المحتوى الرئيسى

فؤاد عامر يكتب: كلية طب.. التقدير خسرنا «كتير»! | ساسة بوست

10/20 16:18

منذ 1 دقيقة، 20 أكتوبر,2016

لا أشفق على أحد أكثر ممن يلتحقون بكلية الطب، وهل يستحق سواهم الإشفاق؟! بالطبع لا أخبرك بأن تتركها أو ألا تدخلها -وليس هذا سبب الإشفاق- فأنا بها أصلًا، ولكن المشكلة أنك تدخلها مفعمًا بالأمل والتفاؤل الذي سيخدعك بالطبع في النهاية، كما يقول المثل لا تضع آمالًا كثيرة على الشيء حتى لا تنخدع، أظن الشيء الذين يقصدونه ها هنا هو كلية الطب.

ناهيك عن المواد التي ندرسها فهي قليلة جدًّا، أربع مواد كل سنة حتى الرابعة، ومادتان فقط في السنتين الخامسة والسادسة، فلا تخف كثيرًا من المواد، وخذ برأي أحد أصدقائي في كلية التجارة بأنهم يدرسون حوالي أربع عشرة مادة في السنة الواحدة، فيا له من شيء صعب!

وناهيك عن عدد السنوات السبعة، آسف، أقصد السبعة التي ندرسها بداخل الكلية دعنا من السبعة التي بخارجها الآن. وناهيك عن بدل العدوى القليل نسبيًّا، أتعرف لِم يأخذ القاضي ثلاثة آلاف جنيه كبدل للعدوى وأنت تأخذ تسعة عشر جنيهًا فقط؟ ذلك لأنك طبيب بالطبع ويمكن أن تتعرض لذلك كثيرًا ولكنه قاضيًا مصريًّا لا يُعدَی بل يُعدِي، وهنا تأتي الفكرة، فيمكن أن تُعمِل عقلك فتعرُّضك للعدوى كثيرًا يساعدك في أن تدخر التسعة عشر جنيهًا كي يزدادوا ولكن انسَ أن تصل للثلاثة آلاف ادخارًا قبل أن تموت بالعدوى الأخيرة.

ناهيك أيضًا عن الدراسة ومحتواها فهي سهلة جدًّا، يكفي أن تذاكر مادة «الكيمياء الحيوية» على إحدى شواطئ الساحل الشمالي ليلًا فيا لها من مادة ممتعة! وما بالك بلحظة دخولك المشرحة بالبالطو الأبيض وأنت تمسك بالمشرط كي تفتح بطن الجثة مشرحًا إياها؛ لترينا ما بداخلها -هذا في السنة الأولى بالطبع- ونحن ننبهر!

وناهيك عن فتيات كلية الطب، فأنا أعرف أن الفتيات الجميلات لا يدخلن كلية الطب ولكنني -وإن كنت أريد اللطف منهن قليلًا- لا أهتم. عش بدراستك وهدفك فقط وحينما يأتي وقت الزواج -وهذا إن أتى- تزوج بفتيات من خارجها.

اترك كل ما يقولون عن الكلية وراء ظهرك الآن واذهب لعمل كوبٍ من القهوة السادة وتخيل معي.. هلّا أتيت؟

تخيل أنك بداخل ذلك المكان، وتطير في الهواء ومعك حارسان بالطائرة المتجهة إلي بريطانيا والتي تسير بسرعة كبيرة، ها قد وصلت، تنزل منها آخر واحدٍ وأنت تنظر لكتفك نظرة فخر مستخدمًا عضلات العين التي تحفظها منذ السنة الثانية بدرس الأناتومي بالطبع! وهنا يظهر رئيس الوزراء البريطاني تحت الطائرة منتظرًا إياك وهو متوسل لأن تسرع بالقيام بالعملية لابنته التي تحتضر، تلبس البالطو، تمسك المشرط مرة ثانية، وتطلب من الوزير بلهجتك الأجنبية التي تعلمتها مع اللغتين الآخرين:

– Get the hell out of the location. – Now!

ثم ها أنت تفعلها، فتستفيق الفتاة ذات الستة عشر عامًا وتحتضنك، ويا لجمال البريطانيات في أحضانهن! ثم يأتي الوزير ويشكرك لأنك لم تؤخر له الطلب وأتيت من مصر «عين شمس» سريعًا؛ کي تفعل ما لن یستطيع الأطباء البريطانيون فعله، ثم يطلب منك أن تأتي في زيارة الأسبوع التالي للحفل الذي أُعد لك بحضور الملكة البريطانية.

ويأتي اليوم المنتظر، لتتسلم وسام الاستحقاق البريطاني (Order of merit). وها أنت الآن فخرٌ لمصر وللعالم.

ادخل كلية الطب يا صديقي كي تكون هكذا، ولا تفكر في أن مرتبك سيكون 273 جنيهًا، لأنه يزداد عامًا بعد عام، فقد كان 270 فقط منذ ثلاث سنوات.

وتذكر أنك يمكن أن تصبح مثل د. مجدي يعقوب، ودعني أخبرك بقصتك في الكلية لتكون د. مجدي يعقوب.

في السنة الأولى ستخرج ناجحًا لأنك كنت تملك الهمة العالية والأمل والحلم، ولذلك ستحصل على تقدير «مقبول»، ثم بعد الحزن يومين ستحدث نفسك قائلًا:

– لن أيأس «فمجدي يعقوب» -دون أن تضيف حرف الدال قبل اسمه- تخرّج من الكلية بتقدير عام «مقبول» غير أنه خرج بمادةٍ وأنا ناجحٌ تمامًا.

ثم تأتي السنة الثانية وتقل الهمة قليلًا فتخرج بمادةٍ في الدور الثاني، بعد الحزن القليل ستحدث نفسك قائِلًا:

– وها هي المادة التي خرج بها «يعقوب» من الواضح جدًّا أنني سأكون مثله. وتهلل كثيرًا لأنك تسير على هذا النهج.

ثم تأتي السنة الثالثة -التي هي أسهل سنوات الكلية- فتكبر قليلًا ويكبر مستوى تفكيرك وتدرك كم التنمية البشرية التي كنت تسير على نهجها في السنتين السابقتين، وهنا تقرر إلغاء فكرة «المجدي يعقوب» ثم تبدأ من جديد لتخرج بامتياز أو جيد جدًّا للسنوات الآتية، ذلك ليس لأنك لغيت الفكرة بل لأن السنوات الآتية سهلة بالطبع!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل