المحتوى الرئيسى

هواية الموت.. تربية الحيوانات البرية في منازل الأثرياء | ولاد البلد

10/17 15:01

الرئيسيه » بيئة » تحقيقات » هواية الموت.. تربية الحيوانات البرية في منازل الأثرياء

مكن يوسف والي، وزير الزراعة الأسبق، المهتمين بالحيوانات من إيوائهم، عندما أصدر قراره رقم 1374 لسنة 2000، الذي سمح بموجبه للمستثمرين وخصوصا أصحاب القرى السياحية إضافة إلى تداول وتربية وبيع وشراء ونقل الحيوانات المفترسة من مكان لآخر، استيراد وتصدير هذه الحيوانات.

واشترط القرار أن تكون العربة أو القفص المستخدم في إيواء الأسد هو قفص 1.5 م × 3 م، ومصنوع من السياج الحديدي 3 لنية وأسفله مجرى مخصص للنظافة موصول بالغرفة الخاصة بالمكان المخصص للتربية.

وأن تصل أرضية القفص المكونة من الألواح الخشب إلى 2 بوصة، لمنع الرطوبة، وتجنب إصابة الحيوانات بالروماتيزم في مفاصلها وعظامها، وخصوصا إذا كانت مخصصة للتدريب لعمل عروض ترفيهية أمام الجمهور.

أبورواش.. إحدى القرى التابعة لمحافظة الجيزة، واحدة من أكبر مراكز تجارة الحيوانات البرية، لاحتوائها 5 مزارع حيوانات برية تابعة لعائلة طلبة – اشتهرت بصيد وتجارة الحيوانات البرية منذ 300 عام – أشهرهم “مزرعة طلبة” والتي أسسها طلعت طلبة، و”أفريكانو طلبة” التي يمتلكها صلاح طلبة.

بُنيت على مساحة فدان، وضعت على اليسار أدوات الصيد، وفي الواجهة مبنى كبير، وعلى اليمين بنيت عشش من الخوص، وبها الأحواض الزجاجية التي تم تهيئتها بحرارة معينة لوضع الثعابين، أما الأرض فتركت رملية لتحاكي الطبيعة.

وتعتبر أفريكانو طلبة، نموذجا مصغرا من حديقة الحيوانات بالجيزة، بخلاف النظافة والاهتمام المبالغ به بالحيوانات، وتحوي حيوانات مثل الشامبانزي، وأنواع مختلفة من القرود، بالإضافة إلى الذئب المصري، والقط البري، والضباع، والطاووس، والدجاج، والأوز الفرعوني، علاوة على العديد من الزواحف كالتماسيح والثعابين، والأناكوندا العملاقة، وزوج من أسود “بوما” النادرة الذي تم إضافته حديثًا للحديقة.

يقول صلاح طلبة إن عائلته تمتهن اصطياد الحيوانات البرية بأنواعها منذ أكثر من 300 عام، إذ يوردون بعض أنواع الحيوانات البرية لأكبر الجامعات والمعاهد البحثية في العالم، في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وأمريكا، وإيطاليا وغيرها، وبعض الهواة من دول الخليج العربي والمغرب العربي، منوها بأن 50 فردا فقط حصل على تصريح لتجارة وتصدير هذه الحيوانات، بالرغم من وجود الآلاف ممن يمتهنون هذه المهنة.

ويشير طلبة إلى أن صيد الحيوانات البرية في مصر يتركز بشكل رئيسي في سيناء والفيوم والصحراء الغربية، ومرسى مطروح، والضبعة، وبحيرة ناصر، منوهًا بأن عدد من يعملون بمجال اصطياد الثعابين بلغ 500 فرد.

وفي منطقة المريوطية تربى الحيوانات المفترسة بفيلل وقصور الأثرياء من رجال الأعمال والوزراء السابقين، حسب م.ب، موظف سابق بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، مضيفا أن هذه الفئة تربي الحيوانات بالشروط التي وضعتها الهيئة، من حيث اشتراطات الرعاية والأمان، إلا أنها تخفي وجودها، لأن وجودها في حدائق فيلاتهم مخالف للقانون، من بين هؤلاء واحدا من أصحاب شركات السيراميك في مصر “م.ع”، ورجل الأعمال “م.ع”.

الدكتور وجدي شفيق، أخصائي علم الاجتماع، يؤكد أن تربية الحيوانات البرية ظهرت بين بعض أفراد الطبقة الارستقراطية كنوع من التفاخر والتظاهر، كهواية غريبة وملفتة للنظر ترضي روح التفرد والتميز بين الكثرين منهم، موضحا أن البعض يستخدمها في استعراض قوته أمام الأصدقاء والخصوم.

في وقت سابق كان قد تقدم أحد الأهالي ببلاغ ضد أحد المستثمرين بوجود حيوانات مفترسة بإحدى فيلاته، غير مطابقة للشروط، فتحولت فيلته إلى ثكنة عسكرية.

ووفق مصدر – فضل عدم ذكر اسمه – فإن تربية الحيوانات البرية في حدائق الفيلل والقصور يحتاج لموافقات من الحي التابع له، وموافقة البيئة، والدفاع المدني، ووزارة الصحة والسكان والأمن العام.

ويضيف الموظف “يشرف على هذه الحيوانات مدربين وسياس على مستوى عال من الكفاءة والمهارة، ويهتمون بها جيدا، مؤكدًا أن تربية هذه الحيوانات لا تشكل أي عبئًا على هذه الفئة، من حيث تكلفة وتغذية وتربية تلك الحيوانات، فالبعض يلجأ لتربية الأسد باعتباره رمز القوة لملكيته الغابة”.

ما نفاه أ.غ، أحد سياس الأسود، مؤكدا أن تربية الحيوانات البرية وخاصة المفترسة منها مكلفة للغاية، فعلى سبيل المثال تغذية الأسد الواحد تتكلف 600 جنيه يوميا، هو ثمن لحم الحمار الذي يتناوله الأسد 6 أيام أسبوعيا، فهناك يوم صيام إجباري للأسد لتنظيف المعدة، بخلاف بودرة الكالسيوم التي تستخدم لتقوية الشعر والمخالب والأنياب والعظام، ويبلغ ثمن البرطمان الواحد منها 250 جنيها، والمستورد منها يبلغ 600 جنيه، وتستخدم المستوردة لأسود التدريب، التي تشارك في عروض السيرك وغيرها.

ويوضح أ.غ، سايس أسود، أن أصحاب المزارع يلجأون لمدربي الأسود الذين غادروا العمل بالسيرك، أو كانوا يعملون بحديقة الحيوان سابقا، للاعتناء بالحيوانات في مزرعته الخاصة، وتصل أجرة أقلهم خبرة ودراية 2000 جنيه شهريا.

ويتابع: أن تربية الحيوانات المفترسة مثل الأسود والنمور تتطلب بعض رعاية وبيئات خاصة، فلابد أن تكون الأرضيات خشبية لمنع الرطوبة، وترش على الأرضية مواد مطهرة –فيتيك وديتول- لمنع انتقال الأوبئة والجراثيم.

ويوضح ر.ج، أحد مربي الأسود، أن بعض مدربي الأسود يقومون بتخزين الحيوانات المفترسة ببعض المخازن غير المؤمنة، وسط الوحدات السكنية ولا يؤمنها سوى أسوار من الصاج، وتشكل خطرا بيئيا كبيرا على سكان المنطقة المحيطة، موضحا أن أصحاب هذه المخازن يذبحون الحمير طول العام لإطعام هذه السباع.

ويطالب هيئة الخدمات البيطرية بالإشراف على هذه الأماكن على غرار المناطق السياحية، والترفيهية، لتوفير الحماية للأهالي المحيطين، وحمايتهم من الأضرار البيئية المحيطة بهم طول العام.

بينما يحذر البيطري سامي طه، من اقتناء بعض الأثرياء للحيوانات المفترسة مثل الأسود والنمور لاستخدامها في أغراض جنائية، مثل التخلص من بعض خصومهم ومعارضيهم دون ملاحقة قانونية أو قضائية، ودون دليل على جريمتهم النكراء، مدللا بصبري نخنوخ، أحد أباطرة تربية الحيوانات المفترسة في مصر في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.

كما حذر الدكتور أسامة الشريف، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية السابق، من تربية الحيوانات المفترسة في المنازل والفيلات لما تشكله من خطر واسع وكبير على المحيطين بها، خاصة إذا كانت إجراءات الأمان والحماية غير كافية، تجنبا لحدوث حوادث فادحة مثل حادث طفلة العياط، التي التهمها نمر هارب من أحد مزارع تربية الحيوانات البرية في العياط.

قبل أيام، قرر وزير الزراعة الدكتور عصام فايد، إيقاف منح الرخص لمزارع الحيوانات المفترسة، لوقف نشاط بيع وشراء وتوريد الحيوانات المفترسة، بعد أيام من افتراس نمر لطفلة بمزرعة في العياط.

كان رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، الدكتور حامد سماحة، قد أصدر قرارا في سبتمبر 2008، بمتابعة أماكن إيواء الحيوانات آكلة اللحوم في القرى السياحية والمنتجعات، وشركات الاستيراد والتصدير، علاوة على الإشراف على ذبح الحيوانات التي تقدم لحومها لهذه الحيوانات، وخاصة الحمير، وإرسال تقرير إسبوعي يشمل تعداد الحيوانات آكلة اللحوم في هذه الأماكن، وإعداد الحمير المذبوحة لهذا الغرض.

وبالفعل مكن هذا القرار وزارة الزراعة متمثلة في الهيئة، من حصر هذه الحيوانات ومعرفة أعدادها وأماكن وجودها في جميع المحافظات، ولكن بقت الحيوانات المملوكة للأفراد مجهلة تماما، بالنسبة لهم، وهي ما سببت كوارث أثارت الرأي العام ضد هذه المزارع، في الآونة الأخيرة.

إضافة إلى بعض القرى السياحية، والأماكن الترفيهية، التي تسمح وزارة الزراعة لها باقتناء مثل هذه الحيوانات، وهي منتشرة بعدد من المناطق السياحية الشهيرة، ومعروفة لدى هيئة الخدمات البيطرية.

ويعد سوق التونسي، والمشهور بسوق السيدة عائشة، والذي ينصب يوم الجمعة من كل أسبوع بميدان السيدة عائشة، أحد أكبر منافذ تجارة الحيوانات البرية في مصر، ويتم فيه تداول عدد كبير جدا من الحيوانات البرية، مثل الكلاب والثعابين بأنواعها، والضب المصري، والسلحفاة المصرية، والقنفذ المصري، ويمكن الاتفاق مع أحد الباعة ليبيع لك أحد الحيوانات المهددة بالانقراض أو النادرة مثل الضباع المصرية، أو الحرباء.

كرموز، أقدم مناطق الإسكندرية، قبلة هواة الحيوانات في الإسكندرية والمحافظات المحيطة بها، بداخلها تباع كل أنواع الحيوانات المفترسة والأليفة، تماسيح وثعابين وقرود وصقور وكلاب شرسة وديوك هندية، وأسماك زينة رائعة الألوان وغيرها.

يقول الدكتور راجي فخري توما، مدير الإدارة العامة للحفاظ على الحياة البرية بوزارة الزراعة، إن تجارة الحيوانات البرية بأنواعها المختلفة يحكمها اتفاقية دولية لتجارة أصناف الحيوانات والنباتات البرية المهددة للانقراض تعرف باسم “سايتس”، تهدف للحفاظ على الأنواع البرية من خطر الانقراض، وتصنف الاتفاقية الحيوانات البرية إلى ثلاثة ملاحق أو جداول؛ الأول: يضم كل الأنواع غير المهددة بالانقراض، وتقنن الاتجار بها للأغراض البحثية، والتبادل بين حدائق الحيوانات حول العالم، ويبلغ تعدادها أكثر من 1400 نوع حيواني وأكثر من 22000 نوع نباتي.

الثاني: كل الأنواع المهددة بالانقراض التي تأثرت أو يحتمل أن تتأثر بالتجارة، ولا يسمح بالتجارة فيها إلا في ظروف استثنائية، ويبلغ عددها 600 نوع حيواني تقريبا ونحو 300 نوع نباتي.

الثالث: ويضم كل الأنواع التي يحدد أي طرف أنها تخضع لتنظيم في حدود سلطة الدولة، وتهدف الدولة لحمايتها أو تقييد استغلالها، وتبلغ أعدادها حوالي 270 نوعا حيوانيا ونحو 30 نوعا نباتيا.

وأكد توما أن وزارة الزراعة تنسق مع وزارة البيئة والهيئة العامة للخدمات البيطرية ووزارة البيئة في هذا الشأن، لتحديد هذه الجداول وتنقيحها من حين لآخر.

ويحذر الدكتور محمد جلال، الباحث بمعهد بحوث الحيوان، من تربية الحيوانات المفترسة بغير الأماكن المخصصة لها، لما لها من أضرار صحية وبيئية واسعة، تتمثل في نقلها للأمراض والأوبئة إلى المحيطين بها.

هذا ما أكده البيطري أسامة المحمدي بقوله إن “الحيوانات البرية من الممكن أن تمثل خطرا حقيقيا على الإنسان، حال تعامله معها بشكل مباشر أو غير مباشر”، مصنفا الأمراض التي تصيب الإنسان جراء تربية الحيوانات إلى فيروسية، وجرثومية، وفطرية، موضحا أن أهم الأمراض الفيروسية، هي داء الكلب، والحمى القلاعية، والتهاب المخ القرادي، وحمى الوادي المتصدع، أما الأمراض الجرثومية فأهمها؛ الجمرة الخبيثة، الكزاز، الرعام، الحمى المالطية، السل، طاعون الجمال، التولاريميا،  التسممات الغذائية (داء السلامونيات)، الحمى القرمزية، داء الليستريات وغيرها، والأمراض الفطرية أهمها؛ القرع، السعفة، وداء الرشاشيات، والأمراض التي تسببها الليتبوسبيرا والبسبيروخيثا وأهمها؛ مرض الليبتوسبيروس، والتيفوئيد الراجعي القرادي، والأمراض الطفيلية أهمها؛ التوكسوبلازما والليشمانيا، والتريماتودا، والنيماتودا.

وتشير البيطرية ناهد علام، إلى أن هناك ٨٧٠ مرضا مشتركا بين الإنسان والحيوان، معظمها مشتركة بين الإنسان والحيوانات الأليفة، موضحة أنه خلال العقود الثلاثة الماضية ظهر ١٧٧مرضا معديا جديدا أو متجدّداً في الإنسان، منها ١٣٤مرضا مشتركا بين الإنسان والحيوانات الأليفة.

وتؤكد أنه يوجد ٦١٦مرضا معديا في الحيوانات الزراعية منها ٤٧٦ مرضا مشتركا مع الإنسان، و٣٤٧ مرضا معديا في الكلاب والقطط.

ويقول مدير الإدارة العامة للحفاظ على الحياة البرية بوزارة الزراعة، إن الأمراض المشترَكة بين الإنسان والحيوان، سببها الحيوانات الأقرب إليه بخواصها البيولوجية، ويكون مصدر العدوى غالبا من الحيوانات ذات الدم الحار بشكل عام، موضحا أن الحيوانات التي ترضع الحليب بعد الولادة تسبب العدوى بشكل أكثر مبالغة من غيرها.

وتنتقل الأمراض من الحيوان المريض إلى الإنسان السليم، عن طريق الجهاز التنفسي وملتحمة العين، والجلد عن طريق ملامسة الحيوان أو مخلفاته.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل