المحتوى الرئيسى

حرب ضروس على "الدخان الدزيري" في تونس

10/16 16:55

يحاول الرجل الستيني دون جدوى أن يخفي انكساره أمام نظرات تجار السوق الذين هب بعضهم لمواساته، في حين جرّ الفضول بعضهم لاستطلاع الأمر.

يتحدث محمد للجزيرة نت بصوت مرتجف عن عجزه عن فعل أي شيء أمام الحملة الأمنية التي استهدفت قبل أيام ثلاثة محلات أخرى في سوق نهج الملاحة في قلب العاصمة لحجز السجائر المهربة.

وتضم هذه السوق -التي تمتد على زقاق طويل- باعة متجولين على عربات خشبية ومحلات صغيرة تبيع سلعا صينية في متناول الفئات الفقيرة، لكنها أيضا المقصد الأول للباحثين عما يعرف بـ"الدخان الدزيري" رخيص الثمن.

توهم تسمية هذا النوع من السجاير بأنها مصنوعة بالجزائر، والحقيقة خلاف ذلك، فهي مجهولة المنشأ ويروج أنها تزرع في أراض معرضة للإشعاعات المسرطنة، حسب بعض الأطباء.

يقر التاجر محمد الشريف -الذي يمارس هذه المهنة مع ابنه المعاق منذ عقد- بأنه يبيع هذه الأنواع من السجائر لتوفير قوت عائلته الفقيرة، نافيا أن تكون له علاقات مشبوهة بالمهربين الذين يزودون السوق بها.

حسب رأيه، يمر تهريب السجائر عبر شبكات تتحكم فيها رؤوس أموال ومهربون ينشطون عبر الحدود مع الجزائر وليبيا، كاشفا أن مدينة بنقردان في الجنوب الشرقي للبلاد تضم أكبر مخازن السجائر.

غير بعيد عن محل الشريف، يضع التاجر محمد الحبيب يديه على خديه بينما ينظر بعينين مغتاظتين لمتجره المتواضع وقد أصبح شبه خال من البضائع وعلب السجائر التي أخذتها منه الشرطة.

يقول محمد الحبيب للجزيرة نت إنه يجني من بيع تلك السجائر ما يكفي فقط لدفع إيجار محله وإطعام أولاده، وإن السلطات "لا تردع عصابات التهريب بقدر ما تلاحق التجار ضعاف الحال".

ويؤكد التاجر أن منع السجائر المهربة الرائجة بكثرة بين المواطنين بحكم تدني سعرها مقارنة بسعر السجائر التي توزعها الدولة "سيضر بالتجار الصغار والمدخنين ذوي الدخل الضعيف".

ويتقاسم معه هذا الرأي لطفي -وهو حارس مأوى بالسوق ومدخن رغم معاناته بمرض صدري-، إذ يرى أن حظر السجائر المهربة سيفاقم معاناة المدخنين بسبب غلاء السجائر العادية.

ويثير شكل علب السجائر المهربة إعجاب المدخنين بفضل غلافها الشبيه بالسجائر المستوردة، ولا يتجاوز سعرها نصف دولار، في حين يبلغ سعر الدخان التونسي العادي دولارا على الأقل.

وقدرت السلطات قيمة السجائر المهربة التي حجزت لدى دهم المحلات الثلاثة بسوق الملاحة بنحو 500 مليون دولار، وهو رقم يعكس بوضوح نشاط هذه التجارة الرائجة.

لكن التاجر محمد الحبيب يفند الرقم الذي صرحت به الحكومة، معتبرا أن جميع تجار السوق "لا يملكون حتى ربع ذلك المبلغ لأنهم ليسوا مهربين بل تجار يشترون السجائر بكميات قليلة".

يشتري هذا التاجر -وفق قوله- السجائر المهربة على عين المكان في سوق الملاحة من تجار آخرين، مبينا أن رجال أعمال ومهربين وموظفين هم من يتحكمون في مسلك التهريب والتوزيع.

وقد قرع محافظ تونس عمر منصور طبول الحرب على السجائر والسلع المهربة التي تغزو  شوارع العاصمة، متوعدا باستمرار شن حملات دهم لحجز السلع المتهربة من دفع الضرائب.

ويعزو مدير إدارة حفظ الصحة بوزارة الصحة محمد الراحبي توجه الحكومة لمحاربة السلع المهربة وعلى رأسها السجائر إلى مكوناتها السامة والمسرطنة التي تحتويها، حسب تعبيره.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل