المحتوى الرئيسى

"مي زيادة" الكاتبة ذات الألف وطن.. صرخت في وجه العرب من أجل "حقوق المرأة".. وضعت في ‏مستشفى الأمراض العقلية بسبب "الحجاب".. وقصة حبها ظلت لغزًا حتى وفاتها

10/17 18:41

"الثورة في وقتها ومكانها عبقرية وانتصار، وفي غير ذلك حماقة واندحار".. أشهر الأقوال المأثورة التي حفظها ‏التاريخ لصاحبة الباع الطويل في الدفاع عن حقوق المرأة، بعدما تمردت وخرجت من عباءة التقليدية، ‏وسجل قلمها ما لم تستطع غيرها قوله.

كان والدها من بلد، وأمها من آخر، وولدت هي في ثالث، ورغم ‏ذلك؛ قادت طوال حياتها رحلة البحث عن وطن يحفظ الحقوق.‏

هي "مي زيادة" الكاتبة اللبنانية، والشاعرة الفلسطينية، متعددة الجنسيات العربية، التي لم تعتد يومًا على ‏الانقياد وراء آراء والديها، ونجحت في الإتيان بعمل فردي وفريد، ساعدها عليه ضميرها، الذي رفض أن ‏تكون عبدة "ولّادة" أو مجرد أمًا في المستقبل، مثلما كانت تنادي دومًا وتصف نفسها.‏

يحل اليوم ذكرى وفاة الأديبة التي لقبت بـ"صاحبة الحق"، بعدما سعت طوال حياتها إلى تحقيق ذات المرأة ،‏والبحث عن الوطن الذي يحترمها ويقدرها، ونبشت في صغرها عن حقوق كل امرأة مثلها، حتى خاضت ‏معارك طويلة مع مناهضي حقوق المرأة في كل مكان.‏

منذ نعومة أظافرها في 11 فبراير عام 1886، وهي تعشق الكاتبة، وتقضي فيها كثيرًا من الوقت، ‏دون الشعور بملل طبيعي لمن في نفس سنها، حتى أضحت لعبتها المفضلة، ودفعها ذلك الحب الجارف ‏للإقبال على العلم ومراحل التعليم والنهم منها، فقد ولدت في زمن لم يكن للمرأة العربية حق التعلم، ‏وهنا كان كفاحها.‏

أهَّلَت "إلياس زيادة"، التي تحولت بعد ذلك إلى "مي زيادة"، نفسها، لإتقان ست لغات، أبرزها الفرنسية، ‏لكي تطوف العالم باحثة عن الحرية وحق المرأة، وساعدها في ذلك تعدد جنسياتها، فهي ابنة وحيدة لأب ‏من لبنان وأم سورية الأصل وهي فلسطينية المولد.‏

تلقت "زيادة" دراستها الابتدائية في مدرسة الناصرة، والثانوية في عينطورة بلبنان، واستقبلت القاهرة نزوحها ‏مع أهلها عام 1907، حيث انتقلت للإقامة هناك، وعملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتابعت ‏دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. ‏

ولم تنس "زيادة" لغتها العربية الأصلية، بل عكفت على إتقانها وتجويد التعبير بها، ونفذت دراسات في ‏الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة، واختلطت بالكثير من رواده والصحفيين، ‏حتى بزغ نجمها بكتابتها الاجتماعية الناقدة.‏

وأسست في ذلك الوقت ندوة أسبوعية عرفت باسم "ندوة الثلاثاء"، جمعت فيها لعشرين عامًا صفوة من ‏كتاب العصر وشعرائه، كان من أبرزهم: "أحمد لطفي السيد، مصطفى عبدالرازق، عباس العقاد، طه ‏حسين، وأحمد شوقي".‏

وبالرغم من أن قصة حياتها كانت صعبة في البداية، إلا أنها انتصرت عليها سريعًا، بعدما توهجت ‏كالشمس وظاهرة فريدة في عصرها والتف حولها كبار المفكرين في مصر والعالم العربي، واحترم فكرها ‏ونبوغها الأدباء والشعراء، ووقع في حبّها الكثيرين منهم.‏

ونشرت مقالات وأبحاثًا في كبرى الصحف والمجلات المصرية مثل: "المقطم، الأهرام، والزهور، ‏المحروسة، الهلال، المقتطف"، أما الكتب فقد كان باكورة إنتاجها عام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة ‏الفرنسية اسمه "أزاهير حلم ظهرت "، وكانت توقع باسم "إيزس كوبيا".‏

لم تنس "زيادة" حقوق المرأة وقضاياها فكانت من القليلات التي دافعت عنها، وصرخت بقلمها منتقدة التراث والعادات القبلية العربية، وخاضت معارك من أجل تعليم المرأة ومشاركتها في النضال السياسي، ووجهت الفتيات كيف تحصل على حقها ليس كشريك ‏أساسي في الحياة مع الرجل.

كما وضعت على عاتقها مشاكل المجتمع الذى تعيشه، وظلت تدافع عن حقوق المراة في التحرر ‏من براثن التخلف والشقاء، وهو ما برز فى كتابها "المساواة" الصادر عام 1923، الى جانب كتبها عن ‏رائدات التنوير من السيدات فكتبت عن " عائشة تيمور، ووردة اليازجي".‏

أما عن حملها لقب "الباحثة عن الوطن" فقد كان بسبب مقولتها الشهيرة: "ولدت في بلد وأبي من بلد وسكني ‏في بلد وأشباح نفسي تنتقل من بلد الى بلد فلأي هذه البلاد أنتمي، إنما أريد وطنًا لأموت من أجله أو لأحيا ‏به".‏

وكانت تجيب دائمًا عند السؤال عن وطنها فتقول: "أنا فلسطينية لبنانية مصرية سورية، فقد طافت في الجو روح الخريف يا سوريا، وعلى ضفاف النيل أنشأت ربة الشعر تشدو فخالجني ‏الشعور بالوحشة.. لاغترابي عن سحرك البعيد الخفي".

وعن قلب مي زيادة، فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بالشاعر الكبير "جبران خليل جبران" وحده، رغم أنهما لم يلتقيا ولو ‏لمرة واحدة، وظلت القصة لغز يحير الجميع، حتى كشفت بعد وفاتها، من خلال المراسلات التي دامت بينهما لمدة 20 عامًا.

بدأت بينهما علاقة حب قوية منذ صدور ديوانها الأول، وبالرغم من قصص العشق التي نسجت شباكها حول "جبران" إلا أن حبه لـ"زيادة" كان الحب الوحيد الذي ‏ملك قلبه وخياله، أما هي فمع تحفظها فقد صرحت عن حبها له في رسالة أرسلتها اليه عام 1921.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل