المحتوى الرئيسى

محمود مجدي يكتب: مجاذيب الرئيس

10/16 10:20

قطاع كبير وشريحة ضخمة من المواطنين.. (الفقير / الفقير جدًا / الميسور / الميسور جدًا) يجلسون على المقاهى. وآخرون داخل كومباوندات.. نساؤهم يتسوقن فى باريس ولندن، وآخريات فى سوق الثلاثاء والجمعة.. شباب يطلق عليهم مجازًا (سرسجية) وآخرون يطلق عليهم مجازًا (متني وفرفور).

جميعهم يشتركون فى حب الرئيس وتأييد الرئيس والرقص للرئيس والموت لأجل الرئيس، و(فشخ) كل من يرى الرئيس ولا يصلى على النبى!

على الرغم من توسعهم الجغرافى فى ربوع البلاد، وتنوعهم الثقافى والإجتماعي، لكنهم يمتازون ببضع صفات منقرضة وفريدة، تصلح لعمل مئات التجارب عليها مستقبلًا بعد مئات السنين طبعًا (فى وجود الرئيس، فالزمن ينتهى، والرئيس لا ينتهى)!

هم لا يرون فى الحياة سوى شخص واحد، يعتمدون عليه ويسّير أعمالهم وأفكارهم وحياتهم.. بطل يتآمر عليه الكون ومجراته، لكنه يصمد دائمًا.. جنين لا يستطيع العيش بدون أمه، وأمهم هنا هي (الرئيس).

الرئيس.. أيا ما كانت صفاته أو مؤهلاته أو قدراته، فمن يجلس على الكرسى هو القائد والزعيم والملهم. (سكر إيه.. ما هو السكر كله <3). يهاجمون الألتراس والإخوان، وهم فى الحقيقة أشد وأكثر تعصبًا لرئيسهم من الإخوان لمرشدهم.

يمتازون -بسم الله ماشاء الله- بالنطاعة والبلادة.. لا يعتمدون على أنفسهم قط.. لابد وأن تجد شخصا ييسر لهم أمورهم، ويقدم لهم المعلومة فى كبسولة فى أى مجال..

الفن.. محمد صبحى مثال للفن المحترم الملتزم.

الدين.. علي جمعة ومصطفى حسنى (ومحمد حسان وحسين يعقوب.. سلفيين آااه، لكن لا يهاجمان بطلهم وقائدهم)

الإعلام.. أحمد موسى /مصطفى بكرى / عمرو أديب.

المؤامرة ليست مصطلحا سياسيا عندهم.. لا، بل أسلوب حياة!

فى حياتهم اليومية يؤمنون بالحسد إيمانًا مطلقًا.. الجيران والأهل عيونهم مسلطة على كل ما لديهم، ليس هذا فقط، بل يتمنون زوال نعمتهم أيضًا (حتى لو أغلى جهاز عندهم الخلاط على رأي طلعت زكريًا فى حاحا وتفاحة).. لذا فالعالم كله مؤامرة صغيرة، ولا شئ حسن النية أبدًا.

الكل يطمع فيهم ويطمع في من يحبوا ويعشقوا، فالرئيس يتآمر عليه الجميع.. الرئيس لا يخطئ.. البلد نفسهًا هى الرئيس.. لا مذاق ولا طعم للدولة سوى بالرئيس.. الكل يتآمر عليه من كثرة إنجازاته ومن عظمة البلاد تحت قياداته (مستكترينها عليه وعايزين يخربوها والنبى)

هذا ليس حكرًا على الرئيس الحالى فقط، بل على الرؤساء السابقين جميعا.. فالرئيس ليس فاسدًا.. من حوله هم الفاسدون.. لا يخطئ.. من حوله هم المخطئون.

شئ.. حتى لو كان ديكتاتورًا بليدًا فقير الخيال والحيلة.

لا يهم، المهم أنه الرئيس.. يعظموه وينفخون فيه، ويرقصون له إذا لزم الأمر.. لا يهم سوى رضاه واستمراره دائمًا وأبدًا.

مواصفات حاكمهم مختلفة وفريدة مثلهم، فهم يفضلون عسكريًا يعرف الضبط والربط، فنحن لا نستحق معاملة آدمية ولا كريمة ولا دولة قانون أبدًا، فالطاعة للحاكم، والأمر للحاكم، و(الفشخ للشعب).. فهذه ضريبة أى بلد ناجح!

لا تندهش.. هم يعتقدون أن مصر ناجحة وستنجح، وأن ما بها سيمضي مع مرور الوقت.. يعيشون فى بلد آخر غير التى نعيش فيها.. أسرى للضلالات.. يؤمنون بأن مصر تتقدم وأن الرئيس يحمر عينيه لأوباما، فيبكي.. جيشنا أقوى وأفضل جيوش العالم.. مشروعاتنا القومية عظيمة وجليلة وتدفع دول العالم للغيرة منا.

لأننا (ميصر) وينطقونها كما ينطقها الشيخ الشعراوى رحمة الله عليه.

سقف طموحهم ضئيل مثلهم.. يقف عند منطقة محددة، فهم يؤمنون بالستر والصحة والعيشة الكريمة التى تمنح لهم التفوق ومعايرة الآخرين.. يرضون بمرتبهم كل شهر، وبمكانتهم الاجتماعية، وكذلك الرضا عن بلدهم.. لا يحلمون بأن نكون سويسرا أو ماليزيًا أو حتى دبى، فنحن أفضل من غيرنا، والنعمة والفضل والثواب بأننا أفضل من سوريا والعراق.

حياتهم تقليدية خالية من أى جديد.. تفتقد لأي إبداع أو مفاجأة أو مغامرة.. يومهم يتلخص فى العمل نهارًا وأحمد موسى ليلًا.

ويوم إجازاتهم، يقضون سهرتهم داخل كافيه، ويخرجون فيه مع موبايلاتهم.. يؤمنون (بمن زار بروفايلك) و(إذا لم تضغط لايك.. ستسخط قردًا).

الفيس بوك عندهم عربى (البوست منشور.. واللايك إعجاب) يشيرون منشوراتهم من صفحة “خير أجناد الأرض”.

داخل كل شخص منهم (مرتضى منصور صغير) يخرج وقت اللزوم.. كل معارض أو منتقد أو مهاجم أو معترض، هو (عميل /إخوانى / طابور خامس /قابض /نشتاء سياسيين / إلخ إلخ) قائمة اتهامات جاهزة ومحددة لا يخرجون عنها أبدًا.

عقولهم صناديق صغيرة محكمة الغلق، يحمدون الله عليها ويعتبرونها أفضل من عقول مواطنى سوريا والعراق.

ولذلك عزيزى القارئ، أسمعهم وتحدث معهم.. لا من أجل أن يرتفع الضغط والسكر، ولا لكى تصاب بالتخلف العقلى، بل كي تلعن نفسك وتلعن حظك التعس الذى أوجدك فى هذا البلد وفى هذا الوقت، ومع هؤلاء.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل