المحتوى الرئيسى

7 أكتوبر.. درس للتاريخ

10/14 22:14

«يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسى الذى تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها». هذه الفقرة الأولى من الفصل 47 من دستور 2011، كانت كافية بأن تجعل من انتخابات 7 أكتوبر 2016، محطة ساخنة فى المشهد السياسى المغربى، ولمَ لا وقد بات مدستراً أن الحزب الذى يحتل المركز الأول فى الانتخابات البرلمانية، هو المخول لتشكيل ورئاسة الحكومة.

فى انتخابات 2011، كان فوز العدالة والتنمية المغربى متوقعاً، وربما كان هو الحل لامتصاص حالة الهيجان التى بدأت تخترق الحدود الجغرافية وتنتقل عدواها من بلد لآخر تحت شعار «ارحل». فلم يكن أمام المغرب إلا استباق الأحداث والقيام بتعديل دستورى، ثم انتخابات سابقة لأوانها، أفرزت وصول الإسلاميين إلى السلطة، كتعبير عن رغبة الصندوق، من ناحية، واستجابة لما فرضته القوى الغربية، بكون الإسلام السياسى هو البديل الأوحد فى المرحلة الراهنة، من ناحية أخرى.

خمس سنوات من عمر الحكومة المنتهية ولايتها كانت كفيلة بأن تعرى تناقضات هذا التيار السياسى وتكشف حقيقة وعوده، وحدود إمكانياته فى قيادة الإصلاح الفعلى المرتكز على بناء الإنسان من خلال إصلاح منظومة التعليم، والصحة، وتوفير مناصب شغل، وحفظ كرامة المواطن؛ الذى لم تخل شوارع الرباط يوماً واحداً على مدار الخمس سنوات من احتجاجاته، مقابل عناد رئيس الحكومة وإصراره على إبرام ظهره لمطالب الشعب. وهو نفس رئيس الحكومة الذى لم يجد تبريراً لإخفاقاته سوى الادعاء، قبيل نهاية ولاية حكومته، بوجود دولتين بالمغرب؛ «دولة رسمية ودولة القرارات والتعيينات»، مما يعنى التهديد بورقة فشل تجربة الانتقال الديمقراطى وفشل دستور 2011، الذى أوصله أساساً للسلطة.

هكذا هو حزب العدالة والتنمية، يشكك فى كل شىء إذا ما استشعر الخطر، وينقلب على شكه إذا ما عبر إلى بر الأمان. فقبل انتخابات السابع من أكتوبر لم يتوان رئيس الحزب فى الحديث الدائم عن «التحكم» وعدم قدرته على إخضاع وزارة الداخلية له، ومعها محافظو الجهات وممثلو السلطة، واتهامهم بأنهم يجيشون المواطن لصالح الحزب المنافس. ولم يتردد وزير عدله فى التشكيك فى مؤسسات الدولة والتأكيد أن الداخلية تشرف منفردة على الانتخابات، فى تشكيك واضح فى المسار الديمقراطى. لكن بعد إعلان النتائج لم ينتظر «بنكيران» ولا قياديو حزبه كثيراً من أجل التباهى بنتائج الانتخابات. ولا عجب فالمقصود منذ البداية إذا هم فازوا فهى النزاهة، وإذا ما خسروا فهذا بسبب تزوير النتائج أو توجيه إرادة الناخب.

محطة 7 أكتوبر سيقف عندها التاريخ مطولاً، لما تحمله من دروس واستفهامات منها: كيف لحزب كشف عن كل هذه التناقضات، وأنتجت سياساته كل هذا الغضب الشعبى، وأشهِرت فى وجهه بطاقة «ارحل» الشعبية فى أكثر من مناسبة، ومع ذلك استطاع بكفاءة أن يقنع القاعدة الناخبة بالتصويت وحسم النتيجة لصالحه؟.

وللرد لا بد من الوقوف عند مجموعة من الملاحظات: أولاً، نسبة المشاركة فى الانتخابات، التى لم تتجاوز الـ43 فى المائة، تعكس حالة عامة من العزوف وعدم رضا المواطن على المشهد السياسى برمته. وتبقى الأقلية التى شاركت فى العملية السياسية؛ وتحديداً تلك التى اختارت منح صوتها للعدالة والتنمية، رغم تضررها من السياسات الاجتماعية للحكومة؛ لم تجد أمامها بديلاً سياسياً ذا مصداقية. مما يعنى أن حكومة «بنكيران» قد استفادت من ضعف المعارضة السابقة التى انزلقت بالخطاب السياسى إلى أدنى مستوياته.

الملاحظة الثانية، استفادة حزب العدالة والتنمية من بعض الممارسات غير الديمقراطية، التى كانت تهدف إلى إضعافه. وتكرار هذه الممارسات فى فترات وجيزة، أعطى قناعة بأن الحزب مستهدف وهناك من يريد إسقاطه.

الملاحظة الثالثة، هى أن حزب العدالة والتنمية استفاد من كتلة ناخبة متجانسة ومعبأة ومخلصة فى ولائها للحزب وأيديولوجيته، وقد نجحت هذه الكتلة فى استمالة جزء من الرأى العام الذى تعاطف مع الحزب ومصداقيته فى مواجهة خصومه، والجزء الآخر الذى لم يجد عنه بديلاً.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل