المحتوى الرئيسى

"مدينة الدم" تعري الجميع.. "الأسد" يكشف أسرار الحرب على حلب.. والسعودية تنقلب على الشعب السوري لمصالحها.. وتركيا مهددة بفقدان مكاسب "درع الفرات"

10/15 13:12

حينما لا تملك المعلومة فإنك تلتقط فتاتها المتاح، وتبدأ في تحليلها وتجميعها لتكوين صورة أخيرة بما شبه لعبة "البازل" او تركيب الصور، لكي تمنحك معني، يكون له أثر فيما بعد، ففي السياسة الدولية أنت أمام حالة شديدة التعقيد، رغم سيل التصريحات والأخبار، ولكن أكثرها مجرد عبارات دبلوماسية محفوظة.

أحرقت الحرب حلب، فكانت مثالًا صارخًا على انتهاك كل قواعد القانون الدولي ومفاهيم الإنسانية، فبعد أن تركز هجوم قوات الرئيس السوري بشار الأسد والطيران الروسي علي ما باتت تعرّف بـ"مدينة الدم"، كان لابد من معرفة السبب، فبين نيران المعارضة المسلحة وقوات النظام، وحلفاء كل طرف، يموت ألاف البشر، أغلبهم فقد الإيمان بأي قضية، وأصبحت قضيته الأولي والأهم هي الأمن.

عن حلب تساءل الجميع، لماذا هذا الهجوم الضاري علي المدينة، انطلقت التحليلات، وأدلي كل محلل بدلوه وكل مراقب برأيه، ولكنها كلها مجرد احتمالات مبنيه علي تحليلات شخصية ومتابعات لا تحمل معلومة مؤكدة، حتي ظهرت أخيرًا المعلومات الموثقة، من أكثر شخص له علاقة بالأمر، من رأس النظام السوري نفسه «بشار الأسد».

فبينما انشغلت وسائل الإعلام بالتركيز علي الجزء الخاص من حوار الأسد لصحيفة روسية مؤخرًا، عن الشروط التي عرضتها المملكة العربية السعودية عليه لكي تكون بجانبه في حل الأزمة الحادثة هناك، كان الأسد يتحدث عن شئ آخر أكثر أهمية، وهو لماذا أحرقت الحرب حلب؟.

بالتأكيد هناك أهمية قصوي لما يقوله الرئيس السوري عن شروط السعودية، وأنها فكرت يومًا في دعمه، مما يظهر السعودية بمظهر غير الذي تود أن يعلن، وهو "المدافع عن حقوق الشعب السوري" وأنها في النهاية أسيرة المصالح، ولو تحققت مع الأسد، لما دعمت معارضة، ولا نصرت شعبًا.

بالتأكيد الأمر في النهاية لا يتخطي كونه بديهيات سياسية، فمن الطبيعي أن تحاول السعودية وتتواصل مع الأسد نفسه لحل الأزمة طالما أن هناك مقابل تحتاجه هي الأخري، وهو بالتأكيد ليس دعم الشعب السوري، وإنما "نكاية في إيران"، وهو ما أكده الرئيس السوري بقوله أن السعودية تكره إيران.

وهنا تجدر الإشارة أن الأمر لا يمكن أن يختذل في عبارة "لأنهم يكرهونها" التي وردت علي لسان الأسد، فهذا الكره ليس شخصي، وإنما يتعلق بالنفوذ والتوسع والتمدد، وكل طرف يحاول أن يكسب نفوذ علي حساب الآخر.

وكل ما سبق ذكره هام، ولكن الأهم هو ما ذكره الرئيس السوري بشار الأسد عن حلب، لماذا قد يحرق "الأسد" حلب.. ولا يتركها للمعارضة؟

هنا أجاب الرئيس السوري بمجموعة من النقاط الهامة جدًا، وهي حسب قوله :"نحن نسمي حلب توأم دمشق، لعدد من الأسباب، إنها ثاني أكبر مدينة في سورية، دمشق هي العاصمة السياسية، في حين أن حلب هي في الواقع العاصمة الاقتصادية في سورية، استعادتها أولاً وقبل كل شيء فإن ذلك يشكل مكسباً سياسياً، على المستوى الاستراتيجي".

وفي حال تمكن الأسد من حلب، فإن قوته ونفوذه سيزادا بشكل كبير، كما انه سيظهر أمام اللاعبين الدوليين بأنه هو المسيطر، وهو الأحق بالبقاء في السلطة، وستكون نقطة قوية في أي مفاوضات، بأن الأسد لابد وأن يكون في القلب منها، لا أن يكون علي الهامش، في طريقه للرحيل.

وتابع الرئيس السوري حديثه عن أهمية حلب، بقوله: من المنظور الاستراتيجي والعسكري فإن ذلك لا يعزل النصرة، بل إن حلب كمدينة كبيرة ستشكل منطلقاً للتحرك إلى مناطق أخرى وتحريرها من الإرهابيين، هنا تكمن أهمية حلب الآن".

ويؤكد الأسد، في الفقرة السابقة، علي أهمية أخري لحلب، فهي خطوة من خطوات التوسع ونشر النفوذ؛ فحلب معروفة لكل المراقبون والمحللون والسياسيون، بأنها واجهة تركيا على العرب، وأنها ايضًا معقل المعارضة المسلحة، التي تتلقي دعمها عن طريق تركيا، وفي حال تمكن الأسد من السيطرة علي حلب، فإن المعارضة سينقطع عنها خط الإمداد الرئيسي، كما ستفقد تركيا كل مكاسبها من عملية "درع الفرات"، وستجد نفسها في مشكلة كبيرة مع الأكراد.

وبالتأكيد ترفض تركيا ذلك، وتحاول أن تمنح نفسها مساحة آمنة علي الحدود مع سوريا، كما تمنح نفسها ايضًا سبب للتواجد، وللنفوذ، لتحقيق مصالحها الخاصة، ولذلك فإن أنقرة لها موقف مغاير عن موقف سوريا وروسيا.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل