المحتوى الرئيسى

«الميادين» توثّق معارك الجنوب السوريّ و«العلاقات المبهمة» مع «إسرائيل»

10/21 00:35

لم تختَر «الميادين» عبثاً توقيت عرض وثائقيّ عن الجنوب السّوري. السّبت الماضي، فردت القناة أكثر من خمسين دقيقة لعملٍ أعدّه وأخرجه الصّحافي عباس فنيش. على مدى عام، عمل فنيش وفريق العمل على تتبّع الخيوط، نبش الخفايا، تجميع المعلومات، محاولا توضيح الصّلات بينها. والأهمّ، رسم المشهد العامّ لجبهةٍ لا تقلّ أهمّيّةً عن شمالٍ أشعله الغزو التّركي وشرقٍ يترقّبُ بحذر تطوّرات وتبعات معركة الموصل في العراق.

عنوان الوثائقي لخّص وجهة معدّيه: «الجنوب السّوري.. لهيب الإقليم». ذاك الجنوب لم يكن يوماً جبهةً منفصلة عن المحيط. له حساباتٌ خاصّة يكتسبها من ثلاث خاصّيات: أوّلاً، ضعف بنية المسلّحين المتقاتلين في ما بينهم، ثانياً، كونه مركز انطلاق التّحرّكات الاحتجاجيّة في العام 2011 عبر مدينة درعا، وثالثاً، والأهمّ، جغرافيّته الّتي قُدّر لها أن تكون بمحاذاة الكيان الإسرائيلي المحتلّ.

للوثائقي وجهتان بارزتان: تلخيص ما يربو على ستّ سنواتٍ من معارك التهمت الجنوب ضمن خطٍّ زمني مدعّمٍ بالأرقام والتّواريخ واللّقطات والخرائط، وإلقاء الضّوء على «العلاقة المبهمة» بين المجموعات المسلّحة في تلك البقعة، وعلى رأس هذه المجموعات «الجيش السّوري الحرّ» و «فتح الشّام» (النّصرة سابقاً) من جهة، والكيان الإسرائيلي من جهة ثانية.

نجح فريقُ العمل في تحقيق الهدفين. على مستوى «التّلخيص»، بالإمكان الحديث عن خمسين دقيقة من مواد مترابطة، تأخذ المُشاهِد في جولة استرجاعٍ سريعة. كان الوثائقي قطاراً يجلس داخله المشاهدُ مترقّباً. سلاسة العرض سهّلت المهمّة. احترم التّتابعُ ذهنيّة الفرد الّذي يعيش واقعًا مشتعلاً في الجنوب، وإن كان بعيداً عن أرض الحدث. بدأ باللّحظة. قدّم معطيات. قال غير ناطق: نريد من هذا الوثائقي كذا وكذا. وبعد أن تأكّد من استحواذه على المُشاهِد، عاد في الدّقيقة 13 ليسردَ الأحداث من ألفِها إلى يائها. التّظاهرات السّلميّة، الانشقاقات في صفوف الجيش، تشكيل الألوية، السّيطرة على مناطق واسعة في الجنوب، انطلاق غرفة عمليّات «موك»...

لا يدخل على خطّ تسلسل الأحداث سوى «إسرائيل»، الهدف الأساس. هنا كان التّحدّي. ليس سرّاً التّحالف أو الترابط، أو ربّما «التّغاضي» القائم بين بعض مسلّحي الجنوب وبين العدو الإسرائيلي. خلال العام الحالي تحديداً، وهي الفترة الّتي كان فنيش وفريقه يعملان على الوثائقي خلالها، برزت تقارير عدّة تفضح «الزّواج العرفي» القائم بين بعض المسلّحين، «النّصرة» تحديداً، وبين «إسرائيل». الفريق أدرك ذلك. بناءً عليه، اعتمد لتحقيق هدفه منهجَين متشابكَين: إعادة ترتيب المعلومات المبعثرة المعروفة عن العلاقة بين «الثّوار» والاحتلال، والحصول على معلومات جديدة تضفي على الوثائقي أهمية ما.

أُفرِدَت ليعقوب عميدور، المستشار السّابق لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، مساحة وافية. قال المستشار السّابق إنّ «الحلّ الأمثل بالنّسبة لإسرائيل في سوريا هو نظامٌ سوري يسيطر على كلّ سوريا من خلال مجموعة معتدلة لا ترى أنّ واجبها الأوّل هو قتالُ إسرائيل». لا أهمية وازنة للتّصريح الإسرائيلي منفرداً. يختلف الأمر إذا ما شُبك بكلامٍ صادرٍ عن «أهل الدّار». تقاطع المعلومات قاد فريقَ العمل إلى شخصيّتَين رئيسيّتَين منشقّتَين عن «الجيش الحر»، هما رئيس المجلس العسكري السابق محمّد خير صالح الحربات (أبو صالح)، والضّابط السابق أبو حمزة الحوراني.

لم يكشف الوثائقي عن اسم الدّولة الأوروبية التي يتواجد فيها الحربات حاليّاً بعد محاولة اغتياله في ألمانيا. أولى المعلومات الّتي قدّمها تعلّقت بمحاولة الاغتيال نفسها. ففي الوقت الّذي تحدّثت فيه وسائل الإعلام المعارِضة عن قيام عناصر مرتبطة بالنّظام السوري بتنفيذ محاولة اغتياله، اتّهم الحربات في الوثائقي «النّصرة» بذلك.

نقمةٌ كبيرةٌ أبداها الحربات على تطوّر الأحداث في سوريا. «لديهم مخطّطاتهم الجاهزة المكتوبة لما بعد سقوط النّظام»، قال الرّجل. لـ «النّصرة» نصيبٌ وافرٌ من النّقمة. أكّد الحربات أنّ زعيم «النّصرة» الجديد، أو بالأحرى «فتح الشّام»، أبو محمّد الجولاني تمّ إحضاره من الشّمال السوري إلى الجنوب، ليدخل بعدها إلى الأردن. وبحسب الحربات، تمّ نقل الجولاني إلى الأردن عبر سيّارةٍ مصفّحة إلى أحد الفنادق الّتي كانت خالية من الجميع ما عدا عناصر من «وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة» (سي آي إي). تلك المعلومات جديدة، والفريق نجح في انتزاعها من القياديّ المنشقّ.

بالعودة إلى العلاقات «الثّوريّة ـ الإسرائيليّة»، أعاد الحربات في الوثائقي ما سرده يعقوب عميدور وإن بكلماتٍ مختلفة. قال بصريح العبارة: «مستعد أحط إيدي بإيد الشيطان بس نخلص، نحنا مو شغلتنا إسرائيل، نحنا شغلتنا سوريا، نحنا بعيدين كلّ البعد عن إسرائيل، إنتو بحالكم ونحنا بحالنا، خلينا نعيش متل بقيّة هالبشر، هاي الأردن عاملة معاهدات، هاي مصر عاملة معاهدات، ما في شي بيناتهم».

أبو حمزة الحوراني، بدوره، قال: «نحن نريد أن نحمي حدود إسرائيل وأمن إسرائيل». وإلى جانب الكلام عن الدور الّذي رسمه «الجيش الحرّ» لنفسه بحماية «إسرائيل»، تحدّث الحوراني عن انطلاقة الحراك في درعا الجنوبيّة، وكيفيّة تطوّر الأحداث ودور «غرفة موك» في رسم مسار تلك الأحداث. والجدير بالذّكر أنّ هويّة أبي حمزة الحوراني وصورته تمّ التّحفّظ عليهما لضروراتٍ تتعلّق بسلامة الشّخصيّة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل