المحتوى الرئيسى

في سابقة تاريخية - الجنيه ينهار بصورة ''جنونية''.. والحكومة ''محلك سر'' (تقرير)

10/14 20:27

تعرض الجنيه المصري على مدار الثلاثة الأسابيع الماضية في السوق السوداء، إلى أكبر معدل انهيار أمام الدولار لم يشهده في العصر الحديث على أقل تقدير.

وكانت تعاملات الأسبوع الماضي، الأكثر قسوة تاريخيًا بالنسبة للجنيه أمام الدولار بالسوق السوداء، حيث قفز سعر الدولار بأكثر من جنيهًا ونصف في 5 أيام فقط وهو مالم يحدث من قبل.

فقد أصبح الدولار خلال الفترة الأخيرة، يسجل بشكل شبه يومي مستوى تاريخي جديد أمام الجنيه في السوق السوداء، وسط إلتزام الحكومة الصمت، وعدم اتخاذ أي قرار أو خطوة لوقف الانهيار.

ويعد يوم الأربعاء الماضي هو الأبرز في القفزة الجنونية للدولار، حيث ارتفع في يوم واحد فقط بأكثر من 100 قرشًا، مقارنة بسعره يوم الثلاثاء.

كما اتسع الفارق بين سعر الرسمي للدولار بالبنوك وسعر السوق السوداء ليصبح نحو 6 جنيهات و 62 قرشًا، حيث يقدر سعر البنوك نحو 8.88 جنيهًا، وسعر السوق السوداء الذي وصل خلال تعاملات اليوم إلى 15.50 جنيهًا.

وعلى الرغم من عودة أزمة الدولار إلى الفترات التي أعقبت ثورة يناير 2011 بسبب تراجع احتياطي النقدي الأجنبي لمصر بفعل ضعف مصارد الدولار، لم ينخفض الجنيه بهذه الصورة الجنونية في مدة قصيرة، حيث كان الانخفاض يتم على فترات متباعدة وبمعدل ''قروش''، كما لم يشهد الجنيه هذه الفارق الكبير  بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.

ولم تفلح القبضة الأمنية وضربات البنك المركزي وغلق العديد من شركات الصرافة في وقت انهيار الجنيه بالسوق السوداء، حيث لم تؤدي إلا لهدوء المضاربات لفترة قصيرة ثم عادت إلى الاشتعال مرة أخرى، حيث بحثت السوق السوداء للدولار عن طرق أخرى لإتمام عمليات البيع والشراء، حيث أن "الخوف والارتباك" مع الحذر هو العامل المسيطر على تعاملات السوق السوداء للدولار.

وبمقارنة أعلى سعر سجله الدولار في التاريخ خلال تعاملات الأسبوع الحالي بالسوق السوداء وهو مستوى 15.80 جنيهًا، مع سعر يوم الجمعة الماضية والذي كان 13.90 جنيهًا نجد أن الدولار ارتفع بمعدل 190 قرشًا.

وفي خلال 3 أسابيع فقط نجد الدولار ارتفع في السوق السوداء بنحو 3 جنيهات، مقارنة بسعر 12.85 جنيهًا يوم 30 سبتمبر الماضي.

وكان أكد مصرفيون وخبراء سوق مال -استطلع مصراوي رأيهم في وقت سابق- أن السعر الحقيقي للدولار أمام الجنيه لا يتعد الـ11.70 جينهًا، وأن السعر الحالي بالسوق السوداء والذي تخطى الـ15 جنيهات ونصف، ناتج عن مضاربات وليس طلب حقيقي.

ويعد التحرك الجنوني والتذبذب السريع في سعر الدولار بالسوق السوداء مقارنة بسعره في البنوك، أحد أكبر الكوارث التي تواجه الاقتصاد المصري، وتعمل على '' خنقه''.

وأكد العديد من الخبراء، أن عدم استقرار سعر الصرف مع وجود سعرين للدولار هو عامل طارد للاستثمار في الوقت الذي تحاول فيه مصر انقاذ الوضع المتردي من خلال رفع معدلات نمو الاقتصاد عن طريق جذب الاستثمارات الأجنبية.

كما حذروا خطورة استمرار الأزمة الحالية والتغير السريع في قيمة الدولار بالسوق السوداء -والذي أصبح المورد الوحيد بسبب عدم توافره بالبنوك- والتسبب في كارثة تؤدي إلى نقص السلعة بسبب عدم قدره المستوردين على شراء الدولار بسعره المرتفع الحالي وعدم تقبل السوق الزيادة المضطردة في الأسعار، بالإضافة إلى توقف المصانع وتشريد العمالة.

وقال محمد البهي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، ''إن أكبر اشكالية تواجه الصناعة في مصر حاليًا هو ندرة الدولار والارتفاع المستمر في السوق السوداء، حيث أن البنوك أصبح لديها عزوف عن توفير العملة الصعبة لأي نوع من أنواع الصناعات بصرف النظر عن أهميتها''.

وأضاف خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، '' كان الدولار في السابق يتحرك بهدوء أمام الجنيه ويتأرجح بنفصف وربع جينهًا على فترات، حاليًا كل يوم نسمع سعر جديد، فالدولار أصبح ما يشبه تجارة المخدرات، فيه ندرة ومخاطر على التعامل، فإذا كان هناك على سبيل المثال 100 مكتب يتعامل في العملة الصعبة أصبح هناك 10 فقط، فتحول الدولار إلى احتكار والتحكم في السعر حيث يقوم تاجر العملة بتحميل سعر المخاطر للمشتري''.

وأكد '' أنه تم تجريم ومصادرة أموال البعض نتيجة أنه كان يعمل على توفير دولار لتشيغل مصنعه ولا يجد حل إلا من خلال اللجوء للسوق السوداء والتعامل بالسعر الذي تحدده، فقد كان الصانع يفاجئ بوجود كمين للتاجر وتصادر فلوس المصنع وهو لايهدف فعل شئء خطأ''.

وحذر محمد البهي ''الموضوع رايح في داهية.. مش هتسمع صوت (مكنة) دايرة في مصنع بعد كده لأن الدولار بيزيد كل يوم بشكل مطرد هو فيه في الدنيا كده، حاليًا بـ16 ونصف جنيه أجيبه أعمل بيه إيه.. بالتوازي تجار الخامات مع ارتفاع سعر الدولار كل يوم يرفع سعر الخامة، هناك خامات ارتفعت 300 بالمئة ولا يمكن الصناعة تتحمل هذه الكلفة''.

وأكد ''المصانع أصبحت تعمل بطاقة بسيطة جدًا نتيجة عدم تدبير الأموال اللازمة لمستلزمات الإنتاج والموضوع ينذر بكارثة، كل يوم يتناقص عدد المصانع التي تعمل نتيجة تآكل الخامات المتوفرة في السوق المحلي نتيجة عدم الاستيراد بأسعار الدولار الحالية، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار الغير المعقولة والتي لا يتقبلها السوق''.

وحذر عضو اتحاد الصناعات من تسبب ذلك في تسريب العمالة التي تعمل بالقطاع الخاص نتيجة الأزمة ، حيث قال''لا أحد يتسطيع أن يعمل في القطاع الخاص وهو يخسر طول الوقت، كان هناك مشاكل تواجهها المصانع وتفاقمت نتيجة ارتفاع سعر الدولار، فالبنوك لا تدبر أي دولار للصناعة مهما كان أهميتها''.

وأضاف ''جميع المصانع لديها حجم عمالة فالأهم للدولة حاليًا أن تحافظ على هذه العمالة وضخ قبلة الحياة للمصانع، من خلال توفير بالتوازي مع هذه الأزمة بعض الدولارات للصناعة فهي مستقبل الوطن''.

وحذر ''البهي'' من تسبب أزمة الدولار واشتعاله المستمر في عدم توفير العديد من السلع بالأسواق وخطورة ذلك على الأمن القومي، حيث قال ''عندما لا يكون لديك السلعة سوف يكون هناك احتقان على الأمن الوطني القومي لمصر، كما أنك سوف تضطر إلى شرائها من الخارج وسوف يكون سعرها مرتفع بالعملة الصعبة الغير متوفرة، فالأفضل هنا أن تضخ 2 و3 دولار في الصناعة من أن تستورد ذات السلعة بـ10 مليار دولار''.

وأكد ''الدولار الذي يتم ضخه للصناعة يعود على الدولة بـ3 أو 4 دولار من الصادرات''.

وتعد الصادرات أحد أهم مصادر الدولار لمصر والتي تراجعت خلال الفترة الأخيرة.

وشدد عضو اتحاد الصناعات ''أن الدولار أصبح حائلًا دون استمرار المصانع في الإنتاج، خاصة حتى في السلع الاستراتيجية مثل قطاع الدواء المسعر جبريًا، حيث لا يستطيع صانع الدواء أن يرفع السعر بقرار منفرد''.

وقال ''طالبنا من الحكومة في العديد من المرات أن تدرك أن القرار يجب أن يؤخذ في وقت سريع لأن قيمة الوقت أهم من كل حسابات الحكومة''.

واعتبر البهي أنه لا يوجد أي مشكلة في تعويم الجنيه، حيث قال '' لا يوجد مشكلة في التعويم لأن الجنيه بالفعل معوم، فلا يوجد دولار إلا في السوق الموازي، فإذا كان كذلك فعلى الحكومة أن تأخد القرار وتتعامل مع المجتمع كله بالصدمة زيعمل على معالجة الآثار السلبية على محدودي الدخل''.

وأضاف ''صانع الدولاء لا يستطيع أن يحصل على الدولار بالسعر الرسمي حاليًا وهو 8.88 جنيهًا، مما يضطر إلى اللجوء لشرائه بسعر السوق السوداء، من يتحمل هذا الفارق وهو لديه هامش ربح بسيط، مؤكدًا أن هامش ربح مصانع الدواء تحول حاليًا لخسائر نتيجة ارتفاع الدولار''.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل