المحتوى الرئيسى

أزمة أرز جديدة.. والحكومة عاجزة أمام التجار

10/15 11:40

أزمة جديدة فى الأرز ستظهر بعد أيام، بعد امتناع الفلاحين عن التوريد لهيئة السلع التموينية، اعتراضا على الأسعار التى حددتها وزارة التموين بـ2300 جنيه للطن الحبة الرفيعة و2400 جنيه للحبة العريضة، معتبرين تلك الأسعار خسارة كبيرة ولا تساوى سعر التكلفة، فالتجار الآن هم البديل الجاهز أمام الفلاحين، الذين اتجهوا للقطاع الخاص للفوز بفارق السعر الذى وصل إلى 3100 جنيه قابلة للزيادة فى الأيام القادمة، ورغم أننا فى موسم توريد القمح، مازالت المضارب الحكومية خاوية تنتظر أزمة جديدة لا تقل عن أزمة مصانع السكر.

«الوفد» تحذر من هذه الأزمة القادمة التي صنعتها الحكومة بسماحها للتجار باحتكار الأرز هذا العام، بحيلة جديدة تركها خالد حنفى، ولم يدركها حتى الآن الوزير الجديد محمد على مصيلحى، لتظهر الحكومة أمام المواطن بمظهر العاجز عن المنافسة أمام التجار، فالعام الماضى ارتفعت أسعار الأرز حتى وصلت إلى 8 جنيهات وأشارت أصابع الاتهام نحو المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، وأنه وراء تلك الزيادة لانخفاض المعروض بسبب التصدير، أما هذا العام فالدولة منعت التصدير وفى نفس الوقت لم تستطع منافسة التجار نتيجة لاتجاه الفلاحين لبيع المحصول للتجار أصحاب السعر الأعلى. والغريب أن الحكومة اتجهت إلى الاستيراد فى الوقت الذى تعانى منه البلد من نقص الدولار.

وحسب تصريحات رئيس مركز البحوث الزراعية فإن مصر الأولى على مستوى دول العالم فى إنتاجية الأرز، ولكنها تعانى من نقصه وتستورده وهى فزورة جديدة تضاف إلى سلسلة فوازير الحكومة، ويبدو أن الحكومة تستمتع بلعبة «عروستى» فالناس يسألون: من وراء اختفاء الأرز، والحكومة تجيب: «عروستى».

تنتج مصر من الأرز سنويا 4.5 مليون طن تزرع على مساحة مليون و76 ألف فدان بسبع محافظات شمالية لمنع تسرب مياه البحر للدلتا، تستهلك منها 3.5 مليون طن، يبلغ نصيب الفرد من الأرز سنويا 36 كيلو جراما من الأرز الأبيض و55 كيلو من الأرز الشعير، ويعتبر الأرز من السلع الغذائية الرئيسية للمواطن المصرى وهو رقم «2» بعد القمح، فيقبل على شرائه أكثر من 70% من المواطنين بالمجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين.

ويكشف تقرير صادر عن الإدارة المركزية لشئون المياه أن المساحات المنزرعة تعطى مؤشرا على زيادة كبيرة فى زراعات الأرز خارج نطاق المناطق المصرح لها والتى تصل الى 95% على الكثير من الترع.

وكانت الشهور الماضية قد شهدت ارتفاعا كبيرا فى أسعار الأرز دون تصدٍ من أجهزة الدولة لهذه الارتفاعات غير المبررة والتى كانت السبب وراء توسع الفلاحين فى زراعته، لضمان عائد كبير من بيع المحصول ليجنوا مكاسب كبيرة، كما حدث العام السابق حيث ينتج الفدان الواحد نحو 4 أطنان، وهو ما يحقق ربحا كبيرا فى أربعة أشهر فقط، ورغم صدور قرار مجلس الوزراء بوقف تصدير الأرز، فالأزمة ستظل مستمرة خاصة أن وزارة التموين حددت سعر الشراء دون الرجوع الى المزارعين، حيث أكدوا أن السعر لا يتناسب مع الارتفاعات الحالية فى أسعار السلع الغذائية.

محمد عمر خطاب مزارع بمركز إيتاى البارود محافظة البحيرة يقول «قرار الحكومة ظالم، فسعر الطن بـ 2300 جنيه لا يتناسب مع التكلفة العالية لزراعته. فأسعار التقاوى ارتفعت هذا العام من 150 جنيها الى 300 جنيه والسبب الدولار، كما ارتفعت أسعار الأسمدة ووصلت إلى 150 جنيها لشيكارة النترات، ويبدو أن الحكومة التى رفعت أسعار الكهرباء والمياه لا ترى الزيادة التى طرأت على الزراعة».

وأشار «خطاب» إلى أن الدولة يجب أن تعيد النظر فى تسعير الأرز من جديد، ليبدأ من 3 آلاف جنيه للطن ليتمكن الفلاح من تعويض خسارته ويستطيع سداد ديونه لبنك الائتمان الزراعى، مؤكدا أن السعر لا يتناسب مع التكلفة.

أما سالم سعفان مزارع أرز، فيرى أن تسعيرة الحكومة خسارة، وبناء عليه نحن غير ملتزمين بالبيع لها، طالما التاجر يدفع أكثر، فالحكومة لا ترحم أحدا، والديون تتراكم علينا ولا نجد أحدا يقف إلى جوارنا، التقاوى أسعارها مرتفعة ومنها ما هو فاسد بسبب غش التجار، بالإضافة إلى أن إيجار الفدان يصل إلى 6 آلاف جنيه، وغيرها من الأمور تعلمها الدولة جيدا وتترك الفلاحين للتجار لاستغلالهم، فالفدان الواحد يتكلف 5 آلاف جنيه حتى الحصاد ولا يعطى فى كثير من الأحيان اكثر من 4 أطنان، فيتراوح من 3، 3.5 طن، وهو خسارة لا نستطيع تحملها، وحتى الآن كل يوم نسمع سعرا ومنتظرون السعر الأعلى.

العام الماضى انفجرت أزمة الأرز فجأة فى وجه الحكومة، وكان السبب هو خالد حنفى حينما ترك المضارب بدون دعم مالى لشراء الأرز من الفلاحين، حينها توجه التجار للشراء من الفلاحين بأسعار زهيدة، أما ذلك العام فالفلاحون توقعوا الأزمة خاصة بعد تحديد السعر من وزارة التموين، واتجهوا إلى تخزين المحصول من أجل تعويض خسارة العام الماضى.

الدكتور نادر نور الدين، الخبير الزراعى ومستشار هيئة السلع التموينية الأسبق بوزارة التموين، يحذر من أزمة جديدة ستطال الأرز بعد أزمة السكر، وسيصل سعر الكيلو إلى 10 جنيهات، والسبب السعر الذى حدده خالد حنفى للشراء بمبلغ 2300 جنيه وهو سعر ظالم، والفلاحون لن يوافقوا، وهو ما سيجعل الدولة تخرج من منظومة الشراء، فاليوم السعر وصل ما بين 3100، 3200 جنيه للطن وسيصل إلى 3400 فى الأيام القادمة، وعلى الدولة أن تكون أكثر مرونة وترفع هى أيضا الأسعار، فالعام الماضى حدثت الأزمة نتيجة السعر المنخفض، وقام الفلاحون بالبيع للتجار، ونفس الأزمة تتكرر هذا العام، والغريب أن الوزارة بدلا من دخولها فى المنافسة ضد التجار المحتكرين، اتجهت الى شراء الأرز من الهند، ولو تتبعنا جيدا سعر الارز المستورد سنجده بخمس جنيهات للكيلو فلماذا تترك الإنتاج المحلى للتجار يحتكرونه وتتجه للاستيراد رغم أنه أقل جودة من المصرى؟.

وأكد الخبير الزراعى أن الأرز من الزراعات المربحة للفلاح، حيث ينتج الفدان الواحد 4 أطنان إنتاجا، على عكس باقى الزراعات الأخرى، وهو ما يفسر وجود مساحات كبيرة مخالفة لقرار وزارة الزراعة، تلك الكمية والتى ستصل هذا العام الى 6 ملايين طن يتم تهريب جزء كبير منها إلى سوريا وليبيا والسودان ودول الخليج، فالمسافر لدول الخليج سيجد الأرز المصرى متواجدا رغم حظر تصديره، وذلك عن طريق التهريب فحيل المهربين لا تنتهى، فمن يصدر الفاصوليا يدخل الأرز وسط البضائع بخلاف ضعاف النفوس داخل الدولة، والسبب الآخر أن مصر من الدول القليلة التى تنتج الأرز قصير الحبة هي وبنجلاديش والهند.

ويكمل نادر نور الدين أن التجار الآن يخفضون سعر الأرز، ليقنعوا الفلاحين بالبيع بالسعر الذى يفرضونه عليهم، وبالتالى سيتم احتكار الأرز هذا العام، والدولة ستتجه للاستيراد، رغم علمها بأن المواطن يرفض شراء الأرز المستورد، وستتجه فى النهاية لبيعه لمصانع النشا والحلويات وبالخسارة.

فى العام الماضى أصدر وزير التجارة والصناعة قرارا بمنع تصدير الأرز ما عدا الكسر منه، ولكن التجار استغلوا القرار وقاموا بتهريب كميات كبيرة للخارج أحدثت أزمة فى السوق، ورغم محاولات الدولة طيلة سنوات وقف تهريب الأرز سواء عن طريق الحدود البحرية أو البرية فقد وصل حجم التهريب العام الماضى إلى مليون طن.

فريد واصل نقيب الفلاحين يقول: من حق الفلاح البحث عن الربح فأسعار المبيدات والعمالة والطاقة ارتفعت بصورة كبيرة، والفلاح كباقى المواطنين له احتياجاته الخاصة، فاليوم سعر الأرز بالأرض وصل إلى 3000 جنيه، والتجار الآن فى سباق لحصد أكبر كمية من الأرز وذلك لتعطيش السوق، والضغط على الحكومة لفتح باب التصدير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل