المحتوى الرئيسى

"ألو ساعي" .. طموح شاب تونسي تحدّى الظروف

10/15 10:54

منذ نعومة أظافره وهو يحلم بأن يكون له مشروعه الخاص الذي يقدم من خلاله ما يفيد المجتمع عامة والاقتصاد التونسي بشكل خاص، إلا أنه كغيره من أبناء جيله اعترضته عراقيل عديدة في بداية مشواره عقب حصوله على شهادته الجامعية منتصف التسعينيات، فلم يجد ما كان يبحث عنه فيما أنجزه من أعمال. 

بعد حصوله على الشهادة الجامعية في المحاسبة، بدأ "زياد الأندلسي"، صاحب الـ45 عاما، رحلة البحث عن عمل فكانت له تجارب عمل عادية على غرار محاسب بإحدى الشركات، غير أنه لم يستسلم وقاده طموحه الكبير إلى الإصرار على تنفيذ حلم الطفولة. 

تنقل "الأندلسي" من عمل لآخر حتى حصل على عمل ضمن المنظمة العالمية للنقل التي أفسحت أمامه المجال لزيارة بلدان أوروبية عديدة على غرار فرنسا وسويسرا، فبدأت رحلة تحقيق الحلم. 

ويقول "الأندلسي": "خلال سفري إلى تلك البلدان جذبتني ظاهرة الساعي التي لم تكن موجودة في تونس والبلدان العربّية". 

ويوضح أنّ "مهنة الساعي هي بمثابة همزة وصل بين الشركات والإدارات الحكومية وتتمثل في إيصال كل الوثائق أو الأموال من شركات معينة تجارية أو اقتصادية إلى البلديات والمحاكم"، أو بين تلك الشركات بعضها البعض او بين البنوك". 

وأعجب "الأندلسي"، حسب قوله، بتجربة الغرب في تقديم خدمات وتسهيل عمل بعض الشركات في علاقتهم بالإدارات الحكومية، وأراد توريد هذه التجربة إلى تونس التي لم تعرف هذه المهنة بعد في بدايات الألفية الثالثة، وتختلف مهنة الساعي هنا التي تعد عملا خاصا، عن "ساعي البريد" الذي يعمل في مؤسسات الدولة. 

عوامل أخرى زادت شغف "الأندلسي" بمهنة الساعي، فقد قضى طفولته في أحد أحياء مدينة باردو بالعاصمة تونس كان يسمّى "بحي البريد"، كما أن جده عمل "ساعي بريد" في فترة الاستعمار الفرنسي لتونس، ومنذ ذلك الحين انشغل زياد بفكرة مشروع الساعي. 

وبمبلغ ألف دينار (حوالي 500 دولار) وفي محل صغير وعاملين اثنين أطلق مؤسسته "ALLO COURSIER" "ألو ساعي" وهي الشركة الأولى في تونس المختصة في هذا المجال والتي تأسست في 2003. 

ويقول صاحب الشركة: "كانت الفرحة كبرى بأول حريف (عميل) تواصل معنا، عملنا بقناعة وحب كبير لما نقدمه من خدمات للمواطنين وأصحاب الشركات وهو ما أوصلنا اليوم إلى نحو 400 حريف وما جعلنا كذلك نطور مقرنا ونشغل 20 عاملا". 

ومتحدثا عن بدايات الشركة وتطور عملها يقول "الأندلسي": "بدأنا بدراجتين هوائيتين وأخرى نارية لم يكن لدينا أموال كافية لشراء مقتنيات ولوازم عمل .. والآن أصبح لدينا 9 سيارات وشاحنة و8 دراجات نارية ودراجات هوائية (لم يحدد عددها) وهناك طلب دائم على خدماتنا". 

ويتابع: "كل ذلك كان نتاج التضحية والمثابرة والعمل المتواصل فقد قضيت مع فريق عملي سنوات نعمل فيها لأكثر من 14 ساعة في اليوم حتى نستطيع إيصال أمانات الناس، كما لم أحصل في 20 سنة عمل (رحلته الكاملة في العمل سواء في الشركة أو مؤسسات أخرى) سوى على 20 يوما عطلة فقط". 

ودعا صاحب المشروع -الذّي لم نميزه في البداية عن بقية الموظفين، فقد كان الكل مشغولا بالعمل جنبا إلى جنبا مرتدين أزياءً موحدة كتب عليها اسم مؤسستهم- الشبابَ الرّاغب في إنجاز مشاريع أو حتى العمل في مجاله إلى المثابرة والقدرة على العمل في مختلف الأوقات دون الضجر من التعب. فسبل النجاح، وفق تعبيره، تتمثل في العمل بجدية ومثابرة وإخلاص وكسب ثقة (العملاء) ما جعل شركات أجنبية ترغب في إقامة شراكات ومعاملات معنا. 

وعن الصعوبات التي اعترضتهم يقول زياد: "كنا في السابق نقوم بمجهود كبير لإفهام (الزبون) طبيعة مهنتنا، كما أن المسائل المادية كانت تؤرقنا، أمّا اليوم فتعبنا مسلط على آداء هذه المهنة على أكمل وجه لإرضاء الحريف والسّعي نحو التطوير".

ويواصل "الأندلسي" حديثه للأناضول قائلا: "شركات عديدة منها الأجنبية (موجودة في تونس) واصلت التعامل معنا منذ بدايتنا بصفة تلقائية .. كما أصبح هناك وعي لدى هذه الشركات بأهمية الخدمة التي نقدمها لهم ليس فقط على مستوى وسيط يربط بينهم وبين باقي الشركات والإدارات، وإنما على مستوى تخفيض التكلفة .. فقد يحملهم تشغيل ساع خاص بهم في شركتهم تكاليف أكبر من تلك التي نوفرها لهم". 

"طموحي ليس مجرد الربح وإنما النجاح ومحاولة تشغيل أكبر عدد من العمالة وتوفير مواطن شغل لهم ومرود رزق لعائلاتهم .. آمل مستقبلا أن أشتغل على البعد المغاربي .. ولم لا يكبر المشروع ويصبح الساعي وسيطا بين دول كالجزائر والمغرب وتونس وليبيا"، هكذا عبر "الأندلسي" عن طموحه. 

ويقوم "الأندلسي" حاليا بتطوير نظام العمل، كما أنه بصدد وضع تطبيقات عمل يتابع من خلالها العميل عمليات نقل وإيصال وثائقه إلى المكان الذي يريده"، وفق قوله. 

ويوضح: "يتمثل التطبيق في رسالة تصل إلى الحريف لتبلغه وتطمئنه بأن وثيقته أو أمواله قد وصلت"، ويريد "الأندلسي"، بذلك الاقتراب أكثر من الشركات الكبيرة وإضفاء مصداقية أكبر على عمله. 

ويسعى "الأندلسي" كذلك إلى "التخلص من العقلية القديمة التي تجعل الناس ينظرون للساعي نظرة دونية تشعره بأنه أقل درجة من غيره من المهن ليحل محلها احترام له واعتراف بما يؤديه من عمل تحتاجه جميع الشركات".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل