المحتوى الرئيسى

"فى تدبير العتمة" ديوان جديد لعلاء عبد الهادى

10/15 15:00

صدر من الهيئة العامة للكتاب الديوان الحادي عشر  “إيكاروس أو في تدبير العتمة” للشاعر الدكتور علاء عبد الهادي, ويتوج هذا العمل بما يضمه من استشرافات جمالية جديدة على القصيدة العربية, ما يقرب من 40 عاما في تجربة الشاعر.

يقوم الديوان على فكرة أساسية هي الحكاية الشعرية المرتبطة “باليوميات”, اختار منها الكاتب يوميات تاريخية من ثورة 25 يناير.

الديوان مقسم إلى ثلاثة أجزاء, وبداية ونهاية, البداية قصيدة (المطارد) بكسر الراء, والنهاية قصيدة (المطارد) بفتح الراء, وتأتي الثانية بصفتها نبوءة! وبين القصيدتين تتوزع فضاءات النصوص على ثلاثة أجزاء, الأول عنوانه (حكاياتُ العطبِ ومواريثُ السقوط), وفيه قصائد ترتبط بحكم مبارك, ومفارقات ثلاثين عاما من التحولات, والأحداث الأليمة, والجزء الثاني من الديوان عنوانه (حكاياتُ الثورةِ والعاشقين), ويطرح أحداثَ الثورة وأهمّ محطاتها من وجهة نظر شعرية, والجزء الثالث عنوانه (حكايات الصيد والحيوان), ويقدم الشاعر في هذا الجزء إسقاطات قوية بين صفات الإنسان  والحيوان, وطباعهما, متسللاً بهذه الطباع والأمزجة بإسقاطاتها إلى صفات البشر وأحداث ميدان التحرير إبان أحداث الثورة. كما يضم هذا الجزء قصائد بأسماء تراثية للغراب (ابن بَرِيح), والأسد (أبو الحارِث), والثعلب (أبو الحُصَيْن), والضبع (أمّ عامِر), والذئب (أبو جَعْدَة), فضلا عن قصيدة عن الندّاهة (مصر), والإنسان المصري (المِدْيان) بما له وما عليه.

ويقع الديوان في “264” صفحة, والغلاف من تصميم الشاعر, وتغلب على الغلاف عتمة اللون الأسود, وفي وسط هذا السواد يبرز جناحا إيكاروس وخلفهما الشمس. التصميم  دال على عنوان الديوان (إيكاروس؛ أو في تدبير العتمة), ويستدعي الشاعر في هذا العنوان أسطورة (إيكاروس) القديمة الذي أراد أن يقترب من (الشمس), فصنع جناحين هائلين كي يستطيع الطيران, وثبتهما بالشمع, وبدأ الطيران حتى عشقَ الاقترابَ, ارتفع محلقًا مقتربًا من الشمس/ الحقيقة! وكان كلما اقترب أكثر, ذاب الشمع أكثر حتى سقط صريعًا بعد أن أذابت الشمس شمعَ جناحيه! فقد كان هناك –وإيكاروس مشغولا بالحقيقة في مقام العشق- من يدبرون عتمة بسعة الفضاء كما يقول الشاعر في إهدائه إلى حبيبته المُنَى, (كانتِ المجموعةُ مهداةً إلى صاحبةِ الاسمِ, لَكنّها لَمْ تَحفَظْ أُخوةَ الدّمِ, وَلمْ تَستحقْ نَزْفَ المرحِ وَالعِشقِ على عَوْراتِ الحروف, ومعَ تَكْرارِ الفِراقِ, نَبَتَ “إيكاروس” طَائِرًا إلى الشّمسِ الّتِي اِستَتَرَت بِنُورِها, وَلَمْ يَعرِفْها إلا مَن عَرَفَ حِجَابَها المضواءَ, وأشرفَ على الكَشف, هكذَا كُنّا, أمّا هُم فَكانوا ونحنُ في مُقامِ العِشقِ,  يُدِيرونَ عَتَمَةً.. بسعةِ الفَضاء!).

ويتحدث الشاعر/ الراوية بمجموعة من الأصوات تمثل أيقونات الربيع العربي في مصر, وتونس, وسوريا, وليبيا, واليمن, وهم خالد سعيد, ومحمد البوعزيزي, وحمزة الخطيب, ومحمد بنوس, وأنس السعيدي, وغادة كمال, ومينا دانيال, وإسلام مسعود, ومحمد حسين نجم القرني, وعلاء عبد الهادي!

تبدأ كل قصيدة في الديوان بكلمة (كان) أو (كانت) وكأنها دلالة على فعل الحكي أكثر من كونها دلالة على الزمن. وتحت عنوان كل قصيدة حكمةٌ ما, تفصح عن عقيدة الشاعر ومفهومه للشعر, وفلسفته الجمالية,  بعد هذه التجربة الطويلة من الكتابة, وقبل الفهرس “فهرس”  بصري آخر أسماه الشاعر (روابط الحكايات), ويتكون كل جزء من روابط بصرية لأحداث مهمة في تاريخ مصر, معظمها لوقائع الثورة ويومياتها, تقوم بربط الأجزاء والقصائد كلها معًا من خلال تعالق خاص مع مقاطع فيديو موجودة على الشبكة العنكبوتية, تعيد إنتاج الدلالة مرة أخرى ارتباطا بأحداث تاريخية, أو ثورية ارتبطت بتاريخ مصر المعاصر, وكأنه فهرس بصري للنص, وغي الحقيقة يصعب أن نقرأ هذا النص أو نفهمه من دونه.

ذكر الشاعر أنه كتب قصائد الديوان من أغسطس 2010 إلى ديسمبر 2012, ولهذه التواريخ دلالة مهمة في التأويل. على مستوى الشكل الديوان مكتوب على شكل سردي, دون التقطيع المعتاد للنص الشعري, وهناك قصائد تفعيلة عديدة في الديوان مكتوبة على الوتيرة السردية ذاتها. وجزء من قصيدة عمودية على بحر المضارع جاءت متداخلة مع قصيدة تفعيلية من بحر المتقارب في قصيدة (حلاوة زمان: في مؤاخذة اليقين). وهي قصيدة مركزية في الديوان لارتباطها المباشر بفكرة اليوميات الشعرية  بصفتها طريقة كتابة شعرية جديدة عن الثورة, وتتكون من أحد عشر مقطعًا, ويهديها الشاعر إلى “عمرو صلاح” بائع البطاطا الصغير الذي استشهد في ميدان التحرير. العمل جديد في ذوقه, مدهش في بنيته ولغته, فريد في شكله, ويعد مرحلة مهمة في تجربة الشاعر الخاصة من جهة, وإضافة تجديدية مهمة  للشعر العربي من جهة أخرى. 

ومن قصائد الديوان القصيرة, قصيدة نثرية مباشرة وبسيطة عنوانها (رمادي أخضراللون) يقول فيها:

ومن قصيدته (المسافة المطوقة) يقول في حكمة القصيدة (فِي كُلِّ شَيءٍ, شِعْرٌ, لا يَكُفُّ عَنِ الصُّرَاخ, لَكِنَّنَا لانُحْسِنُ الإنْصَات):   

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل