المحتوى الرئيسى

معاذ يوسف يكتب: رحلة للإجابة عن السؤال: معرفة أم شهادة؟ | ساسة بوست

10/21 18:01

منذ 25 دقيقة، 21 أكتوبر,2016

من شاهد فيلم «سر طاقية الإخفاء» بطولة كلٍّ من عبد المنعم إبراهيم في دور عصفور، وتوفيق الدقن في دور أمين، وزهرة العلا، بالتأكيد يتذكر المشهد حين يمسك أمين بعصفور ويخرج من جيبه علبة صغيرة، ويسأله: «العلبة دي فيها إيه؟». فيجيبه عصفور: «مفيهاش حاجة!». فيجيبه أمين: «لأ، العلبة دي فيها فيل!»، تذكر هذا المشهد جيدًا لأننا سنعود إليه في نهاية المقال.

بدأت منذ فترة طويلة أتوجه إلى فكرة التعلم الذاتي عبر الإنترنت، وهذا يتيح لك خيارات عديدة، فأنت تبحث عما تريد من مجالات، وفي كل مجال يكون لديك اختيارات متعددة أيضًا. ومن الأشياء الجميلة أنه أصبح هناك منصات للتعلم باللغة العربية، وبعض هذه المنصات مجاني تمامًا، والبعض الآخر يوفر بعض الدورات مجانية للمتقدمين، ودورات أخرى بالمال.

من المفترض أن تجعلك كل هذه الأشياء تشعر بالسعادة، فمع وجود المنصات التعليمية المتعددة، لا يقضي المتعلم وقتًا طويلًا في عملية البحث، بل ربما يجد ما يبحث عنه أو يرغب في تعلمه بسهولة شديدة، وفي وقت سريع.

في الأيام الماضية أخذت عددًا من الدورات في منصات مختلفة، وكعادة أي منصة تعليمية تجدهم يوفرون لك في مواقعهم حائطًا للنقاش مع المحاضرين أو مع أقرانك، في حالة ترغب بعرض أي سؤال أو معلومة أو تجربة، أو حتى تتفاعل مع الدورة التدريبية بالإجابة عن ما أتى فيها من أسئلة من المحاضر.

لكن يمكنك أن تشاهد حائط الدورة وقد تحول إلى سؤال واحد باختلاف أشكاله:

– هل هناك شهادة تابعة للدورة؟

– من أي جهة معتمدة هذه الشهادة؟

– ما هي المجالات التي أستطيع من خلالها الاستفادة من هذه الشهادة؟

وهذه الظاهرة –على ما يبدو– موجودة في مختلف أنحاء الوطن العربي، وقطعًا موجودة في مصر، حيث أغلب الاهتمام لدى البعض ينصب على جمع أكبر عدد من الشهادات، دون النظر إلى القيمة المعرفية في شيء.

ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أن اهتمام العديد يقتصر على جمع شهادات، دون الاهتمام بالمعرفة؛ اعتقادًا منهم بأن هذا سيساعد على توفير فرص عمل بسهولة لهم في المستقبل، وأن بدون الشهادات، لا يصبح للدورة أي معنى، وهذه النظرية مقتبسة عمن سبقهم، أولئك الذين –ربما– ساهمت الشهادات في توظيفهم، وأقول ربما لأن هذا ليس شرطًا أساسيًّا بالتأكيد.

مساهمة الشهادات في عملية التوظيف

كيف تساهم الشهادات في التوظيف؟ للإجابة عن هذا السؤال بشكلٍ واضح، علينا أن نسأل أنفسنا سؤالًا مهمًا، ما هو تعريف كلمة شهادة؟

الشهادة هي وثيقة تفيد أحقية الشخص بأداء الشيء الذي حصل على شهادته، وبالتالي في وقت سابق كانت الشهادات تستخدم للتفرقة بين المتقدمين في الوظائف، فمن يملك شهادات أكثر يعني بالتبعية أنه يملك مهارات ومعلومات أكثر، وبالتالي فالفرصة أكبر في توظيفه.

أما الآن وقد أصبح الحصول على شهادات ليس بالأمر الصعب، بل هو سباق لجمع عدد أكبر دون إدراك الهدف الأساسي، وبالتالي غياب الأحقية، فمن سيختبر شخص أثناء المقابلات الشخصية، سوف يضع كل هذه الشهادات جانبًا، ويختبرك اختبارًا حقيقيًّا فيما أنت تعتقد نفسك مؤهلًا لأدائه.

وحتى لو نجحت في تجاوز أي اختبارات، وتم توظيفك بناءً على المعرفة والمهارة التي أخذتها من شهاداتك، سيكون عليك أن تثبت نفسك، ماذا سيكون موقفك؟

شخصيًّا أرى أن المعرفة هي الغاية الأساسية في أي دورة أحضرها، وإن لم تتوفر الشهادة فلا مانع لذلك، وقد قطعت وعدًا لنفسي ألا أحضر أي دورة غرضها الوحيد الشهادة. معنى كلامي هذا ليس تقليل من أهمية الشهادة كناتج نهائي لعملية تعلم، فهي ترتيب منطقي لو أنها متوفرة، لكنها لو أصبحت الغاية التي تبحث عنها، فهذا قد يجعل عملية التعلم تفقد معناها بالنسبة لك، وكما نرى هناك العديد من يتقدم لمختلف الدورات، وكل ما يريده هو الحصول على الشهادة، فلا يحضر ولا يهتم، وفي النهاية تجده يأتي ويسأل عن شهادته.

قد تختلف وسيلة كل منا في تحسين حياته، لكن على كل فرد أن يعلم بأن وسيلته تلك، هي وسيلته هو حقًّا، ليس مجرد مقلد دون فهم لما يحدث من حوله، أو تابع يلغي عقله وتفكيره ظنًّا منه بأنه هكذا يحسن من شكل حياته.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل