المحتوى الرئيسى

سوريا وتاريخ الدم!

10/17 15:01

أفردت مجلة "المصلحة القومية" الأمريكية على خلفية المعركة المحتدمة في مدينة حلب تقريرا عن خمس معارك دموية شهدها تاريخ سوريا.

ماذا سيحدث لو ضربوا مواقع الجيش السوري؟

 ولفت التقرير الذي نشر السبت 15 أكتوبر/تشرين أول إلى أن سوريا كان لديها تاريخ طويل ودموي بشكل خاص حتى بمعايير منطقة الشرق الأوسط، مشيرا تحديدا إلى أراضي ما يعرف بسوريا الكبرى الممتدة من جنوب تركيا إلى "إسرائيل".

 وأجابت المجلة على سؤال طرحته بهذا الصدد عن السبب أن سوريا وخاصة مناطقها الغربية قد شهدت عبر تاريخها أعدادا لا تحصى من المعارك بالقول إنها الجغرافيا التي وضعتها على أكثر الطرق عبورا بين مراكز القوى الرئيسة في الشرق الأوسط منذ القدم.

ولفت التقرير إلى أن القسم الأكبر من جنوب شرق سوريا صحراء، ولذلك فالجيش المتوجه إلى بلاد الرافدين أو فارس لا يمكنه أن يضرب غربا، بل يتعين عليه التحرك بشكل دائري إلى نهر الفرات في اتجاه الشمال ومن بعد إلى الغرب، وفي النهاية العودة إلى الجنوب على طول سواحل البحر المتوسط.

 علاوة على ذلك، فالجيوش القادمة نزولا من تركيا أو أوروبا مثل تلك العائدة للعثمانيين أوللإسكندر المقدوني أو الصليبيين، يتوجب عليها المرور عبر غرب سوريا للوصول إلى مصر أو الجزيرة العربية.

ويرى التقرير أن العكس صحيح أيضا إذ تعاملت القوات المنطلقة من مصر تاريخيا مع هذا الطريق باعتباره الأسهل إلى تركيا والعراق.

 ووصلت المجلة إلى استنتاج بأنه ليس من المستغرب إذا أن يشهد موقع سوريا المحوري سلسلة طويلة من النزاعات والحروب، وأن تدرك ذلك الدول الحديثة بما فيها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران والسعودية وحتى "داعش" وأن تكون المعارك حول سوريا شرسة للغاية.

وتميز القتال حول "سوريا الكبرى" في القدم بشراسة منقطعة النظير لتلك الأهمية الجغرافية، وقد كانت هذه المنطقة ساحة لخمس معارك شهيرة كبرى عبر التاريخ أولها معركة قادش بين مصر الفرعونية والحثيين.

 تلك المعركة وقعت شمال غرب سوريا قرب الحدود الحالية مع لبنان عام 1270 قبل الميلاد بين قوتين عظميين في الشرق الأوسط، المصريين والحثيين، وانتهت بالتعادل من دون منتصر ومهزوم.

وتكتسب هذه المعركة أهمية تاريخية خاصة لأنها أكثر معركة مسجلة أحداثها وتفاصيلها وتكتيكاتها، وهي أكبر معركة استخدمت بها العربات في التاريخ، حيث شارك فيها نحو 6000 عربة أو عجلة، وبنهايتها أبرمت معاهدة سلام هي الأقدم.

حدثت المعركة بسبب التنافس بين الحثيين ومركزهم في تركيا الحالية، والمصريين من أجل السيطرة على موارد بلاد الشام، إذ جاء الفرعون المصري الشاب رمسيس الثاني على رأس جيش للاستيلاء على مدينة قادش، لكنه وجد نفسه معزولا عن بقية جيشه وذلك لتقدمه بسرعة كبيرة جدا ما جعله يقع في كمين للحثيين، إلا أن المصريين تمكنوا من التماسك وتفادي الهزيمة بعد أن وصل الجيش المصري الرئيس وأيضا نتيجة صمود رمسيس الثاني.

تعد معركة اليرموك، بحسب التقرير، إحدى المعارك الأكثر تأثيرا في تاريخ البشرية، وكان طرفاها الخلافة العربية الإسلامية الحديثة والإمبراطورية البيزنطية، وقد وقعت عام 636 ميلادي قرب الحدود السورية مع الأردن وفلسطين، وقد فتحت الطريق أمام المسلمين إلى كامل بلاد الشام بما في ذلك حلب والقدس.

وبدأ الطريق إلى المعركة بالفتح الإسلامي لدمشق عام 634 ميلادي، وردا على ذلك أرسل البيزنطيون جيشا جرارا إلى سوريا لوقف زحف المسلمين إلا أن جيشهم لم يكن في أحسن أحواله على الرغم من تفوقه العددي بسبب إنهاكه في حروب مع الفرس لثلاثة عقود، وتمكن جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد من هزيمتهم والقضاء عليهم خلال 6 أيام، وفي وقت لاحق فرض المسلمون سيطرتهم على فلسطين وبقية أجزاء سوريا ومصر.

وصلت جيوش الحملة الصليبية الأولى عام 1097 إلى أنطاكيا في تركيا الحديثة بالقرب من الحدود السورية، وهي مدينة هامة على الطريق إلى القدس، وبعد حصار طويل سيطر الصليبيون على المدينة دون قلعتها، وأصبحوا محاصرين بعد قدوم جيش من حلب، إلا أنهم تمكنوا في النهاية من السيطرة على القلعة.

طرد الجوع الصليبيين وأفقدهم صوابهم فانتشروا في سوريا حتى وصلوا في يوليو عام 1098 إلى معرة النعمان الواقعة على مسافة 35 ميلا شمال حماة الحالية حيث تعرضوا لهزيمة نكراء، لكنهم عادوا بعد نحو أربعة أشهر واستولوا على المدينة،   بعد استسلام حاميتها مقابل وعود بالأمان.

وهناك حدثت واقعة هي الأشهر في تاريخ الحروب الصليبية، حيث أكل الصليبيون الذين كانوا يتضورون جوعا لحوم قتلاهم من خصومهم صغارا وكبارا بعد طبخها في القدور! ومن بعد واصلت الحملة الصليبية سيرها جنوبا واستولت على القدس عام 1099.

وقعت خارج المدينة عام 1400 بين المماليك وجيش تيمورلنك، ذائع الصيت بتوحشه حتى أنه كان يبني أهرامات من جماجم قتلاه في المدن التي يغزوها.

كان المماليك في ذلك الوقت القوة المهيمنة على سوريا، حين هاجم قائد الأوزبكيين تيمورلنك حلب في البداية وبنى برجا من عشرين ألف جمجمة، ثم هزم السلطان المملوكي الناصر فرج بن برقوق بالقرب من دمشق.

ويقول التقرير إنه أثناء حصار المدينة لاحقا، أُنزل المؤرخ العربي الشهير ابن خلدون في سلة من أسوار المدينة، وأجرى مقابلات عدة مع تيمورلنك (تيمور الأعرج)، خرج منها بتأملات أبلغ بها تيمورلنك منها أن سر النجاح الباهر لهذا الغازي الدموي يكمن في "التضامن في جماعته".

ومع ذلك، لم تسلم مدينة دمشق من التدمير والحرق بعد سقوطها، وتعرض الجامع الأموي للحرق وبني هرم من الجماجم، بل ولا يزال في دمشق برج يسمى برج الرؤوس.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل