المحتوى الرئيسى

ماذا يفعل «الشاباك» بـ «إيرز»؟ التجّار والموظّفون «الدوليّون» في دائرة الاتهام

10/17 00:36

حاجز بيت حانون «إيرز» هو المنفذ الوحيد الذي يتيح عبور المواطنين ورجال الأعمال الغزّيين إلى أراضي الضفة الغربية وإسرائيل، بمن فيهم المرضى. لكنه لم يعد الحاجز الواقع في أقصى شمال قطاع غزّة بوابةً شبه آمنةٍ لحركة التجار ورجال الأعمال، كما جرت العادة. فقد باشرت قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال العديد منهم، بهدف زيادة الضغط على الاقتصاد المنهك في القطاع، والحصول على معلومات عن الأوضاع الاجتماعية والإنسانية للغزيين، وطرق عمل فصائل المقاومة الفلسطينية في تشييد قدراتها العسكرية.

وقد اتخذ الاحتلال مؤخراً مجموعة من الخطوات بحقّ التجار ورجال الأعمال، من دون تقديم أيّ سبب وبلا شفافية. ومن أهمها هذه الخطوات، سحب تصاريح ما يزيد عن 1500 تاجر ورجل أعمال وتحويلهم لممنوعين أمنياً، وقف ما يزيد عن 150 شركة من الشركات الكبرى من التعامل بالتجارة الخارجية وإدخال البضائع، واستمرار إسرائيل بتحكمها بإدخال مواد البناء ومنع إدخال الإسمنت إلى العديد من المصانع الإنشائية وعلى رأسها مصانع البلوك، والتسبب بتوقف أكثر من 400 مصنع بلوك منها 204 مصانع يعمل على نظام «السيستم»، وتعطل أكثر من 3000 عامل عن العمل.

الباحث بأسباب الاعتقال والمنع يجدها واحدة لجميع الأشخاص، فيأتي الاعتقال إما بتهمة تهريب بضائع ذات استخدام مزدوج بحسب المسمى الإسرائيلي، أو بتهمة نقل أموالٍ للفصائل المسلّحة في غزة. ما تنفيه جميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية العاملة في القطاع.

عامٌ ونصف قضاها التاجر وعضو مجلس إدارة «جمعية رجال الأعمال» خالد لبد في السجون الإسرائيلية بتهمة تهريبه موادّ ممنوعة من الدخول إلى غزة، تخلّلتها تحقيقاتٌ متكرّرة أجراها معه ضباط مخابرات «الشاباك». هدفت التحقيقات إلى تحديث قاعدة البيانات حول غزّة وتخويف التجّار كسبيل لتشديد حلقات الحصار، علماً أن إسرائيل تمنع دخول أكثر من ستة آلاف صنفٍ من المواد الغذائية والخدماتية المتعلقة بالبناء والمنشأة الصناعية.

ويقول لبد إن عمله كان يقتصر على جلب الأجهزة الكهربائية وبيعها، ومن المعروف أن هذه البضائع تأتي خارج دائرة المواد المستخدمة من قبل فصائل المقاومة، باعترافٍ رسميّ مصادق عليه من الاحتلال ودائرة الشؤون المدنية الفلسطينية. ويؤكد لبد أن تجربته بيّنت له أن الجانب الإسرائيليّ يهدف إلى خنق غزة اقتصادياً، وتشديد الحصار المفروض على القطاع منذ العام 2007.

صارت فئة التجار ورجال الأعمال الحاصلين على تصاريح مضطرة للعمل ضمن الإطار المحدّد إسرائيلياً والذي يسمح لها باستمرارية التنقل السليم عبر الجانب الإسرائيلي. ما يفرض على التجّار الابتعاد التام عن النشاطات والآراء السياسية. وتتنوّع أشكال التضييق عليهم، إذ يمكن احتجاز التاجر لساعات وتأخيره عن أعماله وإجراء تحقيق معه، أو اعتقاله لأيام أو أكثر من عام، أو سحب التصريح.

ولا يخفي رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين بقطاع غزة علي الحايك قلقه من سياسة الاحتلال الإسرائيلي تجاه التجار ورجال الأعمال، مؤكداً أن «انعكاس استمرار الظاهرة خطير على العمل التجاري والاقتصاد الفلسطيني عامة». ويعتبر أن منع كبار رجال الأعمال من السفر يأتي بتثبيت لأقدام حصار على غزة وتدمير ما تبقى من اقتصادها، لافتاً إلى أن «منع التجار من السفر واعتقالهم يحمي هيمنة التجار والموردين الإسرائيليين على غزة، سعيًا لتدمير ما تبقى من الاقتصاد الفلسطيني».

في مرحلة لاحقة، توسّعت دائرة الملاحقة هذه لتطال عاملين بالمؤسسات الدولية. ما أثار جدلاً واسعاً في القطاع. وقد بدأ هذا التوسّع مع ملاحقة مدير «مؤسسة الرؤية العالمية» الأميركية في قطاع غزة («وورلد فيجن») محمد الحلبي وزميله سعيد أبو غزة وموظف ثالث من مؤسسة «إنقاذ الطفل الدولية» بقضايا مختلفة. فاتهم الحلبي بتجيير أموالٍ طائلة من ميزانية المؤسسة لمصلحة «حماس»، لكن المنظمة وعائلته و «الحركة» نفت الاتهامات جملةً وتفصيلاً. وتؤكد «وورلد فيجن» التي أوقفت عملها مؤقتاً في غزة على خلفية الاتهامات أن المبالغ التي تتحدث عنها إسرائيل أكبر بكثير من ميزانية المؤسسة المخصصة للقطاع، ما يعني أن إسرائيل بالغت كثيراً في الاتهامات الموجهة للمهندس الفلسطيني.

وبحسب والد الحلبي، فإن نجله محمد اعتقل من دون سبب أو اتهام، وجميع الاتهامات التي نشرت عبر الإعلام الإسرائيلي جاءت من دون أدلة أو اعترافات من ابنه المعتقل في سجن المجدل منذ ما يزيد عن 50 يوماً. ما أكده محاميه بالاستناد الى محدودية الدعم وحجم الرقابة على المؤسسة من لجان مستقلة وخارجية.

ويخلق السلوك الإسرائيلي المفاجئ خشية من وجود توجه يهدف إلى «فبركة» الاتهامات بحق المؤسسات الدولية لشلّ عملها، وما يمثله ذلك من تهديد فعلي لبرامج الخدمات التي تقدمها فروع تلك المنظمات لما يزيد عن مليون فلسطيني في غزة يعانون الفقر والبطالة وظروفاً اقتصادية صعبة. هذا ما أوضحته قضية اعتقال المهندس الفلسطيني وحيد البرش الذي يعمل في برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) بشبهة مساعدته ببناء مرفأ لحركة «حماس» على شاطئ غزة بواسطة موارد الوكالة الدولية، ومنح الأولوية لترميم وإخلاء البيوت في المناطق التي أقام فيها نشطاء «حماس»، كما يقول نائب مدير «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» حمدي شقورة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل