المحتوى الرئيسى

بعد الطلاق.. صاحبي ضعفك

10/16 14:36

من المؤلم والمربك للمرأة بعد الطلاق أن تجد نفسها عالقة في الحزن، بينما مطلقها الذي تبادلت معه الحب يومًا يبدو على ما يرام، وكأن شيئًا لم يكن. تشكين في نفسك وتتهمينها بالسذاجة والضعف، لأنكِ ما زلتِ تفتقدينه، أو حتى تفكرين فيه بأي شكل. ولكنك تلومين نفسك على أمر طبيعي.

عند الطلاق تختبرين نوعًا من الخسارة، ومن الطبيعي أن تنوحي على تلك الخسارة. من الطبيعي أن تحزني على انتهاء علاقة توقعتِ أن تكون أبدية، على مستقبل خططتِ له بشكل معين ولكنه الآن لن يحدث كما خططتِ، على ما بذلتِه تجاه هذا الشخص من روحك ونفسك وقلبك وجسدك وربما مالك. 

هل تعلمين أن الأبحاث تظهر أنه على الرغم أن النساء يتألمن بعد الطلاق أكثر مما يتألم الرجال، ويستغرقن وقتًا أطول للشفاء، فإنهن في النهاية يتعافين تمامًا. أما الرجال فإنهم سرعان ما يبدو عليهم أنهم تجاوزوا المحنة بل ويشعرون بالسعادة، ولكن مع الوقت تتراجع تلك المشاعر لتحل محلها مشاعر الحزن والندم والغضب... إلخ؟ وإذا لم يبذلوا أقصى جهدهم للتعافي من الخسارة فإنهم يبقون عالقين ويكررون نفس الأخطاء مع شريكات جديدات. 

إن النوح مكون طبيعي وصحي في تجاوز العلاقة. وجزء من النوح هو الفهم الكامل لإيجابيات وسلبيات العلاقة في شركائنا وفي أنفسنا. عندما لا نسمح لأنفسنا بالشعور بالألم الناتج عن غياب شخص كنا نهتم به، فإننا ننكر ونتجنب ونكبت، فيصبح الجرح أعمق ويتحول إلى خلل عاطفي وسلوكي، وغالبًا سنعيد نفس الأخطاء في العلاقات القادمة.

وعلى الرغم من أنه لا يوجد اثنان تتطابق ظروف طلاقهما، ولا يوجد اثنان يتأثران بالطلاق بنفس الطريقة بالضبط، فإن هناك مشاعر مشتركة يخبرها كلها أو بعضها معظم من يمرون بتجربة الطلاق فيما يشبه المراحل. لا يوجد بداية ووسط ونهاية لكل مرحلة، فقد تزورين كل مرحلة مرات عديدة، وقد تمكثين في مرحلة أكثر من غيرها. 

تعيشين حياتك بشكل طبيعي كأن شيئًا لم يكن، وتقومين بطقوسك المعتادة رافضة تصديق ما يحدث في حياتك. قد تشعرين بالصدمة أو تفقدين أي شعور تجاه ما وقع. ادّعاء أن كل شيء جيد هو طريقة حماية نفسك لذاتها من مشاعر لا تستطيع التعامل معها. وهو ميكانيزم تكيفي جيد إن لم يعقك عن الانتقال إلى المرحلة التالية. 

عندما يبدأ الإنكار في التلاشي، تبدأ المشاعر التي كانت تختبئ خلفه في الظهور على السطح. تبدأ مشاعر الألم والفقد والخوف مما يحمله المستقبل. ربما انجرحتِ من الشخص الذي أوليتِه أكبر ثقة في حياتك، ربما عليكِ تقبل أن الزواج الذي بذلتِ مجهودًا كبيرًا من أجل إنجاحه قد فشل. 

أنتِ تبحثين عن شخص تلومينه على ذلك الشيء البشع الذي يحدث في حياتك. قد تشعرين بالغضب نحو مطلقك أو والديه أو والديك أو أصدقائك أو حتى أبنائك. وهو شعور طبيعي، ولكن إن بدت مشاعرك خارج السيطرة أو كانت موجهة نحو أشخاص لا ذنب لهم، خصوصًا أبنائك، فإن عليكِ أن تطلبي المساعدة النفسية المتخصصة. قد يكون عليكِ أيضًا التعامل مع غضب الآخرين، فأبناؤك أو والداكِ قد يلومونكِ على هدم الأسرة، ومطلقك قد يكون غاضبًا، خصوصًا إن كنتِ المبادِرة بطلب الطلاق. وعليكِ التعامل مع مشاعر كل من هؤلاء حسب طبيعة العلاقة. 

ترغبين في إيقاف شعورك بالألم واستعادة بعض السيطرة على الموقف. فتحاولين الرجوع إلى الوضع السابق الذي قد ترينه في تلك المرحلة أفضل مما وصلتِ إليه، قد ترين أن مطلقك كان نعمة من الله، قد تعدين بتغيير سلوكيات معينة لو توفرت لكِ فرصة أخرى أو تمنين نفسك بأن يتغير هو. وهو أمر طبيعي أن تحاولي تجنب حتمية انتهاء الزواج بالمساومة مع مطلقك أو مع نفسك. وربما تكون تلك هي آخر محاولة للتأكد من مدى صحة قرار الانفصال.

تشعرين باحتياج مُلِحٍّ لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. فبغض النظر عمن تُحملينه مسؤولية الطلاق، فإنكِ في هذه المرحلة تراجعين نفسكِ كيف كان يمكن أن تتصرفي بشكل مختلف لتمنعي الطلاق وتنجحي زواجك، وتسائلين نفسكِ إن كنتِ بذلتِ المجهود الكافي، وإن كان يمكنك التحلي بمزيد من الصبر... إلخ. 

الحزن هو رفيقك في هذه المرحلة التي قد تسير جنبًا إلى جنب مع كل المراحل السابقة. قد تتكاسلين عن الاستحمام لعدة أيام، أو تتوقفين عن الاعتناء بشعرك، قد تجدين صعوبة في النوم رغم الإنهاك البدني والنفسي، قد تفقدين شهيتك أو تسرفين في الطعام.. لا غنى عن الدعم النفسي المتخصص خلال تلك المرحلة، خصوصًا لو كانت تلك الأعراض قوية أو استمرت فترة طويلة. تحدثي، تحدثي، تحدثي مع شخص متخصص لتتخلصي من كل تلك المشاعر التي تسمم نفسك وروحك. أطفالك أيضًا قد يكون لديهم مشاعر مشابهة لكِ. 

لقد تعلمتِ من المحنة وبدأ الضوء يظهر في نهاية النفق المظلم. القبول لا يعني أنه لم يعد لديك مشاعر سلبية تجاه الطلاق، بل من المحتمل أنكِ ما زلتِ تشعرين بالندم أو الحزن أو الغضب، ولكنها مشاعر تستطيعين التعايش معها ولا تعوقك عن الحياة. لقد تعلمتِ أن تقبلي الواقع، وأصبحتِ تدركين أن الحياة تغيرت ولن تعود كما كانت. احتضني تلك القوة وآمني بقدرتك على التكيف والبقاء. بإمكانك بدء حياة جديدة، حتى وإن كان هذا يبدو صعبًا، ولكن الخبرات التي اكتسبتِها ستزيدك قوة وتساعدك على الاستمرار. 

الشعور بالضعف بعد الخسائر الكبيرة في الحياة شعور إنساني، ليس إنسانيًا أن تعاشري شخصًا وتعتادي وجوده في حياتك ثم لا تفتقديه عندما لا يعود موجودًا في حياتك. الطبيعي أن تضطرب مشاعرك وتحسين بالوهن، وإذا لم يحدث ذلك فإن هذا يعني أن عملية الشفاء متوقفة. ستنتقلين بين تلك المراحل بسرعتك الخاصة، ولكن إن وجدتِ أنكِ لا تتحركين للأمام فسوف تُعد تلك الأفكار والمشاعر غير صحية. من المفترض أن يشفي الوقت جراحنا.

ويعتمد طول فترة التعافي على عدة عوامل، منها: هل كنتِ تتوقعين الانفصال؟ هل كان الطلاق اختيارك؟ هل ترككِ زوجك من أجل امرأة أخرى؟ هل لديكِ أطفال؟ هل تحصلين على المساعدة الكافية؟ إلخ. 

أهم أخبار مرأة

Comments

عاجل