المحتوى الرئيسى

ماذا يحدث بعد تحرير الموصل؟.. هكذا ستكون علاقة السنة بالشيعة

10/20 03:05

ينص الميثاق التأسيسي لليونسكو على أنه "إذا كانت الحروب تبدأ بفكرة في عقول البشر، فيجب أن يُرسَّخ الدفاع عن السلام في عقول البشر أيضاً".

ويبدو أن الشيء الوحيد الذي تتفق عليه جميع الأطراف العراقية بشأن معركة الموصل الجارية هو هزيمة "تنظيم الدولة الإسلامية" في الموصل واستعادة المدينةـ وفق ما ذكرت صحيفة الغارديان.

تُشير التقارير الحالية إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل يتعرض لخسائر عسكرية كبيرة جراء الضربات المُكثفة التي يتلقاها من القوات العراقية والتحالف الدولي.

النزاع بين السنة والشيعة قائماً في الموصل

لكن يبقى النزاع بين السنة والشيعة قائماً في الموصل، وسيبقى ضمان استقرار وأمان السُنة في الموصل التي يُهيمن عليها الجانب الشيعي الحاكم أمراً صعب المنال. وهذه هي المعركة الأساسية التي لا خاسر فيها ولا رابح، إذ ستظل دوامة التناحر بين السنة والشيعة مستمرة دون التوصل إلى حلول تضمن التعايش السلمي بين الطائفتين.

بٌنيت الانتصارات المبدئية لتنظيم داعش في الموصل على عدم مُقاومة السُنة التي يئست من عدم تحرك الحكومة في بغداد، والتي تتمتع بأغلبية شيعية. وإذا لم يتغير هذا الدافع، فستتحول الهزيمة العسكرية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق إلى صراع طائفي مُشتعل وسيُعلن عن تحول قريب للتطرف.

تُعيق العبوات الناسفة المنتشرة في جميع أنحاء العراق والانتحاريين عملية إعادة إعمار المُدن العراقية وتُزعزع استقرار الحكم، مع استمرار دوامة الظلام وعدم الاستقرار.

يحتاج ترسيخ السلام في العراق إلى دعم وتحالف كافة الأطراف العراقية، لكن هذا الأمر غير موجود حالياً.

إذا استمر تنازع الأطراف العراقية على المدن قائماً فلن تتمكن المنظمات الإنسانية الدولية من مباشرة مهامها بحيادية في العراق. وسيَصعُب عليها أيضاً القيام بمهمة إعادة النازحين في الداخل إلى ديارهم، من خلال إزالة المتفجرات، في ظل استمرار دعم السكان المحليين للمُسلحين بعد أن انخرطوا مع السكان وأصبح من الصعب تمييزهم.

يحتاج تحقيق السلام في العراق وقتاً طويلاً بالإضافة إلى اهتمام كبير من جانب المجتمع الدولي أيضاً. وقد يتسبب تكثيف التغطية الإعلامية للمعركة القائمة مع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في لفت الأنظار بعيداً عن الأماكن المحررة بالفعل، التي تحتاج إلى إقرار السلام الدائم بها.

فوق كل ذلك يُعاني النسيج الوطني العراقي من التمزق، حتى في مدينة البصرة التي تُعد أغنى ميناء نفطي في العراق، وتقع في الجنوب الشيعي العراقي بعيداً عن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. وقد تضاءلت هناك آمال التعايش السلمي ولم يعد هناك أي ثقة في الحكومة، بعدما انهارت اللُحمة الوطنية.

لا يقتصر انهيار النسيج الوطني في العراق وحسب، بل تُعاني الساحة الدولية من نفس الأزمة، فأنظمة الحُكم في كثير من الدول تُحاول جاهدةً أن تتماسك، ليس بسبب مصداقيتها الدائمة، بل بسبب عدم وجود البديل الجدير بالاختيار. فالمبادئ الحقيقية للعبة تُغطى دائماً بالعبارة السياسية المطاطة "الحقائق الجارية على الأرض".

هذا ما يحدث في معظم أنحاء العالم، فبالنظر إلى السياسات الإسرائيلية تجاه الصفة الغربية (وخاصة تلك التي تتعلق ببنائها للمستوطنات التي تنتهك أحكام القانون الدولي)، وأيضاً ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وموقف الصين من خريطة التسعة خطوط وبحر الصين الجنوبي.

وكما قال هنري كسنجر منذ سنوات عديدة "إن التصريح السياسي غير المستند على قوة عسكرية يُعتبر هراءً ليس له فائدة".

الغرب تخلى عن أخلاقه وعن الديمقراطية

أدت مكاسب أوروبا في نهاية الحرب الباردة ومكاسب بريطانيا بعد أفغانستان إلى استخدام القوى الناعمة لتعزيز الاتفاقيات بدون تحديد الوسائل الملزمة لهم بتنفيذها في حالة انتهاكهم للاتفاق. وعلاوة على ذلك فقد تخلى الغرب عن أخلاقه الرفيعة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول من خلال تحقيقه للمكاسب النفعية، فقد بقيت أوجه القصور الشائكة للديمقراطية الليبرالية دون تمييز أخلاقي واضح بين الديمقراطيات الليبرالية المُسلم بها أثناء الحرب الباردة وبين خصومها.

وقد ساد مبدأ "القوة تصنع الحق" في كل مكان بالعالم. وهذا يأخذنا إلى الحديث مجدداً عن معركة الموصل، ورغم أن وسائل الإعلام تتحدث عن هذه المعركة وكأنها حرب بين قوى الخير (قوات التحالف) وقوى الشر (تنظيم الدولة الإسلامية)، إلا أن الواقع الملموس على الأرض يشهد غموضاً واختلافاً بحسب الروايات الكثيرة التي تتحدث في هذا الشأن.

ما زال التنافس جارياً على النهاية السياسية في العراق وسوريا. إذ تُعطي معركة الموصل الفرصة لهؤلاء الذين يملكون خيوط اللعبة لخلق "حقائق على الأرض" وسيُصبح من الصعوبة بمكان زحزحة هذه التدخلات. وقد اختار الكرد الانضمام لقوة الأقوى بالتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن ذلك لن يضمن لهم الوضع السياسي المستقل الذي يسعون إليه. وعلى صعيد متصل، توجهت تركيا بإنزال قوات قرب الموصل لحماية المدنيين من "داعش" كما أنها تمتلك مقاتلين سنة.

ويبدو أن النخبة في واشنطن منقسمة بين الجانب المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية، والذي يسعى إلى إجراء اتفاق مع روسيا (أوباما ووزير الخارجية الأميركي جون كيري)، والجانب الآخر الذي يسعى إلى تعزيز دور المعارضة المعتدلة (البنتاغون)، والجانب الذي يُطالب برحيل النظام السوري (وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية).

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل