المحتوى الرئيسى

أخلاق السيسي.. وأخطاء الرئيس | المصري اليوم

10/18 22:47

كل أخلاق مسيطرة تخلق نقيضها

أشهد أن المواطن عبدالفتاح السيسي شخص مهذب، متدين، دمث الأخلاق، لم أسمع منه لفظاً قبيحاً في العام ولا في الخاص، ولم يتفوه بما يتعارض مع الأخلاق، لكن شهادتي لا تنسحب بأي حال على الرئيس عبدالفتاح السيسي.

قبل أن يسألني أحدكم: وكيف تختلف أخلاق السيسي الشخص والسيسي الرئيس؟، عليه أن يسألني أولا: ما هي الأخلاق؟، وهل هي قواعد أزلية ثابتة في كل مكان وزمان؟، أم أنها تخضع لمعايير متغيرة تناسب المعتقدات والثقافة ومصالح الناس في المجتمع الذي توجد فيه؟

منذ 40 عاما تقريبا، تصدى الدكتور فؤاد زكريا لموضوع الأخلاق، وسأل في عنوان مقال فلسفي له: من الذي صنع الأخلاق؟، ثم وضع في صدر مقاله إجابتين متناقضتين، الأولى لفريدريك نيتشة قال فيها: «لقد صنعها الضعفاء ليحدوا من سيطرة الأقوياء»، والثانية لكارل ماركس قال فيها: «صنعها الأقوياء ليسيطروا بها على الضعفاء»، وبرغم التناقض الظاهر في المقولتين استخلص زكريا الجوهر الذي تساءل عنه، حيث يتفق ماركس ونيتشة على أن الأخلاق «مصنوعة» وليست «مطبوعة» ولا سرمدية، ولا موحى بها من السماء.

قبل ذلك كان تصور الناس عن الأخلاق سماويا، بمعنى أنها من الأمور التي يجب أن يخضع لها الناس، ولا يناقشونها بالمنطق والعقل، وعلاقتها بمصالح الناس، مع أن الله جل علاه يسمح بتعطيل النص الديني مؤقتا إذا تعارض مع مصالح عموم الناس، وهذه أعلى درجة من درجات الديمقراطية قرأتها في دستور، أو أنعم بها حاكم على شعبه، وأعوذ بالله من مقارنته سبحانه بمن سواه، وأعتقد أن الهدف من الاستشهاد قد وصلكم دون شرح أو استطراد.

قراءاتي الباحثة في التاريخ، كشفت لى أن الهدف من استخدام الأخلاق بمفهومها الميتافيزيقي القديم، كان وسيلة لتكريس سلطات الحكم المختلفة باعتبارها سلطات إلهية، فالملك ظل لقرون طويلة حاكما مقدساً، حتى بعد ظهور الأديان، فقد استمرت الكنيسة في دعم السلطة المطلقة للملوك، حتى كانت واقعة خلع الملك الانجليزي ريتشارد الثاني، التي شرخت تصور إلهوية الملوك في انجلترا، وأوروبا من بعدها، ومهدت طريق التغيير لعصر الأنوار بعد قرنين من الحروب والدماء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل