المحتوى الرئيسى

الدكتور أنور عشقى مستشار الحكومة السعودية الأسبق لـ«المصري اليوم»: المملكة لا تستطيع مساومة «الشقيقة الكبرى» | المصري اليوم

10/18 23:21

اعتبر الدكتور أنور عشقى، مستشار مجلس الوزراء السعودى الأسبق، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية بمدينة جدة الحالى، أن كلمة مندوب السعودية فى الأمم المتحدة عن تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسى، جاء من باب العتاب، وليس من باب الهجوم، وأن كلا البلدين فى حاجة ماسة لبعضهما سياسيا، متهما الإعلام بتأجيج الموقف بين الشقيقتين مصر والسعودية.

وقال عشقى فى حواره لـ«المصرى اليوم»، التى حاورته عبر الهاتف، إن سفر السفير السعودى أحمد عبدالعزيز قطان، إلى المملكة العربية السعودية، الأسبوع الماضى، لم يكن استدعاءً لقطع العلاقات، وإنما كان سعياً من المملكة لاحتواء الخلافات بين القاهرة والرياض، وبحث آليات تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين الدولتين، وأن احتمال قطع البترول عن مصر غير وارد نهائيا، فالتوقف متفق عليه من الطرفين لشهر أكتوبر، مؤكدا أن التقارب السعودى- التركى لن يؤثر على العلاقة بين المملكة ومصر.

■ فى البداية سفر أحمد بن عبدالعزيز قطان، سفير السعودية بالقاهرة، إلى الرياض الأيام القليلة الماضية، أحاطه الكثير من الأقاويل، فما الأسباب الحقيقية، وراء ذلك؟

- بالتأكيد الزيارة كانت على خلفية ارتفاع وتيرة الخلاف المصرى- السعودى، وسعى المملكة لاحتواء هذه الخلافات، التى ساهم الإعلام فى تأجيجها، وذلك ليقوم السفير السعودى بترتيب زيارة وفد مصرى رفيع المستوى إلى المملكة خلال المرحلة المقبلة، وتفعيل دور المجلس التنسيقى المصرى- السعودى، على مستوى الصعيدين السياسى والاقتصادى، وبحث آليات تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين الدولتين، وعلى رأسها مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية.

■ وما سبب تأجيج الخلاف بين البلدين من وجهة نظرك؟

- السبب الرئيسى بلا شك، هو غياب قنوات الاتصال اليومية بين البلدين لإدارة هذه الاختلافات والتنسيق فى شأنها.

■ ولكن البعض رأى أن وقف شحنة البترول إلى مصر من قبل شركة أرامكو، كان ردا على التصويت المصرى فى مجلس الأمن لمصلحة مشروعى قرارين متنافسين فى شأن حلب الأسبوع الماضى؟

- هذا خطأ تداوله الناس، فالتزامن ليس من باب عقاب مصر، كما حاولت بعض وسائل الإعلام المُغرضة الإيحاء بذلك، أو مساومة «الشقيقة الكُبرى» على مواقفها الخارجية تجاه القضايا السياسية، وأود التأكيد أن كلمة مندوب السعودية فى الأمم المتحدة عن تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسى، جاء من باب العتاب، وليس من باب الهجوم.

■ لكن شركة أرامكو السعودية أبلغت وزارة البترول المصرية بشكل رسمى بأن شحنة الشهر الحالى من البترول لن تُرسل إلى مصر، دون أى توضيح لهذا القرار؟

- الاتفاق بين المملكة ومصر، الذى تم توقيعه خلال زيارة الملك سلمان إلى القاهرة فى إبريل الماضى، والذى نص على توريد 700 ألف طن شهريًا من المواد البترولية المكررة من السعودية لمصر لمدة 15 عامًا، كان يتضمن بنداً أن هذا الإمداد سيتوقف خلال شهر أكتوبر، وهذا بعلم المسؤولين فى مصر، لأن المملكة سيكون لديها التزامات مع دول أخرى، وهذا البند مُعلن لمصر منذ توقيع الاتفاقية، وأكدنا على المسؤولين المصريين هذا الأمر قبل التوقف عن إمداد البترول، ودائما تسعى المملكة للتوازن بين التزاماتها تجاه مصر، التى تعهدت بها، والتزامها على الجانب الآخر بتنفيذ استراتيجية 2030 التى تهدف لبناء الاقتصاد السعودى.

■ ولكن البعض توقع أن يمتد التعليق إلى وقف كامل؟

- هذا الاحتمال غير مطروح على الإطلاق، والمملكة ملتزمة بكافة تعهداتها تجاه مصر، والتوقف هذا الشهر مُتفق عليه من جانب الطرفين، وله أسباب خارجة عن إرادة المملكة، والسعودية فى حاجة ماسة لدعم مصر السياسى، وكذلك فمصر فى حاجة للدعم ذاته.

■ هناك بعض الأصوات السعودية الإعلامية مثل «جمال خاشقجى» أوضحت أن التوقف له صلة بتصويت مصر على مشروع القرار الروسى بشأن سوريا؟

- أحد الأسباب وراء تأجج الاختلاف الأخير بين مصر والسعودية، هى الأصوات الإعلامية من كلا البلدين، التى تتبنى منهج التفريق، لا التجميع، و«جمال خاشقجى»، ليس مُقرباً من الدولة، ولا يعبرعن وجهة نظر المملكة الرسمية، وأكدت المملكة فى مرات سابقة أنها ليس لها متحدثين رسميين لها، وهو محسوب على الجماعة التى لها تحيز واضح، ويعتقد الكثيرون أن وجهة نظره مُعبرة عن المملكة، وهو اعتقاد مغلوط، وكُل بيانات المملكة الرسمية توضح ذلك دون مغالطة، أو مواربة.

■ هل ترى أن التقارب السعودى– التركى فى الفترة الأخيرة سينتقص من العلاقات المصرية السعودية؟

- التقارب السعودى– التركى، لن يؤثر على العلاقة بين الرياض والقاهرة، بأى حال من الأحوال، ومن تقرر طبيعة تحالفاتها الاستراتيجية فى المنطقة، هى المملكة نفسها، حسبما تقرره مصالحها، وليس لمصر وصاية عليها، فلكلا البلدين رؤيته لمصالحه، لطالما لم تمس أمنه القومى مباشرة أو تقوّض مصالحه.

■ لكن تركيا، مُمثلة فى رئيسها رجب طيب أردوغان، يعادى السلطة الحالية فى مصر، ويدعم جماعة الإخوان الإرهابية؟

- المملكة تُقدر هذا الخلاف بين البلدين، وسعت المملكة فى الفترة الأخيرة لإحداث حالة من تقريب وجهات النظر بين البلدين، وتجاوز الأزمة الأخيرة بتقديم تنازلات من الطرفين، لاعتبارات تتعلق بتحالف استراتيجى فى المنطقة تكون فيه الدولتان ضالعتين فيه، لكنها لم تنجح فى ذلك رغم مساعيها الدائمة.

■ ولكن من الواضح أن علامات الخلاف بين مصر والسعودية بدأت تطرح نفسها بقوة خلال عهد الملك سلمان خلافاً لما كانت عليه خلال عهد الملك الراحل عبدالله، فما رأيك؟

- الملك عبدالله يمثل مرحلة وتوجها، والأمير سلمان مرحلة أخرى، فالسعودية مرت بثلاث مراحل تاريخياً، الأولى: مرحلة التأسيس وأبطالها الملك سعود والملك فيصل، ومرحلة التمكين والتى تحول فيها الشعب السعودى من الانتماء للقائد إلى الانتماء للنظام، وانتقاله من مرحلة الرعوية السعودية إلى المواطنة السعودية خلال فترة كل من الملك فهد والملك عبدالله، والمرحلة الثالثة فى عهد الأمير سلمان القائمة على سياسة الاحتواء، وتجميع كافة القوى العربية لمواجهة التحديات الخارجية.

■ إذن إلى أى مدى كانت سياسة الاحتواء عاملاً فى توسيع هوة الخلاف بين مصر والسعودية؟

- لم ولن تكن عاملاً فى توسيع الهوة، لكن المملكة لها خصوصيتها فى سياستها الخارجية، وكذلك مصر لها الاستقلالية الكاملة فى تحالفتها بما يخدم مصالحها فى المقام الأول، والعلاقات الثنائية بين البلدين ثابتة، لكن التكتيك مُختلف.

■ يسود بعض التشكيك الإعلامى من بعض المنابر الإعلامية السعودية عن حجم القوة العسكرية المصرية التى شاركت فى عاصفة الحزم؟

- أعيد التأكيد أن هذه الأصوات السعودية الإعلامية تهدف لتأجيج العلاقات بين البلدين، وحديثها منبت الصلة عن الخطاب الرسمى للمملكة، التى أكدت على كامل تقديرها لحجم الدور المصرى من خلال نشر قواتها البحرية عند مضيق باب المندب لمواجهة الحوثيين، وبعض القوات الجوية المصرية التى شاركت أيضاً، كما أشار الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى إحدى خطبه.

■ هل تعتبر موافقة السعودية على طلب سابق لزيارة «حماس» تطبيقاً لمفهوم «الاحتواء» الذى تحدثت عنه؟

- قبول طلب زيارة قيادات حماس لتقدير مواقفها حيال الأزمة السورية لثباتها على مبدأها بخروجها من سوريا، وإدانتها لحملات العنف من قبل النظام، كما أنها كان لها موقف جيد فى أزمة اليمن بتأييدها الشرعية، والزيارة كانت مجرد جلسة استماع لوجهات النظر فقط.

■ من وجهة نظرك، إلام يرجع الخلاف الحاد فى المواقف بين مصر والسعودية بشأن مصير الرئيس السورى بشار الأسد، والأزمة السورية؟

- الخلاف مرتبط بتخوف مصر من أن يؤدى رحيل الرئيس السورى بشار الأسد، إلى وصول المعارضة السورية للسلطة، والتى تعتقد مصر أن لجماعة الإخوان، السيطرة عليها، والتى سيؤدى وصولها للسلطة فى سوريا لمنح «إخوان» مصر، «قبلة الحياة» من جديد مما يشكل مزيداً من الضغط على الحكومة المصرية فى ظروفها الحالية، لذلك يقول ممثلو الحكومة المصرية فى المحافل الدولية إن الأولوية فى سوريا تتمثل فى تقويض إمكانات المنظمات الإرهابية فى سوريا و«الحفاظ على كيان ومؤسسات الدولة السورية».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل