المحتوى الرئيسى

خالد الدعوم يكتب: صراع التراث في ساحة اليونسكو | ساسة بوست

10/18 20:09

منذ 1 دقيقة، 18 أكتوبر,2016

ملكية التراث والثقافة هي واحدة من أهم الصراعات الدائرة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، فصاحب الملكية الرازح تحت الاحتلال يدافع بكل ما أوتي من وسيلة للحفاظ على هويته وتاريخه وإثبات انتمائه للأرض وللحجر، والمحتل يسعى دون كلل أو توان لادعاء ملكية تراث وتاريخ أصحاب الأرض المضطهدين.

معركة محتدمة تدور في باريس على طاولة المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة التي تحمي التراث والثقافة «اليونسكو» سجل فيها الشعب الفلسطيني انتصارًا جديدًا فيها في أهم بقعة من بقع الصراع (المسجد الأقصى المبارك).

في بؤرة هذا الصراع تبرز ثلاثة مواقع رئيسية خاض فيها فيها الفلسطيني معركة في اليونسكو للحفاظ على وجوده وإثبات ملكيته عليها، كل مدينة لها أهميتها التاريخية والحضارية بالإضافة إلى موقعها السياسي من الصراع مع الاحتلال، سنحاول أن نوضح من خلال هذه الورقة حيثيات الصراع عليها وكيف استطاع الفلسطيني أن ينتصر لتراثه في عدد من المعارك التي خاضتها في اليونسكو.

القدس ( ساحة الصراع الكبرى)

إزاء الوضع المعقد في القدس لم يكن أمام الأردن الوصي على القدس إلا اللجوء إلى اليونسكو فتمتسجيل القدس وتراثها على لائحة التراث العالمي على مرحلتين، اعتمادًا على اتفاقية سنة 1972، وعادت وقدمت الأردن ملفا كاملا مصورا عن القدس باللغة (الفرنسية/العربية/ الإنجليزية) بتاريخ 16 ديسمبر (كانون الأول) 1981، أثمرت بتسجيل المدينة على التراث العالمي في شهر آيار 1981 حيث اتخذ القرار بموافقة ثلثي الأصوات.

مواقع التراث العالمي هي معالم تقوم لجنة التراث العالمي في اليونسكو بترشيحها ليتم إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية الذي تديره اليونسكو. هذه المعالم قد تكون طبيعية، كالغابات وسلاسل الجبال، وقد تكون من صنع الإنسان، كالبنايات والمدن، وقد تكون مختلطة.

عادت الأردن في 1982 وقدمت طلب لوضع القدس ضمن قائمة التراث المهدد بالخطر.

لم تلتزم سلطات الاحتلال بقرارات اليونسكو واستمرت بتغيير معالم المدينة، حيث بدأت بهدم حي المغاربة الملاصق لحائط البراق في الجهة الغربية من المسجد الأقصى، لم يتوقف بعد إدراج اليونسكو الحرم القدسي ضمن التراث العالمي، بل زادت وتيرة الهدم والحفر وتغيير المعالم من قبل سلطات الاحتلال ضاربة بعرض الحائط قرارات اليونسكو التي توجب على الدول الأعضاء الاستجابة لقراراتها والالتزام بمواثيقها، والتي من أهمها صون التراث العالمي وحفظها من التغيير والهدم.

العديد من الحفريات التي استطاع اكتشافها الفلسطينيون أسفل المسجد الأقصى لم تدفع اليونسكو لاتخاذ قرارات جريئة بحق الاحتلال واقتصر فقط على إصدار مواقف وبيانات تدين الممارسات الإسرائيلية.

أصدر المؤتمر العام لليونسكو وهو أعلى هيئة في منظمة اليونسكو منذ العام 1956 حتى العام 2005 حوالي 20 بيان إدانة للإسرائيلين، المجلس التنفيذي أصدر منذ عام 196 إلى عام 2009 أكثر من 35 قرار شجب واستنكار للممارسات الإسرائيلية في القدس.

عام 2000 حاولت إسرائيل تسجيل ما يسمى «بجبل صهيون» كمكان أثري يهودي في اليونسكو، واتخذت اليونسكو في حزيران من العام 2001 قرارا يقضي بعدم الموافقة على هذا التسجيل بفعل التحرك العربي، مما يجب ذكره في هذه القضية الدور الذي لعبه رئيس اللجنة وهو بيتر كينج أسترالى الجنسية الذي حاول تمرير الطلب الإسرائيلي، بتجاوز القوانين واللوائح الداخلية للجنة العالمية بمحاولة إدراج جبل النبي داوود على قائمة التراث، ولكن عدم قبول اللجنة العربية بذلك الأمر أدى إلى فصله رئيس اللجنة من اليونسكو.

يوم 14 يوليو (تموز) 2015 استصدر قرار تاريخي عندنا اعتمدت لجنة التراث العالمي ولأول مرة منذ العام 1967 التعريف الإسلامي للمسجد الأقصى والذي يعتبر أن المسجد الأقصى المبارك هو كامل الحرم القدسي الشريف، وأن ساحة البراق الشريف وطريق باب المغاربة هما جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك، وكذلك الحال بالنسبة لمبنى باب الرحمة الذي أدانت لجنة التراث العالمي إغلاقه ومنع ترميمه من قبل سلطات الاحتلال.

يوم الثلاثاء 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2015 فشلت اللجنة العربية من إصدار بيان يحافظ على القرار القاضي باعتبار حائط البراق جزءا من التراث الإسلامي وجزءا من المسجد الأقصى واكتفى البيان الذي صدر في ذلك التاريخ بإدانة الممارسات الإسرائيلية في القدس وشرعن ما يجري في حائط البراق واعتبره جزءا من التراث اليهودي.

في يوم 1 ديسمبر (كانون الأول) 2015 نجحت المجموعة العربية في لجنة التراث الإنساني في إدراج مدينة القدس القديمة وأسوارها ضمن لائحة التراث العالمي المعرض للخطر بعد مداولات مطولة من مؤتمر التراث الإنساني الذي انعقد في العاصمة القطرية الدوحة بحضور دولي كبير

مشروع القرار المتعلق بمدينة القدس هيمن على جدول أعمال المؤتمر، حيث طلبت رئاسة الجلسة من الوفود التصويت العلني، لكن مندوبة الجزائر قاطعت رئاسة الجلسة واقترحت اعتماد طريقة التصويت السري رفعا للحرج، وبعد فرز نتائج التصويت السري تم اعتماد القرار بموافقة 12 دولة، وتصويت 8 دول بالحياد، في حين اعترضت دولة واحدة على مشروع القرار الذي رأته كل من كندا وإسرائيل «قرارا سياسيا».

الأردن وفلسطين قدما ملفا مشتركا حول القدس استطاع إقناع أعضاء لجنة التراث الإنساني ومن ثم الموافقة عليه، حيث وزع الوفدان بيانا من 60 صفحة يحتوي على 200 مخالفة قامت بها إسرائيل على مدى العقود الماضية لطمس الآثار الإسلامية في مدينة القدس.

في الحادي والعشرين من فبراير لعام 2010 أصدرت الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية قرارًا بضم الحرم الإبراهيمي في الخليل وموقع مسجد بلال بن رباح، أو ما يسمى بقبر راحيل في بيت لحم، إلى قائمة المواقع الأثرية والتراثية الإسرائيلية والتي خصصت لها أكثر من مائة مليون دولار لترميمها. هذه القائمة التي تضم أكثر من 150 موقعًا أثريًا ودينيًا وتاريخيًا إسلاميًا ومسيحيًا، وهي موجودة فقط لدى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يعتبر أنها ليست قائمة آثار وتاريخ ومعالم وإنما قائمة سياسية من الدرجة الأولى.

لاقى قرار الحكومة بضم المسجد ترحيبا واسعا من الأحزاب اليمينية والجماعات الاستيطانية التي وصفته بأنه «إنجاز مهم وتاريخي للشعب اليهودي». وآثار عاصفة من التصريحات الفلسطينية والعربية والدولية وموجة غضب شعبي في الخليل والمناطق الفلسطينية.

اليونسكو المكلفة بالحفاظ على هذا التراث الإنساني، لم تتخذ اجراءات حازمة ضد الإجراءات الإسرائيلية، واكتفت بإصدار تصريح وبيان على لسان المدير العام للمنظمة إيرينا بوكوفا مدير عام اليونسكو التي قالت إن المواقع التي ضمتها إسرائيل للتراث اليهودي «ذات أهمية تاريخية ودينية ليس فقط لليهودية ولكن أيضا للإسلام والمسيحية».

بعد أشهر من اعتماد دولة فلسطين عضو في منظمة اليونسكو ووفق ما تقتضيه قوانين لجنة التراث العالمي من تقديم الدول الأعضاء في المنظمة قائمة بأهم معالمها الأثرية لتسجيلها في قائمة التراث العالمي، بلدية الخليل التي حملت هذا القضية على عاتقها، شكلت فريق عمل واصل عمله لمدة عامين لإعداد الملف الترشيح وفقًا لمعايير التراث العالمي، تحت إشراف على العمل خبيرين دوليين في مجال حفظ التراث وهما ممثل لبنان السابق لدى لجنة التراث العالمي جاد ثاب وخبير التراث لدى اليونسكو مكتب فلسطين جيوفاني فونتانا وتضمن الملف تفصيلا تاريخيا للمواقع الأثرية، وضمن وثائق تاريخية تم الحصول عليها من المتحف العثماني في العاصمة التركية أنقرة وبعض الوثائق الأخرى التي تمت من خلال السفارة التركية في فلسطين.

ملف الخليل حظى باهتمام كبير، كما أنه يحتوى على كافة المتطلبات التي تقرها اليونسكو، وتم مراعاة كافة الشروط والمعايير المدرجة لدى لجنة التراث العالمي. وكانت بلدية الخليل عملت خلال عامين على حملة دولية بالتشارك مع بلديتي بلفور وأركوي الفرنسيتين بهدف تحقيق دعم دولي وضغط مؤسساتي لقبول ترشيح ملف البلدة القديمة، وتم تنظيم عدد من المؤتمرات الدولية في العاصمة الفرنسية باريس.

ونظمت بلدية الخليل ورش عمل قبل ثمانية أشهر شارك فيها كافة المؤسسات في المدينة لمشاركتها في وضع الآليات والسبل في دعم المشروع وتحقيق النجاح المتمثل في اعتماد اليونسكو للبلدة القديمة كتراث عالمي.

في 20 سبتمبر (أيلول) 2011 زار وفد من بلدية فيرساي الفرنسية والمكونة من بروفسورين في علم التاريخ والتراث و14 طالب ماجستير بذات التخصص بهدف الإقامة في مدينة الخليل لفترة محددة يتم خلالها تنفيذ دراسة فنية وتاريخية للبلدة القديمة بهدف تعزيز ملف تسجيل المدينة على قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو.

وجاءت زيارة الوفد إلى المدينة بناءا على اتفاقية بين رئيس بلدية الخليل ورئيس بلدية بلفولا الفرنسية وقعت حول التعاون المشترك في تحقيق الدعم الكافي لقبول ملف تسجيل الخليل على قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو وتعزيزه من خلال انجاز دراسة علمية متكاملة حول تاريخ المباني العمرانية في البلدة القديمة وأهميتها للتاريخ الإنساني والإرث الحضاري.

عند إتمام المشروع في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2012 سلم خالد العسيلي رئيس بلدية الخليل ملف ترشيح البلدة القديمة في مدينة الخليل لدكتور رياض المالكي وزير الشؤون الخارجية، استعدادا لتقديمه لليونسكو في نهاية شهر شباط فبراير 2013 في اجتماع منظمة اليونسكو، وجاء التسليم خلال اللقاء الذي جمع الوزير المالكي بالعسيلي في مقر الوزارة بمدينة رام الله.

عكا من أقدم وأهم مدن فلسطين التاريخية، تقع في الشمال الفلسطيني، تبعد عن القدس حوالي 181 كم إلى الشمال الغربي. تبلغ مساحتها 13.5 كم2.

تأسست في الألف الثالثة ق.م على يد الكنعانيين (الجرشانين)، الذين جعلوا منها مركزًا تجاريًا ودعوها باسم (عكو) أي الرمل الحار. أصبحت بعد ذلك جزءا من دولة الفينيقيين، ثم احتلها العديد من الغزاة كالإغريق والرومان والفرس والفرنجة الصليبيون.

تُعتبر عكّا ذات موقع اقتصادي وتجاري بفضل مينائها الذي يُعَدّ من أهم وأقدم موانئ فلسطين التاريخية لصيد الأسماك، كما تُعتبر ذات موقع أثريّ مهم. فهي تحتوي على العديد من الآثار والمعالم والأماكن الأثرية القديمة من غالبية العصور التّاريخية. فهناك السّوق الأبيض وحمّام الباشا وخان العمدان والقلعة وأسوارها الحصينة والممرّ الألماني وجامع الجزّار وغيرها.

تشتهر عكا بأسوارها التي بناها القائد ظاهر العمر عام 1750 – 1751 وهي التي كان لها الدور الأكبر في صد هجمات نابليون.

في شهر مايو (أيار) 1948 سيطرت المنظمات اليهودية على مدينة عكا بعد عدة معارك ومجازر نفذتها في المدينة وقراها لترويع السكان العرب وإجبارهم على الرحيل. وبعد النكبة، سيطرت دائرة أراضي إسرائيل على 85% من منازلها (1125 منزلا).

عملت السلطات الإسرائيليلة بعد النكبة، على تنفيذ مخططاتها، من خلال خطة أطلقت عليها تطوير عكا، ولكن هذه الخطة بالمفهوم الحقيقي هي تهجير للسكان الفلسطينيين، وتفريغ المدينة وتهويدها وطمس معالمها وتشويه تاريخها، حيث أحيطت المدينة القديمة، بالبنايات الكبيرة والعمارات الضخمة، بهدف التغطية على مدينة عكا الأصلية.

تُقسم عكا في الزمن الحاضر إلى البلدة القديمة والضاحية الجديدة. تمتد الضاحية الجديدة، ذات التطور العصري الصرف، إلى الشمال والشمال الشرقي للأسوار، وتحتل موقع الضاحية الشمالية لعكا، على وجه التقريب. أما بعد النكبة، أقدمت البلدية على تغيير معظم الأسامي العربية في الأحياء والمناطق في عكا، وتم إنشاء مناطق جديدة أخرى.

تشمل البلدة القديمة 23 حارة هي: المبلطة، الرمل، الدبسي، اليهود، الشيخ عبد الله، النمرود، دْراع الواوي، الخرابة، المصاليق، المجادلة، القلعة، البصة، الشبخ غانم، الشراشحة، الفاخورة، سبيل القديس، ساحة الكراكون، الخمامير، ساحة عبود، ساحة اللومان، شارع الجزار، وشارع صلاح الدين. ولم يبقى بعد النكبة، من هذه الأسماء سوى شارع صلاح الدين.

موقع خان العمدان: ويقع قرب مدخل الميناء، تم بناؤه في القرن التاسع عشر على يد أحمد باشا الجزار، وقد جلبت عمدانه من خرائب قيسارية وعتليت، ويطلق عليه اسم (خان الجزار). ويقع فوق مدخله الشمالي برج ساعة بني سنة 1906 تخليدًا لذكرى السلطان عبد الحميد الثاني. كما أن في الطرف الشرقي من المدينة وبالقرب من برج السلطان – وهو أحد الأبراج الباقية من عهد الصليبيين – يوجد (خان الافرنج)، وكان يستعمل مركزًا للتجار الأوروبيين.

تمّ تأجير خان العمدان عام 1974 لمدة 99 عامًا من خلال اتفاقية مجحفة تسمح لدائرة أراضي إسرائيل بالتصرف بالخان كمن كانت مالكته دون الرجوع إلى لجنة أمناء الوقف، وهي المالكة الحقيقية.

منذ أواخر سنوات الـ 70 تمّ إخلاء عشرات العائلات العربيّة التي سكنت الخان، كما أنّ شركة التطوير، وكيلة دائرة ارلأراضي إسرائيل، قامت بعرض خان العمدان للبيع (وفق اتفاقية التأجير مع لجنة أمناء الوقف الإسلامي المذكورة أعلاه) من أجل تحويله إلى فندق، وقامت بإعداد خرائط لبناء طابق ثالث لزيادة الجدوى الاقتصادية للخان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل