المحتوى الرئيسى

5 منظمات حقوقية: آليات تطبيق «قانون الختان» غائبة.. والتعديلات تمنح الأطباء فرصًا أعلى للإفلات من العقاب

10/15 15:36

رحبت 5 منظمات حقوقية، بالتعديلات الأخيرة على قانون العقوبات المتعلقة بإدراج تعريف دقيق لجريمة الختان، ومدِّ حق الإبلاغ حتى عشر سنوات، مشددة على أن آليات تطبيق التعديل لا زالت غائبة، وأن التعديل نفسه ما زال يمنح الأطباء والمؤسسات الصحية فرصة عالية للإفلات من العقاب.

واستعرضت المنظمات في بيان، اليوم السبت، التعديلات المقرة بالقانون الجديد، فضلا عن مادة مستحدثة، موضحة اعتماد أغلب التعديلات على فلسفة تغليظ العقوبات فزادت عقوبة مرتكب الختان الأصلي سواء كان طبيبًا أو عاملًا بالمجال الطبي أو داية أو غيرها من الحبس مدة لا تزيد على سنيتن إلى السجن من خمس سنوات إلى سبع، وهو التوجه السائد في الحكومات المتعاقبة لمواجهة مشكلات العنف الجنسي. وعلى الرغم من أن تغليظ العقوبات في حد ذاته أثبت مرارًا فشله كفلسفة عقابية في الجرائم التي تُرتكب ضد النساء عمومًا، إلا أن تحويل جريمة الختان إلى جناية بدلًا من جنحة سيسمح بمد حق الإبلاغ عن جرائم الختان وتعقب الأطباء المجرمين ليصل إلى عشر سنوات بدلًا من ثلاث، ما قد يعطي الفرصة للفتيات للإبلاغ بأنفسهن بعد وقوع الجريمة بسنوات عندما يصبحن أكثر وعيًا بما مررن به.

ورحب المنظمات، بالاستجابة إلى مطلبها بإضافة الظرف المشدد في حالات الوفاة والعاهة المستديمة، فغياب هذا التوصيف عن القانون سمح باتهام الأطباء المتسببين في وفاة الفتيات أثناء إجراء الختان لهن بتهمة القتل الخطأ وبالتالي عدم محاسبتهم بقدر جرائمهم، وفي الوقت نفسه، عبرت المنظمات عن دهشتها من الاحتفاظ بالإشارة إلى المادة 61 في بداية المادة الخاصة بالختان، وعدم حذفها كما أوصت المنظمات الحقوقية والنسوية وكما جاء كذلك في المقترح المقدم من وزارة الصحة، فالاحتفاظ بالإشارة إلى هذه المادة – التي تقر أنه لا عقوبة على من ارتكب جريمة ألجأته إليها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم- يمنح الفاعل الأصلي للجريمة حجة جاهزة للإفلات من العقاب عبر الادعاء بأن إجراء الختان كان لضرورة إنقاذ الفتاة، أو لضرورة طبية وهو ما لا أساس له من الصحة.

وتباع بيان المنظمات، "تتجلى بعض الإيجابيات في التعديلات الجديدة في إضافة تعريف لختان الإناث، في حين لم يكن بالنص القديم تعريف للختان واكتفى بالإشارة إلى مادتين أخريين بقانون العقوبات وهما 241 و242 الخاصتين بجنحة الضرب. جاء التعريف القانوني الجديد لجريمة الختان وهو إزالة أيٍّ من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو إلحاق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبي- متطابقًا مع التعريف الوارد لمنظمة الصحة العالمية لماهية ممارسة الختان ولكن هذا التعريف تجاهل حقيقة أن مصر تعاني تطبيبًا غير مسبوق لعمليات ختان الإناث – أي زيادة حادة في إجرائها على يد أطباء تحت دعوى أنها مشكلة صحية أو فسيولوجية بحتة- وكان الأَولى بالمشرع أن يضيف الجملة الأخيرة الواردة في تعريف منظمة الصحة العالمية المتاح باللغة الإنجليزية والتي تقول إنه: "لا ضرورة طبية للختان وهو يضر الفتيات والنساء بأشكال مختلفة"، موضحة أن الاحتفاظ بالإشارة إلى المادة 61 مع وجود جملة: "دون ضرورة طبية"، يضيف مهربًا جديدًا للأطباء وغيرهم من مرتكبي هذه الجريمة الذين قد يدَّعون أنهم أجروا عملية الختان بدافع طبي، ذلك على الرغم من التأكد التام أنه لا يوجد سند طبي أو علمي على الإطلاق قد يبرر ختان الإناث.

وذكر البيان، "نرى أن تغليظ العقوبات على جريمة الختان هو توجه مرتبك، فهو من ناحية يوحي برغبة في عقاب أشد لمرتكبي الجريمة لكن مع الاحتفاظ بالإشارة إلى المادة 61 وذكر الضرورات الطبية دون استكمال التعريف بما يلائم الظرف المحلي للبلاد يُوحِي برغبة معاكسة في حماية الفاعلين لهذا الجرم، والملاحظ أن التعديلات غاب عنها تمامًا آليات تطبيق واضحة، فلم تطرح التعديلات الجديدة أي سبل لحل إشكالية انعدام الإبلاغ عن حالات الختان، خاصة في ظل زيادة العقوبات على الأهالي الذين سيميلون أكثر إلى عدم الإبلاغ حتى في حالات الوفاة والمضاعفات الخطرة لوجود عقوبات أشد عليهم في هذه الحالات، في المقابل لم تستجب الحكومة لمطالب المنظمات بتوسيع المسئولية القانونية لتشمل القائمين على المستشفيات والمؤسسات الطبية التي تجري بها جرائم الختان إذا ثبت علمهم بوقوع مثل هذه الجرائم ولم يقوموا بالإبلاغ عنها. كما لم يرافق هذه التعديلات حملة مجتمعية للتعريف بالقانون والتغييرات التي لحقت به وتشجيع الناس على تقديم بلاغات عن العيادات التي تُجري الختان".

وطالبت المنظمات، بأن تكون أولوية الحكومة في مواجهة الختان هي رفع وعي الأهالي للتخلي عن الختان وكذلك زيادة الرقابة والمحاسبة على الممارسين لهذه الجريمة، داعية إلىضرورة تبني ميثاق شرف مع نقابة الأطباء لتفعيل دور النقابة في المحاسبة المهنية للأطباء الممارسين لهذه الجريمة، إجراء برنامج تدريبي مكثف يهدف إلى تفعيل الدور الرقابي لمفتشي الصحة لاكتشاف العيادات والمستشفيات الممارِسة لجريمة الختان، والتي لا تَخفى على أغلب القاطنين في هذه المناطق، حتى لا يقتصر دور مفتشي الصحة على اكتشاف حالات الوفاة الناجمة عن الختان ليصبح دورهم وقائيًّا ورقابيًّا أكثر، وتبني مقاربة حقوقية للحملة القومية المناهضة لختان الإناث تركز في حق النساء والفتيات في المساواة وحثهن على التمتع بحياة جنسية آمنة ومُرضِية، وإدماج أكبر لمؤسسات المجتمع المدني في تطوير رسائل الحملة القومية وكذلك تطوير آليات لتفعيل القانون، وتعميم مناهج للتثقيف الجنسي الشامل في المدارس تضم موادَّ تحارب الأشكال المختلفة للعنف الجسدي والجنسي في المجالين الخاص والعام مثل التحرش والاغتصاب والختان والضرب، وتعزز قيم المواطنة والمساواة بين الجنسين وعدم التمييز.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل