المحتوى الرئيسى

لقاء أمريكي أوروبي بشأن سوريا غداة اجتماع لوزان

10/16 11:12

يعقد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اجتماعاً مع نظرائه الأوروبيين في العاصمة البريطانية لندن الأحد (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) لبحث الملف السوري، وذلك بعد يوم من انتهاء المحادثات مع روسيا لم تفض لأي نتيجة، وسط تبادل حاد للاتهامات بين واشنطن وموسكو واستمرار القتال في سوريا.

وتأتي تلك الجهود الدبلوماسية المكثفة، بعد أسابيع من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار ووقف واشنطن التعاون مع موسكو بسبب قصفها المتواصل لمدينة حلب. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوسائل الاعلام المحلية عقب المحادثات إنه ضغط من أجل بدء "عملية سياسية" لانهاء الصراع "في أقرب وقت ممكن"، مشيرا إلى أن الأطراف "اتفقت على وجوب الاستمرار في الاتصالات خلال الأيام المقبلة". في المقابل، ذكر كيري أنه "تحدث بشأن أفكار جديدة لوقف إطلاق النار"، وأن "هناك أفكارا كثيرة يجب التعمق بها سريعا على أمل أن تساهم في حل المشكلات التي تعوق تطبيق وقف إطلاق النار السابق" الذي تمّ التوصل إليه.

وشارك في اجتماع أمس السبت في لوزان كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران والعراق وقطر والسعودية ومصر وتركيا، فيما غاب الأوروبيون عن اللقاء. وسبق المباحثات اجتماع ثنائي بين كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، كان الاجتماع الأول بينهما منذ بدء الهجوم الروسي-السوري على أحياء حلب الشرقية قبل ثلاثة أسابيع.

في بؤرة الاهتمام العالمي تقع حلب. فالمدينة المُقسمة أضحت رمزاً لفظاعات الحرب. وفي القسم الشرقي، الذي يحاصره النظام السوري، هناك نقص في كل شيء: الماء، الطعام، المسكن، العلاج الصحي. يعيش في ظل هذه الظروف المأساوية حوالي 100 ألف طفل.

إلى جانب حلب هناك 18 مدينة (كمدينة مضايا في الصورة) وهي منطقة مقطوعة كلياً عن العالم الخارجي. وحسب بيانات الأمم المتحدة يقطن في هذه المدن والمناطق المحاصرة ما يقارب 600 ألف مواطن. يشترك كل أطراف النزاع في استخدام الحصار كسلاح في الحرب. إدخال المواد الإغاثية الإنسانية إلى بعض المناطق يتطلب موافقة الحكومة السورية، وكثيرا ما ترفض منح التراخيص لذلك مرة تلو الأخرى.

كانت داريا من أولى المدن المنتفضة ضد النظام السوري في عام 2011. تحصن فيها مناهضو النظام السوري. وقام النظام بفرض الحصار عليها ما يقارب أربع سنوات وترك قاطنيها يتضورون جوعاً. في آب/ أغسطس الماضي سلَم مناهضو الأسد المدينة، ورحلوا إلى مناطق المعارضة في إدلب (في الصورة).

ليس بوسع المشافي في سوريا بعد الآن تقديم الخدمات الطبية للمرضى. "قد لاتوجد ضمادات وأدوية مما يجعل القيام بعملية استئصال الزائدة الدودية أو عملية ولادة قيصرية أمرا شبه مستحيل"، كما يشتكي رئيس "منظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا"، فولكر فيسترباركي.

يقول رئيس "منظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا"، فولكر فيسترباركي إنه خلال خمسة أشهر الماضية تدمرت المشافي الثمانية في الجزء الشرقي المحاصر من مدينة حلب أو تعرضت لأضرار. القلة القليلة الباقية من الأطباء السوريين يخاطرون بحياتهم لعلاج المرضى. "ليس الأمان موجوداً في أي مكان"ـ يضيف فيسترباركي.

الوضع جد مأساوي في القسم الشرقي من مدينة حلب، المحاصر من قبل النظام السوري وحلفائه. يعيش هناك حوالي 300 ألف شخص. وقد دمر القصف اليومي لطائرات النظام السوري والطائرات الروسية آلاف المنازل. في الأسبوع الماضي وحده لقي أكثر من مائة إنسان مصرعهم نتيجة هذا القصف.

هناك نقص في ماء الشرب والطعام والكهرباء في حلب. وهذا ينطبق أيضاً على الجزء الغربي من المدينة، الذي يسيطر عليه النظام. غير أن معاناة السكان هناك لا يمكن نقلها للعالم الخارجي، حيث لا يسمح النظام بدخول الصحفيين إليها.

يندر أن يخرج النلاس إلى شوارع وأسواق حلب، خوفاً من القصف الجوي، يقول أحد مراسلي الإذاعة المحلية، "راديو حارة". أغلب المحالات التجارية مغلقة ولم تعد هناك حياة طبيعية. الحاضرة المليونية أضحت واحدة من أخطر مدن العالم.

بالرغم من أن الهدنة تمنح للناس متنفساً لبعض الوقت وتخفف من معاناتهم قليلاً، إلا أن سكان المدن المحاصرة يستمرون في العيش مقطوعين عن العالم الخارجي وعن المساعدات الإنسانية. ووصف الأب الفرنسيسكاني، فراس لطفي، الذي يوزع الماء والطعام، الوضع هناك قائلا: "هنا يعيش الناس وكأنهم في سجن كبير".

 ويفترض أن يواصل وزير الخارجية الأمريكي الأحد جهوده في لندن في اجتماع مع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون وعدد من نظرائه الأوروبيين الآخرين. وتنتمي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى "المجموعة الدولية لدعم سوريا". لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إن هذه المجموعة لا تستطع اتخاذ قرارات سريعة نظراً لحجمها، موضحين أن اجتماع لوزان كان أكثر فائدة لأنه تركز على الدول الإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية.

وتزامن اجتماع لوزان مع أجواء من التوتر الكبير بين روسيا والغرب الذي يتهمها بالتورط في "جرائم حرب" في الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في مدينة حلب. وتواصل الطائرات الروسية والسورية قصف هذه الأحياء منذ 22 أيلول/ سبتمبر الماضي. وذكرت تقارير إعلامية متطابقة أن المستشارة الألمانية ميركل دعت من جانبها إلى فرض مزيد من العقوبات ضد روسيا نظرا للدور الذي تلعبه في الأزمة السورية والأوكرانية. 

من جهتها، صرحت الخارجية الروسية اليوم الأحد أن جميع المشاركين في محادثات لوزان "اتفقوا على أن السوريين وحدهم هم من يقررون مستقبلهم من خلال حوار يشمل كافة الأطراف"، كما أكدوا التزامهم بالحفاظ على سوريا "موحدة وعلمانية". كما جددت الوزارة الموقف الروسي حول ضرورة فصل المعارضة السورية المعتدلة عن جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) وغيرها من "الجماعات الإرهابية" التابعة لها، حتى "ينجح" أي اتفاق لوقف إطلاق النار. وتابعت "في الوقت نفسه يجب أن يكون مفهوماً أن العمليات ضد إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة ستستمر".

ويأتي هذا الاجتماع بينما يتحدث عدد من الدبلوماسيين والخبراء عن احتمال استعادة نظام الرئيس بشار الأسد ثاني مدن سوريا، مما سيشكل انتصاراً رمزياً واستراتيجياً حاسماً له منذ بدء النزاع في 2011.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل