المحتوى الرئيسى

‏"انتفاضات الدم والنار".. غول "لقمة العيش" يُشعل الثورات في وجه الأنظمة.. "الخبز واللحمة" أشباح طاردت ‏حكم "السادات".. وارتفاع الأسعار قصم ظهر "مبارك"‏.. و11/11 على الأبواب

10/15 14:40

"أصلها صعبة‎ ‎لقمة العيش‎ ‎ناس بتشقى ولا تلاقيش، ناس في حرير بتعيش، وناس بتنام على الخيش، ‏ورغم كل دة بتحاول تعيش".. وصف دقيق لخص به الشاعر الكبير صلاح جاهين، معركة الحياة عند ‏الغلابة والبسطاء والتي تتوقف على "لقمة العيش"، وتدفعهم إلى خوض المعارك لأجلها.‏

ومن ينظر إلى تاريخ الشعب المصري يجد أنه مليء بالثورات والانتفاضات، التي اصطبغ بعضها بلون ‏الدم من أجل "لقمة العيش"، فلا تخلو حقبة أي رئيس مصري من الأصوات التي تنادي بالحياه الكريمة، وتحاول الوقوف عائقًا في وجه الأعباء الاقتصادية الضاغطة.

24 يومًا تفصلنا عن انتفاضة جديدة تتزعمها "حركة غلابة" التي ظهرت عقب ثورة 25 يناير، من أجل ‏‏"لقمة العيش"، وضد غلاء الأسعار وأزمات نقص بعض المنتجات من الأسواق المصرية، والتي أعلنت ‏عن انتفاضتها منذ شهرين، داعية المصريين للنزول والاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية.‏

وكان أول بيان أصدرته الحركة حاولت فيه توضيح أهدافها ومطالبها التي ستنادي بها في 11 نوفمبر ‏المقبل، وهي التنديد بالوضع الاقتصادي الحالي، وزيادة أسعار السلع الأساسية، وأزمات نقص البعض الآخر مثل الأرز ‏والسكر، إلي جانب زيادة أسعار فواتير المياه والكهرباء.‏

وعلى رأس أهداف انتفاضة الغلابة- وفقًا لبيانها- الإطاحة بحكومة المهندس شريف إسماعيل بسبب ‏فشلها في إدارة البلاد، حيث قالت الحركة: "نوجه دعوة رسمية من حركة غلابة، إلى كل المصريين بقيامهم ‏بدورهم الوطني والنزول لمواجهة غول الأسعار والإطاحة بالحكومة".‏

خلا فترة السبعينات كانت مصر على موعد مع أول ثورة للغلابة، التي عُرفت بعد ذلك باسم انتفاضات "لقمة العيش"، وكان ذلك في عهد ‏الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي شهد أكثر من انتفاضة ساقها الشعب المصري وقتها ضد تأزم ‏الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار.‏

البداية كانت مع انتفاضة الخبز، المظاهرات الشعبية التي قامت في أيام 18 و19 يناير عام 1977، ضد ‏غلاء الأسعار، اشتعلت جذوتها بعدما ألقى الدكتور عبدالمنعم القيسوني، نائب رئيس الوزراء للشئون ‏المالية والاقتصادية- آنذاك- خطابا أمام مجلس الشعب‏‎ ‎بخصوص مشروع الميزانية لهذا العام.

لكن ما آثار الحنق هو إعلان "القيسوني" عن مزيد من الإجراءات التقشفية لتخفيض العجز، وربط هذا ‏بضرورة الاتفاق مع‎ ‎صندوق النقد الدولي‎ ‎والبنك الدولي‎ ‎لتدبير الموارد المالية الإضافية اللازمة، وخرجت ‏وقتها الجماهير رافضة لمشروع الميزانية الذي يقضي برفع الأسعار للعديد من المواد الأساسية.‏

وزاد الأمر اشتعالًا.. الوعود الكثيرة التي خرج بها السادات للشعب المصري بعد حرب أكتوبر، عن ‏الرخاء الاقتصادي الذي سيعيشون فيه، إلا أن قرارات التقشف انهالت على رأسهم، فتم رفع الدعم عن ‏مجموعة من السلع الأساسية، وارتفعت أسعار الخبز والسكر والشاي والأرز والزيت والبنزين و25 سلعة ‏أخرى من السلع الهامة في حياة المواطن البسيط.‏

وبالفعل ارتفع سعر الخبر بنسبة ‏‏50% والسكر 25% والشاي 35% وكذلك بعض السلع الأخرى ومنها الأرز وزيت الطهي والبنزين ‏والسجائر.

وفي ذلك اليوم؛ أضربت قطاعات عمالية كثيرة عن العمل، واعتصموا أمام الهيئات ‏والمؤسسات.‏

وانتقلت نيران الانتفاضة إلى كل القطاعات العمالية، في‎ ‎شركة مصر حلوان للغزل والنسيج،‎ ‎والمصانع ‏الحربية، ومصانع الغزل والنسيج في شبرا الخيمة، وعمال‎ ‎شركة الترسانة البحرية‎ ‎في الأسكندرية، وأعلن ‏المحتجون رفضهم للقرارات الاقتصادية وهتفوا ضد الجوع والفقر وبسقوط الحكومة.‏

‏"ياساكنين القصور الفقراء عايشين في قبور، يا حاكمنا في عابدين فين الحق وفين الدين؟، عبدالناصر ياما ‏قال خلوا بالكم من العمال، هو بيلبس آخر موضة وإحنا بنسكن عشرة في أوضة، لا إله إلا الله السادات ‏عدو الله"، كانت أبرز الهتافات التي قادها العمال في انتفاضة الخبز.‏

ولم يجد نظام السادات سوى كيل الإتهامات للانتفاضة، وخرجت الصحف القومية تنعتها بأنها مخطط ‏شيوعي لاحداث بلبلة واضطرابات، ووصفها قائد النصر بإنها "انتفاضة الحرامية".

وألقت الشرطة القبض علي الكثير من الثوار وزاد العنف في ‏ذلك اليوم وسقط قتلى ببعض المحافظات.‏

وإزاء هذا الوضع المضطرب.. استجابت الحكومة وألغت القرارات الاقتصادية الصعبة، ونزل الجيش المصري لمنع المظاهرات ‏وأعلنت حالة الطواريء وحظر التجول،‎ ‎وتم زج الآلاف في السجون المصرية بتهم المشاركة بأحداث ‏الشغب أو الإنتماء لتنظيم شيوعي.‏

جاءت أزمة اللحمة في ذيل انتفاضة الخبز، فعقب قرار السادات برفع الدعم انخفضت أسعار كل السلع في ‏الأسواق، سوى اللحمة التي ارتفع سعرها من 68 قرشًا إلى 100 قرش، ما آثار غضب الجماهير مرة ‏ثانية، فخرجوا مرددين هتافات: "مرعي بيه يا مرعي بيه كيلو اللحمة بقي بجنيه"، إشارة إلى سيد مرعي رئيس ‏مجلس الشعب آنذاك.‏‎

وحين وجد السادات أن أسعار اللحوم مازالت جنونية ومبالغ فيها، واستمرار استياء المواطنين من ‏أسعارها، فقرر منع الذبح لمدة شهر، وطبق القرار على أنواع الحيوانات كافة، وحث الشعب وقتها على ‏مقاطعة شراء اللحوم لمدة شهر.

وتم تنفيذ قرار منع الذبح والمقاطعة بدقة متناهية، وكان مجرد مرور ‏مفتش التموين من أمام متاجر الجزارين الخالية من اللحوم يمثل رعبًا للجزارين، وبانتهاء الشهر انخضت ‏الأسعار.‏

حين تسلم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حكم البلاد خلفًا لـ"السادات" بعد اغتياله عام 1981؛ ‏شهدت الثلاثين عامًا من حكمه انتفاضات وتظاهرات عدة، كانت تتزعمها حركتي 6 إبريل وكفاية، ‏وخاضتا معارك كثيرة ضد قوات الأمن المركزي التي عمدت على إخماد تظاهراتهم في كل مرة والقبض ‏على أعداد غفيرة منهم.‏

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل