المحتوى الرئيسى

استثمارات الإمارات في صربيا.. هدايا أم مصالح؟

10/19 13:11

ارتسمت البسمة على وجه ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وهو يتسلم قميصا لفريق النجم الأحمر الصربي ونموذجا لكأس الأمم الأوروبية، كما بدت السعادة على وجه ألكسندر فوغيغ نائب رئيس الوزراء الصربي، الذي يحلو له وصف ضيفه العربي بالصديق.

لكن قميص بطل أوروبا السابق ليس هو السبب الرئيسي للزيارة التي تركز بشكل أساسي على العديد من الصفقات التجارية بين البلدين، فالعلاقات الاقتصادية بين الإمارات وصربيا متنوعة، ففي أغسطس/آب الماضي اشترت شركة الاتحاد الإماراتية للطيران حصة 49% في شركة "جات أيروايز" الصربية.

كما تجري المفاوضات بشأن استثمارات محتملة لصندوق الثروة السيادي الحكومي لأبو ظبي "مبادلة" في أحد مراكز البيانات في صربيا، بالإضافة إلى المشاورات بشأن حصول صربيا على قرض إماراتي تقدر قيمته بين مليارين وثلاثة مليارات دولار في عام 2014.

تصف فيرينا شتروبل من المصرف البافاري الألماني هذه الاستثمارات بالاقتصادية البحتة الخالية من أي أبعاد جيوسياسية، وتوضح أن الإمارات تسعى في هذه المرحلة لإضافة المزيد من التنوع لعملها الاقتصادي ولذلك تبحث عن مراكز جديدة للاستثمار.

وأضافت شتروبل "ثمة محاولات (إماراتية) لبناء دعامات اقتصادية جديدة بعيدا عن النفط، ويتجلى هذا الأمر بوضوح في دبي التي تستثمر بشكل مكثف في مجال السياحة وتحاول تعزيز صورتها كمحور تجاري".

وعن تغير وجهة الاستثمار وابتعادها عن أوروبا، توضح شتروبل أن معدلات النمو في أوروبا حاليا ليست في أفضل أحوالها، وبالتالي فهناك أماكن أكثر جذباً للاستثمار لاسيما في آسيا أو منطقة البلقان.

ويقدر نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في الإمارات بحوالي 65 ألف دولار بزيادة عشر مرات عن مثيله في صربيا.

ويرى الخبير الصربي في الاستثمارات الأجنبية ميلان كوفاتشفيتش فرصة جيدة لارتفاع معدلات النمو في صربيا بعد سنوات من التراجع.

ويتوقع الخبراء نمو الاقتصاد الصربي بنسبة 2.5% خلال العام الجاري، لكن مع توقعات مماثلة بارتفاع حاد في عجز الميزانية، ووصلت قيمة العجز خلال العام الحالي وحده ما يقرب من 4.7% من إجمالي الناتج المحلي، الأمر الذي دفع وزير المالية الصربي قبل أسبوع للتحذير من إمكانية إفلاس البلاد.

وأعلنت صربيا إجراءات تقشفية لإعادة توازن الميزانية، منها خفض أجور نحو سبعمائة ألف من موظفي الدولة بمقدار 25%، بالإضافة إلى زيادة قيمة الضريبة المضافة من 8% إلى 10%.

ومن المنتظر أن يساعد القرض الإماراتي لصربيا في إعادة التوازن لميزانيتها، لاسيما وأنه قرض بفوائد مخفضة. وعن تأثير القرض على الإمارات، تقول شتروبل "الإمارات شديدة الثراء مما يعني أن السوق هناك يصل إلى حالة التشبع في مرحلة ما، وبالنسبة لدولة كهذه لا تلعب قيمة الفوائد على القروض دورا كبيرا".

وينظر نائب رئيس الوزراء الصربي للقرض الإماراتي بوصفه هدية تقريبا، وهو تصريح أغضب الاقتصادي كوفاتشفيتش الذي قال "لا يمكن مقارنة القرض بالهدية، فالهدية لا ترد بعكس القرض".

وأشار إلى الثمن غير المرئي للقروض والمتمثل في المزايا التي يحصل عليها مُقدم القرض، مستشهدا بمثال حديث يتجلى في بناء جسر في بلغراد تم تمويله بقرض من الصين التي عملت على أن تحصل شركة صينية على صفقة بناء الجسر، مما يعني أن الأمر في النهاية بمثابة "استيراد جسر من الصين" حسب كوفاتشفيتش.

ويتحدث الخبراء عن وجود مصالح إستراتيجية خاصة بصناعة السلاح الصربية وراء هذا القرض السخي من الإمارات، خصوصا وأن قطاع التسلح الصربي هو أقوى قطاع تصدير في البلاد، ويقول كوفاتشفيتش "صناعة السلاح مربحة للغاية وتتحكم فيها القوى الكبرى.. من البديهي أن تبحث صربيا عن سوق هناك، فلدينا إمكانيات تصنيع مهمة في ما يتعلق بأسلحة الصيد والذخيرة".

الحديث عن القروض الضخمة والاستثمارات الواسعة ما زال في مرحلة المناقشات، لكن الصفقة الوحيدة الثابتة حتى الآن هي شراء طيران الاتحاد 49% من "جات أيروايز" الصربية التي تؤرق الحكومة الصربية منذ سنوات بسبب تكبدها خسائر وتعتمد بشكل كبير على دعم الدولة.

وستفتح الصفقة مع طيران الاتحاد الباب أمام إجراء تغييرات شاملة على شركة الطيران الصربية بداية من الاسم الذي سيصبح "أير صربيا"، والتوفر على أسطول جديد من طائرات أيرباص وشطب لبعض الوظائف بهدف وضع الشركة على طريق تحقيق الأرباح.

ويوضح خبير الطيران هاينريش جروسبونغرات الفوائد الاقتصادية من دعم "جات أيروايز" قائلا "هذه الصفقة مفيدة لشركة الاتحاد للطيران، لأن الخطوط الصربية تقوم برحلات لا تغطيها شركات الطيران الأوروبية الكبرى لاسيما الرحلات داخل منطقة البلقان أو إلى مدن في شرق أوروبا، وهي رحلات لا تهتم بها شركات كبرى مثل لوفتهانزا أو أير فرانس".

ويستشهد خبير الطيران بمثال شركة "أير برلين"، ثاني أكبر شركات الطيران الألمانية، وشراء شركة الاتحاد حصة 29% منها، وهو أمر عاد بالنفع على الطرفين.

ويضيف "حققت أير برلين أرباحا إضافية كبيرة من خلال ما يعرف في عالم الطيران بنظام المشاركة بالرمز. سجلت الشركة خلال النصف الأول من العام 450 ألفا من الركاب المشتركين مع شركة الاتحاد، معظمهم من الركاب الذين لم يكونوا ليختاروا أير برلين في الظروف العادية ودون هذه الاتفاقية".

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل