المحتوى الرئيسى

أُكلتُ يوم أكل الثور الأبيض.. أشهر 5 دول شقتها سكين الانفصال

10/18 19:46

انفصال الدول يذكرنا بالقصة الشعبية الشهيرة عن الأسد الذي استطاع تفريق ثلاثة ثيران، بعد أن أقنع كل منهم على حدة بخطر الآخر على بقائه، وبقي يأكلهم واحداً تلو الآخر، حتى وصل إلى الأسد الذي صاح "أكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض"، والتي أصبحت مثلاً معروفاً.

لكن في الوقت ذاته، يقول واقفون على وجهة النظر الأخرى، إن هذا يجسد بيت شعر أبي القاسم الشابي "إذا الشعب يوماً أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر"، وهو ما يمكنك أن تحكم عليه بنفسك من خلال قراءة حكاية بعض أشهر 5 تجارب لدول انفصلت عن بعضها في التاريخ الحديث في هذا المقال:

1- دولة "انجوا بحياتكم" أو جنوب السودان سابقاً

"هربت أنا وأطفالي بالليل تجاه الشمال، بينما هرب زوجي تجاه الشرق لتضليل ملاحقينا، لا أعلم إن كانوا لحقوا به أم اختفى منهم"، هكذا تحدثت إحدى اللاجئات من جنوب السودان للجزيرة نت، وهي تروي عودتها إلى السودان -الدولة التي انفصلوا عنها قبل خمس سنوات في 2011- لملاحقة الوعود البراقة التي صاحبت استقلال جنوب السودان.

لكنها هذه المرأة لم تكن الوحيدة التي عادت لنفس المكان كلاجئة وفاقدة لبعض أفراد أسرتها، وإنما انضمت إلى أكثر من مليون لاجئ فروا من جنوب السودان إلى بلدان مجاورة، وزادوا بشكل خاص هذا العام 2016 بعد أن تفجرت نافورة دم في "جوبا" في يوليو الماضي، بالرغم من اتفاقية السلام التي حدثت عام 2015 بين الرئيس ونائبه السابق الذي يتزعم حركة التمرد، وتكوينهما لحكومة وحدة وطنية.

لكن الاتفاقية ولدت ميتة، إذ إن المعارك الجنونية استمرت على الأرض، بمدافع الهاون وقاذفات القنابل والأسلحة الثقيلة، اللاجئة أضافت في حديثها مشيرة إلى صغارها: "هؤلاء الأطفال لم يدخلوا أي مدرسة منذ وصولنا إلى الجنوب، لأنهم سيخطفونهم لحمل السلاح مع المتحاربين"

العام الحالي شهد إلغاء احتفالات ذكرى عيد الاستقلال لأول مرة على الإطلاق، والذي كان قد تم في 9 يوليو 2011، بناء على استفتاء "تقرير المصير" الذي قرر فيه المصوّتون بأغلبية كاسحة الانفصال، منهياً 22 عاماً من الصراع بين شمال السودان وجنوبه، بعدها بدأت موجات الهجرة إلى جنوب السودان من الشعب الذي لاحق أحلام الرخاء والأمان والمواطنة من الدرجة الأولى، لكن الواقع القاسي كان ينتظره، بأسعار بضائع وخدمات تضخمت لدرجة 300%، وقادة سياسيين تلاحقهم اتهامات الفساد، لدرجة أن ابن الرئيس سلفاكير ذا الـ12 عاماً، يملك 25% من أسهم شركة قابضة أنشئت قبل أشهر قليلة.

2-كوسوفو.. الثمن الحزين وظلال الهولوكوست

في برنامج "تحت المجهر" الذي بُث في عام 1999، تحكي نازحة من بريشتينا، العاصمة الكوسوفية، كيف أرهبهم قصف طائرات الناتو على مدن وقرى الإقليم، واضطرارهم للنزوح خوفاً على أرواحهم، لكن رحلة اللجوء إلى مقدونيا كانت صعبة وكادوا يدفعون حياتهم ثمناً لها، فقد عاملتهم الميليشيات الصربية بوحشية ذكرتها بقصص أجدادها عن معاملة الألمان لليهود خلال الحرب العالمية الثانية، مضيفة قولها: "ذاكرتي مليئة بالصور الكئيبة، بماذا تريدني أن أخبرك؟ نهب البيوت وحرقها، المجازر الجماعية، عمليات الاغتصاب؟"

قصف الناتو كان قد بدأ في صباح 24 مارس 1999، لإرغام القوات الصربية على الإنسحاب من كوسوفو، وقد كان الكثير ينظرون إليه كطوق إنقاذ بعد تفاقم الوضع الدموي في كوسوفو، لدرجة أن البلد وثقت 9 حالات سمى فيها الآباء أطفالهم باسم "توني بلير" رئيس وزراء المملكة المتحدة آنذاك.

قرر الناتو التدخل بعد أن لفتت مجازر 1998 أنظار العالم، وقد نجح الناتو بالفعل بالتعاون مع جيش تحرير كوسوفو في إجبار الصرب على الانسحاب بعد 48 يوماً من الغارات المتواصلة، لكن ثمن هذا التحرير كان باهظاً، فوفقاً لإحصائيات لجنة حقوق الإنسان الكوسوفية تم قتل أكثر من 12 ألف ألباني، يزيد عددهم مع كل اكتشاف جديد للمقابر الجماعية، من بين هذه المقابر ما يضم رفات 170 عائلة قتل جميع أفرادها، أكثر من 3200 ألباني مفقود، اغتصاب أكثر من 3000 فتاة وسيدة، وتعذيب عشرات الآلاف في معسكرات جماعية.

بعد انتهاء الحرب في منتصف 1999 أصدر مجلس الأمن قراراً بتشكيل قوة دولية من 39 دولة لمراقبة حدود الإقليم الناشئ وضمان أمنه والإغاثة الإنسانية، بالإضافة إلى تشكيل إدارة مدنية أشبه بإدارة انتقالية تؤهل انتقال السلطة للكوسوفيين، وأعلنت كوسوفو استقلالها من طرف واحد في 17 فبراير 2008، وبدأت منذ ذلك الحين دول العالم في إبداء موقفها تجاه ذلك، موقع kosovothanksyou "كوسوفو تشكرك" التطوعي.

يقوم الموقع بتشغيل عداد توثيقي للدول المعترفة بدولتهم الوليدة التي تبلغ من العمر الآن 8 سنوات ونصف، أولها كوستا ريكا التي اعترفت في اليوم ذاته، تليها الكثير من دول أوروبا والولايات المتحدة والدول الإسلامية، لكن هناك دول رفضت لأسباب معينة، فروسيا قالت إن الاعتراف بها "سابقة خطيرة"، بينما زعمت صربيا أن الإقليم ما يزال تابعاً لها، سوريا أيضاً رفضت ذلك حين أعلن بشار الأسد في 2009 أن سوريا ضد التقسيم في منطقتي البلقان والشرق الأوسط، لكن وفداً من المعارضة السورية زار بريشتينا في 2012 ووعد بالاعتراف الفوري بكوسوفو إذا انتصرت المعارضة المسلحة في سوريا.

3- كوريا الشمالية والجنوبية .. "سوف نتقابل ثانية.. في الحياة الآخرة"

"لقد بكيت كثيراً وأنا أفكر فينا إلى أن لم تعد فيّ دموع"، هكذا قالت لي سون كيو، المرأة الطاعنة في السن ذات الـ85 عاماً، والتي كانت أحد 400 كوري جنوبي تم اختيارهم بنظام اليانصيب ليلموا الشمل مع أهلهم في كوريا الشمالية الذين لم يقابلوهم منذ الحرب الكورية 1950-1953، وهي تتحدث لزوجها المنتحب البالغ من العمر 83 عاماً في أول رؤية له بعد 65 عاماً، وذلك في ظل منع اتصالات صارم بين الكوريتين المنفصلتين.

قصة برامج لم شمل الأسر الكورية بدأ مع انقسام الكوريتين، منذ أن أنهى انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية الحكم الاستعماري الياباني لكوريا والذي دام لـ35 عاماً، وقد قررت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي آنذاك تقسيم الكوريتين بينهما، عند خط عرض 38، وأصبح الشمال من نصيب السوفييت والجنوب من نصيب الأميركيين، لحين قيام حكومة مؤقتة، بالرغم من معارضة الكوريين لذلك.

لكن التقسيم أصبح دائماً بعد الحرب الكورية 1950-1953، عدد العائلات التي تمزقت كان كبيراً بسبب أن كوريا كانت أمة واحدة لأكثر من ألف عام، هناك آباء لم يقابلوا أولادهم لأكثر من ستين عاماً، في ظل عدم وجود بوادر لحل الأزمة في الأفق، فالشمالية تماطل في أمر التوحيد، خوفاً من تعرض نخبتها الحاكمة والسابحة في الفساد للملاحقات، ما يجعل الوضع حزيناً للدرجة التي دفعت الزوج الذي حكينا قصته لوداع زوجته قائلاً: "سوف نتقابل ثانية .. في الحياة الآخرة"!

4- مصر وسوريا.. انتهاء الحلم.. أم الكابوس؟

لحظة توقيع ميثاق الجمهورية المتحدة من قبل الرئيسين السوري والمصري جمال عبد الناصر

في قلب القاهرة، بجزيرة الزمالك، يوجد برج على شكل زهرة اللوتس، والذي يعد أيقونة فرعونية، وقد بقي أطول برج في القارة الأفريقية لسنوات طويلة، الحكايات الشعبية حول بنائه تقول إن البرج الذي شيد في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، كان بأموال بعثتها الولايات المتحدة له لكي ينهي دعمه للنضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، لكنه على عكس ذلك، استخدمه لبناء برج يكون في مرمى بصر السفارة الأميركية بالقاهرة، كرمز عربي ساخر للمقاومة العربية والعزة.

ربما الشيء الأكثر إثارة للاهتمام من هذه القصة أو البرج نفسه، هو اللوحة الجدارية الموجودة في البهو الدائري، والتي تعكس رسوماً لمعالم معينة؛ أهرامات الجيزة، قلعة صلاح الدين، الجامع الأموي بدمشق وطواحين المياه بحماة، فكلها رمز لشئ واحد كما تقول سارة موسى خريجة الشئون العامة والدولية بجامعة برينستون: الجمهورية العربية المتحدة.

الوحدة بين مصر وسوريا كانت قد أعلنت في 22 فبراير 1958، وقد تكونت عندما تقدمت مجموعة من القادة السياسيين والعسكريين السوريين بطلب لعبد الناصر بدمج الدولتين، وكان حينها عبد الناصر يتمتع بشعبية كبيرة في المنطقة العربية بعد حرب السويس 1956، لم يكن عبد الناصر يريد وحدة كلية مع سوريا، لكن مخاوفه من استيلاء الشيوعيين على السلطة في سوريا كانت أقوى، وهو ما دفع باتجاه الوحدة، لكن الأمر لم يسر بحسب ما تخيله السوريون.

تسبب الخطاب القومي في غياب تصور واضح متماسك للوحدة، كما إن غياب نقد حقيقي للتجربة وترجيح "نظرية المؤامرة"، لعب دوراً في استمرار التدهور، فقد تحولت الجمهورية إلى دولة تدار بشكل كامل من المصريين، كما أن حالة الاستبداد والقمع انتقلت إلى سوريا التي كانت تشهد آنذاك حالة من التباين السياسي، بالإضافة إلى فرض نظامه الاقتصادي والاشتراكي وتأميم البنوك الخاصة والمعامل والشركات الصناعية الكبرى.

ما ذكر سابقاً، خلق حالة من الغضب والغليان في دوائر رجال الأعمال والجيش السوري، أدى إلى الانقلاب السوري في 28 سبتمبر 1961، والذي أنهى عمر الجمهورية الوليدة التي لم تستمر أكثر من 3 أعوام فقط.

5- بنغلاديش .. طائر يطير بجناح واحد؟

"قرعوا الباب وطلبوا خروج كل من بالداخل، سألوا والدتي: هل أنتِ سيلينا بيرفن؟ اخرجي، عصبوا عينيها وربطوا يديها خلف ظهرها، لم أرها بعد ذلك"، هكذا يتحدث ابن سيلينا بيرفن، المثقفة البنغالية التي يحتفظ متحف "دكا" بصورها، ويقدمها البنغاليون كرمز لاضطهاد الجيش الباكستاني، وهي لم تكن هي الحالة الوحيدة، التي أدت إلى احتقان بنغالي تجاه ممارسات الجيش.

Comments

عاجل