المحتوى الرئيسى

خالد يوسف: لهذا السبب.. تراجعت شعبية «السيسي»

10/15 21:52

30 يونيو ثورة.. ولولا تدخل «الجيش» لذبحت ميليشيات «الإخوان» الثوار

كثير من وسائل الإعلام تعتبر الرأي المعارض «خيانة» و«عمالة»

تكتل 25-30 أقلية داخل المجلس.. لكنه يمثل أغلبية الشارع المصرى

قرارات النظام وانحيازاته تخصم من شعبية «الرئيس»

معظم القوانين التى يقرها البرلمان تزيد من بؤس الشعب ويأسه

الإخوان ليسوا معارضة وطنية.. و«المصالحة» غير واردة

بعض مؤسسات الدولة تريد الانتقام من ثوار 25 يناير

تشكيك الإخوان فى فيديوهات 30 يونيو سببه إنكارهم لـ «الثورة»

حبس الشباب خطيئة يرتكبها «النظام»

«دعم مصر" هو ائتلاف «الحكومة»

قانون التظاهر غير دستورى.. ويجرى تعديله فى الدورة الثانية

«المربع صفر» الذى تعيشه البلاد مؤقت.. وإرادة الشعوب ستنتصر

أطالب الرئيس بمواجهة جماعات الضغط والانحياز للطبقات الفقيرة

عصام حجى شخصية وطنية.. ولا يستحق حملات التشويه

كسب بعض المؤسسات لـ «جولات» لا يعنى «الفوز الأخير»

مخرج، ونائب بالبرلمان، بدأ حياته السياسية قبل الفنية، حين كان طالبًا فى كلية الهندسة، حيث شارك فى العديد من المظاهرات ضد نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، فكان أحد الكوادر الهامة للحركة الطلابية فى ثمانينيات القرن الماضى.

لا يخفى ميوله اليسارية الناصرية، التى ورثها عن والده الذى كان أمينًا للاتحاد الاشتراكى بمحافظة القليوبية، والتى كان لها الأثر الأكبر على أعماله الفنية بعد اتجاهه إلى الإخراج السينمائى، والتى حاول من خلالها أن يرصد معاناة المهمشين فى المجتمع المصرى، الذين كانوا ولا يزالون قنبله موقوتة، حرص من خلال أعماله على أن يتحدث عنهم ويعبر عن مشكلاتهم بطريقة ربما أثارت جدلاً واسعًا ضده، لعل أشهرها "هى فوضى" مع المخرج العالمى يوسف شاهين، والذى لخص فيها معاناة فئات المجتمع المصرى وتضررهم من تجاوزات بعض المنتمين إلى وزارة الداخلية من خلال شخصية "حاتم"، أمين الشرطة الذى كان يستخدم سلطاته لقهر من حوله، ليتحول العمل بعدها إلى علامة هامة فى تاريح السينما المصرية، نظرًا لأنه توقع ثورة 25 يناير قبل حدوثها، فكانت مقولة "حاتم لازم يتحاكم" التى رُفعت بعد ذلك فى تظاهرات كثيرة هى ملخص حى يعبرعن كل شرطى فاسد، وعن وضع علاقة متأزمة بين "الشعب" و"الداخلية" فى فترة فارقة من عمر الوطن، ليقدم بعدها عملين لا يقلان أهمية عنه وهما "حين ميسرة" و"دكان شحاتة" الذى تنبأ فيهما بمشاهد واقعية طابقت بدقة ما حدث فى ثورة 25 يناير وما بعدها.

إنه النائب البرلمانى، والمخرج السينمائى، خالد يوسف يحدثنا فى هذا الحوار عن التكتل البرلمانى 25-30، وأسباب العلاقة المتوترة بين "التكتل" والدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، ورأيه فى انحيازات البرلمان، ورده على الاتهامات التى تقول بأنه لا يعبر عن طموحات الشعب بعد ثورتين، ورأيه فى إدراة الرئيس السيسى  للبلاد، وانحيازاته الاجتماعية والاقتصادية، والعلاقة بينه وبين الشباب، وسبب وجود الكثير ممن شاركوا فى ثورة 25 يناير داخل السجون، وأسباب انحياز الرئيس لثورة 30 يونيو، وتجاهله لـ25 يناير، وأسباب تراجع شعبيته فى العام الأخير، وما الذى أدى بكثير من المعارضين إلى أن يختفوا من المشهد السياسى؟ وتقييمه لسقف الحريات بعد ثورتين، ولماذا لم تحكم ثورة 25 يناير حتى الآن من وجهة نظره؟ والأسباب الحقيقية وراء ما يُسمى بـ"خطف" جماعة الإخوان المسلمين لـ"ثورة يناير"، واستمرار إنكارهم لخروج الشعب ضدهم فى ثورة 30 يونيو.

نبدأ من التكتل البرلمانى 25-30..  كيف بدأت هذه الفكرة؟

المنضمون لهذا التكتل أصحاب موقف وطنى واحد وأرضية مشتركة، ومعظمهم يعرفون بعضهم البعض، وإن لم يكن على المستوى الشخصى، فكل واحد منهم يعرف الآخر اسمًا، فكلهم شاركوا فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ومن قبل ذلك فى النضال ضد نظام مبارك وكل شخصية منهم فاعلة فى مكانها سواء فى كفر الشيخ أو دمياط والمنصورة أو الاسكندرية أو القاهرة، وغيرها.

وكان من الطبيعى أن يتواصلوا مع بعض بشكل سريع، وكان من الضرورى أيضًا بعد دخولهم البرلمان أن يعلنوا عن سبب وجودهم به، فكان أبسط تعبير عن سبب وجودنا هو عنوان 25-30، فكان الهدف تحويل أهداف الثورتين إلى واقع متحرك على الأرض من خلال الدفع بتشريعات تحقق أهدافها، والانتصار لسياسات تعزز مبادئها.

هل تعرضتم لضغوط من أجل التراجع عن فكرة التكتل؟

من طبائع الأمور عند طرح فكرة جديدة، أن يكون هناك توجس وتخوفات من الفكرة.

كان هناك صدام بين التكتل ورئيس البرلمان الدكتور على عبد العال على إثرها أعلن الأخير وقتها عن إحالتكم إلى لجنة القيم.. ما الذى أدى بالأمور إلى هذا الحد؟

تم التراجع عن القرار والاعتذار بشكل علنى أمام الناس جميعا، وبالتالى لم نُحل إلى لجنة القيم، وكانت البداية عندما أبدينا اعتراضًا على قانون القيمة المضافة، خاصة أنه سيحمل محدودى الدخل أعباءً لن يستطيعوا أن يتحملوها، وكنا نرى أنه لا بد من أن يكون هناك إصلاح اقتصادى، فاقترحنا أنه يجب استثناء الطبقات الفقيرة ومحدودى الدخل والطبقة الوسطى، وتحميل الفاتورة للأغنياء الذين اغتنوا عبر الـ30 عاما الأخيرة عندما كان هذا الشعب يبحث عن الرزق ويزداد فقرًا كل يوم، وتتم ممارسة القهر الإنسانى عليه، فقاموا بثورة من أجل أن يتخلصوا من هذا القهر.

وكان لا بد بعد الثورة أن يتحمل هؤلاء الأغنياء الفاتورة، وقلنا بصوت عالٍ اعتراضنا على تحميل الفقراء الفاتورة، فرفض أن يُستمع إلينا، أو نبدى وجهة نظرنا ونشرحها للأعضاء وللرأى العام، وعندما ضُيق علينا الأمر قررنا الانسحاب، وعقدنا مؤتمرًا صحفيًا، فقام شخص من أهل الخير بإرسال ورقة لرئيس المجلس وهو على المنصة أخبره أننا قمنا بسبه ووجهنا إليه تهمًا فى أثناء عقدنا للمؤتمر الصحفي، فتعصب باعتبار أنها معلومة حقيقية، وعندما تأكد أنها ليست كذلك، وخاصة أنه أدرك أننا استخدمنا حقنا الدستورى وهو آلية الانسحاب التى منصوص عليها داخل اللائحة، باعتبارها من التقاليد البرلمانية، فكان لا بد من إعلام الرأى العام بالموقف، فهو واجب على النائب تجاه جماهير الشعب المصرى؛ لأنه فى النهاية ليس هناك رقيب على أداء البرلمان سوى الله والشعب، وعندما أدرك أننا لم نمارس أى خطأ لائحى أو قانونى اعتذر لنا وسحب اقتراح قرار إحالتنا إلى لجنة القيم.

طريقة إدارة البرلمان.. كيف تراها فى ظل اتهامات لها بممارسة بما يمكن أن يُسمى بـ"مصادرة حق" أعضاء من المفترض أن يمثلوا الشعب ويعبروا عن رأيه؟

هذا الأمر من ضمن التحفظات التى نبديها، فنحن لا نمكن بالشكل المطلوب بأن نعبر عن آرائنا، أو نرسل وجهة نظرنا سواء إلى الأعضاء أو الشعب المصرى، فهى ظاهرة غير صحية، وقد يكون هناك أعذار لدى رئيس المجلس، وهو أن عدد الأعضاء كبير، أو أنه ليس هناك حزب أغلبية يسيطر عليه كما كان من قبل، كل ذلك قد يكون مبررًا، ولكن أحيانا يضيق علينا من الأعضاء أنفسهم، وللأسف هناك أعضاء كثيرون غير مؤمنين بالتجربة الديمقراطية بشكل حقيقى، ولا يقتنعون بمقولة "أننى أختلف معك فى الرأى لكننى على استعداد بأن أدفع حياتى ثمنا لحقك فى أن تبدى رأيك"، وللأسف نجد كثيرين يضيق صدرهم بأى رأى معارض، ربما لأن التجربة حديثة لكثير منهم فى ظل وجود نسبة أكثر من 50% يمارسون الحياة البرلمانية لأول مرة، وبالرغم من أننا أقلية بالمجلس إلا أننا نعبر عن أغلبية الشارع.

بصراحة.. هل البرلمان الحالى يعبر عن طموحات الشعب المصرى بعد ثورتين؟

لا؛ لأن هناك قناعات لدى كثير من الأعضاء بأن المركب لا بد أن تسير، وأنه يجب على المعترضين على أى قانون يرون أنه ليس الأمثل، ألا يعترضوا؛ حتى لا يقف سير الأمور، وأنا قلت لهم إنى أسلم بأن دوافعهم وطنية، ولكن ألم يسألوا أنفسهم إلى أين وجهة السفينة التى يريدون بها أن تمضى؟ وهل ستصدم بصخرة أم ستغرق؟ أليس من الضرورى التأكد من وجهة السفينة وإلى أين تسير؟ فدائما ما يركزون على أن السفينة يجب أن تسير ويتجاهلون إلى أين؟! على الرغم أنها قد تكون ماضية فى طريق الهلاك.

هناك اتهام يوجه للبرلمان الحالى بحسب وصف بعض المحللين بـ"التواطؤ" مع الحكومة ضد الشعب المصرى من خلال الموافقة على كل القوانين التى تحمل فقراء الشعب فاتورة "الإصلاح"؟

هذا سببه ما أسميه "ائتلاف دعم الحكومة" وليس "دعم مصر"؛ وسببه أنهم مقتنعون بأنه لا نملك خيارات كثيرة، وأن ما يقدم هو أفضل الحلول، فى ظل الأزمة الراهنة، إنما نحن كتكتل نملك حلولاً جديدة، وعندما اعترضنا على قانون القيمة المضافة قلنا لهم قوموا بإعادة إصلاح منظومة الضرائب فى ظل وجود نسبة فاقد ما يقرب من 70%، وبالتالى عند تحصيلها ستأتى بمئات المليارات، وكذلك تفعيل قانون الضرائب العقارية وتعديله بحيث يدفع مالكى القصور والفيلات التى تتجاوز قيمتها 10ملايين جنيه ضرائب فى العام لا تقل عن 100 ألف جنيه، وهذا يقدم أموالاً أكثر بكثير من التى ستجلبها ضريبة القيمة المضافة، فنحن لا نعترض لمجرد الاعتراض إنما نقدم بديلاً قابلاً للتحقق.

الحكومة الحالية.. تعطيها كم بالمائة على مجمل أدائها الحالى؟

حوالى 30% عن مجمل الأداء.

ألا تعتقد أن هذه النسبة كافية لإسقاطها؟

أنا واحد من المجموعة فى تكتل 25-30 التى رفضت إعطاء الثقة لها، ورفضنا الموافقة على موازنتها.

وما رأيك فى الاعتماد على المؤسسة العسكرية والنزول بسلع بأسعار مخفضة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد؟

الرئيس يعتمد على القوات المسلحة لأنها المؤسسة الوحيدة المنضبطة والمضمونة لدى كل المصريين والعمود الفقرى بالبلاد، فى ظل وجود مؤسسات الدولة الأخرى بحالتها الضعيفة، ولكن ليس صحيًا أن نعتمد على الجيش فى كل شيء، فلا بد من إصلاح مؤسسات الدولة حتى تقوم بدورها.

كانت هناك حالة من الاحتفاء عبر وسائل الإعلام بما يُسمى "إنجازات البرلمان".. هل تحققت إنجازات تشريعية بالمعنى الحقيقى فى الدورة الأولى؟

لا أستطيع أن أقول بأن هناك إنجازًا تم أو لا، فالمسألة برمتها نسبية، والقوانين التى أصدرت تأتى فى ظل عدم وجود برلمان لفترة تقترب من الخمس سنوات، وبالتالى حُمل بقوانين تزيد عن 300 قرار بقانون صدرت فى غيبته أقرها بعد مناقشتها، ثم قانون اللائحة، وما تمت مناقشته فى دورة الانعقاد الأولى يساوى فصلاً تشريعيًا كاملاً، ولكن القضية ليست بالكم، والسؤال هل القوانين أثرت فى حياة الناس؟ وكيف أثرت فيه؟ وهل حسنتها أم لا؟ وأنا أقول بأن كل القوانين التى تمت مناقشتها لم تحسن حياة الناس، بل ساءت أحوال الشعب أكثر بسببها وزادت من بؤسه ويأسه.

كان هناك حوالى82 قانونًا تمت الموافقة عليها من قبل أعضاء البرلمان بينها 80 يإيعاز صريح من الحكومة.. هل ترى أن هذا الأمر طبيعى وصحى مقارنة ببرلمانات العالم؟

هذا بالطبع أمر غير صحى، ولكنى لست ضد أن تتقدم الحكومة بقوانين، لأن هذا أمر دستورى، وأى حكومة ونظام سياسى فى أى مكان يكون لديه معوقات لا تُحل إلا بتشريع جديد، لذا يكون لا بد أن تتقدم الحكومة بمشروعات قوانين، ولكن يظل البرلمان هو الذى له حق التشريع وأن يعدل فيه أو يرفضه، أما التقدم بمشروعات قوانين من قبل البرلمان، فيمكن أن يظهر ذلك فى دورة الانعقاد الثانية.

أداء الرئيس السيسى وإدارته للبلاد كيف تقيمها؟ وما رأيك فى انحيازاته الاجتماعية والاقتصادية؟

هو ينحاز إلى الطبقات الفقيرة، ولكن ما أحوجنا إلى أن ينحاز إليهم بقرارات حاسمة وجذرية و"ثورية" إن جاز التعبير وليس بالكلام فقط، ولكن حتى هذه اللحظة قرارات كبرى كالتى اتخذها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لم يتخذها، وأذكر أن ناصر بعد شهرين من توليه الحكم أصدر قانون الإصلاح الزراعى ليغير من شكل وطبيعة وتركيبة المجتمع المصرى كله، ويحول فئة 99% من المجتمع من حفاة إلى ملاك أراض، ويعطى حقوقًا كبيرة للعمال، فالإنجاز هنا كان متجليًا على الأرض ويغير من التركيبة الاجتماعية للشعب.

البعض يقول بأن وجود ما يُسمى بـ"الدولة العميقة" كان أهم عائق أمام الرئيس فى بداية توليه الحكم؟

لا ننكر التحديات، ووجود الدولة العميقة وتأثيرها، فضلاً عن وجود دولة "لوبى" رجال الأعمال الذى يطل برأسه بين آن وآخر، ولكن التحديات لم تجعل الشعب يتنازل عن الإرادة الحقيقية له، فكلما كبرت التحديات، زادت الأمانى فى التغلب عليها.

هل هذه الكيانات التى تمثل الدولة العميقة توحشت بالقدر الذى جعل من الصعب مواجهتها؟

هو لا يخشاها، ولكن أظن هو يعتقد أنها ستعيقه عن تحقيق إنجازاته، لذا نجده يتجه إلى المؤسسة العسكرية لتنفيذ مشروعاته، بدلا من الاتجاه إلى إصلاح مؤسسات الدولة المتخمة بالبيروقراطية وبالفساد الإدارى والمؤسسي، ولكن سيبقى بعد أربع سنوات من حكم السيسى هو المتحمل للمسئولية التاريخية على عدم الاقتراب من هذا الملف، لذا عليه أن يلتفت إلى إصلاحات حقيقية فى هيكلة هذه المؤسسات ومواجهة جماعات الضغط الموجودة، والانتصار بقرارات حاسمة للطبقات الفقيرة.

الكاتب الراحل الكبير محمد حسنين هيكل نصح الرئيس بالثورة على نظامه.. لماذا لم يقدم الرئيس على هذه الخطوة فى بداية توليه الحكم؟

هو يحتاج بكل تأكيد إلى تطهير، ونصيحتى دائما له هى أنه لا يمكن لأى إنسان أن يعيش بأكثر من قلب فى جوف واحد، والرئيس يعيش بأكثر من قلب، فهو عينه على الفقراء، وقلبه معهم، وقلب آخر مع الرجال الشرفاء من النظام القديم، ورجال أعمال آخرين ليسوا شرفاء ولكنه يرى أنهم قادرون على أن يعملوا على توظيف بعض الفقراء، وقلب آخر مع المؤسسة العسكرية باعتبارها عامودا هامًا بالبلاد، وقلب مع ٢٥ يناير وقلب مع ٣٠ يونيو، وكأن بينهما تعارضًا بسبب فئة لها مصلحة فى خلق هذا التعارض فكل هذه الأمور تحتاج إلى حسم.

بعد مرور أكثر من عامين على حكمه.. ألم يحسم الرئيس أمره بعد؟

لا.. مازال فى جوفه كل هؤلاء، وهذا الأمر لا يستقيم مع طبائع الأمور، فهو يحتاج إلى قلب واحد.

شعبية الرئيس.. ما رأيك فى الآراء التى تقول بأنها تراجعت بشكل كبير؟

بكل تأكيد تراجعت، لأنه وصل بشعبيته إلى درجة غير معقولة، قبل أن يحكم مصر أو أن يقوم بأى أمر، وبالتالى شعبيته المذهلة وصلت إلى شعبية عبد الناصر بعد كل الإنجازات التى حققها خلال 18 عامًا من حكمه، فنجد أن السيسى وصل إليها قبل أى قرارات يتخذها، وعند إدارة البلاد مهما صنعت ستجد أنها ستتراجع لأنك وصلت للقمة فى الشعبية قبل أن تحكم، وحتى من أيدوك سيتجهون إلى التراجع والانحصار عنك.

ولكن ألا تعتقد أن كثيرًا من قرارات الرئيس وانحيازاته كان لها التأثير الأكبر فى تراجعها؟

بالطبع، قرارات الرئيس ونظامه خصمت من رصيده.

مراهنة النظام على ما يُسمى بـ"المشروعات الكبرى".. هل تصب فى مصلحة الاقتصاد المصرى؟

هى تصب فى مصلحة الاقتصاد، ولكن بعد سنوات طويلة جدًا، وكل ما نريده أن يشعر الشعب بالتحسن، لذا نقول دائما للرئيس "توجه للشعب مباشرة"، وعليه أن يعرف احتياجات هذا الشعب من فرص عمل والقضاء على البطالة وبنية أساسية، وتعليم وعلاج، وللأسف ما زالت الدولة تنظر للفقراء باعتبارهم المساكين الذين يحتاجون إلى رعاية وصدقة.

وهناك فرق بين الحماية الاجتماعية والعدالة، فالأولى أن أعطى شخصًا فقيرًا غير قادر على العمل مرتبًا وصدقة شهرية، أما العدالة الاجتماعية فهى أن أعطيه المناخ المناسب حتى يخرج من دائرة الفقر، وذلك يكون مرهونًا بوجود مناخ صحى يجنبهم الأمراض، ويوفر لهم تعليمًا حقيقيًا مجانيًا، وخطة تنمية تجعل الطالب بعد أن يتخرج فى الجامعة يجد فرصة عمل جيدة، تمكنه من أن ينتقل من الطبقة الفقيرة إلى الوسطى، فالحكومة تفكر فى المواطنين كما كان يفكر الإخوان فى الناخبين الفقراء من خلال رشوتهم بالزيت والسكر، حتى يظلوا طوال الوقت فى حاجة إلى صدقتهم.

هناك طرح يقول بأن مسألة الأولويات غائبة عن الرئيس.. بمعنى أن هناك مشروعات بدأ بها ولم تكن ملحة فى الوقت الراهن فى ظل حالة الركود العالمى مثل قناة السويس الجديدة والتى كان أولى بهذه الأموال البنية التحتية لبعض القرى والمشروعات المنتجة.. ما رأيك؟

أتفق مع هذا الطرح، والمشروعات الكبرى تقوم بتحسين حال الاقتصاد لكن بعد عشرات السنوات، لذا كان لا بد من التوجه بهذه الاموال إلى المشروعات الصغيرة وإلى القرى والأحياء الفقيرة، ومعرفة كيف نطورها ونقوم بعمل منظومة شاملة لعملية تنمية تصب فى مصلحة الشعب، وفى نفس الوقت فى صالح الاقتصاد، عن طريق زيادة صادرات البلاد، وبالتالى العملة الصعبة، ولكن للأسف لم يحدث ذلك.

شباب ثورة 25 يناير.. كيف ترى العلاقة بينهم وبين الرئيس؟

مؤسسات الدولة العميقة غائب عنها إدراك التغييرات التى حدثت للشعب المصرى، ويظنون أنهم يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون، وأنا أقول لهم: "حركة التاريخ لن تمضى على هواكم"، وحبس هؤلاء الشباب هى خطيئة ارتكبها النظام حتى هذه اللحظة.

ما رأيك فى الأحكام التى صدرت ضد الكثير منهم ووصل بعضها إلى المؤبد؟

هم لم يرتكبوا جرمًا، وقانون التظاهر الذى تمت محاسبتهم به غير دستورى بحكم من المحكمة الدستورية، وسيتم تعديله فى دورة الانعقاد الثانية رغما عن أنف أى أحد، وهؤلاء الشباب غير مجرمين ومعظمهم لم يمارسوا أى عنف أو إرهاب، أو تخريب، بل كانوا يعبرون عن أنفسهم، فهى ثورة كانوا هم وقودها، وهل يُعقل بعد أن تنجح أن يُقال لهم "لا تتظاهروا وإلا سأحبسكم"، فهذا الكلام ضد منطق الأشياء وحركة التاريخ، والأيام ستثبت أن هؤلاء الشباب على حق، وأن الشخصيات الموجودة بمؤسسات الدولة التى تتصور أن حركة التاريخ عادت للوراء هى التى ستهرس، وليس الشباب.

قلت إن تعديل قانون التظاهر سيكون على رأس الأولويات فى جلسة الانعقاد الثانية.. ألا تعتقد أن ائتلاف دعم مصر قد يتصدى إلى هذا الأمر؟

لا يستطيعون أن يقوموا بذلك؛ لسبب بسيط وهو أن القانون أتى إلينا "غير دستورى"، وبالتالى لا يمكن أن يخرج القانون بصورته غير الدستورية الموجود عليه حاليًا، لذا فتعديله أمر طبيعى.

هل تتفق مع مَن يقولون بأن هناك نية للانتقام من ثوار 25 يناير؟

هذا الأمر موجود عند بعض القطاعات بالدولة، فهى ترى أن ثورة 25 يناير جاءت ومنعت عنهم خيرًا، بل ونكلت بهم، لذا يتعاملون مع ثوار 25 يناير بمنطق "الثأر".

ولكن هذا الأمر يُشعر البعض بأننا عدنا إلى "المربع صفر" قبل 25 يناير فى ظل مفارقة وجود رجال مبارك خارج السجون وتواجد الثوار داخلها؟

بعض المؤسسات تعتقد أننا عدنا إلى نقطة الصفر، وتتصرف على هذا النحو، لكنى أؤكد لهم أن ما يحدث مرحلة سريعة فى التاريخ سرعان ما ستنتصر لصالح إرادة الناس، لأنه فى النهاية الإرادة التى كانت فى أعلى تجلياتها فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو تعبر عن أشواق المصريين للتغيير، وأى شخص سيقف أمامها سيُدهس، وكون أنه يكسب جولات الآن، لا يعنى أنه الانتصار الآخير.

هل الشعب حاضر فى المعادلة السياسية الآن رغم ما يتم تصديره له من تخوفات من مصير بعض الدول فى المنطقة؟

دائمًا ما يكون الشعب هو الحاضر، ولا يمكن لأحد أن يتصور بأنه غائب، فهذا الشعب له توقيتات لا يعلمها إلا هو والعقل الجمعى له موجود، ولا يستطيع أن يتنبأ بها مثقف أو سياسى، فهو أذكى من أن ينبئ عن توقيتاته، فهو سيثور وقتما يشعر بأنه آن الأوان له أن يثور.

خرج شباب كثيرون فى مظاهرات جمعة الأرض رافعين الأعلام المصرية يعبرون عن انحيازهم لمصرية الجزيرتين فى الوقت الذى خرج فيه آخرون رافعين أعلام السعودية انحيازًا لرأى الحكومة.. ما رأيك فى طريقة تعامل وزارة الداخلية مع الجانبين؟

هناك ضيق أفق وغباء فى التعامل مع هذه المظاهرات، والسؤال كيف يمكن معاملة مواطن مصرى يخرج بعلم بلاده ليقول بأن جزيرتين تعلم طوال عمره من خلال المناهج الدراسية فى المرحلة الابتدائية والثانوية أنهما مصريتان، ثم نعود ونقول له أنهما غير ذلك، فالدولة هى التى جعلت هذا الأمر جزءًا من يقين هذا الشباب، فالسؤال "كيف لها أن تحبسهم الآن؟".

وهل يمكن أن نقول بأن وزارة الداخلية عادت لممارسات ما قبل 25 يناير؟

روح وزارة الداخلية هى التى عادت، ولكن ممارستها يظل الرأى العام حاضرًا ومتابعًا لها، وعند حدوث أى واقعة نجد الجميع يعلم بها، ويسلط عليها الأضواء، فنجدهم يحيلون مَن ارتكب الأمر للتحقيق ثم للمحاكمة، وذلك لوجود رأى عام يراقبهم، لأنه لا يجوز أن تعود عجلة التاريخ للوراء، وهذا الأمر لم يكن يحدث أثناء تولى حبيب العادلى وزارة الداخلية.

المعارضة التى كان لها دور فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. أين هى الآن؟ وكيف ترى حملات التشويه ضد بعضها؟

هناك معارضة من شباب الثورة خفت وجودها نظرًا للتضييق الذى يمارس ضدهم، فضلا عن إحباطهم، وإذا كان البعض يعتبر الإخوان معارضة وطنية فأنا لا أراهم كذلك، لأن لديهم ولاءً لفكرة الجماعة والتنظيم حتى لو على أنقاض الوطن، فهى لا تصب فى مصلحة الوطن بقدر ما تصب فى مصلحتها.

أما قيادات جبهة الإنقاذ فهم اختفوا إما إحباطًا أو يأسا من تحسن الأمور، وللأسف أصبحنا أمام إعلام يتعامل مع أى رأى معارض باتهامات جاهزة بين العمالة والتخوين، فضلاً عن الخوض فى الحياة الشخصية.

وما رأيك فى قانون العدالة الانتقالية؟ وهل يمكن أن تتم المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين؟

على الرغم من أن قانون العدالة الانتقالية استحقاق دستورى لكنه سيظل شكليًا، لأن الواقع السياسى غير مهيأ له فى ظل إنكار جماعة الإخوان والحزب الوطنى ارتكابهما أخطاء فى حق الشعب المصرى.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل