المحتوى الرئيسى

حكومة وطنية

10/19 22:04

الأزمة فى مصر الآن مركبة، فهناك أزمة اقتصادية طاحنة ناتجة عن اتخاذ حزمة من الإجراءات الاقتصادية تنفيذاً لشروط صندوق النقد الدولى، وتنفيذ قانون الضريبة المضافة، وانخفاض حاد فى سعر العملة الوطنية فى السوق غير الرسمية وارتفاع حاد فى سعر الدولار حتى وصل إلى ضعف قيمة الجنيه المصرى تقريباً الأمر الذى انعكس على أسعار السلع بما فى ذلك السلع الأساسية، الأمر الذى دعا البعض إلى محاولة الوصول إلى اتفاق ودى مع التجار لتخفيض الأسعار 20%، ولا أعتقد أن هذه المحاولة قابلة للنجاح، لكن تعكس حقيقة أن هناك أنيناً لدى قطاعات واسعة من المواطنين، الحكومة فى الحقيقة عاجزة عن السيطرة على الأسعار وعاجزة عن اتخاذ قرارات تعالج الآثار الجانبية للقرارات الاقتصادية التى اتخذتها، فأصبحت لدينا أزمة سياسية حكومة تفتقد القدرة لترويج سياستها لدى المواطن المصرى، فهل من سبيل للخروج من هذه الأزمة المركبة؟

رغم أن الدستور المصرى تم تصميمه لكى تتم توزيع الصلاحيات للسلطة التنفيذية بين الرئيس وحكومة منتخبة شعبياً حاصلة على أغلبية أصوات الناخبين وأغلب مقاعد البرلمان، إلا أن الواقع السياسى المصرى فى الحقيقة عاد مرة أخرى إلى أن الرئيس يحكم والحكومة هى عبارة عن سكرتارية للرئيس، فضلاً عن غياب قوى حقيقية فى البرلمان لها صلة بالجماهير أو قادرة على التأثير فيها أو صنع رأى عام، فالدستور بهذا التصميم أراد أن يجعل الحكم فى مصر يستند إلى حزب أو تحالف حزبى حاكم يتمتع بجماهيرية وقواعد شعبية وقيادات طبيعية، هذه الجماهيرية تحقق الاستقرار لقدرتها على التواصل مع الجماهير وإقناعها بسياستها، أما إذا لم تستطع أن تتواصل وتصاعدت الانتقادات لسياسات الحكومة تطرح الثقة فيها فى البرلمان.

بعد الانتخابات البرلمانية لم تتشكل فى البرلمان كتلة حزبية متجانسة تتمتع بشعبية كبيرة، حتى تحالف من أجل مصر كان الشعار الأساسى له هو أن يشكل كتلة لمساندة الرئيس، الأمر الذى انعكس حتى على الأحزاب التى حازت على أغلب مقاعد البرلمان فلم تتشكل قوى معارضة لها وزن يذكر فى البرلمان باستثناء عدد من الأعضاء لا يتجاوز عددهم عشرون نائباً شكلوا تحالفاً سمى تحالف 25 /30 إلا أنه لم يمكن من بلورة رؤية سياسية يمكن أن تبنى عليها رؤية سياسية لا سيما أنها تضم أعضاء لهم خلفيات سياسية مختلفة، فضلاً عن أنه لم تظهر كمعارضة جذرية فى البرلمان، فحتى الآن لم يقدم استجواب رغم وجود الكثير من السياسات الحكومية التى لا تحظى بقبول لدى المواطنين بل وحجم الانتقادات تتصاعد فى الشارع المصرى ضد الفساد ولم نسمع أو نرى استجواباً تهتز له أرجاء البرلمان رغم تحقيق البرلمان فى فساد بالمليارات فى توريد القمح للصوامع ولم تستخدم كذلك الأدوات البرلمانية للمساءلة أو المحاسبة، الأمر الذى أفقد المواطنين الثقة فى قدرة البرلمان على محاسبة الحكومة.

لا يجب أن يترك الرأى العام والمواطنون يضربون أخماساً فى أسداس، أو يبحثون عن الحل خارج الأطر الدستورية والسياسية القائمة فمهمة الآليات الديمقراطية أن تجد مخرجاً كلما وصلت الأمور إلى الحائط السد، منها تغيير الحكومة والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة أو تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم أغلب القوى والأحزاب السياسية، لكى تتحمل المسئولية فى هذه المرحلة، وأن تعمل أيضاً على أن تكون سياساتها تراعى الأغلبية من المواطنين، وأن تراعى البعد الاجتماعى والبحث فى بدائل لا تؤدى إلى سيناريوهات تتفادى الانهيار الاقتصادى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل