مصر بلا محليات

رغم توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة إجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية نهاية العالم الجاري، إلا أن الأمور تبدو ضبابية في هذا الصدد سواء على صعيد التحركات الحكومية أو الخطوات البرلمانية.

فكان أمام لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان أربعة مشاريع لقانون «الإدارة المحلية»- منها ثلاثة قدمتها أحزاب الوفد والتجمع والحرية والرابع مقدم من الحكومة- ورغم تعهداتها بسرعة التباحث للاستقرار على أحد المشروعات المقدمة وتمريرها قبل نهاية دور الانعقاد الأول، إلا أن ذلك لم يحدث.

ويظل حتى الآن موعد انتهاء البرلمان من مناقشة القانون غير معلوم وسط جدول أعمال كبير أمام مجلس النواب.

أما الحكومة فتأخرت في تقديم مشروعها لقانون الإدارة المحلية للبرلمان، وهو ما صرح به أحمد السجيني رئيس لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، في أغسطس الماضي.

وقد يبدو تصريح وزير الشئون القانونية والنيابية المستشار مجدي العجاتي بأن مصر على وشك إجراء انتخاب المحليات أوائل العام القادم، مجددا للآمال المحلية.

لكن الأمور تزداد تعقيدا بإعلان العجاتي موافقة مجلس الوزارء على مشروع قانون إنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات « وهي المنوط بها الإشراف على الانتخابات بما فيها المحلية منها »، ما يعني أن طريقًا آخر سيسلكه هذا المشروع داخل البرلمان بلا موعد محدد لتمريره.

وأبدى خبراء في مجال المحليات - تحدثوا للوفد- أملهم في صدق الإعلان الحكومي بقرب إجراء انتخابات المجالس الشعبية، لكنهم في الوقت نفسه شككوا في إمكانية ذلك أمام الكثير من الخطوات القانونية المفترض إتمامها أولا.

بدوره أبدى المستشار شادي عبد اللطيف رئيس حملة المحليات للشباب، تعجبه من إعلان وزير الشئون القانونية والنيايبة - كسلطة تنفيذية- موعدًا لإجراء الانتخابات المحلية.

وأضاف أن لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب هي الجهة الوحيدة المنوط بها تحديد موعد الانتخابات، أردف:« هذه اللجنة عرض عليها خلال دور الانعقاد الأول أربعة مشاريع للإدارة المحلية اختارت منها الذي قدمته الحكومة باعتبار أن مجلس الدولة مرره».

وأوضح عبد اللطيف بطء عمل اللجنة مع مشروع القانون الحكومي، موضحا أنها ناقشت 41 مادة فقط من أصل 176 مادة « وهو ما يُستبعد معه إجراء الانتخابات أوائل العام القادم» حسب قوله.

ووفق الخطوات الحكومية والبرلمانية قد تعقد الانتخابات المحلية في النصف الثاني من العام القادم حسب توقع رئيس حملة المحليات للشباب، مشيرا إلى ما تتخذه تحضيرات العملية الانتخابية من وقت في القرى والمراكز والمدن والتي تبلغ عدد الوحدات بها نحو ثلاثة آلاف وحدة.

ولفت إلى ما تردد من إمكانية إعادة تقسيم المحافظات بضم وسحب مراكز منها، وتابع:« إذا ما حصل هذا التقسيم فإننا أمام تعطيل جديد للانتخابات المحلية باعتبار أنه لا يجوز إجراؤها قبل التقسيم المزمع ».

وعن تأثير تعطيل إجراء الانتخابات المحلية قال عبد اللطيف إن مجالس المحليات تدفع بمشاركة شبابية كبيرة في العملية السياسية وهو ما تحتاجه مصر خلال هذه الفترة، مضيفا :« من المقرر أن يُنتخب 54 ألف عضو للمحليات منهم 15 ألف شاب و15 ألف امرأة بخلاف نحو نصف مليون مرشح ».

إلى جانب ذلك فإن تقدم الدول يبنى على إدارة محلية حكيمة، حسب قوله، مضيفا :« أهل مكة أدرى بشعابها فكل عضو بالمحليات يعرف نقاط الفساد والأخطاء وطرق الإصلاح في قريته ومركزه وهو ما نحتاجه للتنمية»، معتبرا المجالس المحلية بمثابة سلطة رقابية مصغرة على نظيرتها التنفيذية.

ومن جهته أكد اللواء محسن النعماني وزير التنمية المحلية الأسبق الحاجة الماسة للمجالس الشعبية المحلية لإثراء العملية التنموية التي تأثرت بشدة نتيجة تعطيل الانتخابات المحلية.

وأمل أن يقدم قانون المحليات الذي ينتظر تعديله من قبل البرلمان سلطات جديدة للمجالس الشعبية، لافتا إلى أهمية التزام السلطتين التنفيذية والتشريعية بإجراء الانتخابات في الموعد المحدد لها.