المحتوى الرئيسى

حرب الأموال القذرة تشتعل.. مليارات الصناديق الخاصة تفضح أكبر قضية فساد مالي.. ‏مطالبات بضمها للموازنة العامة.. وخبراء: "جردها سيُحدث هزة كبيرة"‏

10/19 21:03

ما أن يهدأ الجدل حول قضية فساد تُكتشف في مصر حتى تشتعل أخرى، تفضح عمليات النهب التي ‏تتعرض لها أموال الشعب، وكأن الحكومة باتت ترقد على بركان من فساد لا يلبث ويطلق حممه ‏كل فترة، وها هو الرأي العام على أعتاب قضية فساد جديدة على وشك الانفجار مُجددًا.

المعركة تلك المرة تُقاد ضد الصناديق الخاصة بالوزرات والهيئات، التي يحوم حولها شبهات فساد عدة، ‏ووصفها الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب بـ"بوابة الفساد الكبرى"، بعدما أعلن البرلمان ‏الحرب عليها وطالب أعضاؤه بكشف الفساد بها وجردها من أجل ضم أموالها إلى الموازنة العامة لمساندة ‏الاقتصاد.‏

بداية.. تُعرف الصناديق الخاصة، بإنها أوعية مالية موازية في الوزارات أو الهيئات العامة، ويتم إنشائها ‏بقرارات جمهورية، لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات وغير ذلك من الموارد، لتحسين ‏الخدمات التي تقدمها الهيئات العامة والوزارات.‏

‏ولا تدخل حصيلة الأموال الموجودة في الصناديق الخاصة إلى خزينة الدولة ولا يتم الاستفادة منها في ‏الموازنة العامة ولكن لسد حاجات الوزرات، وبالتالي لا يناقشها مجلس النواب، ولكنها تخضع لرقابة ‏الجهاز المركزي للمحاسبات.‏

عرفت مصر فكرة الصناديق الخاصة، خلال حرب 1967، حيث كانت في مهدها، ولكن لجأت إليها ‏الحكومة لتخفيف لتخفيف العبء المادي الواقع عليها من الوزرات؛ نتيجة عدم القدرة على سد بعض ‏الاحتياجات في الموازنة العامة للدولة.‏

وكانت تسمى في البداية، بصندوق النظافة، وفقًا للقانون رقم 38 الذي تم إصداره عام 1967، ونص على ‏إنشاء صندوق للنظافة في المحليات، وتمويله من خلال فرض رسوم نظافة محلية، وتلاه قانون آخر يحمل ‏رقم 53 عام 1973، في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات.‏

ونص القانون على إنشاء الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص بالوزارت، مع إمكانية إصدار ‏قرارًا جمهوريًا، يسمح بإنشاء صناديق تخصص لها موارد معينة، ويتم إنفاق أموالها في جهات محددة، ‏وتملك الصناديق موازنة خاصة بها خارج الموازنة العامة للدولة، وتتبع الجهات المختلفة.‏

وجاء من بعده الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي زاد انتشار الصناديق الخاصة في عهده، وانتشرت ‏في كل الوزارات والمحافظات والشركات القابضة، وصدرت سلسلة من القوانين تعطي الحق للعديد من ‏الجهات في إنشاء صناديق خاصة.‏

التلاعب في حجم تقديرات أموال الصناديق الخاصة، بدأت خلال عام 2010/ 2011، حينما أعلن الجهاز ‏المركزي للمحاسبات، أنها بلغت 14.1 مليار دولار بنهاية حكم "مبارك"، ولكن في بداية العام المالي ‏‏2012/ 2013، كانت الحصيلة 9.4 مليار دولار، ما يعني أن 4.7 مليار دولار من حصيلة هذه الصناديق ‏فقدت.‏

وتناقصت بشكل حاد خلال 2014، حين أعلن وزير المالية، هاني قدري دميان، أن الحجم الكلي لأموال ‏الصناديق الخاصة لم تزد على 3.8 مليار دولار، لكنه فشل في توضيح حقيقة الـ5.6 مليار دولار التي ‏فقدت من إجمالي حجم أموال الصناديق الخاصة للسنة المالية الفائتة.‏

وفي تلك الآونة،‎ ‎وصف هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي آنذاك، الصناديق الخاصة، بشبكة الأموال ‏القذرة والباب الخلفي للفساد، متوقعًا أن تهشد مصر بسببها أكبر قضية فساد مالي قريبة.‏

الحديث عن الفساد المتفشي داخل الصناديق الخاصة، بدأ مع الأزمة التي نشبت بين الجهاز المركزي ‏ووزارة الداخلية، حين بعث الأول في أحد أيام شهر مارس الماضي، ببعض المدققين الحكوميين إلى مبنى ‏الوزارة، بهدف كشف مخالفات من السجلات المالية لها، بعد مزاعم استنزاف عدد من المسؤولين في ‏الوزارة أموال الدولة لصالحهم، والتي تقارب الـ12 مليون دولار كمكافآت ومزايا مالية.‏

ولكن الوزارة وقتها رفضت مراجعة الحسابات، وتجاهلت تدخل إبراهيم محلب رئيس الوزراء آنذاك ‏لتذليل العقبات أمام المراقبة، وكان رفضها بدعوى أنها المراجعات المالية للصناديق الخاصة بالوزارة ‏سرية ولا يمكن الإطلاع عليها، بالرغم من استجابة وزارة الدفاع قبلها لنفس عملية المراقبة.‏

وبعد ثمانية أشهر، أعلن "جنينه" أن عناصر وزارة الداخلية قاموا بالسطو على غرفة يتردد دائمًا عليها ‏المدققون التابعون لجهاز المحاسبات، واستولوا على سجلات التحقيق وأجهزة كمبيوتر محمولة، مبررة ‏ذلك بإنها حرب على الإرهاب، وأن الطريقة التي تُنفق فيها أموال الدولة يجب أن تبقى سرًا‎.‎

ويري العديد من رجال الاقتصاد والأجهزة الرقابية، أن الصناديق الخاصة يتم استخدامها لتخبئه أموال ‏الدولة المسروقة من قبل المسئولين، حتى لا تدخل في خزينة الدولة، الأمر الذي أتاح لهم الفرصة للحصول ‏على المكافأت والأموال بعيدًا عن أعين الجهات الرقابية.‏

فساد تلك الصناديق يتضح أيضًا في مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي فور توليه الرئاسة، بسرعة التحقيق ‏في شرعية أموال الصناديق الخاصة، وضم أموالها في الموازنة العامة للدولة، كي يتم القضاء على ‏التلاعب في أموال تلك الصناديق.‏

وعن ذلك يقول الدكتور وائل النحاس، الخبير المالي والاقتصادي، أن الصناديق الخاصة تخضع لمراقبة ‏عدة جهات، أولها وزراة المالية المختصة ببحث أوجه الصرف قبل وبعد إنشاء الصندوق، والرقابة المالية ‏التي تختص برحلة إنشاء الصندوق حتى يتم حله، وأيضًا رقابة الجهاز المركزي، ورغم ذلك تعاني من ‏فساد كبير.‏

ويوضح أن الفساد المتفشي في الصناديق الخاصة، يقع على عاتق كلًا من وزارة المالية التي لأنها تعطي ‏الموافقة على أوجه الصرف، والمركزي يرصد أي مخالفات لها، والرقابة المالية التي تبحث تلك المخالفات من ‏خلال اجتماعات مجالس الإدارات الموجود بها الصناديق.‏

ويشير إلى أن الفساد يتم حين تطلب الإدارة أو الوزارة إنشاء صندوق لأغراض معينة، ثم يصرف منه ‏على غرض واحد ويتم اختلاس ما في الصندوق، بعدما أعطته تلك الأغراض الصك الشرعي رسميًا، أو ‏عن طريق إنشاء مشاريع معينة من أموال الصناديق وسرقة عوائدها بنسبة أعلى من التي حدتها لائحة ‏الصندوق".‏

ويؤكد أن ضمها للموازنة العامة يطمس عملية كشف الفساد الموجود بها، لاسيما أن الصناديق تحوي ‏أجور للعاملين بالوزارت والهيئات ما يضيع حقوقهم، متوقعًا أن جرد الصناديق يكشف تلاعب وفساد كبير ‏بها.‏

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل