المحتوى الرئيسى

دولة أم ميليشيا؟

10/20 22:11

يقول الراحل العظيم جلال عامر: «قد نختلف مع النظام، لكننا لا نختلف مع الوطن. ونصيحة من أخ، لا تقف مع (ميليشيا) ضد وطنك حتى لو كان الوطن مجرد مكان تنام على رصيفه ليلاً». قال الراحل العظيم هذه الكلمات قبل أكثر من ثلاث أو أربع سنوات، وأتصور أن كلماته هذه لا تزال حية وفى أمسّ الحاجة لتذكير المصريين بها، خصوصاً الشباب الغاضب الذى يكيل الاتهامات ليل نهار ويشكو من ضيق ذات اليد أو يتحدث عن تجاوزات بحق شباب ويكرر الحديث عن تضييق شديد فى مجال الحريات، إضافة إلى استغلال الصعوبات الاقتصادية والمعيشية التى يمر بها الوطن والمواطن فى الدعوة للخروج على النظام أو الترويج لثورة جديدة. صحيح أن هناك صعوبات اقتصادية وظروفاً معيشية ضاغطة على المواطن المصرى، وأن هناك فئة من المصريين تعانى بشدة من ضغوط المعيشة، وأن هذه الفئة تزداد وتتسع، وأن شرائح من الطبقة الوسطى تهبط إلى الشرائح العليا من الطبقة الدنيا، وأن الأخيرة تتسع على نحو بات يرهق الأسرة المصرية التى تحولت من الطبقة الوسطى المستورة إلى الطبقة الدنيا المكشوفة، كل ذلك صحيح، ولكن الصحيح أيضاً أن البلاد تمر منذ خمس سنوات بظروف صعبة للغاية، كلما تغلبت على صعوبة من الصعوبات تفجرت أخرى، فنحن دولة تم فيها ضرب مصادر الدخل القومى الواحد تلو الآخر، بفعل الانفلات الأمنى بعد الخامس والعشرين من يناير، ثم ضرب السياحة، وتوقف الإنتاج الموجه للتصدير، ويجرى السطو على تحويلات المصريين من الخارج فى مناطق عملهم وبسعر مرتفع، كما تدنى دخل قناة السويس، وتم ضرب علاقة مصر بالدول الحليفة والصديقة ومصادر السياحة (روسيا ثم إيطاليا) وتضامن الاتحاد الأوروبى مع إيطاليا، وتواصلت ضغوط الولايات المتحدة، ولم تتوقف مؤامرات الأعداء (قطر وتركيا)، كما يجرى ضرب العلاقات المتميزة مع دول عربية (السعودية ومحاولات فى الطريق مع الإمارات)، وتقلصت مصادر البلاد من العملة الصعبة بما أدى إلى ارتفاع قيمة الورقة الخضراء أمام العملة الوطنية على نحو غير مسبوق، والنتيجة المنطقية لذلك ارتفاع الأسعار مع موجة تضخم واستغلال التجار للموقف والقيام بخلق سوق موازية تباع فيها بعض السلع بأسعار مرتفعة (الأرز والسكر على سبيل المثال).

أدى كل ذلك إلى حالة من الغضب الشعبى، ولكنه غضب نابع من ضيق ذات اليد، وعدم القدرة على تدبير أمور الحياة والمعيشة، ولكنه أبداً لم يكن من النوع الذى ولّد حالة من الغضب العارم ضد النظام ورغبة فى الخروج فى ثورة على النظام، لكنه غضب يطالب بتحركات عاجلة لوقف موجة غلاء الأسعار وضبط الأسواق، لا سيما أنه لا يوجد من وجهة نظر شعبية ما يبرر هذه الارتفاعات فى الأسعار وحالة الغلاء غير المسبوق، ولو كان الشعب المصرى يرى مبرراً وطنياً للتحمل لفعل ذلك عن طيب خاطر، فكثيراً ما تحمّل الشعب شظف العيش من أجل طرد المحتل من ترابه الوطنى وأيضاً حفاظاً على استقلال الوطن واستقلالية قراره.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل