنا بالعلاقات الاجتماعية في بلد آخر. وتقول: «كنت أرغب في زيارة باريس لأنها عاصمة الموضة، بينما اُفضّل حالياً القيام بجولة حول العالم، ولا سيما كوريا الجنوبية، لكثرة مشاهدتي للمسلسلات الكورية، فثمة ما يميز حياة هذا الشعب ويدفعني فضولي لاكتشافه». وتتابع: «أهوى السفر كثيراً، وأعتقد أنه بمثابة مغامرة وحياة جديدة، وهذا ما اكتشفته من خلال متابعتي لبرنامج «القافلة»، وأحلم بأن أقدم ما يماثله.

أهم أخبار مرأة

Comments

عاجل