المحتوى الرئيسى

الضرائب التصاعدية.. هل هى الحل؟ | المصري اليوم

10/19 01:23

لا أحد ينكر أن أزمة مصر الحالية هى - فى المقام الأول - أزمة مالية اقتصادية.. وما يسببه ذلك من أزمات اجتماعية وثقافية.. وسلوكية.. وعندما كتبت هنا، أمس، أشرح سوء الأوضاع المالية للدولة.. كنت أريد أن أقول لكل المصريين، إن نقص الموارد المالية هو أخطر ما تتعرض له مصر، فالدولة - أى دولة - مهمتها الأولى هى حسن إدارة مواردها.. وإننا نعانى من عجز فى كل الموارد المالية عن الوفاء بمتطلبات الجماهير.

وصباح أمس اتصل بى الدكتور إبراهيم فوزى ليشرح ويضيف ويفسر أسباب ذلك، وقبل أن نذكر هنا ما قاله لى أمس.. وحتى يكون لكلامه ولما قاله قيمته، يجب أن تعرفوا بعضاً عن الدكتور إبراهيم فوزى.. والرجل وإن كان البعض يعرفه وزيراً للصناعة - عندما كان الوزير وزيراً - إلا أنه أيضاً وبسبب أفكاره غير التقليدية تولى مسؤولية جهاز الاستثمار، فى فترة كنا نتوقع أن يكون ذلك بداية طيبة لمصر.. وهو من أساتذة الهندسة غير العاديين.

فهو مثلاً حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة لندن عام 1969، ثم أصبح أستاذاً للهندسة بجامعة القاهرة، وبعد 10 سنوات عاد إلى لندن مستشاراً ثقافياً لمصر هناك من عام 1979 إلى عام 1983، وهناك أنشأ مجلة فصلية باسم «مصر»، وظل هو محررها الأساسى، كما أدار وأنشأ كتاباً رائعاً عن الحضارة المصرية القديمة، أيضاً خلال وجوده فى لندن. وظل أستاذاً باحثاً فى جامعة لندن لسنوات.. ولكن من أهم إنتاجه العلمى والتاريخى إصداره لواحد من أهم الكتب التى تناولت تاريخ مصر فى فترة وجود حملة بونابرت فى مصر، من خلال إعادة قراءة وتقديم كتاب أو موسوعة «وصف مصر» العظيمة.. وذلك بالاشتراك مع عالم الآثار روبرت أندرسون الذى ساهم فى الكثير من الكشف عن الآثار المصرية فى سقارة وفى النوبة.. وهذا الكتاب كنت أزور مرة وزير خارجية فرنسا - فى مكتبه بباريس - ومعى العزيز نبيل زكى والراحل صلاح الدين حافظ، ولمحت الكتاب.. فقفزت وأمسكت به.. ورجوت الوزير أن أحصل عليه.. ولم يعترض الوزير، وهو صادر عام 1987 ومطبوع فى لندن، ويمكن لمن لا يملك موسوعة «وصف مصر» أن يكتفى بهذا الكتاب!! وأعود لأصل ما ذكره لى أمس الدكتور - واسع الثقافة - إبراهيم فوزى لما أثاره فى مكالمته.

قال: إن الدولة لا تستطيع تقليل الرواتب، ولا تقليل مخصصات الدعم، إلا فى حدود، حتى لا تثور الجماهير.. ولا أن توقف عمليات التنمية.. بهدف تقليل مصروفاتها.. ولكن الطريق الأفضل هو زيادة موارد الدولة بكل السبل.. والحل هنا هو أسلوب الضرائب التصاعدية. أى تأخذ ممن يتكسبون وتعطى لمن يحتاج.. وفق نظام شديد الشفافية. ويضيف: إن كبار المليارديرات يكادون لا يدفعون الضرائب.. والدليل - كما يرى - هو هذه الفيلات التى تباع الواحدة الآن بحوالى 30 مليون جنيه.. وعدم اقتناع الدولة بتطبيق الضرائب التصاعدية يعطى الفرص للسمك الكبير ليأكل السمك الصغير. هنا لابد من أن تزيد الضرائب على دخول الأغنياء.. ولا خوف من احتمالات هروب هؤلاء إلى الخارج.. إذ معظم الدول تطبق هذه التصاعدية فى الضرائب.. حتى ماليزيا أقامت نهضتها - مثلاً - بتطبيق هذه الضرائب.. ويرى الدكتور فوزى أن الحيتان الكبيرة تتحد فى معظم نشاطاتها مع بعضها. وإذا كنا عرفنا من زمان شركات احتكار توزيع الأسمنت.. فإننا نعانى الآن مثل هذه التربيطات.. وبالذات فى مجال الاستيراد، وبالذات فى السلع الاستراتيجية مثل القمح والأرز والسكر وزيوت الطعام.

ولا أحد يطلب الآن مطاردة هؤلاء «الحيتان» ولكننا نطالبهم بحق الفقراء، والضرائب التصاعدية هى الأساس.. وهى الوسيلة. وضرب مثلاً بأساتذة الجامعة فى بريطانيا.. حيث يدفعون للدولة 40٪ من رواتبهم بهذه الطريقة وهكذا.

■ والهدف، كما يقول الدكتور إبراهيم فوزى هو تقليل الفجوة بين موارد الدولة.. وبين ما هى مطالبة بتنفيذه. خصوصاً مع صعوبة تقليل الإنفاق على الدعم، ومع استحالة تجميد أو تخفيض الأجور والرواتب.. وإذا رفض هؤلاء الضرائب التصاعدية.. مع السلامة.. ولا نخشى من هروب المستثمرين الجادين.. بشرط الشفافية المطلقة ووجود قوانين ثابتة لا تتغير مع الظروف.

■ ويؤكد أنه لا توجد دولة فى العالم تحافظ على اللصوص وتتركهم يمتصون أموال الشعب، دون أن يساهموا فى الأعباء.. ولابد من زيادة الضرائب على هؤلاء، وبالذات الذين يحتكرون منظومة الاستيراد السلعى الهام.. لأننا لو سمحنا بذلك، نكون كمن يسمح للغنى أن يزداد غنى.. والفقير يزداد فقراً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل